العشاء الأخير

140 7 11
                                    

مسميات كثيرة تجهد المرء حتى يعرف حقيقتها..مسميات كثيرة لا تكون أبدا ذات معنى واحد بل تختلف باختلاف أشياء كثيرة!!
تماما كمسمى الديار..هل هي أرض ؟! منزل ؟! عائلة ؟! أم روح واحدة يرتبط بها الإنسان إلى نهاية الأبدية ؟!
و كيف للعودة أن تكون حقيقة و ليست شبحًا من أشباح الظلمة و الوحدة ؟!
أي شئ ينقذنا من الضياع داخل أنفسنا ؟! أي شئ ينقذنا من الوحدة و من المعاني الكاذبة ؟!
###

الوقت الحاضر :

يحاوط خصرها بذراعه كما اعتاد..ليس رغبة في التملك و لكن رغبة في الحماية..
    ثلاث سيارات تصطف أمامهم..و زملاء له - أقل رتبة - يقفون ليقدموا التحية و يتحملوا مسؤولية إيصاله سالما إلى قصر عز العرب..

شعر نديم بتصلب جسدها تحت يده في عدم ارتياح..كيف لا و والده يحاول أن يظهر الأمر أكبر من حجمه..
    صحيح أن الخطر كان يحاوطهم و لكن كان يمكن للأمور أن تتم بشكل سلس أكثر من ذلك..

أدخلها أولًا و من ثم تبعها..أصابعه تخللت في الفراغات بين أصابعها لتتصل الأيدي كخيط واحد ممتد لا يمكن لجزء فيه أن ينفصل على الآخر..
كأن كل منهما هو الآخر..هما واحد مهما حاول الجميع إثبات العكس!!

كانت رحلة طويلة كل منهما استسلم فيها للنوم..هو مستندا على زجاج النافذة و هي مستقرة على صدره تحاوطها يداه حتى كان الوصول..
   استجمع كل منهما قوته و تبادلا نظرات صامتة حاول نديم أن يجعلها مطمئنة قدر الإمكان و خرجا سويًا لتكتب سطور مواجهة جديدة في كتاب حكايتهما..و لكن هذه المرة ليست مواجهة على أرض العدو..بل على أرض الديار !!

دخل الحارس أولًا يبلغ عن وصولهما و هما قد تبعاه في اضطراب يكسوه هدوء زائف قد ينكسر مع أول احتكاك حقيقي لرحمة مع العائلة..
  تجول ببصرها في توتر..قصر فخم و على أعلى مستوى من الحراسة..البوابة الحديدية بطول عشرة أقدام..الكلام التي تعوي بعنف واضح على كل غريب يمر من البوابة..الأسلاك الشائكة..و المدافع الرشاشة التي يحملها الحرس..كلها ظواهر تجزم أن هذا سجن لأكثر المجرمين خطورة أو على أقل تقدير منزل رجل عصابات مهمته الأولى الاتجار في السلاح !!

يقبض نديم على يدها في اصرار و تماسك عندما شعر بارتعاشتها ليدخل عليهم في ثباته المعهود و كأن المرض و الأحداث السابقة لم تهدم شيئا من روحه و لم تحفر جسده حتى وصل الألم إلى النخاع..

كانوا جميعًا جالسين في تجمع عائلي تحت الثريا العملاقة التي تتوسط سقف البهو العظيم..سلمان أحدها على اليمين و الآخر على اليسار ينتهيان عن الدور العلوي..
   الأثاث المطلي بالذهب هو أول الظاهرين..و اللوحات على الجدران تكاد تكون حقيقة فتصبح الأعين فيها شاهدة على كل شئ..كأنهم ضيوف حلت و أبدا لم تغادر بعدها !!

رغم فخامة كل شئ إلا أن جو البيت بالنسبة لرحمة بدا قاتما و قابضا للقلب و كأن هالة من القسوة و العذاب تحيط كل ركن فيه..تكاد تجزم أن هذا القصر العظيم ما هو إلا بيت رعب و أن صرخات المعذبين ستخرج من جوانبه عاجلا أم آجلا..

وعد أسودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن