الكوخ ... من جديد part 9

1.7K 50 5
                                    

الكوخ ... من جديد

لم يخطر ببال كولي انها ستشعر يوما بمراره الى هذا الحد . غير ان الالم و الاذلال اخذا بالتضاؤل و الدموع توقفت وفجأة احست بالاسف على نفسها ...
لانها افتقدت السعادة خلال ايام الدراسه . وضحت بنفسها من اجل تمريض امها و عاشت حياتها تعتمد على الاخرين و اخيرا دفعتها الايام القاسية كي تأتي الى هذه المزرعه . و انتابها شعور بالكراهيه ضد هذا العالم ... هذا العالم الذي يضم اناسا يعيشون على الخداع و الحقد و لكن اكثر شيء كرهته في هذه اللحظه تلك الرغبه المتأججه التي اخذت تموج في صدرها لكي تؤذي احدا ... انها رغبه محرقه تعيش في اعماقها و قد احست بها و هي تهبط الدرجات و تتخذ سبيلها الى غرفة الطعام لتتناول العشاء .
و كانت قد اعتذرت عن تناول الغذاء بسبب صداع طارئ دهمها وظلت منزوية في غرفتها طوال فترة العصر .. و احست ان دقات قلبها سوف تفضح كذبتها البيضاء و شحوب وجهها سوف يكشف عن استراقها الحديث الذي دار هذا الصباح . فبذلت جهدها لان تهدئ من روعها و تقنع نفسها بان احدا لن يسألها توضيحا عن سبب غيابها .
و لما دخلت غرفة الطعام , سألتها الخاله فيللي :
( ها انت قد جئت لتناول الطعام هنا ... خشيت ان تلازمك الوعكه وان تطلبي طعامك الى غرفتك )
تمتمت كولي قائله :
( لا , انني اشعر بتحسن هذا المساء .. )
و شعرت بصدمه ارتج لها جسمها عندما وقع بصرها على جيس جالسا على رأس المائده في المكان الذي يشغله عادة بن و عندما افاقت من المفاجأة حدثت نفسها قائله المكان يناسبه تماما .
و استطردت تقول بصوت مرتفع :
( اظن انني اصبت بضربة شمس هذا الصباح )
و راحت تحتل مقعد داني كي تتجنب الجلوس على مقعدها المعتاد الذي يقع على يسار جيسون و رأت بن جالسا في مقعده المتحرك الى يمين جيس و حدق الكهل وكأنه يطلب منها ان تجلس بينه و بين حفيده . لكنها لم تشأ تحقيق رغبته . كما لم تحاول ان يلتقي بصرها ببصر جيس لئلا يرى الالم و المراره في عينيها و جاهدت لترسم ابتسامه على شفتيها و راحت تسال خالتها عن ورودها و هي تعرف مسبقا انها سوف تتحدث حديثا طويلا يستغرق الدقائق التاليه القليله .
و لم تشعر كولي بمذاق الطعام اثناء تناوله الطعام اثناء تناوله و انما راحت تزدرده ... مسلوبه اللب و بين الفينه والاخرى تختلس النظر لترى ماذا يفعل جيس . وعندما فرغو من تناول الطعام جاءت ماغي ترفع الاطباق و تحضر الحلوى فقال لها بن :
( سنتناول الحلوى في الشرفه يا ماغي و احضري ايضا بعض الشراب اذ حان الوقت لنقيم احتفالا صغيرا )
اخذ قلب كولي يقف في صدرها عند سماع الكلمات و شعرت انها لن تقوى على سماع بن يعلن انتقال ملكية المزرعه الى جيس ليكون هو المالك الجديد .
انتفضت كولي واقفه لتبتعد عن المائده ثم قالت بصوت ينم عن اضطرابها :
( اسمحو لي ان اغادر الغرفه . فأنا في حاجه الى بعض الهواء سأنضم اليكم فيما بعد )
و اثارت رغبتها في الرحيل غضب بن لكنها اسرعت تجتاز باب الغرفه و تتجه الى الشرفه ثم تواصل سيرها الى الحديقه قبل ان يناديها احد . و راحت تبحث عن ملاذ لها بين اشجار البلوط واستندت الى احد جذوعها . و اغمضت عينيها و راحت تتصور ما سيحدث . الان ستدفع رطلا من بدنها ثمنا للمزرعه و تساءلت " هل من العدل ان يكون قلبها هو هذا الرطل ؟ هل هي ضحية لتقبل قدرها بمثل هذه السهوله ؟ و اجابتها المراره التي لا تموج في اعماقها قائله لا ... لا يجب ان تجعلي جيس يشعر بالالم وخيبة الامل اللذين شعرت بهما .
وعندما فتحت عينيها كان قد فر عزمها على الا تجعل انتصاره عليها امرا سهلا .. فلن تكون الاداة التي ينال بها سلاش آس . وطرق سمعها وقع خطوات تقترب منها . كانت تعرف انه سيأتي للبحث عنها . فهو لا يستطيع ان يحقق شروط اتفاقيته مع جده ما لم يتحدث معها على انفراد . وكان هذا السبب هو الذي حفزها على مغادرة المائده عارفه انه سيبحث عنها . و بذلك كانت تدفعه الى المبادره ... و وفقا لشروطها هي .
اقبل جيس حتى وقف الى جوارها . و قال لها :
( انت هنا ؟ لماذا تركت المائدة فجأة ؟ )
اجابت كولي و هي تبتعد عنه :
( كنت قلقه و في حاجه الى بعض الهواء )
و اقترب منها واضعا يده على كتفيها لكنها تراجعت قليلا . فقال لها بحزم :
( كولي اريد ان اتكلم معك .. )
هزت كولي كتفيها لتبعد يده عنها و قالت :
( ليس لدينا اي موضوع نتكلم فيه ... )
حاول ان يتحكم بأعصابه و هو يقول :
( كفى . اننا نعيش في توتر دائم طوال الاسبوع الماضي .. و لكن شيئا حدث اليوم يهمك امره )
تجاهلته تماما و شرعت تسير نحو حديقة الزهور وكانت تعرف انها تتعمد تعذيبه وتعلم انه سيطلب يدها لكنها قررت ان تكون املا عزيزا بالنسبه اليه و لم تكن تدرك الى اي مدى ستلحق الاذى به . وافاقت على وقع قدميه وهو يلحق بها . و لمعت عيناها .. عندما ادركت مدى عبثها بصبره .
قال لها و هو يحدق في عينيها :
( يبدو اننا نستمتع هذا المساء بليلة قمريه )
قالت :
( اجل .. )
ثم تطلعت الى القمر الشاحب في كبد السماء و اردفت تقول :
( ولكن يبدو عليلا ... انه لا يجعلنا نشعر بشاعرية المكان )
و احس جيس بنبرة السخرية في كلماتها , فأمسك ذراعها بعنف و جذبها نحوه لتكون في مواجهته . ثم سألها بحدة :
( ما بالك يا كولي ؟ لماذا هذه المراره التي تتحدثين بها )
قالت كولي وهي تنظر اليه بجساره :
( كنت اظن انك ستكون سعيدا بمداعباتي ... )
وبالرغم من انها كانت تشعر بقلبها يتمزق في هذه اللحظه لكنها كانت سعيدة برؤية علامات الغضب التي ارتسمت في وجهه وو ستشنج اصابعه على كتفيها . و واصلت حديثها الساخر , فقالت له :
( ما لي اراك تصمت ؟ هل التهمت القطه لسانك ؟ )
تراخت اصابعه عن كتفيها ثم قال :
( يمكنني ان اهزك حتى ترتج اسنانك . اي نوع من الالعاب تلعبينه ؟ هل ترغبين في ان القي بك على ركبتي واضربك على قفاك ؟ انك تسلكين مسلك لاطفال )
حاولت ان تتخلص من ذراعيه وهي تقول له :
( انت يا جيس دأبت على ان تقول انني طفله )
( لا داعي للمحاورة .. يا كولي ... )
سألته بسخريه :
( الا ترغب في ان تخبرني الى اي مدى تحبني وتعبدني ؟ و كيف انك لا تحتمل الصبر حتى تتزوجني ؟ انني اتحرق شوقا لهذا الجزء من المسرحيه ؟ )
حاول ان يخفي غضبه و هو يقول :
( عم تتحدثين ؟ اين كنت هذا الصباح ؟)
لوحت كولي بيدها نحو السماء و هي تحاول ان تغير دفة الحديث :
( اوه .. جيس .. الليل قصير و رائحة الزهور تعبق المكان .. و بالتأكيد في وسعك ان تطرح اسئلة اكثر شاعرية من هذه الاسئله التي تـوجهها الي )
( ما هو القدر الذي سمعته هذا الصباح ؟ )
( لا تخبرني بأنني سوف اتقلد منصب الاستاذ هذه الليله )
و شرعت تمد ذراعيها لتحيط بهما عنقه . و ترفع وجهها نحوه بخفه و ببرود و سقطت ذراعاه لتحيطا بخصرها وهو يشدها نحوه . و احست بضلوعها تتهشم تحت ضغطه و شعرت ان فمه يعاقبها ... و ويذلها و ينتقم منها حتى لم يبق لديها شيء سوى عاطفه واحده . هي عاطفه الاستسلام لحبها .
و افاقت من نشوتها عندما اطلق سراحها . و فك اسر ذراعيها عن عنقه . و ابعدها عنه وكأن النار التي احرتها لم تمسه بسوء .
و تناهى الى اذني كـولي صوت قلبها و هو يدق بألم لانها عادت تستسلم لسحره ثانيه و لكنها سرعان ما سيطرت على مشاعرها و خضعت لحكم عقلها و استطاعت بصعوبة ان تستعيد هدوءها .
قالت ساخره :
( انتهت اللعبة . و الان جاء دور الحديث ..)
قال جـيس :

وردة قايينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن