part.4

8.1K 205 4
                                    

#سلسلة_حكايات_وبنعيشها
#الحكاية_الاولي
#الخائنه {الفصل الرابع}
*وضعت الحاجه سهام صينية الشاي الساخن فوق الطاولة وجلست بجانب زوجها تهمس له :
*اتكلمت مع تيم يا حاج....
*رفع الحاج صلاح والد تيم عيناه إلى زوجته وقال لها بصوت خافت:
_لا متكلمتش معاه مانتي عارفه هيقول ايه هيرفض طبعا خلاص بقا ياسهام فضينا من السيرة ديه.... وموضوع الجواز هو حر...
_لا مفيش حاجه اسمها هو حر.......الا في سنه متجوزين وعندهم بدل العيل ثلاثه...
*دمدمت السيده سهام باستياء من ابن زوجها وابن عمرها التي لم تلده تيم....فقد تزوجت الحاجه سهام من والد تيم بعد وفاة زوجته وكان تيم وقتها في السادسة من عمره وتولت هي تربيته حتى أصبح طبيب ناجح و رجل يعتمد عليه......
*وضع تيم احدي المراجع الطبية التي كان يقرأها بجانبه والتفت إلى أمه التي يحبها كثيرا ويكن لها كل الاحترام والتقدير وابتسم وهو يهتف :
_هه مالك ياست الكل يظهر أن الحاج صلاح مزعلك قولي مالك؟
*ردد والده بصوت ساخر وهو يرتشف من كوب الشاي الساخن :
_ملكش دعوه بأبوك ياولد انت وامك حرين مع بعض انا مليش دعوة بالكلام ده انا يادوب هصلي العشاء واعقد ع القهوة مع عمك....
*زمت الحاجه سهام شفتيها ممتعضة :
_كل يوم قهوة يا صلاح وترجع على وش الصبح وطبعا أعقدت القهوة فيها سجاير وشيشة غير القهوة الا بتشربها خاف على نفسك ياحاج شوية...
*كتم تيم ضحكته بينما غمغم والده بسخط وهو يقف ويضع عباءته البنية فوق أكتافه:
_لا إله إلا الله....هتسيبي موضوع ابنك وتمسكي فيا انا....خليكي معاه ولا ناسيتي....
*يقطعني كنت هنسي....
*شهقت الحاجه سهام....بينما ضم تيم شفتيه بنزق وغمغم من بينهما :
_ليه كده يا حاج كانت ناسيه!

*حرك والده رقبته بمرح وهو يبتسم كعادته وقال له بخفوت وهو يمر من جانبه :
_استلم بقا يا حلو...المردي مصممه.
*وخرج والده من باب المنزل ووقع تيم في المحظور وقبل أن يحمل مراجعه الطبيبة ويتحرك ببطء إلى غرفته....كانت الحاجه سهام تهتف بقوة وهي تخرج من باب غرفتها تحمل موبيلها :
_استنى عندك يا تيم....
*جلست أمامه وهي تضع بكفه الموبيل وقالت بشدة :
_اتفضل شوف دول وقولي ايه رائيك؟
_ايه دول صور في الجاليري عايزه تمسحيهم يا أمي.
*ردت عليه والدته باستهجان شديد وهي تمط شفتيها بابتسامة سمجة:
_ههه ههه لا ده ظرف يالطيف اسمع ياواد دول عروستين وع الموبيل صورهم وحده بنت جوز خالتك نعمات....والثانية من المنصورة تبقى بنت اخو الحاجه نوال صحبتي من المسجد يلا اختار وحده منهم الأولي بكالوريوس إعلام والثانية هندسة....
*تغاضى تيم النظر عن كليهما وأغلق زر الهاتف الجانبي ووضع أمام والدته التي شهقت و رددت بنفاذ صبر :
_يابني الله يهديك انت لحقت تشوفهم....وبعدهلك يا تيم انت مش صغير يابني انت عندك 35 سنه مستني ايه لما يبقى عندك 50 سنه....هو انت ناقصك حاجه انت جاهز من كله....ولا انا مليش كلمه عليك أكمني......
*قاطعها بعتاب خفي وهو يقبل كفها :
_انتي امي وروح قلبي وكل حاجه حلوه في حياتي....لو ماما الله يرحمها عايشه مكنتش هتبقى في حنيتك وخوفك عليه.....بس يا أمي مش كل حاجه بالعقل؟
_ايوه العقل اننا نظمن عليك انا وابوك ونشوفك في بيتك ونشوف احفادنا بيتنططو حوالينا نفسي اشوف عيالك......َ
*قاطعته هي الأخرى بغضب شديد....فاقترب منها وجفف دموعها التي تهدد بالانهيار وتنهد صامتاً حتى همست هي بحنان واصابعها تجول على وجهه الوسيم:
_طيب ريح قلب أمك سهام وقولها في وحدة ونفسي اتجوزها وانا من بكره هروح اتكلم مع أهلها لو بنت مين.
*زفر بضيق واحنب راسه بهدوء ظاهري فقط ولكن أعماقه كانت تموج بالغضب....غضب من كل شيء غضب منها هي لأنها كما ظهرت فجأه في حياته اختفيت فجأه...غضب من قلبه الذي مال إليها دون أن يعلم عنها شيء... قلبه الذي تعلق بها حتي الآن ولم يستطع أن ينساها للحظة....غضب من ضعفه و تردده لأنه تأخر كثيرا في اتخاذ قراره أن يتعرف عليها وعندما قرر واتخذ القرار كانت قد اختفت ولم يجدها في أي مكان لم يعرف عنها سوى شيء واحد وهو اسمها...... علا......
قبل أربعة سنوات...........
*التفت تيم على صوت ناعم صغير حينما هتفت عليه وهي تركض نحوه بشعرها الذهبي المجعد وجسدها الضئيل صغير الحجم غض بصره عندما تطلع إلى تنورتها البيضاء القصيرة وقميصها الوردي الشفاف...
_برافو عليك....انا معجبة جدا بيك....ااق..ص..د بل..ع...بك.
*أيقن ما تريد قوله وهز راسه وهو يبتعد عنها بعض خطوات هرباً من جمالها الاخاذ ورائحة عطرها المسكرة:
_شكرا على ذوقك....عن اذنك.
_علا...اسمي علا....وانت اسمك تيم صح...
*همهمت بشقاوة وعينان يغزوها الفرح كأنها طفلة صغيره تقفز وتلعب ولا تبالي بشيء....طفلة صغيرة بالطبع...
*هكذا فكر وعيناه تخونه وتنظر إلى وجهها الملائكي...استغفر الله في سره وهمس
_ايوه اسمي تيم عن اذنك لازم امشي...
*التفت وخطي بعض خطوات ولكن صوتها الناعم اوقفه مره اخري عندما صاحت بغضب رقيق:
_انت دايما مستعجل كده....دايما بتظهر بسرعه وتختفي بسرعة جدا....انا نفسي نت....
*شعر بالضعف ناحيتها فهو دائما يلاحظ تلك الصغيرة والتي تشبه الجنيات الساحرات في جمالهم ورقتهم وهي تراقبه تتبعه كظله بكل مكان يخطو إليه بداية من صالة الألعاب الرياضية والمسبح ثم إلى اي مكان يذهب إليه...
دائما يراها تتفاعل معه واحينان تقفز هلعاً عليه.....تنفس قائلا في نفسه:
_عايزه مني ايه؟
*واخيرا قاوم ضعفه واستسلامه لتلك الجنية الصغيرة التي لا تتعدى السابعة عشر عام وبكل غضب صاح فيها :
_انتي تعرفيني منين عشان تكلميني كده....عيب كده انتي لسه صغيرة.
*فوجئت علا بهجومه الحاد وتهجم وجهه فهمست وهي تشبك أصابعها من التوتر وتكتم أنفاسها حتى لا تجهش أمامه بالبكاء:
_ا...نا...ا..اسف...
*وقبل أن تكمل جملتها كانت تركض باكية...صوت بكائها ذبح عنقه كالشاه وشعر بطعنات قوية تستنفذه....أدرك وقتها أنه لن يراها ثانية بعد أن جرحها بتلك القسوة ولكنها خلفت ظنونه وظهرت له كثيرا ولكنها كانت تتجنب الحديث معه فقط تراقبه من بعيد حتى جاء ذلك اليوم.....
*عندما رآها تعانق شاب آخر في سنه تقريبا....شاب وسيم وجاذب ورياضي كانت تعانقه بقوه حركت فيه غريزة التوحش وكان على وشك أن يجذبها من ذراعها ويصفعها بقوه حتى تتأدب وربما يهشم صدغ ذلك الشاب الذي يحضن خصرها بكتلة يده ولكن صوت صديقه الطبيب عماد اوقفه عندما ابتسم له قائلا :
_معجب بيها صح...انا واخد بالي ديه زي ظلك في ملزماك في كل مكان....
*تمتم بصوت متهدج :
_ايه الكلام الا بتقوله ده يا عماد معجب ايه؟ ديه بنت صغيره بس نفسي افهم فين أهلها سيبنها كده طيحة في النادي تكلم ده وتحضن ده.
*رمقه صديقه باستغراب وزادت ضحكته وهو يضع ذراعه فوق أكتاف تيم قائلا :
_لا بصراحه مش معجب خالص....ده انت بتغير كمان يابني اوبااا الشيخ تيم اخيرا وقع ولا حديش سمى عليه....
*قاطعه تيم بنزق :
_اووف يا عماد انت متكلمش جد ابدا ديه عيله مفعوصة يابني...بلا حب بلا كلام فارغ...
*غمز له صديقه وحمل حقيبته الرياضية فوق ظهره.... يقل بصوت منخفض وهما يمران من جنبهم وعيناها تتفحصه بعناية حتى أنه احس انها تريد أن تمسك بيده وتهمس له بشيء ما...
_ع العموم ده اخوها اسمه باسل أو جاسر مش متأكد سمعتها وانا داخل من البوابه كانت بتعرفه على صحبتها أم عيون تهبل ديه وتقولها اخويا....
*شعر بالارتياح وبأن نيران قلبه اخمدتها كلمات صديقه المختصرة....تهجم وجهه فجأه وتذكر أنها ربما تكون المره الأخيرة التي يراها فيها فهو سيسافر إلى لندن خلال يومان... واليوم هو يومه الأخير هنا بالنادي...خيم عليه الحزن قليلا ولكنه تراجع وهو يقنع نفسه انها أوهام....بالتأكيد أوهام.....
*مررت والدته اناملها بين خصلات شعره الغزيرة وهمست تساله :
_ومن وقتها لحد دلوقتي متعرفش عنها حاجه؟
*أومأ على رأسه بحزن شديد....ثم أكملت أمه بقلب مفطور يتألم :
_عشان كده قطعت النادي من يوم ما رجعت من لندن أربع شهور اهو راجع مروحتيش غير مره واحدة....سألت عنها؟
*تلقى تيم رأسها يقبلها بقناع مبتسم رسمه على وجهها...قناع يظهره بالامبالاه ولكنها والدته التي تشعر به وتعلم ما يخفى بقلبه من حزن :
_عن اذنك يا ست الكل لازم أن شاء الله اخلص المرجع ده الليلة هصلي وبعدين اسهر عليه شويه....ادعيلي.
*غادر من أمام والدته وقد تضخم قلبه بذكريات ماضي انتهى من قبل أن يبدأ...اما والدته فقالت في خلفه :
_دعيالك من قلبي يا حبيبي....تيم روح النادي واسأل عنها يمكن تلاقيها يابني ويكونك نصيب وياها محديش فينا عارف النصيب فين....
*التفت برأسه مبتسم وهمهم :
أن شاء الله يا أمي...
*......................*..................*
*سكتت حلا قليلا ثم ربتت على ساق صديقتها بقوة وابتسمت تهمس لها :
_انا واثقة أن تيم كان عارف انك بتحبيه....انتي كنتي وضحة جدا يا علا احتمال النادي كله كان واخد باله وعارف...
*تعالت ضحكاتهم وضربتها علا بخفة فوق رأسها وهي تغمغم :
_انتي ناسيه انك انتي الا كنتي بتخططي اقوله ايه...فاكره لما قولتلي اروح وراه واتكلم معاه بالعافية...
*اكملت حلا وهي تضحك بقوه حتى تخصب وجهها وادمعت عيناها :
_فاكرة طبعا و ده يوم يتنسي...يومها قالك عيب وانتي تعرفيني منين وانتي جيتي تعيطي وزعلتي مني عشان خطتي كانت فاشله...
_كانت ايام....
*رددت علا بسخرية من القدر الذي جعلها عاجزه عن الحركة ولا تملك أن تراه....متاكده انه تزوج واصبحت لديه عائلة يحبها بقوة..
* عندما تخيلت الوضع بكت بحرقة...فاقتربت حلا منها واحتضنتها بقوة حتي سمعتها تغمغم بصوت مختنق من الدموع.
_ياريت كنت سمعت كلام باسل....ياحلا لما قالي متفكريش في السواقه ابدا....لكن انا اللي غبيه وانانيه مفكرتش في أي حد غير في نفسي وبس كنت عاوزة البنات كلها تشوفني وانا معايا احدث عربيه و دخله بيها النادي....اديني دلوقتي بدخل
اي مكان على كرسي بعجل.
*داعبت حلا وجنتيها تقرصها بخفة في محاوله لإخفاء دموعها هي الأخرى وهمست:
_علا استغفري ربنا...بلاش الكلام ده حبيبتي وكفايه بكي ده قدر ونصيب ربنا سبحانه وتعالى
كتبهولنا..
*قاطعتها علا بعد ان رفعت راسها من فوق صدرها وصاحت بغضب وعي تلوم نفسها بصرامة:
_قدر ونصيب أنس اكون السبب في أقرب شخص ليا...لو مكنتش رحت لبابا واتحيلت عليه وقولتله عاوزة اسوق عربيتك مكنش مات بسببي ياريته ماكان وافقني ياحلا كان علي الاقل زمانه حيكون موجود وسطنا....لكن سبب انانيتي و خوفه عليا نزل معايا....
_وللاسف انا اللي بستهتاري كنت ماشيه علي سرعه عاليه وكل مايقولي هدي السرعه ياعلا اقوله لا يابابا متقلقش.... انا إلا قتلته ياحلا قتلت ابويا ومش كدة وبس قهرت امي عليه وماتت بعده بست شهور مقدرتش تستحمل حزنها على عجزي وعلي موت ابويا انا استاهل ياحلا اي عذاب.
*ارتمت علي صدر صديقتها مرة اخري تبكي و تتشبث بملابسها و تحدثت من بين شهقاتها:
_ياريتني انا اللي مت وبابا فضل عايش.

(الخائنه )بقلم [ اماني رامي] فكرة(سارة سعد) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن