الفصل الخامس و الاخير

176 13 2
                                    

فتحتُ عينيَّ وأنا في غرفة بيضاء مُمدة على سرير وليلى تمسك بيدي..
- ليان انتِ بخير! بماذا تشعرين؟
- أنا أين؟
- في المستشفى.
- لماذا؟ يجب ان ابحث عن مراد...
حاولتُ القيام ولكنني لم آستطع، كان خطٌ غليظٌ من الألم مرَّ خلال رأسي ومن عيني جعلني أسقط.

- ليان رجاءاً لا يمكنكِ الخروج من هنا حالتك ليست بخير، ولكن اخبريني مَنْ مراد؟
- ليلى لماذا لا تعرفينه؟
سألتُها والدموع تسقطُ من عيني أتوسل لأعرف إجابة.

- ليان أخبريني انتِ من هو رُبما أتذكر.

- رأيتهُ في حفلة كمال كان يغني على المسرح ثم جاء إلينا وقُلتِ إنهُ مديركِ.

- لكننا لم نذهب إلى تلك الحفلة ليان، طلبتُ منكِ ذلك و لكن كُنتِ مريضة ذلك اليوم وحرارتكِ مرتفعة.

اغمضتُ عيني، رأيتهُ... كان يبدو حقيقي جداً.
بعد قليل، جاء الطبيب وعلى وجهه ملامح الحُزن والتردد، كان لديَّ ورم في الفص الجبهي من الدماغ وعليَّ ان أُجري بعض الفحوصات واخضع لعملية جراحية لإزالة الورم.

ولكنّي بقيتُ اردد بإسمه، كنتُ اشتاق لهُ، لصوته وملامحه، تمنيتُ لو كان معي، حين ارى وجهه كان يمكن ان يبرد قلبي، ان تخفُ حرارة جسدي، تمنيتُ ان يمسح بيده على رأسي ليزول هذا الالم الذي ينهشُ عقلي ويشوش ذكرياتي معه، نظرةٌ من عيناه كان يمكن ان تكفيني كمسكن لكل ألآمي.

قبل ان أدخلُ غرفة العمليات أمسكتْ ليلى يديَّ بقوة وعينيها مليئة بالدموع وكأنها تودّعني يائسة.
سألتُها:
- هل يوجد خبر عنه؟
- ليان اسمعيني... مراد غير حقيقي هذا الشخص من خيالكِ، بسبب الورم الذي في دماغك كان يضغطُ على الأعصاب البصرية والسمعية لديكِ و يؤثر على الإدراك
مما سبب لكِ الهلوسة، الان يجب أن تكوني قوية لوحدكِ.

كانت تلك اخر كلمات سَمعتُها قبل ان أدخل لتلك الغرفة.

و لكنِّي بكيت، بكيتُ كثيراً ليس خوفاً من الموت و إنما بسبب إدراكي إنني قد عشتُ وهماً ظننتهُ اكثر الأشياء حقيقة.
بعد رحيل أبي وأُمي عشتُ حياة خالية من الحياة، لم تُخيّط لي أُمي ثوباً جميلاً في العيد، لم يسهر على رأسي أحدٍ في ليالي مرضي، لم تُحضِّر لي أُمي عصير البرتقال وأنا ادرسُ، لم تُمسك يدي حين عبرتُ الشارع، لم يُهديني ابي لعبة في عيد ميلادي ولا حتى خاتماً حين كبرت، كنتُ أتمنى أن أرى أبي فخوراً بي في يوم تخرجي ولكن
لم أعش شعور السعادة كاملاً يوماً.

و في النهاية
أنا اليوم بعد سنتين، اتذكر تفاصيل كل شيء، كل شيء فيهِ كان من وحي خيالي، من عقلي الباطن ولكنني عشتهُ كحقيقة، كأنهُ عربون إعتذار من الحياة.

والان مرةً اشكرُ الله على شفائي، ومرةً أخرى اشكرهُ على مرضي لأنني بسببهُ قد عرفتُ طعم الحُب.

عالمي في عنقكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن