09

76 25 8
                                    


وقف هيوك جي ونفَّض بنطاله من الخلف، وخاطب نيسان  التي لا تزال جالسة على الصخرة في مكانها :
- هيّا انهضي لننزل!

- إلى أين؟

- ألا تحفظين سوى هذه العبارة؟ إلى الحقل في الأسفل .. انهضي!

نهضت نيسان ونزلا الصخرة معاً، كان يساعدها كيلا تتعثَّر وتقع، كانا في منطقة خصبة من الحقل، منطقة خالية ترتفع فيها الخصلات الذهبيَّة للسنابل بكثافة نحو السماء.

كان هيوك جي يسبقها بعدة خطوات ليُفسِح السنابل عن طريقها، توقَّف أمام بقعة ترابية جرداء تختبئ بين السنابل الكثيفة..

سألته نيسان فلم تعد تسمع صوت خطواته :
- ماذا هناك؟

- وجدت مكاناً نجلس فيه (وهو يدخل البقعة تتبعه نيسان) جيِّد المكان فارغ ولا يوجد أحد .. (يصف لنيسان تلقائياً) إنَّها بقعة لا تنمو فيها السنابل لكن تحيط بها من كلِّ الجهات بكثافة على شكل دائرة.. تعالي اجلسي هنا.

وجلسا..

- سنابل القمح تحيط بنا نحن أيضاً إنّها تعكس شعاع الشمس بقوَّة لذلك فهذه البقعة تبدو مُشِعَّة بالنور أكثر من غيرها .. تبدو مُشِعَّة كقطعة ذهب .. (شدَّ على جفنيه بانزعاج وهو يضع يده مُعترِضة أمام شعاع الشمس) النور حقاً قويّ! .. ألا تشعرين بهذا؟

رفعت نيسان كفَّها تتحسس الحرارة :
- أجل أشعر بهذا .. إنَّه لطيف .. أليس كذلك؟

- ................................

- أليس كذلك هيوكي؟ .. هيوك جي؟

لكنَّ أحداً لم يردّ..

وبذعر قالت نيسان وهي تتلفَّت حولها محاولة تحديد موقعه :
- هيوك جي .. أين أنت؟

نهضت عن الأرض بهلع وبدأت تناديه بمِلئ حنجرتها بصوتها المبحوح :

- هيوك جي! .. هيوك جي! (تركض في الأرجاء) أين أنت؟

ظلَّ سؤلها معلقاً في الهواء بلا جواب فانهارت راكعة على الأرض، كانت ستنتحب لكنَّها سمِعت صوت جلبة بين السنابل..

نهضت بأنفاسٍ متقطعة وراحت تمشي بحذر نحو المكان الذي سمعت منه الصوت وبنبرة حذرة وهي تغوص بين السنابل :
- هيوك جي؟..

شعرت بحركة حولها فابتعدت مرعوبة..

ناجت بصوت مذعور :
- هيوكي~!

أحسَّت نيسان بشيء يحفّ ذراعها بحركة خاطفة، قفزت خطوة للوراء فزعة، فتعثرت وسقطت إلى الخلف .. لكن أين؟ بين ذراعي هيوك جي..

ابتسم هيوك جي بنصر..

هتفت نيسان (وقد عرفته من رائحته) :
- هذا أنت؟

- ومَن غيري؟

نهضت نيسان من بين ذراعيه متظاهرة بالغضب، نفَّضت ملابسها بضربات فظة من يدها.

نظر هيوك جي إلى وجهها الغاضب الجميل :
- لماذا هذا التعبير المستاء؟

تجاهلت نيسان سؤاله ولم تردّ.

اقترب منها هيوك جي و ركز نظره على وجهها العابس بلطف :
- هل خاروفي غاضبٌ مني؟

لم تردّ هذه المرَّة أيضاً وتابعت متظاهرة بتنفيض ملابسها، عندما رآها عنيدة هكذا دنى منها وحملها على ظهره بهِمَّة.

صاحت نيسان به :
- أنزلني!

لكنه لم يردّ عليها بل وراح يجري بها بين السنابل وهي تصيح وتهدده وتضربه بيدها ضربات خفيفة :
- أنزلني! أنزلني وإلّـلا .. أنزلني~..

- ليس قبل أن تكوني راضية.

أمسكت نيسان شعره وراحت تشدُّه بقوَّة :
- أنزلني~!

هتف هيوك جي مُتألماً :
- آاا آاا..

ضحكت نيسان فتابع صياحه يهرِّج لها كي تضحك أكثر :
- آاا .. آي .. آي..

وضعت نيسان يدها على فمها ضاحكة :
- تبدو كالقرد..

- أتحبين القرود؟

- إن كانت مثلك أجل.

- إذا سأكون قرداً مطيعاً لكِ من الآن فصاعداً (يسألها بجدية) أَماتزال الطائرة الورقيّة معك؟

انتبهت نيسان متفاجئة :
- لا!

قال لها بلهجة مؤنبة :
- كيف تضيعينها؟

- لم أنتبه.

ضحك هيوك جي وناولها إياها :
- خذيها .. هاهي..

أمسكتها نيسان (بفرح) :
- أين وجدتها؟

- لقد كان رأسها الملوَّن يُطِل في السماء ونحن جالسان بتلك البقعة ذهبت ورأيت خيطها عالِقاً بين السنابل..

شدّت نيسان بقبضتها على الخيط :
- شكراً.

- لا تُضيعيها مرَّة ثانية.

- آسفة.

- غبية.

تهويدة الموتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن