لم تخلق كل الأشياء ظاهرة و ذلك لحكمة..فليست كل أنواع المعرفة تحيي المرء!! بعضها يشقيه و بعضها يقتله..
###
منذ بضعة أشهر :لقد مرت الأمور على خير بعد اقتحامها لغرفته راغبة في المساعدة..
لا تزال أعين هاشم تطلق شررا كلما شاهدها و لكنه لم يتحدث عن الأمر و لو لمرة واحدة..
يبدو أن الغريب الذي استوطن الظلمة لم يرد لها الأذى !!
هكذا فكرت هي بينما وقفت شاردة أمام غرفته..الكثير من الذكريات تمر في عقلها..الكثير من الاحتمالات و الأوهام..أشياء عليها أن تتركها كلها جانبا مع التنهيدة التالية التي تخرج من بين شفتيها و إلا فلن تستطيع يوما الفرارغدا ميعادها لرؤية الشقة الجديدة..ستعيش وحدها ابتداء من الآن..هي تفكر في الانتقال على أية حال..
لمدينة لا يعرفها فيها أحد و لن يأبه أو يجرؤ أحدهم فيها على السؤال..
و لكن ذلك مخيف..أن تعيش فلا يعلم أحد ذلك و أن تموت وحدك !!
فكرة كتلك تجعلها تنهار..تجعل صدرها ضيقا لا يسع ولو قدرا من بسيطا من الهواء..
هل هكذا تنتهي الحياة ؟! بهذه السرعة؟! لا عائلة..لا أصدقاء..لا أحباء..لا زوج و لا أبناء..
حتى و إن أرادت الحياة مرة أخرى ستعامل كونها مطلقة و تلك معاملة *** بعض الشئ!!
بعض الناس سينظرون لها على أنها رخيصة و البعض الآخر على أنها ناقصة و غير مناسبة..
تلك وحدها كانت مشكلة طويلة يصعب حتى أن يتحدث المرء بها بينه و بين نفسه..مشكلة تحتاج أن نربي مجتمعا من الصفر يتعلم كيف يعتز بالمرأة و ليس كيف يهينها..تبكي..كان البكاء حلها الوحيد..لقد ظنت أنها نسته!! ظنت أن الشعور داخلها انعدم و لكن ذلك الثقل على قلبها لم يكن يذهب أبدا مهما حدث..
كل معاناة في حياتها تظهر نفسها على السطح في هذه اللحظة..
الدموع باركين حارة تفجرت من عينيها و لا أحد قادر على إطفاء هذا الاحتراق..
وحيدة..هكذا ظنت نفسها..تلك كانت مناوبة ليلة هادئة..رغم أنها طبيبة نفسية إلا أنهم يستعينون بها في الطوارئ بسبب عجز الأطباء و على هذا المنوال فإنها تبقى ليال طويلة بين هذه الأروقة..
ربما ينتهي بها الأمر أن تجلس اسبوعا كاملا دون العودة لذلك الجحيم المسمى بالمنزل..و بالطبع أصدقاؤها المناوبون الآخرون يستفيدون من وجودها ليذهبوا للمنزل و هي لم تكن يوما لتمانع..
المشفى كان مهربها الوحيد..خطوات لم تسمعها هي إطلاقا..جسد متعب يقترب منها و لكنها لم تشعر قط..
لم تتخيل أن أحدا قد يكسر هذا الهدوء و يأتي إليها..وحده هو كان يملك الجرأة ليفتح ذلك الباب دون استئذان..
العين بالعين كما يقولون!! نحيبها يغرز سكينا في صدره..نظراتها منذ المرة الماضية لا تفارقه و الآن تزيده هما على هم بذرف هذه الدموع..
أحكم قبضته على مقبض الباب و أخذ نفسا عميقا قبل أن يقرر التقدم..
و لكن شئ ما منعه..
تلك الورقة تحت مكتبها..إنها ورقة يعلمها جيدا..ورقة دمرت حياته و إنه هنا في محاولة للهرب منها و الموت بسلام..و الآن مجددا تظهر في قدره و تطارده!!
كان قادرًا أن يغض بصره عن كل شئ..أن يذهب دون أن يلتفت خلفه..
ألا يأبه لبكائها و لا لتلك الورقة و لا لأي مصيبة ستأتي تاليا..
ليس سهلا..ليس سهلا أن يتغاضى المرء عن رجولته التي عاش بها عمره
و ليس سهلا أيضا أن يتحكم المرء في شعور يحفر قلبه ليستقر داخله
- في أكثر لحظاته يأسا- دون اذن منه
أنت تقرأ
وعد أسود
عاطفيةيقولون أن الحياة مقامرة..لا شئ دائم !! شئ واحد فقط لا تكسره الحياة..لا يشوبه الخداع.. إنها وعود الموت..وعود لا يمكن سوى للعشاق أن يقيموها..وعود سوداء!! ### لم يعرف شيئا في حياته سوى السواد و السلاح حتى أتت هي...