الحياة ليست عادلة ، أليست كذلك ؟
أحيانا ، حتى عندما تدرك انك تملك كل شيء ، تشعر أن الحياة لا تزال تعطيك المزيد ، تعطيك أكثر مما تستحق ، هذا يجعلك تشمئز من نفسك ، يجعلك تشعر انك متعالي -حتى لو لم تكن كذلك- و يزداد ذلك الشعور عندما ترى شخصا طيبا ، قويا ، مشرق ،لكن الحياة رمته بعيدا بأقوى ما لديها ، الارتطام و الارتداد الذي خلفته تلك الرمية يمكن ان يحطم دولا ، ان يمحي قارات ، و أن يغرق العالم ، لكنه ، و مع هذا ، يقف من جديد ، ثم ترميه من جديد ، لينهض من جديد .
و الأسوأ أنه ورغم جروحه ، تجده يطبطب عليك ، يخاف عليك ، يسرع بك إلى المشفى بسبب جرح طفيف ، او سعال عابر.
ذلك الشخص الذي يسميه الآخرون مهووس ، غريب أطوار ، عديم شخصية ، عديم الكرامة ، المجنون ، الإنسان الذي همشه المجتمع ، عائلته ، و نفسه .
و رغم كل ما يقال عنه ، فإنك لا تريد التخلي عنه ، لا تريد رميه بعيدا ، تريده معك ، ترغب في ان تحميه ، تعوضه، ترد له جميل كل شيء فعله لأجلك .
انت الشخص الطموح الذي بدل جهده و كل ما يملك لينجح في ما يريده .
الكل ينظر إليك و انت في الأعلى :
أوه ..... يا له من ناجح ، ياله من مثابر، أنظر إليه أين وصل ، لقد كانت درجاته دائما عالية ... أنه ليس مثل ذلك الفاشل .
أجل أعلم ، انت تفكر الآن ، ذلك الفاشل الذي يتحدثون عنه ، هو البطل خلف الكواليس ، ذلك الشخص الذي يأتي من منزله مصابا بكدمات في كامل جسده ، و رغم تلك الكدمات ، ابتسامته تشع كل يوم ، كل مرة ، كل دقيقة .
ذاك الذي ساعدك على تعلم الرياضيات ، درسك اللغة في المتوسطة ، ساعدك في علم الحياة في المدرسة العليا ، و شجعك عند تقديم مشروعك في الجامعة .
ذاك الذي رمى بنفسه في السجن بعد ان طعن ذلك الذي حاول اذيتك.
ذلك الذي خرج بعد سنة مظيفا لالقابه لقبا جديدا "مجرم" .أعلم ،، تريد أن تصرخ في كل هؤلاء الناس، ذلك هو بطلي ، ذاك صديقي ؛ هو من حماني، من درسني، من أعطاني كل شيء رغم فقره ، من أصبحت بفضله طبيبا يعالج امراضكم ، ينقذ حياتكم .
و عندما تكون على وشك التكلم ، يضغط على كفك ، يعطيك ابتسامة دافئة و كأنه يخبرك بأن تتوقف ؛ ان لا داعي لذلك ؛ يجعلك تدرك انها الحياة ، وأن هذا هو القدر ، يجب ان يكون هناك شخص مهمش، و آخر مركز اهتمام ؛ أنه التوازن في هذا العالم .يقنعك بكلامه و يجعلك تتوقف و تهدأ .
لكنك تدرك ان كل كلامه يصبح مجرد ترهات و أعذار لتسامح بها نفسك ، عندما تقرأ ذلك الخبر في جريدة الصباح
"تم العثور على جثة رجل في أواخر الثلاثينيات داخل زقاق الشارع الشمالي للمدينة ، تشير تقارير البحث الجنائي أنه تعرض للإعتداء والضرب ، وقد توفي إثر نزيف في الرأس .
لم تجد الشرطة اي شيء يدل على هوية ذلك الشخص ، لكن سكان المدينة يلقبونه ب المهمش "
هذا ليس عادل أليس كذلك ؟ أيها الطموح !
النهاية ....
************
أنت تقرأ
نهايات حزينة... شخصيات مجهولة
Historia Cortaمجموعة من القصص القصيرة تعبر عن بعض القضاية الاجتماعية والمشاعر -أهمها العلاقات والحب - أبطالها بشخصيات مجهولة -اي ليس لهم أسماء- فكرة هذه القصص بدأت منذ فترة طويلة جدا ولا زلت أكتب بها و أعدلها للآن . أتمنى ان تنال اعجابكم .