استيقظت مارنى فى صباح اليوم التالى لتجد نفسها بمفردها . ونظرة واحدة الى الوسادة بجانبها اعلمتها ان غاى لم ينم هناك.
لكنه كان بقربها ، تذكرت ذلك بغموض. بعناية وبحزم اجبرها على قول كل شئ حتى علم مدى عذابها وحزنها طوال تلك السنوات.
هكذا، انه يعرف الان كل شئ . لقد اخبرته ، تتعذب وتشعر بالمرارة بينما كان يستدرجها لمعرفة كل شئ.
وان كانت قد اخفت ذلك فى داخلها بسبب انها لم تجد طريقه اخرى لتتعامل مع الالم ، وبعد فتح ذلك الموضوع ثانية تضاعف ذلك الالم، وضاعف الغضب والاحساس بالذنب مما رأته من انانيتها التى لاتغتفر بهروبها الذى قامت به، من غير ان تفكر بالروح المسكينة التى كانت تنمو بداخلها.
ولكى تكون منصفة مع غاى ، عندما قالت كل شئ امسك بها بقوة ، رافضا ان يدعها تبتعد عنه حتى عندما حاربته كهرة شرسة وبقوة كبيرة لتصبح حرة .
اه، لقد امسكها بقوة ، ليعطيها قوته وليؤمن لها الراحة كى تتخلص من عذابها . لكنه لم يتركها حتى علم كل شئ حتى اخر التفاصيل.
قال بلهجة غاضبة عندما احس بأن تنهيداتها وبكائها سيمزقانها:- كان عليك اخبارى بكل هذا منذ زمن طويل ، انظرى كم سبب لك هذا من الالم لانك اخفيته كل تلك السنوات . انظرى ماذا فعلت بنفسك الان.
قالت بعد ان تمكنت من السيطرة قليلا على نفسها:- كيف عرفت بالامر؟
كانت تتساءل كيف تمكن من ذلك . فهى لم تخبر احدا عن فقدانها للجنين. لااحد ولاكلارا عندما مرت بظروف مماثلة.
قال بحزن :- لنقل فقط، اننى عرفت... ومن الان وصاعدا كل شئ سيكون فى العلن ، يا مارنى ، يجب ان يكون ذلك . لقد عانينا كفاية من ذلك ... بل اكثر من كفاية .
لسبب ما ، الحزن الواضح فى صوته جعلهاتبكى ثانية فضمها اليه حيث نامت بين ذراعيه... فقط لتستيقظ وتجده قد رحل .
ولم تتجرأ فى التفكير بمعنى تصرفه هذا.
بعدها سمعت اين هو... من الهدير المميز لمحرك قوى على بعد مسافة .
قفزت من السرير واقتربت من النافذة لتراه، فهى تعلم ان هذا الصوت يؤكد ان غاى فى الحلبة يجهز احدى سياراته لينطلق .
لاحظت ، انه لابد انها امطرت فى الليل . فالهواء منعش ورطب ، والمروج امامها تشع تحت اشعة الشمس الضعيفة . بامكانها ان ترى الجدول كيف تتسارع مياهه الى البحيرة. ومن جهة الغرب ، فوق الوادى ، مباشرة ترى المزيد من الغيوم السوداء تتجمع بكثافة ، واعدة بهطول المزيد من الامطار قريبا .
لكن الشمس لاتزال تسطع على اوكلاند ، ويبدو ان ورود روبرتو سعيدة لترفع رؤوسها وتفتح وريقاتها باشراق واضح ، لذا ربما العاصفة لم تمر من هنا.
بعدها سمعت ، تغيرا بصوت محرك السيارة ، تبعه هدير قوى وهذا يعنى ان غاى انطلق بسيارته وهو يسير مسرعا على الحلبة .
لقد اعتادت على الوقوف هنا تنتظره ليمر بسرعة البرق باحدى سياراته المعدة من موضع التبديل ، وكل تغيير بسيط فى المحرك يشير على تبدل سرعة المحرك.
كان فى اقصى سرعته عندما دخل حلبة السباق، وليزيد منها بعد قليل على الطريق الرئيسية بدوى جعل قلبها يتسارع معه.
فى ثانية او اكثر سيصل الى اول منحنى مما جعل الحلبة تتخذ شكلا خطرا كحرف( S) سمعت الصوت المميز لتغير المحرك ، بعدها الهدير القوى الذى يشير الى انه يتجه بسرعة نحو الجسر الذى يأخذه فوق الجدول ليدور حول البحيرة وبعدها يعود مباشرة امام المنزل ، وهكذا تتمكن من رؤيته.توقفت عن التنفس بحذر ، واتسعت عيناها بمزيج من الخوف والاثارة . لانه عندما يصل الى الطريق امامها سترى اية سيارة قرر استعمالها وهو يقود بهذه السرعة القصوى.
لكن ما ان رأت وميض اللونين الابيض والازرق عندما اصبح امامها حتى ادركت انه لايقود احدى سيارته الججميلة والمميزة ، بل يقود سيارة سباق فرابوزا.
تلك السيارة التى قام بصيانتها وتجديدها لانه ربح بقيادتها كأس العالم فى السباق، لكنه عمل على تطويرها لتصبح من افضل سيارات السباق . قرر غاى ان يضمها الى مجموعته كرمز لنجاحه الدائم.
وهى السيارة التى تكرهها بشدة ، بسبب محركها المخيف، وبسبب شكلها الركيك والمهلل، وبسبب عدم احترامها لاى شئ انسانى. ولان غاى لايقود هذه السيارة المخيفة الا عندما يكون فى اسوء مزاجه.
لكن السبب الذى جعل قلبها يخفق بقوة فى صدرها وهى تراقبه يطير من امامها هو انه يقود تلك السيارة بهذا الشكل بسبب ما اخبرته به ليلة البارحة .
كانت متأكدة من ذلك ، كما هى الان متأكدة بيأس وحزن انه القى اللوم كاملا على نفسه بسبب فقدانهما لطفلهما.
اخذت تصغى وهى مغمضة العينان ، وتشد بقوة باسنانها على شفتيها وهى ترهف سمعها فى كل لحظة لتميز الاشارات التى كان يصدرها المحرك. او ، ربما اى سوء بالتوقيت بالنسبة لغاى .لايمكنك ان تمضى اثنى عشر شهرا بجانب رجل مثل غاى من دون ان تتعلمى بسرعة الاصوات التى تعنيه.
كان يجب ان يغير قوة المحرك الان ! وهذا ما فعله شعرت مارنى بالامتنان . فالتوقيت كان حاسما . لانه ، بعد المسافة المستقيمة امام المنزل ، عليه ان يتغلب على عقبة مكان اخذ الكثير من اهتمام المهندسين كى يعيد الطريق الى الجدول ثانية ، عبر اختيار عدة حواجز خطرة ومن هناك الى الطريق الرئيسى حيث امكنة التبديلتبعت الصوت خلال كل مرحلة طوال طريق، وهى تعرف خلال المتر الواحد اين يجب ان تكون السيارة الان.
فى الوقت الذى يصل فيه الى مكان التبديل عندها يكون فى اقصى سرعته ، ودواليب السيارة حارة وجاهزة للاستجابة لاى امر منه . لابد انها الدورة الثانية او الثالثة قبل ان يصبح فى حالة من الطيران . وعندها يخرج الفريق كله وهم يراقبون التوقيت ويحسبون سرعته، وكأنهم حقا فى سباق حقيقى.
ابتعدت عن النافذة وهى ترتجف ، واسرعت الى غرفة الملابس لترتدى جينز وقميصا قطنية من دون ان تهتم بارتداء حذائها ، مصممة على العودة الى النافذة قبل ان يمر من امامها ثانية.
وقد فعل ذلك على الفور ، فازدادت سرعة تنفسها اغمضت عينيها وهى تأمل بأن يمر امام الحاجز الاول بسلام.
وهذا ما فعله, فحبست انفاسها ، لقد وصل الى العقبة الان ومن خلال..ز اعتراض الاطارات عندما لمس احدى الحواجز الحجرية بطريقة خاطئة.
صرخت بصمت ، لاتفعل ذلك ثانية ! بينما كان يتخطى سلسلة الحواجز . بعدها سمعت هديرا عاديا عندما مر بالقرب من امكنة التبديل . انتظرت حتى يصل الى المنحنى بشكل S ، وهى تشعر بالكره لحاجته ان يمتحن نفسه بهذه الطريقة ، وتكره اكثر السبب لقيامه بذلك.
راقبته مارنى وهو يمر امامها للمرة الثالثة ، علمت وقلبها يغوص فى اعماقها انه يقود سيارته بجنون كبير ، فهى لم تره مرة يقود بهذه السرعة ! كادت ان تسقط على الارض براحة عندما قطع بأمان الحاجز الاول . بعدها وصل الى العقبة ... وكأنها معه فى كل لحظة ، كيف يمكن ان يكون بهذه الدقة فى اى مكان يكونه فى كل لحظة .
وصل الى الطريق المستقيمة ثانية ، فازداد من سرعة سيارته ، وكأن صوت المحرك بدأ يملأ الوادى باسره. بعدها وصل الى المنحنى...
انتظرت وهى تحبس انفاسها لتسمع صرير المحرك وهو يقاوم الاختناق بقوة ... وعندها سيغير قوته ، لكن سرعة ازدياد المحرك لم تصدر على الفور . عوضا عن ذلك سمعت صريرا قويا للمكابح ولانفجار الاطارات ، كل ذلك تم بسرعة ولم تسمع بعده شيئا.
صمت بالكامل . لمدة خمس ثوان لم يتحرك بمارنى اى عضل . فصدى انفجار الاطارات سيطر على كل حواسها ، بينما استعملت تلك الثوانى لتفكر بالذى حدث.
بعدها اخذت ترقض ، عارية القدمين ، من غرفة نومها عبر الممر والدرج ، شعرها يتطاير كشلال ورائها وجهها شاحب كالاموات ، ركضت عبر القاعة ، مرت بروبرتو من غير ان تتوقف ، مع ان جزء من سلامة عقلها اعلمها انه لابد سمع الاصطدام وفهم خطورة ما قد حصل . لكنها كانت مندفعة جدا بخوفها كى تتوقف . اسرعت بالخروج من الباب ومن وراء المنزل مندفعة عبر المروج، حيث انزلقت على العشب الرطب وهى تركض ، فهى تعلم بالتحديد الى اين تتجه ، تماما الى النقطة حيث غاى صدك سيارته.
رأت سحابة من الدخان الاسود الكثيف تتجمع فى السماء ما ان وصلت الى الحاجز الذى يفصل الحلبة عن المنزل ، فتوقفت قليلا ، لتفكر برعب وهى ترتجف قبل ان تعاود الركض ثانية ، دافعة بنفسها عبر الحاجز من غير ان تهتم للخدوش والجروح التى تصيب وجهها ويديها . وغير مهتمة بأى شئ الا بفكرة واحدة كانت تدور وتدور فى رأسها.
لقد مات غاى ، وهى لم تقل له انها تحبه.
رأت سيارة الاسعاف تمر عبر الحلبة . والشاحنة الحمراء متوقفة هناك، وابوابها مفتوحة . السيارة الزرقاء والبيضاء هناك والنار تشتعل فيها بينما الرجال يحاولون السيطرة على السنه النار بواسطة الات لاخماد النار فى ايديهم ترسل بخارا ابيض قويا يملأ الجو حولهم.
سيطر الخوف عليها ، فتعثرت ووقعت على الارض،صراخها الملئ بالرعب ملأ الهواء من حولها . ثم جاهدت لتنهض ثانية ، دافعة شعرها بعيدا عن وجهها ، خائفة حتى الموت من التقدم اكثر مع انها مدفوعة برغبة قوية كى ترى وتشاهد بنفسها اسوء ما قد يحصل لها.
ما ان اقتربت من سيارة الاسعاف حتى رأته . كان يقف بجانب احدى الابواب المفتوحة ، ويده اليسرى تمسك بكتفه مركزا اهتمامه على ما تبقى من سيارته.
لسبب ما، مجرد رؤيته واقفا هناك ، بكل قواه ، مرتديا بدلته المقاومة للحريق، ويضع خوذة على راسه كى تحميه ، جعل مارنى تفقد اى احساس بالواقع ، وبغضب لايقاوم ركضت اليه.
صرخت:- ايها المجنون ، رجل غبى! قوة صوتها جعلته يدير رأسه بسرعة ليراها تركض بغضب نحوه.
مد يد بطريقة مطمئنة :- مارنى ... لابأس ، اننى لست ...
لكنها لم تكن تسمع شيئا مما قاله . كان االغضب يسيطر عليها. وبصرخة كصوت صراخ حيوان جريح رمت بنفسها عليه، تضربه بقبضتيها، والدموع تنهمر من عينيها اللتين بالكاد ترى بهما بسبب الصدمة والغضب.
حاول غاى ان يتجنب غضبها بالامساك بقبضتيها، لكنها كانت سريعة جدا. وهو لايزال يشعر بالدوار من الصدمة . وعندما ضربته على كتفه الايمن اجفل من الالم وتراجع الى الوراء بصورة لاشعورية .
بعدها امسك بها احد ما من الوراء . وبصوت لاتعرفه حاول ان يهدأ من ثورة غضبها . قال باحترام :- سيدة فرابوزا ! السيد مجروح ، لايمكنك ...
قال غاى :- دعها. كانت مارنى تنتحب فى تلك اللحظة :- دعها ،طوم.
- لكنها ...
- دعها.
تركها الرجل ورجع الى الوراء ، لكنه بقى جاهزا ، على الرغم من اوامر سيده ، ان يمسك بها ان قامت بهجوم جديد على غاى .
لكنها كانت قد ضربت نفسها ، وتبدل الغضب القوى الى احساس عميق باليأس جعلها تجثو على ركبتيها على الارض الرطبة امامهما.كانت تبدو حزينة ، ازيال بنطالها على الارض ، قدماها عاريتان ومليئان بالوحل ، شعرها فى فوضى كامله حول وجهها وكتفيها، ويداها ترتجفان بقوة لدرجة انها اضطرت لامساكهما معا فى حضنها لتستطيع تهدئه نفسها.
تمتم غاى بشئ ما ، وهو يحاول ان ينزع الخوذة عن راسه.
قال بغضب :- تبا ، طوم. افعل ذلك عنى، من فضلك؟
وقف فاقدا للصبر بينما كان طوم يحاول نزع العقدة ، كان الرجلان اكثر اهتماما بحالة مارنى من حالة السيارة وجروح غاى الان.
تمتم طوم:- تعرضت لصدمة ، لابد انها اعتقدت ...
قاطعه غاى بحزن:- اعرف تماما بما فكرت به.
تمكن طوم من نزع الخوذة ، وكذلك غطاء ابيض ضد الحريق دائما يرتديه غاى تحتها.
قال لطوم:- عد الى السيارة . واعطاه ما يحمله بقوة. ثم سقط على ركبتيه امام مارنى ، ليحميها من نظرات الشفقة التى كانت تحيط بها من كل الفريق ، لكنه لم يحاول ان يلمسها وهو يحاول ان يهدأ من حزنها وغضبها.
بعد فترة تنهد بقوة وهو ينظر الى ما تبقى من سيارته المحروقة . سقطت نقطة من المطر على خده ، وحتى عندما حاول ان يمسحها بدأ المطر ينهمر بغزارة ليبللهم فى ثوان .
قال لفريقه:- اذا اخمدت النار ، عودوا الى المنزل واعلموا ابى اننى بخير .
أسرع الجميع بالذهاب ، سعداء بالتخلص من تساقط المطر لكن يملأهم الفضول لماذا غاى بقى جاثيا هناك بالقرب من زوجته، وهو لايفعل شيئا . لايحاول ان يخفف عنها او يحمى نفسه ويحميها من المطر الغزير . ابتعد الجميع فى الشاحنة الحمراء . راقبهم غاى يرحلون، وعيناه غامضتان وحزينتان.بعدها اعاد اهتمامه لمارنى ، لم يحاول ان يلمسها لكنه بدأ يتكلم ، بهدوء وببساطة ومع قليل من العاطفة بصوته ، بينما هى بقيت صامته وجالسة على الارض امامه ، تحس بخفقات سريعة وكأن قلبها المضطرب فى حلقها.
قال :- هل تعلمين ، المرة الاولى التى رأيتك فيها هنا، هنا فى الباحة خلف المنزل ، قلت لنفسى ، هذه هى . الفتاة التى كنت انتظرها لسنين عدة ! اردت ان اركض اليك واضمك وان لا ادعك ترحلين ابدا . لكن مع اننى كنت اقف هناك وافكر بك هكذا كنت ارى ايضا انك اكثر الناس براءة ، وعلمت ايضا انه من الخطأ ان اتبع احساسى القوى ، لاننى كنت كبيرا جدا بالنسبة لك... اه ، ليس فقط فى العمر ، بل ايضا فى التجربة ، فى الحياة . لقد قمت بالكثير ، ورأيت الكثير ، لا ادرى ، كيف تجرأت وفكرت بأن افسدك بكل هذا. وانت تملكين حماية لنفسك طبيعية ، ايضا . احساس قوى حذرك بأن لادور لك مع شخص سئ عجوز مثلى . لقد رفضتنى ، مارنى ، منذ اللحظة التى التقت فيها عيوننا .
انكرت قائلة :- انا لم ارفضك.
مع انها كانت منحنية الرأس ، لكنها علمت انه ابتسم ، قبل ان يتابع باصرار :- لقد فعلت ، مارنى ، رفضت كل ما يتعلق بى . ما يسمى باصدقائى، كبريائى. حتى سمعتى المشهورة ... وكل اساليبى المعتادة فى التودد! الامل الوحيد الذى كان لدى هو احساسك بى مع رفضك هذا، ولذلك اقنعتك بالزواج منى، وامضيت السنة التى عشناها معا، محاولا ان اقنع نفسى باننى كنت اريد الزواج من شابة بريئة، بينما كنت كل الوقت ، مارنى ... رفع يده بنعومة ليلمس خدها ويتابع :- الذى كنت ابحث عنه بقوة هو حبك.
تنهدت مارنى وقالت :-اه، غاى ، كيف يمكن لشخص ذكى هكذا ان يكون احمق؟
قال موافقا:- احمق كلمة مناسبة ، لقد علمت انك حامل ، يا مارنى ... وابعد نظره عنها، لينظر الى المنزل الشامخ على بعد من الحلبة ، ليتابع بغصة واضحة :- حتى قبل ان تذهبى للبحث عنى تلك الليلة ، كنت اعلم.
صرخت :- لايمكن ان تعلم، فأنا بنفسى لم اكن اعلم اننى حامل .
نظر اليها بحزن :- لكننى لم اعرف هذ ا. عدت الى المنزل بعد رحلة عمل لاجدك تقفين هناك وانت ضعيفة شاحبة ... وفجأة لمعت الفكرة برأسى... وعلمت انك حامل. هز كتفيه بيأس :- كان من المنطق ان افترض انك تعرفين ذلك ايضا . لكنك لم تقولى ولا كلمة عن الموضوع. وكنت تبدين تعيسة ، وكأن طفل بيننا هو اخر ما تريدينه فى هذا العالم ، فشعرت بالالم لدرجة اننى اردت ان اسبب لك الالم نفسه، لذلك قلت لك كلمات مزعجة واستدرت وخرجت ثانية.
قالت بألم :- ولم تعد فى تلك الليلة.
اعترف قائلا :- جلست فى سيارتى فى كاراج السيارات . ابتسم بحزن من نظرتها المتفاجئة وتابع:- جلست هناك طوال الليل افكر ، اشعر بالحزن لاننى قلت لك ذلك ، ومحاولا ان اخفف من المى لانك لم تتمكنى من اخبارى انه سيصبح لنا طفلا ! عدت الى الشقة فى صباح اليوم التالى ...
- كنت تبدو وكأنك نهضت للتو من سرير احد ما وعدت مباشرة الى المنزل.
هز راسه وملامح وجهه حزينة :- اعلم تماما كيف كنت ابدو فى نظرك ، وهكذا بدأنا الشجار ثانية ، وفى النهاية ، ومن جراء الاحباط القوى من امر اهم من اى شئ اخر . لانك كنت تفكرين فى ابتعادك عنى وفى الانفصال نهائيا احضرتك الى هنا . وقلت لك بوحشية ان تختارى بينى وبين عملك المهم لك . ابتسمت ولوحت لك بكبرياء وعدت ادراجى . عدت الى لندن لاتوه بكل ما يفقدنى عقلى .
- وانت لم تتوقع منى ان اذهب وراءك الى لندن عندما ادركت اننى حامل ، راغبة فى ان اشاطرك الاخبار السعيدة .
رفع عينيه المتألمتين اليها وقال:- وعوضا عن ذلك وجدتنى مع امرأة اخرى . فى تلك الليلة ادركت كم تحبيننى، وكم كنت احمق لافقدك.
سألته غاضبة :- لكن غاى ، اذا لم تكن تعلم من قبل اننى احبك ، اذا كيف ...؟قال :- لقد كنت مدمرة مارنى ، لقد دمرتك فى تلك الليلة عندما وجدتنى مع انيتا ، ولم يكن مهما ان كنت بريئا ام لا . الحقيقة الوحيدة فى هذه المسأله اننى كنت احاول ان اخفى حبى لك حتى اننى لم الاحظ انك تحبيننى ايضا ! وعندما هاجمتنى بعنف عندما وصلت الى المنزل فى تلك الليلة لم تفعلى ذلك بغضب بل بألم وبمرارة لشخص رأى كل احلامه واماله تنهار تحت قدميه . فقط القلب ينزف هكذا ، مارنى ، اعلم ذلك لان قلبى كان ينزف تماما معك.
همست بحزن :- اه، غاى ، بالطبع الامر مهم! هناك فرق شاسع بالامر بين ان يكون زوجك مع امرأة اخرى لانه يريد ذلك وبين ان تراه كذلك لان اصدقاءه فكروا انها طريقة جيدة ليسخروا من زوجته الشابة وهو فاقد لوعيه ليفعل شيئا حيال ذلك.
قال متحديا كلامها المنطقى :- لكن كيف استطيع ان اشرح لك الامر؟ كيف يستطيع رجل لم يترك فرصة الا وتكلم عن مغامراته امام زوجته ان يفسر لها هذا الوضع الزائف ؟ كيف يمكنك ان لاتصدقى ما رأيته بعينيك؟ لم يكن لدى ارض صلبة اقف عليها ، مارنى... تنهد قبل ان يتابع :- وعلمت ، وانا ارقب حبك ينقلب الى كره امام عينى ، اننى استحق كل شئ ستفعلينه لى، مع ان يا مارنى ، تلك الستة اشهر التى اختفيت فيها عن الانظار ستبقى اسوء فترة فى حياتى كلها .
تابع بخشونة :- بعدها عدت ، وفى اللحظة التى رأيت فيها جسمك النحيل وتلك التعابير المخيفة من فقدان الاحساس بالحياة فى عينيك علمت انك فقدت الطفل . واننى انا السبب. وعرفت ايضا ان لاسبيل للغفران لى.
قالت تستفهم:- اذا طوال تلك الفترة ، عندما كنت تتحدث عن العقاب ، كنت تقصد انك تضع اللوم على نفسك لاننى فقدت طفلنا ، وليس انيتا وما اعتقدت به .
هز رأسه بحزن وقال:- لو اننى احببتك بشكل افضل مارنى عندها...
قالت بحزم :- لقد سقطت غاى لايمكننا ان نضع اللوم على احد ، لاعليك ولا على ، لقد وقعت ، اخبرتك ليلة الامس ، لقد تعثرت وسقطت عن عدة درجات . ماحصل هو حادث مأساوى لادخل لاحد به.
قال مصرا:- انها غلطتى ، لست انسانة عديمة المسؤولية ، مارنى ، لو اعتنيت بك اكثر ، احببتك بطريقة واضحة بحيث لامجال لتشكى بتصرفى ، عندها لما هربت بعيدا عنى . ولما اصبحت قلقة جدا وحزينة مما جعلك تتعثرين.
قالت:- وهكذا ، لانك اردت ان تحمل مسؤلية كل ذلك بنفسك ، قررت ان افضل ما تقوم به هو ان تقفز فى تلك السيارة المخيفة وتقودها بسرعة حتى الموت.
-لا. اقترب منها ليضمها اليه، وانكر قائلا:- ابدا ، لانية لى مطلقا فى الابتعاد عنك ثانية ، تأكدى من ذلك. لكنك تعرفيننى جيدا مارنى . عندما اكون سئ المزاج اعمد للتخلص من ذلك بالقيادة . فوراء المقود اشعر وكأننى بارد كحبة الثلج ، واضح الرؤية وصافى الذهن . لقد انفجر الاطار، هذا كل ما حدث لذلك انحرفت عن الحلبة . لاعلاقة لذلك بقيادتى السيئة او بسبب السرعة التى كنت اسير بها ، حتى ولو حاولت جاهدة للموت بحبك. تابع بسخرية :- انها نتيجة بسيطة لتمزق اطار ولاشئ اخر.
نظرت بشك الى السيارة المحطمة وقالت :- لكن كان بالامكان ان تقتل نفسك.
قال بكبريائه المعتاد :- مستحيل ، اننى سائق ماهر ـ فحتى بسرعه مئة وخمسين كلم فى الساعة يمكن السيطرة على هذه السيارات بثلاثة دواليب فقط. انها صممت لاجل الامان ولايهم كم تبدو شكلها ركيكا ومهلهلا.
قالت:- لقد اندلعت فيها النيران بلحظة ، ايضا. ولهذا ارتدى كل هذه الثياب المعقدة ، وهكذا يمكننى ان اخرج منها بدون اى اصابة.
يبدو انهما فى تلك اللحظة ادركا ان المطر يتساقط بغزارة عليهما على الارض التى يجلسان عليها، على راسيهما وثيابهما الموحلة وعلى وجهيهما.
قالت مارنى بصراحة :- تبدو مخيفا ، ولقد اذيت نفسك ... هنا. لمست باصبعها الرطب خده حيث كان هناك جرح بدأ ينتفخ ويتورم.
- وانت مصابة بخدوش على كل ذراعيك ووجهك. اعاد غاى لمستها اللطيفة بوضع يده بنعومة على الخدوش الحمراء على خديها وقال:- كيف حدث لك هذا ؟
قالت له ، وعيناها الزرقاوان يلمعان بحزن :- اتيت لانقذك فاضطررت للاصطدام فى طريقتى بالحاجز الذى ضربنى بقوة ... من الافضل ان تقبلها ؟
نظر غاى بعمق الى عينيها اللتين تشعان بالحب ، بعدها قبل كل خدش بنعومة فائقة ، ثم قال وهو يبتعد :- هل تشعرين بالالم ايضا؟
- اعتقد ذلك ، وماذا عنك ؟ هل اصبت بالاذى فى اى مكان اخر غير الجرح تحت عينيك؟
قال :- اه، كل ما فى يؤلمنى ، على ما اعتقد
سألت بقوة :- تكلم بجدية .
رد ساخرا:- بجدية مطلقة ، لقد ضربت كتفى بقوة عندما انحرفت السيارة عن الحلبة ، بعدها تلقيت المزيد من ... الضربات الموجعة من امرأة متوحشة اتت الى من المجهول واخذت تضربنى بقوة.
قال وهى تتذكر كيف هجمت عليه :- اه، كنت غاضبة منك.
قال بصوت عميق :- لاحظت ذلك.
اجابت تدافع عن نفسها :- حسنا ، توقعت ان اراك ميتا ، على الاقل! ورأيتك تقف هناك مزهوا وبصحة جيدة !
سأل بأهتمام:- هل هذا امر اسوء من الموت؟
اجابت مارنى بينما اصبحت تعابير وجهها جدية فجأة :- نعم ، حياة بأكملها ان لم تعرف ابدا كم احبك غاى.
تمتم وهو يضمها اليه بقوة :- تعالى ، انت كل ما اردته فى حياتى كلها منذ اللحظة التى رأتك فيها عيناى ، مارنى.
همست :- اذا لنعد الى المنزل غاى ، اريدك بقربى بعد كل ذلك الاحساس بالوحدة الذى احسست به عندما استيقظت صباحا.
اسرعا معا تحت المطر باتجاه المنزل
قالت مارنى بعد مرور دقائق على وصولهما الى غرفتهما :- يمكننى ان ارسمك هكذا ، وانت مبلل وجذاب للغاية .
قال غاى بجدية ليس اليوم ، لايمكنك ذلك . اليوم اريد ان اشعر بالسعادة بقربك.
قالت بنعومة وهى تطبع قبلة ناعمة على وجهه :- كن سعيدا غاى
قال :- سأكون ، طالما لاتتركينى ثانية .
اجابته واعدة :-ابدا ، انت مرتبط بى مدى الحياة ، غاى .💛
تـــــــــــــــــــــــــــــ مــــــــــــــــــــــــــــت
أنت تقرأ
" ضائعه في الحب " للكاتبة مشيل ريد "مكتملة"
Romanceعندما قبلت مارنى عرض الزواج من غاي فرابوزا ، لم يتبادلا ايه كلمة عن الحب . والغريب ، مع ان زواجهما فشل ، رفض غاى ان تبتعد مارنى تماما. والان ، بعد مرور اربع سنوات ، علمت لماذا . عندما فجأة وبحالة يائسة طلبت مساعدة غاى ، حدد ما يريده بالمقابل ، تجديد...