ثمن المزرعه
انقضى شهر كامل على الحفل ,
هذا ما فكرت فيه كولي وهي تنظر الى نفسها في المرآه لكن صورة الحفل كانت لا تزال ماثله امامها وكأن احداثها جرت ليلة امس فهي تتذكر كيف استجمعت شتات نفيها بعد الحديث الحاد بينها و بين جيس و اتجهت لتنضم الى المدعوين حتى لا يثير غيابها تساؤلهم .
احست بسياط التأنيب تلهبها تلك الليلة و بدت الاصوات الضاحكه و المرح الدائر اشبه بكابوس يجثم فوق صدرها و لم تجد في نفسها ادنى تجاوب مع محاوله توني ان يجذب اهتمامها و لا عجب من نظراتها التي كانت مسلطه على جيس و على فتاته تانيا ذات الشعر الاسود.
انقضى شهر على الحفل وها هي الان تكابد نتائجه بالمرأة تعكس شعور اللامبالاة البادية في عينيها وما حول شفتيها من غضون و ماصاب قوامها من هزال . و الحقيقه ان الجميع لاحظو ما اصابها فالخالة حاولت ان تعرف مايؤرق ابنة شقيقتها
اما توني فاعتراه الانزعاج لفتورها امام تعليقاته بينما كان العم بن الشخص الوحيد الذي ادرك السر ولذلك تعمد ان يعهد اليها بأعمال تملأ فراغ يومها ... وكانت الساعات التي تمضيها معه تخفف الالآم التي تشعرها و تحس فيها انها ترد له الجميل لقاء الهدوء الذي يبعثه في نفسها .
أما جيس فقد تعمد ان يتجاهل التغير الذي طرأ عليها و كأنه يجد متعة في الانتقام منها , فكان يبادر الى الانطلاق بجواده في الصباح الباكر و يغيب عن البيت يومين او ثلاثة ايام وكان كاهله ينوء بالاعمال الثقيله , ثم يتعمد الضهور في الاوققات التي تجلس مع العم بن حتى تسمع الكلمات القاسيه المتبادله بينهما ,
فلم تكن تشعر بالسلام الا في الاوقات التي يغيب فيها ..
كان جيس فضا في سلوكه و تحول وجهه الى قطعه من الصخر الاصم و ظلت ملامحه جامده لا تتغير و لا تحمل سوى تعبير السخريه اما نظراته فهي نظرات نافذه كنظرات الصقر و ادركت كولي ان اسم عائله سافدج اي متوحش ... يلائمه تماما ..!
و احست كولي بالارهاق من احساسها بالذنب نحو جيس و هي تضع فرشاة الشعر على مائدة الزينه و تذكرت ما حدث ليلة امس عندما تحلقت الاسرة حول مائدة العشاء .. ااذ احتدم النقاش حتى فقدت كولي السيطره على مشاعرها فألقت ملعقتها بالطبق و دفعت مقعدها بانفعال تحدوها الرغبه العارمه في مغادرة الغرفه بسرعه ,
لكنها توقفت عند الباب حينما نادتها خالتها لتقدم اعتذارها الى جيس الذي رفع يده لتهدئة الموقف فبادرت الخاله قائله :
( و لكن كولي لم تكلف نفسها حتى عناء الاستئذان )
احست كولي ان جيس انتصر عليها ثانية فأحنت رأسها ثم انفلتت تجري لترتقي درجات المؤدية الى غرفتها .
انه امر مضحك و هي تتامل نفسها الان في المر آة كانت تود ان ترى نفسها شخصا ناضجا بدلا من فتاة صغيره تطاردها الافكار المزعجه . انها تحس الان بملك الحب كيوبيد يسدد سهامه الى قلبها و يتركها مثخنه بالجراح بالرغم مما حدث .. فانها ما زالت تحب جيس .
و كان الامل يراودها في ان يرفرف السلام على افراد الاسره و لكن المحاولات كانت تنتهي بالحرب كم من معارك تترك مشتعله قبل ان يوجد لها حل و كيف يتحقق النصر ما دامت الحرب دائره ؟
تطلعت كولي الى الساعه الموجوده على مائدة الزينه وادركت ان الوقت حان لكي يتناول العم بن شاي الصباح . اصبح من عادتها في الفتره الاخيره ان تحمل اليه الشاي و اصبحت المكتبه مكانها المفضل بما تبعثه في نفسها من هدوء . بل انها لم تعد تهتم بازاحة الستائر لتدع اشعة الشمس تتسلل الى الغرفه .
سارت كولي بهدوء و هي تتخذ سبيلها الى المطبخ لانها تعرف ان ماغي اعدت الصينيه و ان كل ما عليها هو ان تحملها الى العم بن و فعلا حملت الصينيه و سارت بهدوء حيث وضعتها على المكتب و بعد ان سكبت الشاي القت بجسمها على المقعد الوثير و قال العم بن بدون ان يرفع بصره عم دفاتره :
( اذا حقق القطيع ثمنا غاليا سوف نكسب عائدا كبيرا هذا العام )
و لكنه اكتشف امر كولي كانت شارده الذهن و لم ترفع بصرها عن البخار المتصاعد من فنجانها و هنا سألها :
( حسنا . الا تنوين التفوه بشيء ؟ )
اجابت كولي و هي تتذكر ما يقوله :
( ماذا ؟ اوه .. اجل .. سيحقق ثمنا كبيرا )
راح العم بن يحدق فيها و يقول لها وهو يهز رأسه الاشيب :
( حماسك أخاذ ... و لن يطول بك الامر حتى تبادري بالتعبير عن ثقتك الزائده بجيس . هل عرفت اخيرا حقيقة ناظر الزراعه هذا المجرد من المبادئ الخلقيه ؟؟ و الذي يعمل عندي ؟ )
اعتدلت كولي في جلستها و قد اخذت بالوصف الذي يصف به العم حفيده و قالت له بهدوء و هي تحاول ان تغير دفة الحديث :
( ارجوك ... يا عمي ... الشاي سيبرد )
قال بن مزمجرا :
( لا تغيري دفة الحديث عندما أسأل سؤالا . اتوقع ان اتلقى جوابا عنه ... )
رفعت كولي فنجان الشاي لتخفي الرجفه التي اعترت شفتيها , ثم قالت له :
( الا يكفي الشجار الدائر في هذا المنزل ... )
قال الرجل المسن :
( ما بالك يا طفلتي ؟ هل اصبحت تؤمنين بعدم وجود الذئب وسط قطيع الغنم ؟ حان الوقت لأن تتوقفي عن رؤية جيس في صورة الفارس و ان تعرفيه على حقيقته . انه رجل قاس يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيله و لكنه لم يفز بعد بمزرعه سلاش آس , اليس كذلك ؟ )
وضعت كولي فنجان الشاي على المنضده ثم قالت :
( جيس ليس مسؤولا عن قتل احد اي جد انت حينما تجلس هكذا و تخبرني بأنك مؤمن بأنسان من لحمك و دمك يمكن ان يدع اخاه يموت )
مال العم بن الى الامام لترى كولي ابتسامه شيطانيه ارتسمت في عينيه ثم قال :
( الجلد السميك لم يعد سميكا . اصبحت اراك امرأة فقدت القدرة على الكلام و حرية لاراده , و قد استقر رأي هذا عندما رأيتك ليلة امس و انت تغادرين غرفة الطعام . كنت ك الدجاجة التي تفر من السكين .. )
قالت كولي :
( هذه اول اسرة التقي بها ... افرادها مصابون بالسادية .. يجدون سعادتهم في تعذيب الاخرين )
دفع بن مقعده المتحرك من وراء المكتب و قال :
( الغضب يحل عقدة اللسان و يدع الحقيقة تتدفق )
قالت كولي و هي تهز رأسها ببطء :
( كلا .. الغضب يلهب الجروح القديمه ليمنعها من ان تلتئم )
( هل شعارك المغفره و النسيان ؟ )
اجابت كولي بهدوء :
( اذا لم تستطع المغفره فأنت لا تستطيع النسيان و العكس صحيح )
سألها بن فجأه :
( و هذا ما تتوقعين مني ان افعله اليس كذلك ؟ هل تتوقعين مني ان انسى اللحظه التي وقف فيها جيس تاركا اخاه يموت . لانه يعرف أن ريك سيرث المزرعه و تتصورين بعد ذلك انني سوف افتح ذراعي مرحبا به ؟ )
صاحت كولي قائله :
( لكن جيس لم يفعل ذلك )
قال العم بن ساخرا :
أنت تقرأ
وردة قايين
عاطفيةوردة قايين للكاتبه جانيت دايلي العنوان الاصلي للرواية Savage Land by Janet Dailey الملخص هل قتل جايسون سافدج اخاه كما فعل قايين في بدء الخليقه ؟ وهل تطارده تلك الليله الرهيبه حين سقط اخاه بين اقدام ثور هائج ؟ عندما رحلت كولين مع شققيقها داني الى...