البارت الثانى <<اللقاء>>

97 6 3
                                    

فى الصباح التالى فى قصر عائلة الجارحى نرى  السيارات السوداء ممتدة على طول جانبى الطريق مستعده لتشييع جنازة مدام إنجى مصطفى و زوجها السيد مصطفى الحجازى و فى الداخل يوجد عمر و معه صديقه زياد :"هيا الآن ...هل ستذهب إلى تلك الفتاة بعد الجنازة ؟".  ليرد عمر:" نعم ."

.....لنعود قليلاً إلى أمس بعدما علموا حالة ريم ......
زياد:"ماذا ستفعل الأن ؟"
عمر:"سنعود الأن إلى القصر لنحضر للجنازة و غداً بعد الإنتهاء من الأمور سنأتى لنرى عندما تفيق سنعلم منها من هى عائلتها و نعلم أهلها ليأتوا إلى هنا إلى أن تكمل علاجها ."
زياد :"و لكن لماذا لا تكلف أحداً من رجالك بالإهتمام بهذا الأمر ؟! فهذا ليس من عاداتك."
عمر بحدة :"لأنه ليس عمر الحجازى هو من يتهرب من مسؤولية أفعاله و يلقيها على كتفى أحد آخر.....
...كما أن دادا كريمة نبهت علىَّ أننى السبب فى ما حدث لها و هى ستغضب إن لم أفعل ذلك بنفسى ."
زياد: "إذا كان الأمر فيه دادا كريمة إذاً لا تراجع فى ذلك القرار ."

...............بالعودة إلى الحاضر .................
بعد الجنازة و إكمال مراسم الدفن
عمر:"فتحى ..أريدك أن تتحقق فى أمر الحادث و تتأكد أنه حادث مدبر كما أننى أريد سائق تلك الشاحنه عندى فى أقل من أسبوع... مفهوم."
(فتحى هو أحد أتباع عمر ينفذ أوامره أياً كانت و عمر له فضل عليه .)
فتحى: "أمرك سيدى ."
أشار له عمر بيده كى ينصرف ليتكأ بعدها على المكتب أمامه و يق
ول فى نفسه :"إذا كان الذى فعالها هو من أفكر فيه ستبدأ الحرب و سأهدم العالم فوق رأسه ."
ليُدفَع الباب فجأه و يدلف زياد إلى الداخل ليرفع عمر له حاجبيه و يقاطع زياد قبل أن يقول حرف واحد وهو يقول له بنبره حادة :"أخرج."
ليتأفف زياد بضجر و يخرج من غرفة المكتب و يغلق
الباب خلفه و بعدها يدق الباب من جديد ليقول له عمر :"تفضل ."و يتابع قائلاً :"فى المرة القادمة إذا دخلت بدون أن تدق الباب وَدِع رأسك."
ليبتلع زياد ريقه و يقول بإبتسامة مهزوزة :"عمر يا أفضل صديق فى الدنيا هل ستهون عليك رأس صديقك الوحيد ؟!!"
ليتكلم عمر بحده و هو يقول له :"ماذا تريد ؟"
زياد :"ألن نذهب إلى المشفى لنرى فى أمر تلك الفتاة. "
عمر :"بعد قليل سنذهب ..و لكن لما أنت مهتم بأمرها هكذا ؟!"
ليقول زياد بإستنكار :"ماذا أنااا...الوحيد الذى يفعل ذلك هو أنت و ليس أنا.. إن هذه طبيعتى أما أنت فلا ."
ليزمجر عمر بحدة ليخرج زياد من الغرفة بعدها بسرعة و يغلق الباب خلفه ليتنهد عمر و يريح رأسه على ظهر الكرسى من خلفه و هو مغمض العينين فى المساء بعد أن عاد عمر إلى منزله و تحمم و ارتدى ملابسه إتجه بعدها إلى المشفى ليرى ماذا حدث لتلك الفتاة بعد أن أصرت دادا كريمة علة الذهاب معه ليصل إلى هناك و يحدث الطبيب ليقول له أنها لم تفق بعد و إنما ستفيق بعد قليل ليقول عمر :"إذاً هيا لنرحل ."
لترد كريمة: "لا لننتظر إلى أن تفيق لنرحل بعدها أو لنذهب حتى لكى نراها فوجهها المرة السابقة كان مغطى بالدماء و نحن لم نرها ."
ليتنهد و يهز رأسه موافقاً ليدخل إلى الغرفة و بينما تلحقه كريمة تنادى عليها إحدى الممرضات لتذهب إليها بينما فى الغرفة يقف عمر أمام تلك الفتاة و يتأمل ملامحها الطفولية و شعرها الطويل الذى يصل إلى نهاية ظهرها و هو مفروش حولها وهو يحتضنها و كأنه يخشى عليها من الهواء الذى حولها و تلك الجبيرة فى يدها و قدميها و ذلك الشاش الملفوف على رأسها من فوق و هى ترتدى ملابس المشفى الواسعة ليشعى بالسكينة تتغلل إلى أعماقة و كأنها أشعة الشمس تغمرهما بدفء و سعادة تتسلل بهدوء إلى أعماف أعماق روحهما لينبض قلبه و کأنه أحس بأمان و راحة عند رؤيتها ليذهب كل قلقه و غضبه و كل مشاعره السيئة بعيداً لتترك روحه نقية كذوبان الثلج فى فصل الربيع و كل ذلك من لحظات واهية لم تتعدى حتى الدقائق فكيف و هى لم تفتح عينيها بعد و كيف و هو لم يسمع صوتها بعد و كيف و هو لم يرى إبتسامتها بعد و كيف و كيف و كيف و كيف و ألف كيف ... أهذا ضرب من الخيال أم مسة من الجنون .. ليقترب منها بخطوات هادئة كالمغيب عن هذا العالم لا يرى شئ و لا يسمع شئ و لا يشعر بشئ فقط هى و هى فقط...ليرفع يديه ببطء ليطلق لها العنان لتتفقد معالم وجهها وهو يمرر أصابعه ببطء على حاجبيها و أنفها و خدودها و جبينها و أخيراً شفتيها المحددة و كأنها مرسومة ليقرب وجهه منها و يلصق جبينه بجبينها و طرف أنفه يلامس طرف أنفها وهو مغمض العينين يتنفس أنفاسها ليشعر بقلبه يخفق بشدة و كأنه ركض ملايين الكيلومترات  ليشعر بعدها بتململها فيبتعد عنها و يقف يراقبها وهى تفتح عينيها ببطء و تغلقهما حتى تتعود على الإضاءة لتنظر إلى سقف الغرفة باستغراب لتتمتم :"أين أنا ؟!" لتلتفت حولها و تقع عينيها عليه و تتقابل أعينهما لترتفع دقات قلبه و يظل ينظر إليها بصمت و بعد لحظات تقول تلك الفتاة له(ريم) و هى تنظر لعينيه مباشرةً :"من أنت؟!" ليظل على حاله صامتاً و كأنه نسى كيف يتحدث ، لتصمت هى بعدها للحظات و تقول :"من أنا ؟!!!!!!"
.........................................................
فى مكان آخر
يقف ذلك الرجل الأربعينى تظهر فى عينيه شرارات الشر و الحقد الدفين ليضرب مكتبه بقبضة يده بشدة يصرخ فى الشخص الواقف أمامه : "كل هذا أيها الغبى و لم تستطع تدميره أيها الاحمممممق .. بخطتك الفاشلة تلك لقد قلت لك أننى أريد تدميره لتذهب أنت و تقتل عائلته هو الأن حى و بالتأكيد سيصل إلينا أيها الغبى ..و إن فعل هذا فسنتمنى الموت ولن نطوله ....أيها المعتوه .. لقد كنت تريد أن تلهيه فى أمر الحادث حتى تتمكن من السيطرة على الشركة و لكنك غبى فها هى الأن الامور تسير بها على خير ما يرام .. حتى أسهم الشركة لم تتأثر بفعلتك الغبية تلك ."
ليقول الرجل الواقف أمامه: "سس..سيدى..إنه صديقه ذاك هو من تولى الأمور فى غيابه و لقد كان حريصاً جداً ...حتى جاسوسنا لم يستطع فعل أى شئ."
ليرد الرجل :"أخرص ..فى المارة القادمة أريد تميره بالكامل و ليس مجرد شركاته و أمواله أيها الغبى الأحمق ...فى المرة القادمة إن لم تجلب لى رأسه بعد تعذيبه نفسياً و جسدياً فصدقنى ما كنت سأفعله به هو سأفعله بك أنت أتفههههههم."
ليرتجف ذلك الرجل الواقف أمامه
:"ححسناً..سسيدى ."
ليصرج به الآخر :"أخرررررج"
ليركض ذلك الرجل المرتجف من أمامه و هو لا يصدق أنه نجى من ذلك الثور الهائج .
..........................................................
بينما فى تلك الغرفة فى المشفى يقف بصدمه يستمع لكلمات الطبيب المشرف على حالة تلك الفتاة الغامضة بالنسبة له
الطبيب :"سيدى يبدو أنها قد فقدت الذاكرة كأثر لتلك الضربة على رأسها و لكنها مازالت محتفظة بالمهارات الأساسية التى إكتسبتها كالقراءة و الكتابة والحساب وحل المعادلات و غيرها من المعلومات العامة مثل عاصمة البلاد و أمور كهذه و لكن جميع ذكرياتها قد فقدت و فى حالتها الإحتكاك ببيئتها و العودة إلى حياتها الطببعية قد يعيد لها ذاكرتها و لكن يجب الإسراع فى ذلك ."
و استئذن الطبيب بعدها و غادر و ظل ينظر لها و هو صامت وهو يحدث نفسه:"أنا لا أعرف عائلتها أو من هى أو حتى اسمها أو أين تسكن إذاً كيف سأعيدها إلى أهلها و ماذا سأفعل مع..."
ليقطع شروده و تفكيره ذاك دلوف السيدة كريمة إلى الغرفة ممسكة بكيس و هى تقول :"بنى آسفة لقد تأخرت لقد نادتنى ممرضة لتعطينى ثياب الفتاة و تلك الورقة التى و جدناها فى ثيابها ثم ذهبت بعدها لأشترى بعض العصير."
ليتجه نحوها و يقول لها :"هاتها .. تلك الورقة ."
لتمد يدها بها نحوه ليأخذها منها و هو يقراءها :"سأصبح الطبيبة ريم و سأثبت جدارتى و نفسى للجميع ."
ليقول لنفسه إذا اسمها ريم و كما يبدو أنها فى المرحلة الثانوية  ، لتلتفت كريمة إلى ريم قائلة:"، لقد استيقظتى يا آنستى الجميلة..أهلاً بك أنا السيدة كريمة ."
لتبتسم لها ريم ابتسامه هادئة و هى تقول :"شكراً لكِ ."
و أووووه من تلك الإبتسامة التى جعلت قلب ذلك الواقف فى الخلف قليلاً و لم يتحدث يرفرف بجناحين ليبتسم هو أيضاً دون شعور منه .
لتردف السيدة كريمة :"ما اسمك بنيتى ؟"
لترد ريم :"لا أعرف ." لتنظر لها كريمة بتعجب لينطق أخيراً لسان ذلك الواقف الذى لم يتحدث إطلاقاً منذ دخوله سوى بكلمة واحدة :"ريم.. اسمها ريم .....ليكمل موضحاً ..لقد عرفت ذلك من الورقة كما أنها قد فقدت الذاكرة ."
ليمد يده بالورقة إلى ريم لتأخذها منه و تقرأها و فى تلك الأحيان تحاول  السيدة كريمة سحبه  إلى خارج الغرفة لتنتفض ريم فجأة و تتمسك به و هى تضمه قليلاً و تقول بعينان يملأوهما الدموع :"أرجوك لا تتركنى وحدى .... أناخائفة ."
ليضمها إليه و يربت على ظهرها بحنان لم تعهده السيدة كريمة و هو يقول محاولاً تهدئتها :"لا تخافى .. أنا هنا .. لن أتركك ،أنا هنا ،أنا بجانبك ."
لتبتسم السيدة كريمة بمكر وهى تقول لنفسها :"إذاً لقد وجد عمر ضالته ،لقد وجد عمر من يستطيع التخلى عن بروده و قسوته لأجلها ،لقد وجد عمر من يستطيع دَبَّ الحياة فى أوصال روحه .. أقسم ألا أجعلهما يفترقان أقسم أن أجعل تلك الفتاة زوجتك  .. عمر بنى لا تخف فسأساندك ." كان هذا ما يدور فى عقل كريمة.

بعد قليل و بعد أن هدأت ريم و استكانت بين زراعيه و فى سكنات قلبه أيضاً أبعدها قليلاً لينظر فى عينيها و لكنها ما زالت بين زراعيه و هو يقول لها
:"لا تقلقى سأتحدث مع دادا كريمة قليلاً أمام باب الغرفة فقط لثوانى معدودة و سأعود و إن احتجتى إلىَّ فقط نادينى و سوف تجديننى بجوارك ."
ريم و هى خجلة بعد أن أدركت فعلتها :"ما اسمك ؟"
عمر بشرود فى و جهها :"ها؟!!!!!"
ريم و هى تنظر أرضاً :"لقد قلت لى نادينى و أنا لا أعلم اسمك ."
عمر :"عمر .. اسمى عمر ."
لتلكزه كريمة فى زراعه و هى تهمس له :"أخفض عينيك الفتاة تكاد تموت خجلاً.. أنت لم تستطع أن تقتلها فى الحادث و لكنك ستقتلها خجلاً ."
ليخفض بصرة عنها بسرعة و يحمحم محاولاً إستدراك الموقف ، و يذهب مع كريمة خارج الغرفة

..أمام الغرفة...

كريمة :"ماذا ستفعل بنى نحن لا نعرف أهلها و لا
نعلم أى شئ عنها سوى اسمها ..و هى مازالت مصابة ..أظن أنه يجب عليك أن تتحمل مسؤوليتها ."
عمر :"حسناً إذاً ستبقى هنا إلى أن تتحسن صحتها و ننتظر إلى أن يجدها أهلها ."
كريمة: "لا يا بنى إن أجواء المشفى ليست مريحة كما أنه ليس من السهل أن تأتى إلى المشفى لتسأل عليها لأنك مشغول بعملك كما أنه لا يصح لنا أن نتركها هنا فى المشفى بمفردها بين أناس لا تعرفهم و هى حتى لا تعرف سوى اسمها.. هذا ليس جيد من أجلها ."
عمر :"إذاً فلتعش معنا فى القصر سأمر الخدم بتجهيز جناح لها فى القصر و تعديله لكى يكون مريحاً إلى أن أجد  عن عائلتها ستظل معنا إلى ذاك الحين و لكن أنا لن أبحث عن عائلتها إلا بعد أن يتم فك جبيرة قدمها و يدها لكى لا يفزعوا حين نحضرهم إليها ."
كريمة بابتسامة خفيفة بعد أن وصلت إلى ما تريده بسهوله و الذى أتضح أنه يتفق مع أهواء عمر الذى يحاول أن يخفيها :"حسناً بنى كما ترى ..و لكن متى ستخرج ريم و تنتقل إلى القصر ؟"
عمر :"اليوم ..بعد ساعة على الأكثر سوف آمر الخدم بتجهيز جناحها.

بعد ساعة ...
يقترب ذلك الممرض من سرير ريم محاولاً رفعها ليضعها على الترولى ،ليزمجر عمر بحدة و يرفع ذلك الممرض عينيه لتقع على ذلك الوحش الذى أمامه ليرتعش بشدة و يخرج من الغرفة مهرولاً  فقد كانت عروق رقبته بارزة بشدة و وجهه أحمر كالنار و الشرارات تقدح من عينيه و كأن نظراته تقول :"إقترب فقط لأقطع يديك ثم أشويك حياً و بعدها سأقتلك ."
و هذا تحت نظرات ريم المتعجبة و ابتساهة كريمة الماكرة .
ليقترب هو من ريم ليضع يداً خلف ظهرها و الأخرى تحت قدميها ليرفعها بهدوء و خفة نحو صدره و كحركة رد فعل طبيعية و ضعت ريم يها السليمة خلف رقبته و يتجه بها خارج المشفى و يضعها برفق فى السيارة و كأنها هشة (تنكسر بسهولة جداً) يخاف أن يكسرها لتركب بعدها كريمة معها السيارة لينطلقوا متوجهين نو القصر لتبدأ حياة جديدة
لعمر و ريم .

#####################

أسطورة العشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن