الفصل الخامس

3.2K 73 0
                                    

لاخيار لديها . حسنا ، لقد كان محقا بكل ما قاله الليلة، لو ان لها خيار لما سمحت له بالتحدث معها عن الزواج .
وابتسمت فى الظلام الصامت الذى يسيطر عليها فى سريرها . منذ اللحظة الاولى التى وقع نظرها على غاى، وهو يلاحقها ويقوم بالتأثير عليها. حتى تعبت من الضغط عليها واخيرا وافقت على الزواج منه.
تنهدت ، وتقلبت من جانب الى الاخر واخذت تحدق بالسماء الزرقاء التى تطل عليها من وراء النافذة . المرة الاولى التى رأت فيها غاى اعتقدت بصدق انها تعرفت على نبيل من العصور القديمة .
ذكرها بالبارون الماكر الذى لديه مئات القصص الغرامية، كبير ، غامض وخطر وذات شخصية تجعل وسامته مميزة . كما ان لديه جاذبية جعلت قلبها يرتجف من مزيج مميت من الاثارة والخوف معا .
بالطبع ، كانت تعلم تماما عند من يعمل جامى فى ذلك اليوم الذى قررت فيه فى لحظة ما ان تذهب لزيارته ، لكنها لم تتوقع للحظة انها حقا قد تقابل الرجل نفسه . فالذى تعرفه عن غاى فرابوزا وصلها من مقالات فى الجرائد والمجلات ... معظمهم يصورونه كالرجل الذى يعيش وينام تحت هالة وضعها لنفسه . لكن ايضا كانوا يتكلمون كيف يمضى معظم اوقاته متنقلا فى الطائرة حول العالم ليحافظ على ممتلكات العائلة وليدير اعمالها بطريقة جيدة . وهكذا قادت سيارتها عبر بوابات الحديد الكبيرة فى اوكلاند متوقعة ان لاترى الا اخيها مليئا بالشحم كعادته ، يعمل فى احدى السيارات الشهيرة من مجموعة غاى فرابوزا والتى يعيد تصليحها وتجديدها ، بعدها تغادر ، من دون ان ترى شخصيا الرجل الذى يعيل اخيها .
القدوم الى اوكلاند بحد ذاته ، والتى تستقر فى وادى صغير ، كان متعة فنية كبيرة لها . وبينما كانت تقود سيارتها منحدرة التلة لتصل الى قعر الوادى عبر طريق خاصة باتجاه بيت قديم الطراز انيق المنظر تراه عن بعد ، لم تفكر مطلقا انها تسير نحو المدرج الخاص الذى بناه غاى فرابوزا لسباق السيارات ، او حتى المنطقة بأكملها ، بنيت من قبل اختصاصيون ليمارس المتسابق هواياته فيها . شغلت تفكيرها بجمال الحدائق التى كانت تمر عبرها .
تذكرت ما قالته حينذاك ، يمكننى ان اجلس وارسم ذلك الى الابد ، ما ان اوقفت سيارتها الصغيرة فى الباحة الكبيرة امام المنزل واخذت تتنشق الهواء المنعش الملئ بالهدوء والسلام من حولها . كان الهواء نقيا ومليئا برائحة الورود.... الورود التى عرفت فيما بعد انها فخر وسعادة روبرتو فرابوزا .
سمعت صوت محرك قوى يرعد انبئها بأى اتجاه عليها الذهاب لرؤية اخيها، وتبعت الصوت من وراء المنزل عبر الغابة الضيقة لتجد نفسها تقف على حدود باحة كبيرة لابد انها كانت ساحة للخيل ، لكن الان رممت لتصبح موقفا لمجموعة سيارات غاى المميزة .
ولقد كان هناك ، وبينما كانت تقف تحت احدى اشجار الكستناء الوارفة الظلال ، مرت بأول صدمة لها من رؤية الرجل الذى تزوجته لاحقا ...
كان يقف مثل مايكل انجلو بين عدد من الاشخاص الملتفين حوله ، يطل عليهم وهو يتكلم ، راسه الاسود يطفح بالكبرياء بينما فمه مع الابتسامة التى تطفو عليه لا ينم الا عن كبرياء متكامل .
كانوا يتحدثون عن المحركات، بالطبع ، لكن لم تتمكن مارنى الا ان تميز الطلة المميزة له ... كان يرتدى قميصا بيضاء مع بنطالا داكن اللون . امبراطور مع رعيته ، هكذا اطلقت على المشهد الذى تراه . كان يتكلم بسرعة لكن بنعومة ، الصوت الفنى مع لهجته الخاصة ، والتى كانت تصلها عبر الباحة جعلتها تقف صامتة وهادئة.
لم يكن لديها اى صداقة مع الجنس الاخر ، فهى لم تجد الوقت لذلك ، اذ كان كل همها تدبير معيشتها وحياتها ، ولكن مع ذلك ، ومع كل البراءة التى تعيشها ، كنت تتحسس اشارا الخطر اينما وجدت .
- مارنى ! كان جامى اول من رأها . ولقد تمكنت من رؤية رأس غاى يستدير بحدة وينظر اليها بعينيه الغامضتين، قبل ان تبعد عينيها الواسعتين عنه وتنظر الى اخيها . اقترب جامى منها ، سعيدا جدا برؤيتها لان ابتسامته كانت كبيرة جدا ، قال متفاجئا :- ما الذى تفعلينه هنا؟
اخبرته ، محاولة بقوة ان لاتسمح لانتباهها ان يعود الى حيث غاى يراقبها بصمت ولم يحاول ان يبعد نظره عنها منذ ان التقت عيونهما ....
قال اخوها :- لكن هذا رائع ! هل يمكنك البقاء لتناول الغداء معا ؟ عناك مقهى على اخر الشارع يصنع افضل الطعام البلدى ، يمكننا ...
- عرفنى عليها ، جامى .
تماما هكذا ، عادت لتتذكر ، عرفنى ، دعها تعلم من انا . اريدها ، لقد عرفت كل ذلك من خلال ذلك الصوت الاجش المتطلب .
لم يلاحظ اخوها شيئا من كل هذا بينما ابتعد عنها خطوة وهو سعيد تاركا اياها تشعر وكأنها سخيفة امام عينا غاى الغامضتين .
قال :- هذه اختى ، مارنى . وتابع قائلا :- مارنى ، اقدم لك معلمى ، السيد فرابوزا .
صحح الرجل كلامه:- غاى . تاركا لهجته المميزة تفضح نفسها . مد يدا ، طويلة ، نحيفة وجميلة نحوها ليصافحها . مدت يدها وهى متوترة، متعثرة قليلا ، ومتعجبة مما يحدث لها ، وقلقة مما توقعته انه سيشد على يدها . بتهذيب رفع يدها الى شفتيه ، رافضا ان يبعد عينيه عن عينيها الزرقاوين .
لقد اخذمنه كل ذلك الوقت ليجعلها تقع فى حبه من رأسها حتى اخمص قدميها ... مع انها لم تفهم ما الذى حدث لها عند ذلك . لانها لم تكن قد مرت بتجربة عاطفية من قبل وكانت سعيدة وراضية بذلك ، لكن تلك العاطفة القوية المفاجئة اخافتها ... وماتزال تخيفها الى الان . لكن عندما لم يكن لديها اى وسيلة لتتعامل معها ، وفى الحقيقة كان لايبذل اى مجهود ليخفى تأثيره عليها.
ابعدت يدها عنه وابتعدت خطوة الى الوراء ، فابتسم لها بطريقة ساخرة من رفضها له . 
دعاها لتناول الشاى فى منزله ، رفضت وهى تتذكره ببرودة انها قد اتت الى هنا لترى اخيها . وعندما اخبرها غاى بصراحة ان جامى لن ينتهى من عمله قبل المساء وكرر الدعوة لها كى تنتظر اخيها بينما ينتهى من عمله ، نظرت بغضب الى اخيها ، الذى كان يبدو عليه الذهول من كلام غاى ، ومع ذلك رفضت ان تكون فى ضيافته فى غياب اخيها ، متذرعة بموعد وهمى بانتظارها فى لندن مما جعل جامى يحدق بها فاتحا فمه باستغراب ، لانه كان يعلم تماما من عدم اهتمامها بمقابلة اى كان ، اضافت بسرعة :- يمكننى البقاء خمس دقائق على الاكثر . متمنية ان لا يسألها عن سبب قدومها السريع لرؤية اخيها .
حدق غاى بها، مما جعل خديها يحمران بسبب نظرته الساخرة وكأنه يقول انه يعلم بكذبها ، انحنى وهو يبتسم وهذا لم يخفف شيئا من رغبتها للهروب من امامه . اعتذر وسار نحو المنزل بينما بقى جامى يحدق به بارتباك وغضب .
قال :- لا افهم شيئا من كل هذا ، عادة غاى ليس .... اتى الصوت محذرا من غاى فرابوزا وهو يصل الى زاوية المنزل :- خمس دقائق فقط ، وسترن!
قال جامى مستوضحا :- انا لا افهم هذا ، ايضا ! لما كنت باردة معه هكذا ، يا مارنى ؟ اعتقدت انه امر لطيف منه ان يستقبلك هكذا ... وانت كنت باردة معه ... لقد سببت الاحراج له الان !
ذكرت اخيها ببرودة :- لقد اتيت لرؤيتك ، جامى ، وليس لاشرب الشاى مع رجل غريب .
هز كتفيه ، ولا يزال يشعر بالاستغراب لكل ما جرى حوله ، وسار معها من وراء المنزل ليصلا الى سيارتها ، يتحدثان قليلا ، لكنها كانت تعلم انه لايزال متوترا راغبا فى العودة الى عمله قبل ان يعود غاى اليه مرة ثانية .
وهى كانت اكثر من جاهزة للرحيل قبل ان يحضر رئيسه ويزعجها ثانية . 
رآها جامى تجلس وراء المقود فى سيارتها الصغيرة ، سائلا اياها كيف تسير ، وابتسم عندما اكدت له ان هذه السيارة لاتسبب لها اية مشكلة مهما كانت صغيرة ، كانت عيناه تنظران بتوتر الى نوافذ المنزل ، بطريقة ما كانت تعلم ان غاى فرابوزا يراقب رحيلها من وراء الظلال من مكان ما فى الداخل .
ادارت المفتاح فى السيارة متمنية ان ترحل على الفور . لم يحدث اى شئ . 
حاولت ثانية . ولم يصدر اى صوت بعد عدة محاولات ، تمتم اخاها شيئا ما عن النساء الغبيات اللواتى يقدن السيارات، وامرها ان تخرج من السيارة ليقودها بنفسه . ادار المفتاح ، ضغط على الوقود ، بعدها خرج من السيارة ورفع غطاء المحرك ، مختفيا تحته وبدأ يعمل بتركيز بينما وقفت مارنى وهى تعلم ان سيارتها لم تخذلها يوما بدون مساعدة احد ما .
راقبت غاى وهو يخرج من الباب الامامى فبدا الانزعاج بوضوح على وجهها ، لانه نظر اليها نظرة ساخرة متكاسلة وهو يقترب من اخيها .
ابتسامة صغيرة ظهرت على شفتيها وهى مستلقية على سريرها وتنظر الى القمر ، لقد مر أشهر على ذلك قبل ان يعترف غاى انه هو من عطل سيارتها .
قال لها بكبرياء واضح فى شخصيته :- لم اكن مستعدا لادعك ترحلين .
قالت :- هل علم جامى انك من فعلت ذلك؟.
اجاب بوضوح :- طالما انه استغرق خمس ساعات ليعلم اين العطل ، اعتقد انه افترض ذلك ، عندما وجده .لابد انه حزر ، انه ميكانيكى بارع ولايعقل انه لم يدرك منذ البداية ان السيارة قد تم التلاعب بها ، مشكلته كانت ان يكتشف ما الذى فعلته بها .
- احيانا ، يا غاى ، اكره كبرياؤك .
قال مازحا:- واحيانا ، انت منجرفة به.
كانت تخاف من تأثيره القوى عليها ، خوفها هذا جعلها تحاربه دائما خلال الاسابيع المضطربة التى تلت بينما كان غاى عنيدا كما هو ،وبشخصيته الانانية، ليحصل على ما يريده .
منتدى ليلاس
تنهدت بقلق ، وتخلت عن مقاومتها للذكريات التى تعود اليها ، نهضت من سريرها لتذهب وتقف قرب النافذة تحت ضوء القمر .
الزواج من غاى كان اقل اضطرابا من فترة تعارفهما . لقد قرر الزواج منها . واعلمها بذلك، وكانت هى ضعيفه جدا تجاهه فوافقت بكل غباء .
وهكذا تزوجا واخذها الى بلده الاصلى ايطاليا ، حيث عاشا فى فيلا خاصة له تطل على البحر المتوسط امضيا هناك ستة اشهر من السعادة والفرح لكن بدون ان يذكر لها اى كلمة جدية عن حبه لها .
كل ما كان يريده هو براءتها وشبابها ، بينما هى تعلمت ان تتقبل كل ما يريده تاركة احساسها الحقيقى به بعيدا عنه متمنية ان يصلا الى هذا التفاهم يوما .
كانت تشك انه يراها انسانة حقيقية لديها مشاعر ةافكار خاصة بها بل كان ينظر اليها كأحدى ممتلكاته ويرغب فى اظهارها امام اصدقائه .لم يفكر يوما انها لا تحب اصدقاءه وان حياتهم وملاحظاتهم السخيفة تصدمها وتزيد من احراجها .
كانت خجولة بطبعها ، وتفضل ان تبقى بمفردها عوضا عن المشاركة . ولم يشعروا بأى وخز ضمير وهم يهزؤون من هدؤها مما جعلها تشعر بمزيد من الارتباك والاحراج برفقتهم ، مظهرين لها اساليبهم المزعجة ، التى لم تشعر يوما ان بامكانها مجاراتهم .
وعلى رأس كل ذلك ، كان عليها ان تبتسم وتتحمل رؤية غاى يستمتع برفقة كل من تقترب منه وتسامره . كان ذلك النوع من الرجال ، وسيم ، مشهور ، ولديه هالة اعطته تلك الشهرة .
والنساء تحسدها وتكثر من الاعجاب به، وهو يسعد بذلك الاعجاب ، فى احدى الامسيات شاهدت اكثر من الاعجاب به فقررت مارنى ان تضع حدا لذلك .
كانت الحفلة فى باحة منزل احد اصدقاء غاى القدامى فى سباق السيارات . فى منزل كبير فى ضاحية لندن وكأنه فندق . كانت قد علمت سابقا ان لاحدود لتصرفات اصحاب زوجها. فكانوا يفعلون كل ما طاب لهم حتى انهم كانوا يتقبلون اى تصرف مهما بدى لها غريبا ومنافيا لاخلاقها ومبادئها! مما جعلها تتساءل اين يكون زوجها عندما لاتعود تراه .
لكن فى تلك الليلة الخاصة ، اتت المشاكل من قبل مارنى عندما حدث ان انيتا كول قررت ان ترمى بنفسها على غاى منذ لحظة وصولهما ، وان لا تبتعد عنه بعدها . كانت انيتا المرأة التى ابعدها عنه غاى ليتزوج من مارنى . ولرؤيتها من بين كل الناس تتعلق به، جعلها تشعر بالغيرة البشعة تمزقها . وبعد ، لتزداد المشاكل ، رأى دريك فولر ، غاى مشغولا بأنيتا ، فوضع ذراعه حول مارنى ! صفعته على الفور ، ببرودة وبسرعة ، تاركة اياه وهو يعرف تماما كيف تفكر به ، بعدها غادرت الحفلة تاركة غاى ليفعل ما يريده .
كان غاضبا ، بالطبع عندما عاد الى الشقة ودخل الى غرفة النوم حيث كانت تعود اليها بعد ان اخذت حماما ساخنا وهى تلف شعرها بمنشفة .
قال بسرعة وهو يغلق الباب وراءه بعنف :- ماذا حصل لك ؟ وماذا كنت تحاولين ان تبرهنى بخروجك امام كل اصدقائى وتركى بمفردى ؟
قالت غاضبة :- انت تدعو هؤلاء الناس اصدقاء؟ انا ادعوهم زمرة من الذئاب الجائعة ، يعيشون فقط من اجل ملذاتهم . تابعت باحتقار :- واذا كانوا هم اصدقاءك فلا تحسبنى منهم . لا اعتقد اننى استطيع العيش فى هذا المحيط ثانية . وابتعدت عنه .
قال ، متخلصا من غضبه لانه اعتقد انه يستطيع التخفيف عنها بعدما عرف سبب غضبها :- أحد ما خذلك .
قالت بسرعة :- يمكنك قول ذلك ، انت من خذلنى . انت تخذلنى فى كل مرة تأخذنى الى تلك الحفلات. استدارت لترى معالم الدهشة على وجهه القاسى والوسيم ، اضافت :- وانت مع ذلك ، تمضى وقتك تتسلى مع النساء بينما اقف كالبلهاء انتظر رجوعك الرائع .
قال :- بسبب انيتا ، انت غاضبة لانك تشعرين بالغيرة . 
كان يبدو واثقا من نفسه مما جعلها تشعر حقا انه ترغب فى اظهار اظافرها واسنانها وهى تصرخ :- انيتا ؟ ما الذى تنتظره من امرأة مثلها ؟ تقدمت نحوه بغضب وهى تقول :- لاننى امرأة لديها احترام لنفسها اكثر من ان تعيش مع رجل عجوز لاهم له الا مصادقة النساء .
اه، ما كان عليها قول ذلك . حتى الان ، وبعد مرور كل تلك السنوات مازالت تشعر بالمرارة التى شعرت بها وهى تراقب شحوب وجهه وكيف استدار وكأنه تلقى ضربة قاتلة .
ولقد كانت كذلك ، لانها كانت تعلم كم يشعر بالحساسية تجاه الفرق بين عمريهما . ربما كانت هذه الضربة القاضية فى صميم زواجها .
بالطبع ، اصبح باردا ومتعجرفا معها ، وكانت تستحق ذلك . لكنها لم تحصل منه الا على معاملة متعجرفة من قبله لكن هذا جعلها تزداد اعجابا به حتى الان ، لكن ليس فى ذلك الوقت ... عندما قال لها ببرودة :- اذا بالطبع ، عليك البقاء بمفردك ، عزيزتى مارنى . بينما انا ، المسكين العجوز سأبحث عمن يرضى بى كما انا .
وهذا ما فعله ، بينما كانت تستعيد ذلك بمرارة الان . غادر الشقة ،ولم يرجع الا بعد مرور ثلاثة ايام ... وخلال تلك الايام تحولت من الندامة الى الامتعاض والاستياء ومن جراء ذلك وكى تدافع عن نفسها قبلت مهمة ابعدتها الى مانشيستر لمدة اسبوع .
عادت الى البيت متعبة ، يائسة ومثقلة بالاحساس بالذنب على تلك الكلمات المخيفة التى رمته بها . ولقد كانت مستعدة ان ترجوه كى يسامحها . لكنه لم يقل اية كلمة ودخلت علاقتهما بحالة من التحفظ الشديد ، وكانت تلك القشة الاخيرة التى وضعتها فى جو متوتر مشحون دائم بالقلق والتوتر .
لم يعد هناك شئ بينهما كالسابق بعد ذلك . لم يذهبا الى اية حفلة معا ... ويبدو ان ذلك التذمر قد اصابه فى الصميم. لكن غاى اخذ يعاملها بنوع جديد من الاحترام واقرب منه الى عدم المبالاة ، بينما هى انغمست فى عملها ، موافقة على اى مهمة تبعدها عن لندن لايام عديدة . كما ان لغاى ، ارتباطات كثيرة عليه القيام بها ، مسافرا الى كل ارجاء العالم ، وهكذا اصبحا اشبه بالغريبين اكثر من زوج وزوجته ، يتقابلان لفترة قصيرة فى منزلهما وليفترقا بعد ذلك .
اصبح التوتر الناتج عن ذلك لايطاق بالنسبة الى مارنى ، واحساس بالاحباط واليأس اصبحا يلازمانها . عادت الى المنزل بعد ان امضت اسبوعا مخيفا فى كينت لتجد شقة فارغة لان غاى كان بعيدا فى مكان ما فى يوركشاير . كان ايضا هناك لمدة اسبوع ، وفى الوقت الذى عاد فيه كانت تشعر بأنها ضعيفة ومهانة . نظر اليها نظرة واحدة ولاحظ شحوبها والحزن الكبير على وجهها فضمها بين ذراعيه .
ابتعدت عنه غاضبة ، وهكذا قام بأيذائها ببعض الكلمات الساخرة عن مظهرها البائس وانه سيرحل عنها لانه لايطيق رؤيتها . لم يعد فى تلك الليلة . وعندما رجع ، كان يبدو كمن ارتدى ثيابه على عجل وغادر توا الى منزله .
اصطدما ثانية بشجار جديد ... وانتهى بأنه وضعها فى السيارة وقادها الى اوكلاند . حيث تركها ... لتقرر ، ايهما اكثر اهمية لها :- زواجها ام عملها .
لقد كانت تلك المرة الاولى التى يتحداها لكثرة الوقت الذى تمضيه فى عملها . وعلمت تماما ما الذى يريده :- انه ينذرها . يريد اخلاص كامل له او لاشئ. ولمدة اسبوع كامل كانت تفكر بمرارة لتصل الى قرار كى تختار . متمنية لو تستطيع ان تتخلى عنه وتتركه لكنها تعلم انها لاتستطيع . فهى تحبه كثيرا .
بعدها حدث شئ ما جعلها تتخذ قرارها .وفجأة اصبحت بشوق كبير وفرح اكبر ، مسرعة بالعودة الى لندن لرؤية غاى .
وصلت الى الشقة فى وقت العشاء، لكن غاى لم يكن هناك والسيدة دوكينز ، مدبرة المنزل ، قالت انها بالكاد رأته منذ ان غادرت مارنى المنزل . ابعدت الاحساس بالانذار الذى مرت به سابقا ، جلست واخذت تتصل بكل من تعرفه لتجده . اتصلت بأخيها كفكرة خطرت على بالها . كان غاى قد اسس لجامى كاراج صغير خارج لندن ، وهى تعلم انه يحب ان يتصل ليرى ان كان يشعر بالفضول نحو اية سيارة يعمل عليها جامى .
قال لها مقترحا :- هل اتصلت بمنزل ديريك فولر ؟ هناك حفلة كبيرة الليلة ، هذا ما سمعته . ربما يكون غاى هناك . عليك الاهتمام اكثر بزوجك، مارنى . غاى هو اكثر من مهم لتدعيه يتجول فى لندن بمفرده كما يفعل . فالنساء لاتبتعد عنه .
منتدى ليلاس
لكنهن سيتعلمن ان يفعلن ذلك ، هذا ما فكرت به وهى تسير نحو الحفلة . من الان وصاعدا ، جميعهن سيعلمن ان غاى فرابوزا سيصبح رجلا جديا وسيعامل بمنتهى الجدية والاحترام .
وصلت الى منزل ديريك فولر لتجد ان الحفلة على اشدها . كانت هى وديريك قد اصبحا عدويين باردين بعد ان صفعته فى احددى الامسيات ، لذلك عودتها الى منزله يتطلب منها شجاعة قصوى . لكنها كانت يائسة لرؤية غاى وهذا كل ما كان يشغلها وهى تسير عبر الحشد الكبير من الناس وهى تبحث عنه، وهى تفكر فقط بفكرة واحدة لما تبحث عنه .
لقد استغرق الامر عشر دقائق لتعرف اين هو .
وجدت ديريك فولر اولا ، يتسامر بهدوء مع عارضة ازياء ترتدى ثوبا حريريا احمر اللون .
سألته ببرودة:- هل غاى هنا؟
استدار نحوها ببرودة والابتسامة الكسولة تحولت الى ابتهاج حقيقى وهو يقول :- حسنا حسنا، ألست انت العروس الطفلة نفسها .
كررت ببرودة رافضة ان تتوتر من كلامه :- هل هو هنا ؟
كان غاى يكره ان يلقبوها اصدقائه هكذا. كان يشعر بالحساسية من فرق العمر بينهما بدون تلك الملاحظات السمجة التى يرموه بها .
قال لها ببساطة :- اعتقد ، انه فى الطابق العلوى الباب الثانى على اليمين ... شئ ما لفت انتباهه، مرسلا نظره عبر الدرج ، والذى كان مكتظا بالناس.وعندما نظر ثانية الى مارنى كان هناك لمعان واضح فى عينيه الصغيرتين .
قال مقترحا بصوت ناعم :- لما لا تصعدين اليه؟ من يعرف ، مارنى ، قد تجدين هناك مفاجأة كبيرة .
لم تفهم ما يعنى ... ولم تحاول ان تفعل ... ابتعدت وهى تحاول جاهدة ان تسير عبر الحشد باتجاه المدخل ومن هناك الى الدرج، تنهدت براحة عندما ابتعدت عن الضجة وتزاحم الناس فى الطابق الارضى .
كان الظلام يعم الغرفة التى اشار اليها ديريك . دخلتها وبحثت عن الضوء وهى تقول بنعومة :- غاى ؟ غاى، هل انت هنا ؟
انارت الضوء فى ذات اللحظة التى سمعت فيه اسمها . وقفت مارنى متجمدة من الرعب مما شاهدته كان غاى يجلس وبجانبه انيتا .

نهاية الفصل الخامس

" ضائعه في الحب " للكاتبة مشيل ريد "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن