دق جرس الباب وإذا بصبى صغيره ذو طله مرحه يفتح له وحينما رآه الصبى لم ينتظره ليتكلم بل صرخ بفزع وهلع إلى الداخل وتركه واقفا حائرا كيف يتصرف هل يرحل أم ينتظر فقرر الإنتظار فإذا لم يكن المنزل المطلوب قد يدله صاحبه على العنوان
كان الأب والأم نيام حينما قفز الصبى فوقهما صارخا فانتفضا فزعا ليرا ما الذى حل بصغيرهما
يحيى بضيق : فى إيه يا ابنى عالصبح
رؤوف بفزع : عفييت يا بابا عفييت
يحيى : عارف إنك عفريت
سوسن : انت هتضرب لو مبطلتش شقاوتك دى
أمسك الصبى بكتف أباه صارخا : عفييت عفييت الفلم اللى سوفناه امبايح
يحيى : ماله الفيلم
رؤوف : العفييت طلع منه وواقف بيه
يحيى باستغرب : بره فين
رؤوف : بيه يابابا
يحيى : ولا انت ماتسهرش معايا تانى
سوسن : اتفضل بقى ادى نتيجه أفلام الرعب بتاعتك الواد مخه لسع
يحيى : الأفلام دى بتيجى متأخر ابقى نيميه بدرى وهو مش هيشوفها وانت ياقرد انت صاحى من بدرى كده ازاى دا إحنا سهرنا للفجر
سوسن : مهو كان نايم إمبارح بالنهار
يحيى : ونيمتيه بالنهار ليه
سوسن : رجع من الحضانه مهدود من اللعب نام وبعدين وجهه نظره كانت سليمه
يحيى بإستغراب وهو يشير للصبى : وجهه نظر مين؟ ده؟!
سوسن : آه قالى إن الجمعه أجازه خلاص يبقى براحته الخميس يسهر ينام بدرى هو حر ولأنه متعود عالصحيان بدرى صحى مع إنه سهران للفجر معاك
يحيى : وعرفتى تترجمى كلامه كله لوحدك لأ شاطره
سوسن : يعنى ترجمت شويه وخمنت الباقى
رؤوف : انتو لسه هتيغو والعفييت بيه
سوسن : مش هيبطل زن قوم شوف فى إيه
يحيى : أمرى لله يلا يا لمض
قفز سريعا على الأرض والتفت لأباه الذى لايزال يتكاسل ولا يريد النهوض فامسك ببيديه يجذبه إليه
يحيى : قايم أهوه هتكفينى اصبر
خرج الصبى مع أباه ليجد رجلا غريب الشكل يقف بباب منزله طويل عريض المنكابين شعره كثيف وطويل كذلك ذقنه وشاربه ملامحه مبهمه لا يظهر من وجهه سوا عينيه الزرقاوتان
يحيى : بسم الله الرحمن الرحيم انت مين
تلعثم الغريب فهو لا يدرى ماذا يقول : أنا أأ أنا
رؤوف : دا العفييت يابابا
يحيى : عيب كدا بقى اسكت
انحنى يحيى لابنه هامسا : روح لماما وهاتلى محفظتى
رؤوف : ماسى بس أوعى يعضك
يحيى بغيظ : امشى يلا
بعدما دلف الصبى للداخل نظر يحيى لهذا الغريب حامدا ربه سرا ومشفقا على حال الغريب
يحيى : لاحول ولاقوه إلا بالله ثوانى بس
خرج الصبى ممسكا بحافظه النقود يمد يده بها لأباه : بابا خد
أخذ يحيى حافظه النقود من ابنه واخرج مبلغ من المال واتجه به للغريب الذى تغيرت ملامحه فتحولت نظرته الى يحيى من الحيره للغضب
الغريب بصوت قوى حاد : أنا مش شحاااات
انتفض يحيى خوفا منه وأخفى ابنه خلفه وتحدث اليه بصوت مرتبك : أنا أأأ أنا آسف
خرجت سوسن مسرعه لترى سبب هذه الجلبه : فى إيه مين اللى بيزعق كده إيه ده مين ده
يحيى : معرفش
سوسن : عاوز إيه يا أستاذ
يحيى : مانا واقف مش مالى عينك
سوسن : ما انت واقف من بدرى لا حليت ولا ربطت
ظهرت معالم الغضب على وجه يحيى وارتفع صوته بغضب : سوسن خدى أبو جلنبو ده على جوه الساعه دى
حاول الغريب تهدئته : يا أستاذ لو سمحت أنا مش جاى عشان تتخانقو بسببى
يحيى : أيوه انت جاى ليه
الغريب : أنا عاوز أعرف صاحب البيت القديم فين
يحيى : انهى بيت
الغريب : البيت ده مالكه الأصلى متعرفش راح فين
يحيى : أنا مالكه
الغريب : عارف بس أنا قصدى اللى كان ساكن قبلك
يحيى : محدش كان ساكن قبلى دا بيتى وبيت أبويا وجدى انت مين بقى وعايز إيه
امتلأت عين الغريب بحنين واقترب قليلا قائلا بحزن : يحيى
تراجع يحيى للخلف متعجبا : انت تعرفنى منين
الغريب : أنا رؤوف مش فاكرنى
نظر يحيى إليه غير مصدقا لما يراه فاقترب منه واحتضن وجهه بكفيه وقد تجمعت ذكريات وآلام سنواته الماضيه فامطرت بكاءا حارقا : رؤوف مش معقول أأأ انت رؤوف
الغريب : أيوه
بمجرد أن رد الغريب بالايجاب جذبه إليه واحتضنه بقوه وكلاهما تنهمر من عينيه شلالات أحزان الفراق
ملامح كلاهما لم تتغير كثيرا ولكن بصمه الزمان واضحه على وجهيهما تؤكد أن مركب الصبا قد ولت وحل محلها سفينه النُضج
يحيى لم يعد ذلك الصبى الصغير الذى لطالما أزعج والده بضجته المعتاده ويهرب لأخاه ليحميه من العقاب بل أصبح زوجا وأب يتحمل المسؤليه وحده دون الإعتماد على أحد
اما رؤوف فقد تغير كثيرا لم يكن هكذا فقد كان شابا مرحا خفيف الظل من يعرفه لا يمل حديثه أبدا اما الان فقد أصبح رجلا كئيبا منطوى ذاق مراره ألوان الحياه القاتمه
أنت تقرأ
لقد عاد
General Fictionغاب فى طيات النسيان لتسلبه الحياه كل عزيز فيمنحه القدر ماضيه الغائب ليجعله يرغب بالحياه مره أخرى