في تمام الساعة الثامنة مساءاً كنا ننتظر سوزان خارج المشفى ، تحدثنا قليلاً اثناء وقوفنا وعندما اتت هرولت باتجاهنا وهي تقول" لنذهب الان قبل ان تخرج مهمة جديدة " ، شعرنا وكاننا نهرب من المدرسة لذا بدى لنا الموقف مضحكاً للغاية .
فور دوخلنا الى المطعم قال كمال بتساؤل :
_ما الذي ترغبون بتناوله ؟
فقالت هيلين في اثناء جلوسها " اي شيء قابل للاكل " ضحكت سوزان وهي تقول " لديكِ شهية كبيرة " فاجابتها بابتسامة " تنفتح شهيتي على مصراعيها عندما اجوع " تدخل كمال مباشرة بعد سماع هيلين " كانكِ تتحدثين عني ؟ "
فاجابته بتعجب " حقاً ، اانت ايضاً " تفاخر قائلاً " مالذي تتحدثين عنه ، انا المقدمة في قائمة الشهية المفتوحة " فاردفت سوزان مازحة " ان كنتم في مقدمة القائمة فانا العنوان الرئيسي " ضحك الجميع وقالت هيلين في حينها " يبدو ان صوفيا هي الهامش " اجبتها بابتسامة " انا كذلك بالفعل ".
كانت لحظات طريفة وممتعة بعيدة عن التفكير و القلق و الحزن ، من الجيد ان يمتلك المرء اصدقاء ينتشلونه من عالمه في اي لحظة .
بعد ان انهينا تناول الطعام ، التفتت هيلين الي وقالت :
_ لم تتحدثي منذ ان جلسنا هنا ، أتشعرين بعدم الراحة ؟
_ لا ولكن اشعر بغرابة حينما احشر نفسي بحوارٍ ما و بشكلٍ مفاجئ
_ يبدو انكِ معتادة على نمط الاجتماعات ، خذي راحتك في الحديث .
ابتسمت لها وعم الهدوء .
حركت هيلين كاس المياه بيدها وهي تنظر اليه بتركيز ، استمرالكاس باصدار صوتاً خافتاً لذا كنا نرمقه بنظرات عميقة ، تحدثت سوزان لتكسر ذلك الصمت قائلة :
_ كمال لدي فضول كبير لمعرفة سبب دراستك الطب
_ ماهذا السؤال المفاجئ !
_ لا اعلم لم اجد مهنة الطب ثقيلة عليك ولم ارى الجلوس في المكتب مناسباً لك للغاية
_الا يليق بي المئزر الطبي لتلك الدرجة
_ يليق بالتاكيد ، صمموه لاجلك
_ادرك ذلك
_ جيد اذاً لاتهرب واجبني على السؤال ايها الطبيب
_ في الحقيقة ، وجدت المستشفيات ميتة تحتاج روحاً لذلك درست الطب
_ يا اللهي !!
_ ( انفجر ضاحكاً وهو يقول ) امزح ، اجبرت على دراسة الطب بسبب والدي
_ ( قالت هيلين بدهشة ) لماذا ؟
_ لا اعلم كانت هذه رغبته
_ حقاً ، هل عانيت طوال هذه السنوات لتحقق رغبته ؟
_ اجل وماذا بها !
_ شعرت بالعبء والمسؤلية بمجرد سماع الامر ؛ يبدو انك عانيت كثيراً
_ من الطبيعي ان يعاني الاخرون والا كيف سيعيشون في هذه الحياة
_ (دخلت الى وسط الحوار عندما سألته ) اذاً ماذا كانت رغبتك ؟
_ ( التفت الي وقال بابتسامة ) ان اكون صحفي
_ صحفي ! ، لماذا ؟
_ يعجبني البحث وتدوين المعلومات واجراء المقابلات ، غير ان الصحفيين مغامرين جداً فان تطلب العمل مغادرة البلاد سيفعلون ذلك دون تردد .
_ ( قالت سوزان ) تحدثت بحماس لدرجة انني شعرت بمدى رغبتك
_ انفعلت ادرك ذلك
_اتعلم ان هناك شبهاً بينه وبين عملك بالفعل ؟
_ كيف ؟
_ انت تستكشف حالات المرضى الطارئة وتجمع معلومات عن صحة المريض وهكذا يعتبر انك صحفي معالج في قسم الطوارء
_ لقد ابهرتيني ...حللتي الموضوع بشكل عجيب للغاية
_ تحليل المواضيع ذكرني بشيء...صوفيا عندما استدعاني الرئيس طلب مني اعادة تنظيم جدول المناوبات المساءية لضمك اليه
_ حقاً
_ اجل
_ ( صفقت هيلين وهي تقول بابتسامة ) تهانينا
_( اردف كمال قائلاً ) اهلاً بكِ في عالم المناوبات
_ ( ومن ثم اكملت سوزان حديثها قائلة ) حالما يكتمل الجدول سابعثه لكِ برسالة نصية
_ حسناً ، اشكركم على كل شيء فعلتموه لاجلي ، انا ممتنة للغاية
_ ( اجابت سوزان وهي تبتسم ) لم نفعل شيء يستحق الامتنان
_ ( ثم اردفت هيلين قائلة بمزاح ) ماهذا تتحدثين برسمة مجدداً...
بعد ان انهينا احتفالنا الصغير غادرنا المطعم وفي تمام الساعة العاشرة ذهبت الى غرفة استراحة الطبيبات المقيمات واستلقيت في السرير الذي اقرضوه لي لفترة وجيزة . كان يوماً متعباً قد استنزف طاقتي بالفعل .
استيقظت على رنين هاتفي ، اجبت وكانت المتصلة سوزان ، قالت " صباح الخير ايتها الطبيبة ، انهضي بسرعة وتناولي الفطور فالرئيس يرغب بالاجتماع مع الاطباء بعد ساعة " اغلقت الهاتف وانا اقول " امل ان يكون هذا الاجتماع بداية خير " .
تحدث الرئيس في الاجتماع عن المشفى وعن المرضى وابدا ملاحظاته عن بعض الاطباء وفور انتهاء الاجتماع حدثني قائلاً " لاتغادري الان لايزال لدي حديثاً مهماً معك " ومن ثم قال بعد ان غادر الجميع :
_ سادخل في صلب الموضوع كي لا اخذ المزيد من وقتك ... انتِ ارسلتي الى مشفانا بلقب المتدربة والطبيب المُتدرِب رغم انه حاصل على درجة علمية في الطب الا انه لا يحمل ترخيصًا كاملاً لممارسة الطب دون إشراف
_ اجل
_ ولكونكِ بعثتي من مشفى العاصمة وانتِ تحملين هذا اللقب فليس من حق مشفانا ازالة هذا اللقب ومنحك ترخيصاً ؛ فرغم ذلك لستِ موظفة في هذا المشفى وانما ضيفة ، لذا ستعملين كطبيبة مساعدة طوال مدة بقائك هنا
_ حسناً
_ وبالنسبة للطبيب عادل ناقشت الامر معه واخبرني بانه ليس بحاجتك ؛ فريقه الطبي متكامل
_ اذاً مع من ساعمل ؟
_ اقترحت على الطبيب توفيق ان يعمل معكِ لكنه رفض ذلك فلا يحب اجراء اختلاف في طاقمه لذلك ساناقش باقي الاطباء...يمكنك اعتبار اليوم هو يوم استراحتك .
خرجت الى فناء المشفى وبدات بالسير هناك ، محاولة البحث عن طريقة ما اشغل بها نفسي فعندما امتلك وقت فراغ ابدأ بتذكر كل شيء وأعود الى حالة الحزن تلك . جلست على مقعد بالقرب من فتاة صغيرة ذات بشرة بيضاءٌ شاحبة وشعرٌ طويل بني اللون ومجعد ، كانت ترتدي زي المدرسة الابتدائية وتعانق حقيبتها وعيناها تحدق صوب بوابة المشفى ؛ يبدو انها تنتظر شخصاً ما لذلك كانت تحرك ساقيها المتدلية بضجر. التفتت الي وبدأت تنظر الى معطفي وقالت :
_ هل تعملين هنا ؟
_ اجل
_ اذن انتِ طبيبة مثل ابي ؟
_ أوالدكِ طبيب !
_ اجل هو يعمل بهذا المشفى ايضاً
_ حقاً
_ أتعرفيه ؟ اسمهُ عبد الله
_ الطبيب عبد الله !
_ نعم
_ اهو والدكِ ؟!
( اومأتْ برأسها لذا قلت لها ) بدأت بالعمل حديثاً ولم اكن ادرك ان للطبيب عبد الله طفلة جميلة مثلكِ... ادعى صوفيا
_ وانا فرح
_ سررت بمعرفتكِ
_وانا ايضاً...
بعد ان انهيت كلامي مع فرح بعثت برسالة الى احمد كتبت فيها " ايمكنني الاتصال بك الان " وحالما قرأ الرسالة اتصل ، اجبته قائلة :
_ مرحباً
_ اهلاً ، احدث شيء ؟
_ لا ولكن رغبت بسؤالك ان كان بمقدورك ارسال رقم المحامية الي ؛ فلم يكن ضمن المعلومات التي بعثتها بالامس
_ حسناً ساقوم باعادة ارساله فيبدو انه قد حدث خطا في الارسال
_ وايضاً
_ ماذا ؟
_ هل سالتقي بها ان ذهبت الى مكتبها الان ؟
_ بالطبع ، اخبرتني بان ساعات عملها من السابعة صباحاً حتى العاشرة مساءاً
_ حسناً ، شكراً لك
_العفو...
اغلق الهاتف وقمت بادراج رقمها الى قائمة الاسماء وحفظته باسم المحامية .
ثم توجهت لايقاف سيارة اجرة تقلني الى مكتبها لذا ودعت فرح قبل ذهابي . في اثناء توجهي الى مكتب المحامية لاحظت ان سيارة الاجرة تسلك الطريق ذاته الذي كنت اسلكه عند الذهاب الى المدرسة ! حتى انها مرت بالقرب من المجمع السكني الذي كنت اسكن فيه سابقاً ومن ثم دخلت الى زقاق بدى عليه القدم ، لا اعلم في اي مكان بنت مكتبها تلك المحامية ولكن الامر بدى واضحاً ، انها محامية متواضعة لاتملك الكثير لذا بدت فرصة لقائنا فرصة مقدرة .
بعد ان ترجلت من السيارة اعطيت السائق المال ومن ثم توجهت صوب الباب لطرقه ، سمعت صوت طفل صغير ينادي " من على الباب ؟ " اجبته قائلة " انا صوفيا " فتح ذلك الطفل الباب وبدأ بالتحديق بي ثم سمعت صوت إمرأة كانت والدته على مااعتقد نادت عليه وهي تقول " آبي ماذا تفعل " اجبتها قائلة "مرحباً ، أأنتِ المحامية ؟ " نادت بتعجب " نعم " ثم اردفت قائلة " اعتذر لم اسمع صوت الباب ، يمكنك الدخول تفضلي ، آبي ساعد الانسة في الدخول انا اتية حالاً "
امسك بيدي وبدأ باخذي الى غرفة الجلوس ومن ثم ترك يدي عندما وصلنا لذا جلست على الاريكة ، ابتسمت له وقلت " أاسمك آبي ايها الجميل " اجاب " اسمي إبراهيم و ينادوني آبي ، هل ينادوكِ باسم اخر مثلي ؟ " اومأتُ اليه وقلت " صول احب ان ينادوني بصول " ثم فتح الباب الذي كان قبالتنا وخرجت والدته وهي تمسح وجهها بالمنشفة ، قلت الها بدهشة بعد ان لمحت وجهها " ناديا " ابعدت المنشفة من على وجهها وقالت بصدمة " صوفيا ! " اقتربت مني وقالت وهي لاتزال في صدمة " ماذا تفعلين هنا !؟ "
اجبتها وانا اضحك " يالها من صدفة جميلة " ومن ثم عانقتها وقلت " كنت اتسأل عنك طوال تلك السنين ؛ خشيت من الانلتقي " ابعدتني عنها وقالت بعد ان رمت المنشفة على الاريكة " لنخرج في الحديقة " ومن ثم التفتت الى ابنها وقالت " آبي انت ابقى في المنزل "...
اخرجت مقعدان الى الحديقة ، حدثتها في اثناء جلوسي وانا لا ازال مندهشة :
_ حقاً لا اصدق التقينا بموقفٍ كهذا وبعد كل هذه السنوات ، وكم هو جميل اصبحتي اماً
_ وانا ايضاً لا اصدق ذلك
_ يليق بكِ دور الامومة
_ بالطبع يليق ؛ لا ازال ناديا المثالية
_ لم تتغيري ... هذا مريح
_ نعم لا ازال كما انا ، وانتِ ؟ أتغيرتي
_ انا ! كثيراً
_ ماذا حدث لك في تلك الفترة ؟
_ بعد ان غادرنا بينانق ؟
_ اجل
_ قدمت اختبار لدخول الجامعة
_ حقاً وكيف سار الاختبار ؟
_ نجحت به وبدأت بدراسة الطب
_ دراسة الطب !!
_ اجل
_ من اين اتيتِ بهذا ! اولم ترغبي بان تكوني عازفة ؟
_ حدث وان تغير كل شيء
_ اجل اكملي ، ماذا فعلتي بعد ذلك
_ تخرجت وبدأت بالتدريب في مشفى جلين اجيلز
_ يااللروعة ، وانا ظننتكِ تعيشين حياة مأساوية
_ بالفعل كانت كذلك
_ دعك من هذا اخبريني هل لديك علاقة بشخصٍ ما
_ لا قطعاً لم افكر بغير أدهم
_ ماذا ، الازلتي !؟
_ ليس بمقدوري صدقيني ، بذلت الكثير من الجهد لنسيانه حتى انني اشغلت نفسي بدراسة الطب كي لا افكر به لكن لم يجدي الامر نفعاً ... بمجرد اغلاقي لعيني اراه
_ كفى لاتبالغي مضى على انفصالكم اربعة عشر سنة
_ لازال دمي يغلي وكاننا انفصلنا بالامس
_ لكن مر الكثير بالفعل يجدر بك نسيانه والزواج قبل ان تشيخي
_ لا امتلك رغبة حتى بالتفكير بهكذا امور... لكن اتعتقدين انه لايزال في بينانق ؟ هل هو بصحة جيدة ، أياكل جيداً ، ايعيش براحة ؟
_ وكيف لي ان اعلم !
_ لا عليكِ بدأت بالهذيان ... اخبريني عنكِ ، منذ متى تزوجتي ومن هو سعيد الحظ
_ دعك من حياتي لنتحدث عنكِ فحياة المشفى تبدو ممتعة
_ بالله عليكِ ما الممتع بشق وثقب الرؤس !
_ ( قالت بإشمئزاز ) اهذا هو عملك ؟
_ اجل
_ ماهو تخصصك ؟
_ جراحة المخ والاعصاب
_ يبدو مريعاً وانا ظننته كالمسلسلات التي نشاهدها !
_ المستشفيات تخلوا من الدراما ياعزيزتي لاتثقي بماتشاهديه
_ حقاً الم يحدث معكِ ولا حتى القليل من الدراما
_ غير العمل و العقوبات والتوبيخات لم يحدث
_ مسكينة يبدو ان عملكِ شاق
_ اجل للغاية
_ المهم انه يدر لكِ باموال كافية وليس مثلي
_ لم ماذا به عملكِ ؟
_ ( ضحكت وقالت ) عملي...انه هراء وليس عمل
_ لم ؟
_ اتدركين انكِ الزبونة الوحيدة التي اتتني منذ سنة
_ من الجيد انكِ اخبرتيني كي اترككِ ؛ يبدو انكِ لستِ جديرة
_ لا ارجوكِ زبونتي العزيزة
_ لم لاتملكين زبائن ؟
_ لا اعلم اعتقد ان الناس اصبحوا يولدون مع محامٍ خاص
_ (ضحكت وقلت ) اخبريني متى سترفعين الدعوة ؟
_ الاثنين القادم على مااعتقد
_ جيد ... كل امالي متعلقة بك
_ لاتقلقي لن أكُل حقكِ
_ ادرك ذلك.
تحدثنا لساعتين دون مل او كل ، كان لقاءاً ممتعاً للغاية ولم ارغب بمفارقتها وفي الوقت ذاته لم ارغب بان اكون ثقلاً على عاتقها لذا غادرت في تمام الساعة العاشرة ، بدأت بالسير باتجاه المجمع السكني ، كل خطوة حملتني الى ذكرى معينة حتى ارتعدت اقدامي قرب بوابة المجمع حينما تذكرت يوم انتقالنا ، ذلك اليوم الذي فقدنا به الامل بالكامل وكل ماكان يربطنا بالحياة هو وترٌ واحد.
٧/ نوفمبر / ١٩٩٥
صوفيا
عند عودتنا من مراسيم دفن والدي فوجئنا بوجود ظرف قرب بوابة المنزل فلم نستلم ظرفاً كهذا من قبل كان مختوم برسم زهرة الزنبق ، التقطت والدتي الظرف ورمته في داخل الجرار فور دخولها الى المنزل ومن ثم اكملت سيرها باتجاه غرفتها ، كانت كغصنٍ نحيل يصعب عليها الثبات ، امسكت بمقبض الباب ولم تتحمل انهارت وبدأت بالبكاء .
استيقظنا في اليوم التالي وكاننا جثث لا نعلم كيف استغرقنا في النوم ومتى ؟ كانت ليلةً كالحلم لاتصدق ولا نرغب بتصديقها فقد وصلنا الى اقصى درجات الانكسار كل منا ينظر الى الاخر بصمت وعيناه متورمة وتغزر الدموع فكانت حالتنا يرثى لها وفي مساء اليوم التالي سعت امي لكسر قوقعتها وستجمعت طاقتها للوقوف مجدداً والخروج من المنزل اما انا فلا ازال داخل القوقعة مستلقية على سريري واراقب باب غرفة والداي متأملة رؤيته وهو يخرج منها وثيابه وشعره في فوضى عارمة كالمعتاد ، ارغب بتكرار تلك الايام لالاف المرات بل لعدداً لا متناهي من المرات فلم يخال لي بان تلك الامور الرتيبة ستنتهي ! بل لم اتوقعها غيرابدية...
رمقتني امي بنظرة انكسار فور دخولها الى المنزل وكانها ترجو مني ان اتقبل الامر ام اتظاهر بتقبله كما فعلت ، توجهت الى المطبخ وهي تمسك باكوام من الاكياس دون ان تتحدث بما يجول في خاطرها ، طهت في حينها اكلتي المفضلة ونادت بصوت تظاهرت به بالقوة رغم ارتجافه " عزيزتي تعالي لتناول الطعام " لم اجيب لذا كررت ندائها وحينما لم تستمع الى جواب اتت الى غرفتي ومن ثم جلست بجواري وقالت :
_ ادرك بانكِ تفتقدين والدكِ كثيراً وانا ايضاً افتقده لكن لن يعود حتى وان استمرينا في الاشتياق ( ابتلعت غصة وهي تقول بصوتٍ منخفض ) يجدر بنا الاعتياد
_ لا ارغب بذلك
_الامر صعب جداً ادرك ذلك ولكن ليس بمقدورنا فعل شيء
_ ( انتفضت قائلة ) انا لا ارغب بذلك ....لا اريد التصديق بان والدي رحل؛ انا اشعر به ، اريد ان نضع طبقاً له على المائدة وان نحسب مقعده ضمن المقاعد المستخدمة ، اريد ان ارى موقعه !.
_( سقطت دموعها في ذلك الحين وقالت محاولةً تهدئتي ) حسناً سافعل ذلك
، ساترك مكانه كما هو، وساعد له وجبة معنا سنعيش كما لو انه موجود ولكن عديني
_ بماذا ؟
_ بانكِ ستتقبلين الامر رغم ذلك
_ إن تمكنت سافعل
كان هذا اول وعد طلبته امي مني والوعد الوحيد الذي لم افي به حتى الان...
أنت تقرأ
اوتار
Romanceطبيبة تقع حياتها المهنية على المحك بسبب مخالفتها لقواعد المشفى ، ماذا سيكون مصيرها ؟ وماذا ستواجه في ذلك المصير ؟