الفصل الحادي عشر و الاخير

11.7K 289 23
                                    


ساد الظلام كل مكان ، يحوم حولها ، ويخنقها . وكان أيضآ في داخلها يزيد من آلامها ووحدتها .
فقط عناق . انطبعت الكلمتان في ذهنها بأحرف من نار . هكذا اعتبرها آلان . كانت على وشك أن تمنح نفسها له ، ومن دون تحفظ لأول مرة ... وبرغم ذلك ، هو مصمم على الرحيل غدآ من دون أن ينظر إلى الخلف .
كان من غير المجدي أن تُذكّر نفسها بانها هي التي أرادت رحيله ... وألحت عليه بذلك أيضآ . كانت تنوي بمجيئها إلى هنا أن تفصل نفسها عنه نهائيآ . وهو مستعد الآن لأن يحقق لها هذه الرغبة .
كان يجب أن يحصل ذلك ، قالت لنفسها بحدة مرارآ وتكرارآ . لايمكن لزواجهما أن يستمر وبشروطه هو . وهي غير مستعدة لأن تعيش على هامش حياته . تنتظر حتى يلاحظ وجودها ، إذا كان عنده وقت .
وعندما ينفصلان ، لن يكون عندها أي شيء تؤنب به نفسها أو تتذكره بخجل .
منتديات ليلاس
لم تجد له أي أثر عندما تجرأت أخيرآ ، ونزلت في الصباح . فكرت للحظة أنه ذهب من دون أن يودعها . ولكنها ، بعد أن تفحصت غرفته ووجدت ثيابه ، عرفت أنه ما زال هنا . لابدّ إنه في مونتاسكو يراقب تصليح سيارته .
أخذت قهوتها إلى المحترف واستعدت للعمل . نظرت إلى لوحة آلان طويلآ ، ربما كانت سطحية ، ولكنها أفضل ما أنجزته . ربما لأنها تنظر إليها بعيني الحب ، فكرت بحزن .
سمعت صوت السيارة بعد ساعة . وثب قلبها من مكانه وبدأت تعدل من إشراقة اللوحة بتركيز عنيف . وأخيرآ صعد ووقف أمام الباب .
"هل أُصلحت السيارة ؟" قالت بهدوء .
"تقريبآ ."
"أعتقد أنك سترحل الآن ." بدلت مكان المسند .
"بعد قليل ." قال :" أعتقدت أنك تريدينني لجلسة أخرى ."
هزت فيليبا كتفيها ." لا أريد أن أسبب لك أي إزعاج ." 
"على الاطلاق ." ومشى إلى جانبها ونظر إلى القماش . "هل ينقصها الكثير ؟"
منتديات ليلاس
"ليس مع نشاط كهذا ." قالت :" باستطاعتي أن أنهي الباقي من ذاكرتي ، إذا اضطررت ." يا إلهي كم ذلك صحيح !
"فهمت ." كان وجهه ساخرآ ." لم أكن عادلآ معك ، يا زوجتي عندما حاولت منعك من متابعة دراستك ، لديك موهبة حقيقية . أتمنى أن تطوريها إلى أقصى حد ." كانت ابتسامته ودودة ولكن مؤلمة ."هل يمكن لي أن أشتريها ؟"
هزت رأسها :" إلا هذه . لأنني استحققت بها لقب رسامة . أنا متأكدة أنك تفهم ."
"لا أعتقد أن التفهم كان له دور كبير في علاقتنا ." قال بشجاعة :"ولكنني أعدك بالمحاولة ." توقف برهة ."ماذا عن آخر جلسة ؟ هل تريدينني أن أتعرى لك ؟"

تنهدت فيليبا . بدا صوته عاليآ في هذا المحترف الهادئ . حاولت أن تبتسم :"أنت... أنت لا تعني ذلك ، بالتأكيد ؟"
"ولم لا ؟ ستكون تجربة جديدة لي ... كما لمعظم الرجال ... عندما أخلع ثيابي لإمرأة ليست مهتمة سوى بتركيب الضوء و الظلمة و المسطحات و الزوايا ." نظر إليها نظرة ساخرة :" أليس كذلك ، يا حياتي ؟"
"حسنآ...أجل ."
"بالتأكيد ." كان قلبها يخفق بجنون .
"إذآ، لماذا لا تطلبين مني ذلك ؟" توقف لبرهة ."أو أنك لا تجدينني ممتعآ بشكل كافٍ؟ ربما تشعرين أنك تعرفينني جيدآ ؟"
رفعت القماش عن المسند من دون أن تنظر إليه ."الأمر ليس كما تتصوره ."
يا إلهي ، فكرت بطريقة هستيرية ، لم تعرفه أبدآ . ليس بتلك الطريقة .
استطاعت أن تطلق شبح ضحكة :"إنك ...تفاجئني.لكن إذا كان عرضك جديآ ، يا آلان، علي عندئذٍ أن أقوم ببعض الرسومات التمهيدية لك . إنني بحاجة إلى التمرين."أضافت بضعف .
"يبدو أننا نفاجئ بعضنا البعض طوال الوقت ." نظر حوله ."أعتقد انك تفضلين أن نبدّل المكان ؟"
أبعدا الطاولة قليلآ ثم رتبا منصة بديلة عن العلب وبعض الستائر الذهبية ، اكتشفتها فيليبا في حقيبتها في اليوم السابق . أمضت بعض الوقت وهي تثني القماش المطرز حتى تجعله مناسبآ وهي تشعر كأنها في عالم من الأوهام .
يا إلهي ، فكرت ، من غير المعقول أن أفعل ذلك أو أن أسمح به . لأنني لا أستطيع أن أكون موضوعية . وأن أعتبر ذلك تمرينآ مفيدآ .
منتديات ليلاس
استدارت بعيدآ ، وأخذت لوح الرسم بيدين مرتعشتين . لم يسبق لها أن رأت آلان بوضع كهذا . ليس تمامآ . كانت محرجة جدآ وغاضبة في أول لقاء لهما ، ومنذ ذلك الحين . أصبحت مناوشاتهما في الظلمة . ستكون هذه لحظة صدق بالنسبة لها .
وأدركت أن هذه اللحظة قد حانت عندما قال :"إنني جاهز ."
استدارت ببطء لتواجهه . كان رائعآ . لايمكن أن تصفه بكلمة أخرى ، يداه على وركيه ، ورأسه مرتد قليلآ . تحمّل تفحصها المدهش و المفرط .
"هل ستبدئين برسمي ، يا جميلتي ، أم تضعيني في ذاكرتك ؟"
بدأت بوجه متورد :"آه ، اجلس من فضلك ...بشكل جانبي . اخفض كتفك . لا ،هذا كثير ."
"الأفضل لو ترشديني بنفسك ."
ترددت لحظة ثم اقتربت منه ، تضع يديها على كتفيه الدافئتين ،وتعدّل جلسته بشكل ملائم ، تستمتع بنعومة بشرته ، وبقوة عضلات ظهره وذراعيه .
قالت :"أخبرني هذه المرة عندما تشعر بالتعب أو ... بالبرد ."
"أو حتى بالدفء ." قال على نحو مقتضب :"هل تعرفين شيئآ ، يا عزيزتي؟أعتقد أن هذه هي أول مرة تلمسينني بها بملء إرادتك ." 

- خطوات متهورة - سارة كريفن - دار النحاس ( كاملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن