الفصل الرابع

61 0 0
                                    


١/ يناير / ١٩٩٨
ثانوية بينانق

كنا مصطفين في القاعة الرياضية في المدرسة ، وقف المعلم للتعريف عن نفسه  ومن ثم تبعه الطلاب الواحد تلو الاخر حتى وصل دوري ، قلت :
انا صوفيا في الثالثة عشر من عمري  اسكن في جورجتاون - تقع في الطرف الشمالي الشرقي من جزيرة بينانق - بالقرب من المعبد البوذي في احدى العمارات السكنية وانا احب دراسة الرياضيات وحلمي ان اكون عازفة كمان .
صفق معلم الرياضة البدنية صفقتان وقال في اثناء سيره باتجاه الكرات " لنبدأ الدرس " بعد ان اعطانا ارشادات وجيزة عن كرة الطائرة بدأنا اللعب ،
في اثناء اللعب دخل طالبٌ الى القاعة للتحدث مع المعلم ، كنت انظر اليه وبشكل مفاجئ توجهت الكرة نحوي حاولت ابعادها بقوة ولكنها ولسوء الحظ ضربت الفتى على انفه ، صرخوا قائلين " دماء ينزف ... انفه ينزف " تمايل الفتى قليلاً ثم سقط ، قال احدهم وهو ينظر الى المعلم " ايها المعلم لربما اصابته خطيرة ! " اجابه المعلم قائلاً " لاتقلقوا سيفيق " ثم حمله وتوجه به الى غرفة العلاج ، جميع الطلاب لحقوه الا انا كنت متجمدة في مكاني خائفة من كوني السبب في افقدانه الوعي...
ذهبت لزيارته في فترة الاستراحة لكن لم اجده في غرفة العلاج ؟ سألت الطبيبة عنه واخبرتني انه غادر منذ مدة ، قلت لها :
_ هل تاذا كثيراً ؟
_  أانتِ من اصابه ؟
_ لم اتعمد ذلك
_ انه بخير ، اصابته ليست خطرة
_ اذاً لماذا اغمى عليه
_  بسبب الخوف كما اعتقد
_ حقاً !
_ ربما
_ اذاً لم لايغمى علي عندما اخاف ؟
_ الامر يختلف
_ كيف يختلف ؟
_هو يعاني من حالة نفسية
_ حالة نفسية !
_ في الحقيقة هو لا يعلم بهذا الامر لكن هذا ماتوصلت اليه من خلال تشخيص حالته
_ انا لا افهم عليكِ ؟
_ رأيت حالات اغماءه المتعددة ولم اجد سوى هذا التفسير
_ ربما تشخيصك خاطئ ، لم ترمين عليه مثل هذا التهمة ؟
قلت ذلك قبل ان اغادر ، كان حواراً مزعجاً بعض الشيء ، لا اعلم لم يتصرف الاطباء على هذا النحو ! ألا يدركون ان كلمة واحدة قد تدمر حياة شخص او ربما عائلة ، يجدر بهم التأكد الف مرة قبل اعلانهم عن تشخيصهم للاخرين فالانسان ليس قطعة من المعدن تتصدى وينسى امرها...!
وصلت الى العمارة  السكنية التي اعيش بها مع والدتي ، تخطيتها متوجهة الى متجر الزهور الذي تعمل به ، عند دخولي المتجر سرت ببطئ نحوها كانت تقطف الزهور لتصنع باقات جديدة ، قلت لها :
_سيدتي ارغب بالمساعدة ؟
_( التفتت وقالت ) عزيزتي ، كيف حالك ؟
_( عانقتها وقلت ) بخير ، ماذا سنفعل اليوم ؟
_ ( قالت وهي تبعدني قليلاً عنها ) اليوم لن نعمل سوية
_ لماذا ؟
_ يجدر بكِ الانتباه لدروسكِ جيداً وستعملي في اوقات العطلة إن كنتِ ترغبين بذلك
_ حسناً لكن هل ستتاخرين في العودة ؟
_  ربما
_ ( تذمرت قائلة ) حقاً لقد سئمت من حالة ماليزيا التي يرثى لها ، متى ستنتهي الازمة ؟
_ ستنتهي باذن الله لم يبقى سوى القليل
_ ( تنهدتُ وانا اقول ) امل ذلك...
في الساعة الثامنة مسائاً عادت امي الى الشقة اسرعت لاستقبالها قائلة :
_ ارغب باخبارك عما فعلته اليوم
_ ( قالت وهي تبتسم ) وانا ارغب بالاستماع
_( توجهنا نحو المطبخ في اثناء تحدثنا ، اعدت الطعام وانا لا ازال اسرد لها عما حدث في المدرسة  ، قالت وهي تضع الطعام على المائدة ) قرأتُ عن مثل هذا الحالة ربما يعاني من اوقات صعبة في المنزل
_( قلت لها في اثناء جلوسي ) كيف تثقين بكلام الاطباء اولم نفقد ابي بسبب تشخيصهم الخاطئ !
_( قالت وهي تسكب الطعام في انائي ) لايمكننا ان نحكم على الاخرين على وفق شخص واحد
_ (قلت لها بعد ان اخذت الاناء ) ادرك ذلك لكن احياناً شخصاً واحداً يترك انطباعاً سيئاً عن قبيلة
_ لا تاخذي هذا كمقياس
_ لمَ ؟
_ لنفترض لو ان هذا المقياس يتبعه المعلمين ورأوا طالباً يغش في الامتحان هل من العدل ان يرسب جميع الطلاب في تلك المادة ؟
_ لا
_ اذن يجدر بكِ الاعتذار منها غداً
_ (ابتسمت لها وقلت ) لأتأكد من صحة كلامها في بادئ الامر ومن ثم اعتذر...

اوتار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن