البارت الأول<<يوم الكوارث>>

184 6 4
                                    

فى تلك المدينة الجميلة الغردقة تسير تلك الفتاة المحجبة (ريم) برفقة زميلاتها تستمع لحديثهم بصمت إلى أن تستأذن منهم لتبتعد قليلاً عنهم وتتحدث فى الهاتف تطمأن على والدتها و تخبرها أنها بخير مستمتعة فى الرحلة المدرسية التى ذهبت لها لترفه عن نفسها قليلاً من مجهودها الجبار التى تبذله فى الدراسة و ما إن أنهت محادثة والدتها حتى يأتى من خلفها ذلك الفتى ليسحب منها حقيبتها بقوة على حين غفلة منها لتتسع عينيها بفزع و تركض خلفه صارخة به :"تووووقف....... أيها المعتووه ...اعد إلىَّ الحقيبة."
لتركض خلفه سريعاً لتبتعد عن مكان زميلاتها بكثير من دون أن تنتبه لذلك حتى .
........................................................
فى مكان آخر أيضاًفى مدينة الغردقة يخرج ذلك الشاب مسرعاً من المشفى وهو فى أوج غضبه عينيه محمرة كالجحيم الذى يكاد يخرج منه الدخان و شعره البنى مبعثر بإهمال ليدل على أن هناك إعصار قادم لا محالة ، فلا يجب عل أحد الوقوف بوجهه الأن ، لتلحق به تلك السيدة التى يظهر على وجهها أثر التقدم فى العمر (مربيته كريمة )، ليفتح باب سيارته بغضب شديد لتفتح هى الأخرى الباب الأخر المجاور له لتركب قبل أن ينطلق ذلك المتهور فى طريقه بسرعة كبيرة مخلفاً خلفه غباراً من سرعته ذلك هو عمر الحجازى . لتقول له السيدة كريمة التى لحقت به لتخفف من غضبه حتى لا يؤذى نفسه فهى تخاف عليه لأنه إبنها التى لم تنجبه بطنها و لم تحظى به يوماً ما :"إهدأ يا عمر ......خفف من سرعتك بنى ، فذلك الغضب لن يفيدك بشئ ."
لينظر لها بطرف عينيه و لا يعقب على كلامها ، لتقول له :"هل تظن أن الغضب سيعد لك ما فقدته ؟!..هل تظن أنه سيعيد لك والديك ؟!!" ليقوم عمر بزيادة سرعته أكثر و الغضب يطلق شراراً من عينيه .
ً..................................................
لنعود مرة أخرى إلى الحمقاء ريم التى تركض خلف ذلك اللص بدون أن تعد حساباتها إلى الأخطار التى يمكن أن تواجهها أو أنها تاهت فى تلك المدينة الغريبة التى تبعد عن منزلها ألآف الكيلومترات التى لا تعرف بها أى شئ أو الذى من الممكن أن يفعله بها ذلك اللص فأنا أشك أنه على ما يبدو أن عقلها قد توقف عن التفكير و هذا ليس من عاداتها و بالأحرى قدماها تقودانها نحو قدرها المحتوم  لتعبر الطريق بسرعة حتى لا يضيع منها أثر اللص دون أن تنتبه إلى السيارات لتأتى تلك السيارة المسرعة التى و من سرعتها لم ترها أو تلحظها حتى .لتشعر بالدنيا وقد إسودت و تغلق عينيها بعدها و هى تشعر بالألم ينتشر بسرعة فى جميع أجزاء جسدها لتغيب بعدها عن هذا الواقع غير مدركة لشئ مستسلمة لذلك الظلام الذى يلف عالمها .
........................................................
بينما فى سيارة عمر عينيه متوسعة بصدمة و أما السيدة كريمة تظهر على معالم وجهها الهلع من زجاج السيارة المغطى بالدماء و ما زالت تتردد صورة تلك اللحظات فى عقليهما صورة ذلك الجسد الذى طار فى الهواء بفعل الإصطدام و الدم الذى يغطى ذلك الجسد القابع على الطريق بسكون تام ، لتكون السيدة كريمة أول من يفيق من صدمتهما لتهز كتف عمر بعنف وهى تصرخ به :"الفتاااه..الفتاه ياعمر الفتاه ." ليفيق عمر من صدمته من قبل أن تتم السيدة كريمة كلمتها الأولى حتى ليخرج من السيارة بسرعة ويحمل ذلك الجسد الممدد على الأرض ويضعها بسرعه فى السيارة و ينطلق بعد أن جلس فى مقعد السيارة إلى مستشفى الخاص الذى هو ملك لعائلته و التى آلت إليه بغد وفاة والديه ، ليصل إلى المشفى بسرعة قياسية ليحملها وهو يصرخ بالأطباء و الممرضين بأعلى صوته  :"أحضروا ترولى (سرير المرضى الذى يتم دفعه) حالاً ..... أسرعوا أيها الحمقيييييييى."ليتقدم منه الممرضون و يضعها هو على السرير بسرعه ليأخذها الممرضون و الأطباء إلى غرفة العمليات فهم يعلمون من هو فهم لن يغامروا بالتأخر على عمر الفخاخرى فهم بغنى عن مشاكل قد تودى بهم إلى الهلاك ، لتختفى تلك الفتاة الغامضة خلف أبواب تلك الغرفة ليتهاوى على المقعد أمام تلك الغرفة و قلبه يدق بعنف و يشعر بالقلق الشديد على من فى داخل الغرفة و التى حتى لم يستبين ملامحها و كفى يداه يتعرقان بشده و يعتريهما رعشة بسيطة و هذا ما أثار إستغرابه فهو فى العادة فى هذه المواقف التى قد تبدو شديدة على أى شخص غيره إلا أنه لا يظهر أى ردة فعل و يظل هادئ و يتحكم بأعصابه إلا أنه الأن بعيد كل البعد عن ذلك حتى أنه لم يشعر بالقلق و الخوف هكذا عند وافاة والدية بحادث سيارة مدبر منذ دقائق ، ليتنهد و يضع مرفقيه على ركبتيه و يمرر أصابعه فى شعره و ما هى إلا لحظات و لحقت به كريمة التى كانت قد تأخرت عنه بسبب سرعته و كبرها فى السن وهى تصرخ به قائلة و هى تشير إلى باب غرفة العمليات  :"أنظر ماذا فعلت لقد كدت تودى بحياة شابة و هى الأن خلف هذا الباب تصارع الحياة و الموت بسببك. "  لينتفض من مكانه صائحاً ، فقد وصل إلى حده :"وهل من المفترض اننى كنت أقصد ذلك مثلاً؟!!!" لترد كريمة عليه :"أنت الأن أصبحت المسؤول عن ححياة هذه الفتاة و اعلم إن حدث لها شئ فهو بسبب ضعفك .. نعم ضعفك عن التحكم بأعصابك و بسبب تهورك ...ماذا سوف تقول لأهلها إن حدث لها شئ ما ."
فرد عليها :"و ما أدراك أن لها أهل ؟!"
لتنظر له بصدمة و غضب لتهدر بصوتها علياً :"إحترم نفسك أيها الولد لقد تجاوزت حدودك و أنا لن أعقب على حديثك لأننى أعلم أنك فى حالٍ سيئة الأن ."
وجلست بعدها على الكرسى بجواره.
مرت ساعة ....ساعتين .....ثلاث ....
و الأطباء و الممرضين يدخلون و يخرجون من الغرفة بسرعة وهو لا يستطيع محادثتهم حتى لا يعطلهم فقد كانو على عجلة من أمرهم ،فقط يراقبهم بصمت .
و إلى هنا ولم يعد يستطيع التحمل أكثر من ذلك فإن إستمر بالجلوس هكذا فأعصابه سوف تدمر فأخذ يبحث هنا و هناك و الان أنتبه إلى أنه لا يعرف أى شئ عنها فستأذن من كريمة قليلاً و اتجه نحو السيارة خارج المشفى ليبحث عن أى شئ فى السيارة قد يدلهما على هويتها و لكن لم يجد ، ليستند على السيارة و يتنهد ثم يخرج هاتفه و يتصل بزياد ليرد زياد بسرعه :"عمر أين أنت يا رجل لقد اتصلت بك كثيراً ؟هل هناك أحد يختفى من دفن والديه تعال وأكمل الإجراءا..."
ليقاطعه عمر قائلاً بحده :"كف عن الثرثرة و تعال إلى مشفى *******."
ليرد زياد :"ماذا تفعل هناك والداك بالمشفى الأخر ؟!"
ليصيح عمر حانقاً :"زيااااااااااااد  قلت إلى المشفى."
و يغلق الهاتف بدون إنتظار رد الطرف الأخر .
دخل عمر إلى المشفى لكى يرى ما وصلت إليه الأمور
حتى وصل إلى أمام غرفة العمليات ليسأل كريمة قائلا:"ً هل من جديد ؟"
لترد كريمة: "لا.. إنها لازالت بالداخل و الممرضين الذين خرجوا لم يقولوا أى شئ ."
ليتنهد و يجلس قائلاً لها :"يمكنكِ العودة إلى المنزل السائق سيأتى بعد قليل لكى يقلك."
كريمة :"لا ..سأبقى هنا حتى تخرج ."
عمر :"يجب أن تعودى إلى المنزل لقد حل المساء و يجب أن ترتاحى قليلاً حتى أن هناك إجراءات دفن والدى ما زالت جارية و يجب أن يبقى أحد فى المنزل ..ثم لا تقلقى لقد إتصلت بزياد و هو قادم ."
لتهز رأسها و تقول وهى تقف مغادرة:"عمر ..إننا لا نعرف من هى هذه الفتاه و قد لا نصل إلى أهلها الأن و ما حدث لها بسببك لذلك كن رجلاً كما عهدتك فهى الأن تحت مسؤوليتك و لا يجب أن تهملها و هذا طلبى منك بنى.. و أنا على ثقة أنك لن تخذلنى ."
ثم إستدارت و غادرت .
بعد ساعة و صل زياد إلى عمر وهو يقول :"ماذا حدث؟ ما الأمر ؟ و لما أنت هنا ؟"
ليقول عمر بهدوء نسبى بسبب الإرهاق و هو مغمض العينين و مستند برأسه على الحائط خلفه وصورتها و هى تقذف فى الهواء تتردد فى ذهنه:"لقد حصل حادث ....لقد صدمت فتاة يبدو أنها لم تتم العشرين حتى و أظن أن حالتها خطرة فقد كانت السيارة تسير بسرعة ."
ليقول زياد :"متى حدث ذلك ؟ و هل هى بخير ؟و هل تعلم من هى؟"
ليقول عمر:" منذ أربع ساعات ونصف ، و لا أعلم حالتها بدقة فلم يقل الأطباء شئ بعد و لا أعلم عنها أى شئ فلا شئ معها يثبت هويتها ."
ليرد زياد :"حسناً إن شاء اللَّٰه سوف تكون بخير ...
على العموم لقد أكملت إجراءات الدفن قبل قدومى و ستكون الجنازه غداً ..كن مستعداً."ليكمل زياد قائلاً :"و ماذا ستفعل مع الفتاه عندما تفيق ؟!"
ليرد عمر :"سأسألها عن عائلتها و أعيدها إليهم و ستتم علاجها هنا فى المشفى "
لينتظر الإثنان أمام باب غرفة العمليات ليغفو عمر لنصف ساعة من الإرهاق بينما يجرى زياد بضع المكالمات لتنظيم أمور العمل إثر المشكلات و الإضطرابات لوفاة إنجى و مصطفى والدى عمر .
و عندما يفيق عمر يزفر بحنق لأنها لم تخرج حتى الأن و ينتظر و ينتظر و لم تخرج حتى الأن حتى مر سبع ساعات كاملة و هى بداخل تلك الغرفة اللعينة و بلا أى جدوى حتى طفح به الكيل ليهتف بإحدى الممرضات الخارجة من الغرفة بصياح :"لقد طفح الكيل لقد مرت سبع ساعات كاملة و أنتم بالداخل و لم تخرج حتى الأن ماذا تفعلون كل ذلك.. حتى إن كنتم تركبونها قطعة قطعة من جديد لن تستغرقوا كل هذا الوقت !!!"
لترد الممرضة بخوف من نبرته العالية :"آسفة سيدى ولكن حالتها خطرة ."
ليقف زياد محاولاً تهدئته قائلاً :"أهدأ عمر سوف تخرخ قريباً و هم أيضاً يبذلون جهدهم لينقذ.."
ليقاطع حديثه الممرضين الآخرين يدفعون الترولى خارج غرفة العمليات ليتجه عمر إلى الطبيب قائلاً: "كيف هى ؟"
ليرد الطبيب بعملية :"لقد أصيبت فى رأسها بشدة و كان هناك نزيف داخلى إستطعنا إيقافه كما أن هناك كسر بزراعها الأيمن و كذلك قدمها اليسرى مع بعض الكدمات و الأربعة و عشرين ساعة القادمة ستحدد مصيرها فإذا تخطتهم بسلام فتكون قد تعدد مرحلة الخطر و حين تستيقظ سنستطيع حينها أن نحدد نتيجة إصابة رأسها و هى الأن ستنقل لغرفة العناية المركزة حتى نستطيع بعدها نقلها لغرفة عادية."
لينصدم كلاً من عمر و زياد و يقول زياد :"يا إلهى عمر ماذا فعلت بالفتاة ؟! لو أنك اصطدمتها بصاروخ ما كان سيحدث لها كل تلك الأشياء !!أمتأكد أنك اصطدمتها بسيارة من المحتمل أن يكون صاروخاً و لكنك نسيت !!!ياإلهى الفتاة المسكينة لقد ضاعت حتى قبل أن تصبح فى شبابها 😲😲😧😵 "
#############

أسطورة العشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن