الفصل الرابع

178 4 1
                                    


كان كل شيء جميل، بل كان فوق الخيال!
كُنتُ امشي وأنا أبتسمُ، لا اعلم لماذا هذهِ الابتسامة دائمة على وجهي، كنتُ اشعر إن بداخلي حفلة صاخبة يرقصُ بها قلبي فرحاً، كشخصٍ يحتفلُ مع أعز أصدقائهِ، فاقدٍ لوعيه، ربما هذا تفسير مقولة إن في الحب تفقدُ الوعي والمنطق!
لا شيء يُحزنك أو يُأثر بك ولو كان أصعب ما يحصل، لأنكَ ترىٰ الأشياء بسيطة وقابلة للحل، لأن هناك من سيقف معك ويرىٰ الدنيا بعينيك، تودُّ أَن تقول لكل شخص أمامك "لا بأس أنتَ جميل والحياة جميلة"

حلَّ الصباح، استيقظتُ متأخرة ذاك اليوم، تفقّدتُ هاتفي لأرىٰ رسالتهِ الصباحية كما هو معتاد...
غريب! لم يكن هناك شيء.
مرّت ساعتان...
اتصلتُ بـليلى أسألها ولكنها لم تكن تعرف عن ماذا أتحدث! لا تعرف اي شيء!
أرتجف قلبِي، لم اهتم لـليلى.
بقيتُ انتظرهُ حتى المساء، الهاتف بيدي لم يُفارقني...
كلما مرّت الساعة كانت اثقل وأطول على قلبي، بقيتُ ليلاً اتقلّب لا اعرفُ أين ألوذ، الأفكار تنهشُ عقلي، الوسواسُ يطفحُ من عيني وأذني، كان ألمٌ شديد!
صباحاً ذهبتُ إلى منزلهِ، كان المنزل مغلق، طرقتُ الباب دون جدوى، صرختُ بإسمهُ فَلم يجبني أحد!
فزعتُ لـالبيت المجاور لهُ وأنا مُرتعبة، كان جواب العجوز الذي خرج لي هو إن هذا البيت لا يسكنُ فيه احد منذُ فترة طويلة!
ماذا يعني ذلك! كاد عقلي ينفجر، انخفضتْ حرارة جسدي، كُنت ارتجفُ من البرودة، صوت تصادم أسناني يرنُّ في أذني...
توجّهتُ إلى شركة ليلى، إقتحمتُ غرفة المدير بدون إذن
تاركة خلفي الموظفين والسكرتيرة التي كانت تصرخ لإيقافي...
كان رجلٌ يملأ الشيب رأسهُ يجلسُ على مكتبهِ وهو ينظر لي بدهشة!
جاءتْ ليلى تركضُ خلفي وعلى وجهها معالم الهلع والاستغراب، أخذتني خارج الغرفة بعد أن اعتذرتْ من ذاك الرجل.
- ليان ما بكِ؟ ماذا تفعلين في غرفة المدير! لماذا دخلتي هكذا؟
- أين هو؟! أين مراد؟
سألتُها وأنا اصرخ في وجهها.
- مَنْ مراد؟ مَنْ هذا الذي تبحثين عنهُ منذ الصباح؟!
- مراد مُديرك يا ليلى!
- ليان ذاك الرجل الذي في الداخل هو مُدير هذهِ الشركة منذ سنتين!
- ليلى ماذا تقولين! مراد الذي عرفّتِني عليهِ في حفلة كمال لماذا لا تذكريه!
- و لكننا لم نذهب إلى تلك الحفلة ليان!

مَلَأَ الظلام عيني رغم إنها لا تزال مفتوحة، لا أُصدّق ما تقوله ليلى، لا يستطيع عقلي تقبّلهُ، كيف يُمكن أن يختفي هكذا فجأة!

كنتُ أعرفُ إن الندى يتبخر، الأشياء تَضيع، الأماكن تتهدّم، المشاعر تتبدّل ولكن ما لم اعرفهُ كيف يكون الإنسان سراباً لهذا الحد!

أيقنتْ إن أصعب شعور يمرُّ على المرء هو أن تهجروهُ بدون سبب يعرفه .

هربتُ من ليلى الى سيارتي، عدتُ إلى منزلهِ، جلستُ أمام الباب انتظر عسى ان يعود!
صوته يمرُّ في أذني كل دقيقة، رائحتهِ، لمعة عيناه وحتى أنفاسهِ كلما مرّت بذاكرتي أبتسم وكأنه أمامي...

رحلَتْ الشمس، نعم حتى الشمس لم تنتظر معي!
جاءَ الليل بظلامهِ و خلوتهِ، كانت الشوارع فارغة وكأن لا احد يُصدّق إنني انتظرهُ...
كنتُ أشعر بـبرودة شديدة، لا اعلم هل الجو أم جسدي الذي انطفأ لهيبهُ وأصبح ثلجٌ هشٌ يرتجفُ...

لم يطول صمود ذاك الجسد الخاوي حتى سقطتُ أرضاً،
كنتُ لا أرى شيء، لا اسمع شيء فقط ذاك الصفير في أُذني...

عالمي في عنقكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن