ضحية الغريزة

16.1K 61 4
                                    

اخرجت كومة الصور تلك من جعبتها
تطالعها بنهم كأنها تعيد تجسيد تلك اللحظات في مخيلتها
بالكاد تستطيع كبح جماح دموعها
الذي يتدلى من طرف العين و لكنها لا تعطيه الامر بالنزول، يظل الدمع يبرق بأطراف الجفون، و يبقى القلب على هاوية الفراق..
تتقلب وجه اطفالها في صفحات تلك الصور، تشاهد ابتساماتهم المخلوطة بالغبطة لانها تفكر في تركهم، يتمادى كبريائها اكثر و يعصف غرورها بذروة مشاعرها عزمت على الابتعاد منذ اول لحظة، و مع كل وقت يُمضي يقل ذلك العزم و تزداد تزاحمات الأشواق في داخلها، و تدفعها نحو التفكير لابعد من ذلك، التفكير بالمستقبل، ما إصعبهُ التفكير بما سيحدث بعد هذا الطلاق، يال هول الخطيئة التي ستقسم ظهر نواة المجتمع لتتشضى الى جزئيات عقيمة منبوذة مستعرة بالهون و الضعف و تستقرئ المهانة و الضغوط، قد ينفجر أصغرها و لا يحتمل هول الفاجعة، و قد يتناسل احداها لينجب خطيئة اكبر، تتداخل الأخطاء بالطلاق و تزدحم و تنتج لنا نوعا جديدا من الالم، تلك الآلام التي لا يقاسيها غير الطرف الأكثر خسارة و هم الأطفال، و هذا النوع لا يمكن لطرف واحد ان يعتني به بغير الاخر و الا لفسد و لا بد من ان تشوبه الأخطاء و قد يصاحب تلك الأخطاء فاجعة الموت و بذلك يزداد الخطئ بخطئ مضاعف...
الأطفال كالظلال اذ لم تأخذ النور الكافي من طرف واحد بقوة كلى الطرفين لن تتشكل فَلَو أتاها الضوء من كل طرف و بقوة متعاكسة سنجد تلك الاضواء قد تلاشت، ذهبت بها رياح العصف صوب المطحنة الكبيرة التي ندعوها بالحياة ستكون الحياة لتلك الكائنات الصغيرة مجرد فجوة بعبور بها من الالم و قسوة الى مرارة و مهانة، لن يقدروا ان يتسامحوا مع احد الطرفين و لن يفصحوا عن اخطاء اَي طرف، و لن يقبلوا باي مبرر مالم تكافح من اجل ان تكون معهم مالم تواجه كل الدنيا بسيئاتها و عهرها و فظاحتها الواهية، لن يفهموا أبدا سبب الابتعاد و لن يجدوا اَي مبرر يقبلون به عملك المنطوي على الابتعاد. بعد التفكير بقيت تلك الفكرة تتلاشى و تضمحل حتى انتهى وسواسها في الليل لتذهب نحو الغرفة التي كان اطفالها نياما بها فوجدتهم رقاد هامدين من غير اَي نفس، كانهم أراحوا أنفسهم و انفس أبويهم ليبيحوا الان حرمة الطلاق و يقللوا هونه على والدتهم، كم كانوا ليكونوا أطفال بارين بوالدتهم لتضحيتهم تلك؟!

بشاعة الشهوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن