المهمش و الطموح

32 10 13
                                    

الحياة ليست عادلة ، أليست كذلك ؟
أحيانا ، حتى عندما تدرك انك تملك كل شيء ، تشعر أن الحياة لا تزال تعطيك المزيد ، تعطيك أكثر مما تستحق ، هذا يجعلك تشمئز من نفسك ، يجعلك تشعر انك متعالي -حتى لو لم تكن كذلك- و يزداد ذلك الشعور عندما ترى شخصا طيبا ، قويا ، مشرق ،لكن الحياة رمته بعيدا بأقوى ما لديها ، الارتطام و الارتداد الذي خلفته تلك الرمية يمكن ان يحطم دولا ، ان يمحي قارات ، و أن يغرق العالم ، لكنه ، و مع هذا ، يقف من جديد ، ثم ترميه من جديد ، لينهض من جديد .
و الأسوأ أنه ورغم جروحه ، تجده يطبطب عليك ، يخاف عليك ، يسرع بك إلى المشفى بسبب جرح طفيف ، او سعال عابر.
ذلك الشخص الذي يسميه الآخرون مهووس ، غريب أطوار ، عديم شخصية ، عديم الكرامة ، المجنون ، الإنسان الذي همشه المجتمع ، عائلته ، و نفسه .
و رغم كل ما يقال عنه ، فإنك لا تريد التخلي عنه ، لا تريد رميه بعيدا ، تريده معك ، ترغب في ان تحميه ، تعوضه، ترد له جميل كل شيء فعله لأجلك .
انت الشخص الطموح الذي بدل جهده و كل ما يملك لينجح في ما يريده .
الكل ينظر إليك و انت في الأعلى :
أوه ..... يا له من ناجح ، ياله من مثابر، أنظر إليه أين وصل ، لقد كانت درجاته دائما عالية ... أنه ليس مثل ذلك الفاشل .
أجل أعلم ، انت تفكر الآن ، ذلك الفاشل الذي يتحدثون عنه ، هو البطل خلف الكواليس ، ذلك الشخص الذي يأتي من منزله مصابا بكدمات في كامل جسده ، و رغم تلك الكدمات ، ابتسامته تشع كل يوم ، كل مرة ، كل دقيقة .
ذاك الذي ساعدك على تعلم الرياضيات ، درسك اللغة في المتوسطة ، ساعدك في علم الحياة في المدرسة العليا ، و شجعك عند تقديم مشروعك في الجامعة .
ذاك الذي رمى بنفسه في السجن بعد ان طعن ذلك الذي حاول اذيتك.
ذلك الذي خرج بعد سنة مظيفا لالقابه لقبا جديدا "مجرم" .

أعلم ،، تريد أن تصرخ في كل هؤلاء الناس، ذلك هو بطلي ، ذاك صديقي ؛ هو من حماني،  من درسني،  من أعطاني كل شيء رغم فقره ، من أصبحت بفضله طبيبا يعالج امراضكم ، ينقذ حياتكم .
و عندما تكون على وشك التكلم ، يضغط على كفك ، يعطيك ابتسامة دافئة و كأنه يخبرك بأن تتوقف ؛ ان لا داعي لذلك ؛ يجعلك تدرك انها الحياة ، وأن هذا هو القدر ، يجب ان يكون هناك شخص مهمش، و آخر مركز اهتمام ؛ أنه التوازن في هذا العالم .

يقنعك بكلامه و يجعلك تتوقف و تهدأ .
لكنك تدرك ان كل كلامه يصبح مجرد ترهات و أعذار  لتسامح بها نفسك ، عندما تقرأ ذلك الخبر في جريدة الصباح
"تم العثور على جثة رجل في أواخر الثلاثينيات داخل زقاق الشارع الشمالي للمدينة ، تشير تقارير البحث الجنائي أنه تعرض للإعتداء والضرب ، وقد توفي إثر نزيف في الرأس .
لم تجد الشرطة اي شيء يدل على هوية ذلك الشخص ، لكن سكان المدينة يلقبونه ب المهمش "
هذا ليس عادل أليس كذلك ؟ أيها الطموح !
النهاية ....
************

نهايات حزينة... شخصيات مجهولة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن