حديث القلب

270 11 12
                                    

العشاق وحدهم ماهرون في أحاديث القلوب..تركت كلمات اللسان للمزيفين!!
                                     ###
منذ بضعة أشهر :

بجسد ضئيل تحاول كسر ذلك الباب الذي يفصل بينهما..عندما يتصرف المرء  لاشعوريا بعيدا عن العقل..تلك تكون النتيجة..
    كاد يجن هو في الداخل..ليس من اقتحامها ظلمته و لا من اقترابها من حقيقة يحاول هو أن يفينيها..بل من إصرارها ذاك على انتزاعه من المعاناة رغم أنها ستعود لتتلقى العقاب..

تحامل على جسده ليرفعه من على تلك الأرضية الباردة..الترنح و الدوار لا يزالان يرافقنه..
       أدار المفتاح و من ثم سحب المقبض..لتتماسك هي في اللحظة الأخيرة..تمسك بكتفها المتعب بينما تجمعت قطرات العرق على وجهها..
   ملامحها في عينيه تشبه السراب..

-" اذهبِ..إن أتى رئيسك..لن يكون خيرا.."
   
بالكاد كان قادرًا على القول..الألم كان ينهشه نهشا..و لكنه كعادته عنيد و لا يزال واقفا..
   لم تكن ترى سوى الألم و الكبر..كبر على تلك المعاناة التي خاضت معه حربا أقسمت فيها أن تخضعه..و هو قد احتمى بحصن من باقيا صمود يحمله داخله !!
      بهدوء شديد وضعت يدها على مرفق يده الذي كاد يكسر قبضة الباب من شدة استناده عليه..

-" اسمح لي.."
  
قالت بهدوء شديد..و كأنها تعامل طفلا صغيرا صعب المراس..
    نظر لها باستنكار مملوء بالغضب و التعب و الدهشة..
سحب يده سريعا و بقوة..فاختل توازنها هي الأخرى..لم يكن يقصد أذيتها..
    لو كان يفعل لتركها تتطرق نفسها في الباب..لربما تركها تتقذه !!

-" قلت لكِ اغربِ !! "
   
بآخر قوة لديه حاول أن يصطنع بعض الحدة في صوته..لا قدرة له على جرح أحد و لا مناقشة أحد و لا حتى حب أحد..
    لو يتركه هذه العالم لتبتلعه الوحدة و ترافقه الظلمة سيكون في أشد الامتنان..

تنهدت هي بينما تحاول استعادة اتزانها..لم يكن وقت العاطفية و لا الهواجس التي تستعمر عقلها..
    لم يكن وقت الاستسلام أيضا..و لكن ماذا تفعل بحق الله ؟!
كيف لها أن تجابه كل ذلك ؟! بالكاد حصلت اليوم على حكم الطلاق من زوجها ياسر..و أخوها و زوجته لا يقبلانها في المنزل و يحولان حياتها جحيما..
   و الناس في الحي لا ينفكون عن الحديث عنها..و لازالت تبحث عن حي جديد لتنتقل فيه..
     و الآن هذا الغريب أيضا..كل شئ يتكاتف عليها..كل الأشياء تعلنها غريبة و تنفيها..
   لا الزواج يقبلها و لا العائلة تحميها..و الآن المرضى يتمردون عليها هي الأخرى..

-" حسنا..لا أساعدك..حاول أن تتقدم نحو سريرك فقط..عندما يأتي الدكتور

هشام سيكون هو المتصرف..أنا أطمئن أنك بخير و أذهب.."
    هي لم تكن بخير..كان الكلام مهمة ثقيلة..و المواساة و الاهتمام كان يتطلبان منها مجهودا جبارا..
    إلى متى ؟! إلى متى ستكون هي داعمة الجميع و لا أحد يفكر في أن يتذكرها بكلمة شكر أو يشاركها بعض الاهتمام ؟!

وعد أسودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن