2⇜ غَصَّة!

361 43 65
                                    

غُرفـــة مُقفلـــة
...
...
...

غَصّة!

تَسيرُ في الجَوفِ بعمق،.. مُحمّلةٌ بوجعِ الفؤاد،.. تعلقُ في الحَلق؛..
مُسبِّبَةً الاختناق؛ ليس الاختناقُ في الجَسد بل الاختناقُ في الروح..

روحي تؤلمني...

أنـا أختَنِق!
أرغبُ في الكلام ولكن لسانِي عاجزٌ عن النِطق؛ فهو قَد نَسي آلية إصدار الأحرفِ من الحُنجرة من فَرطِ السكوت؛

أنـا أختَنِق!
صمتٌ رهيب؛ يتخللني..
و كأني لعبةٌ صُنِعت بوَجهٍ مُبتَسم
وقلبٍ مُنكسر
أُجاري الحياة فقط بالاِسم
و أُجبرُ نفسي على التماشي مع الواقعِ بالغَصب..

أنـا أختَنِق!
أريدُ التعبير عمّا يراودني، عن الشعور المُختلفِ الذي يخالجني؛ أريد مَن يسمَعني دونَ أن يسخَر منّي، دونَ أن يُشعِرُني بأنّ ما أتفوّه به مُجرّد تفاهاتٍ أصابت عقلي..

أنـا أختَنِق!
أرغبُ بإخبارهم عمّا يصيب عينَيَّ كلَّ يومٍ من وخزٍ مؤلم يسببُ الاحمرار في بياضها؛ والذي أحاولُ إخفاءَ ماؤها الذي تَجمَّع أسفل جفنيها؛ بإغلاقهما والهروب إلى إحدى الزوايا؛ مُدّعية أني ذاهبة لصنعِ شيء ما أحتسيه؛ أو أي شيء آخر قد يطولُ الزَمَنَ فيه..

أنـا أختَنِق!
أريدُ البوح؛ أحاولُ الشرح؛ ألَوِّحُ بيدي بوهم؛ أُحطّم الأشياء؛
لا بل هي تتحطّمُ ما إن ألمَسها؛ هل يا ترى سَيلاحظونَ تَغيُّري المُفاجئ؛ أم أني أُقنعُ عقلي بذلك؛
لا أرى أحداً قد لمَحَ حتى أني أناظرهم من بعيد .... إنهم مَشغولون، باللاشيء!!

أنـا أختَنِق!
أجبرُ جسدي على التحرُّكِ بصعوبةٍ؛ والخروجِ من نطاقِ وجودهم؛ قاصدَةً غرفتي المُظلمة؛
أطرافي مُنهكة؛
على الرغمِ من أنها لم تبذل مجهوداً طوال اليوم؛... هي فقط..
مُتعبَة..
و مُرهقة..
و كأنها كانت تعملُ بمقلعِ حجارةٍ طوال سنوات...

أنـا أختَنِق!
تنفُّسي أصبحَ أبطء؛ لم يَعد الهواءَ الذي يحيطُ بي يكفيني؛ أسارعُ إلى فتح النافذة المُتربِّعة على الحائطِ؛ هي مُقفلةٌ مُنذُ أن كانت هذه الغرفةَ مَسكني، والتي عانَدتني و لم تتحركَ معي إلا بصعوبة بالغة؛ لحسنِ الحظ أن الساعة منتصف الليل و زوَّار غرفتي نوادر... بل الأحرى.. لا يقصدُها زائر.

أنـا أختَنِق!
أحاولُ أخذَ شهيقاً يتبعهُ زفيراً ثقيلاً؛ علّي أساعد رئتيَّ على العملِ بشكلٍ صحيح؛ ولكن عَبَث!.. لا فائدة مِن ذلك!..

أنـا أختَنِق!
أشعر بانقباضٍ في قلبي؛ كفّي تقبضُ عليه و تعتصرُ مكانه؛ لتُخفِّف ذلكَ الألم؛ و لكنّ جُفوني تتجعد فوقَ عيناي أكثر؛ وجسدي بدأ بالتكور؛ لأجثو على ركبتاي بوهنٍ شديد..

أنـا أختَنِق!
أضمّ ذراعاي إلى صدري بقوة؛ أنا مُنهارة؛ جسدي يغلي و يَحتَرِق..
أنـا أختَنِق!!

هناك عرقٌ باردٌ كالجليدُ يَزحفُ على جميع أنحاء جسدي وصولاً إلى خافقي الذي أشعُرُ بتَقلُّصهِ شيئاً فشيئاً؛ ما إن يحطّ عليه حتى يعودَ ذلك الانقباض أقوى من السابق؛
لأكتم شهقتي بعضِّ شفتي بقوة.. أمنَعُ نفسي مِن الأنين!

أنـا أختَنِق!
أشعر أن هناك شيئاً غريب؛ ضغطُ الهواءِ اختلفَ؛ أصبحَ أثقلُ مما سبق، و كأني في دوامةٍ لا خلاص منها؛ هل حان أجَلي!؛.. هل هذه هي ساعة الموتِ التي واتَتني!؛...
أتمنى هذا؛

أنـا أختَنِق!
ولكن.... لمَ توقّف الألمُ فجأة!؛... فتحتُ عيناي أتلفَّت حولي؛ غريبٌ أمري؛ أرى النهار في منتصفِ الليل؛ مقلتاي لم تُعد تلسعني؛ اِختفى الوخز تماماً؛..
هذا جيّد.

حرارتي انخفضَت بنفسها!؛.. هذا أفضل؛ لن أضطرّ لحمّامٍ مثلجٍ لخفضها كالعادة؛ ولكن يداي أشعر بها كالصقيع؛ لقد انخفضَت درجةَ حرارتي بشكلٍ مُبالغٍ به...

نهضتُ فجأة؛ أحرّك أطرافي بخفَّة؛ إنها لم تَعد تُؤلم؛ زالَ التعبُ نهائياً!؛.. كم هذا رائع!؛ تحسَّستُ عنقي؛ أشعرُ به فارغاً؛ لم تعد هناك غصّة به تعيقُ تنفُّسي..
ولكن!! .... لِمَ هناك نوراً ساطعاً شديدَ البياضِ يخرجُ مني! متى كنتُ بهذا الإشراق!...

استدرتُ بسرعة عندما سمِعتُ طفلاً صغيراً يضحكُ و هو يركض تجاهي؛
أنا أعرفه ولكن لِمَ نسيتُ اسمه أو من يكون؟!.. أراهُ يُسرعُ نحوي؛ سيرتطم بي على هذا المُعدّل وقد يؤذي نفسه؛ ما إن حاولتُ تجنُّبهُ حتى اخترقني بسهولةٍ وتابعَ ركضه!؛...
تجمَّدتُ مكاني.... ما الذي حدثَ للتو؟!!

توجّهَت أنظاري للوراء ولكنَ الطفل حملَ كُرتهُ المُختبئةَ تحت السرير و عادَ إلى اختراقي مرة أخرى! و ابتَعد..

أشعرُ بخفّةٍ في قلبي؛ هل هذا هو شعور السعادة؛ أنا لم أعيشه منذُ زمنٍ بعيد لذلك ما زلتُ أشكُّ بِماهيته؛ ولكنه مُريح؛
مريحٌ جداً..

تأمَّلتُ السكونَ بعدها؛ أرسلتُ نظراتي إلى الفراغ؛ ثُمّ إلى يدايَ التي بدأت تختفي تدريجياً؛.... ثم إلى الأعلى... أسدَلتُ ستائر جفوني بسلام..

و تَلاشَيت



....
....

'غُرفَة مُقفَلة'
Author : кιм נυℓια נℓ
#εℓεмεηт_주리야

.
.

.

نجمة ثم تعليق لتثبتوا وجودكم

 غُرفَة مُقفَلة | قصصٌ قبل الموتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن