مدمن

70 16 16
                                    

آسفة على التأخير كل هالوقت بس انشغلت بالدراسة وهمها
كنت رح نزل أمس بس صارتلنا ظروف
المهم استمتعوا
*********************
لم يكن قد مضى على آخر لقاء لنا سوى شهرين ؛ مارة من نفس المكان الذي إلتقينا به اول مرة ، رأيته، يشرب الكحول ، زجاجات مختلفة بأحجام مختلفة، تحيط به من كل جانب، وبعض آثار القيء أمامه ، جالسا أمام تلك الحانة اللعينة ، تماما كما أول مرة قبل ستة أعوام ...

flash back

كان يحاول أن يفتح سيارته ، شاب في العشرينيات من عمره ، أسمر قليلا بشعر اسود ناعم مبعثر على وجهه، كان يتهاوى على الرصيف ، ثم يحاول الوقوف مجددا ، الحزن يملأ عينيه، يلعن ويشتم ... تماما كما الآن .
كنت مارة من أمام الحانة ... مراهقة في السابعة عشر من عمري، مشاكسة تحب أن يركض الشبان ورائها .
أذكر أنني نظرت إليه وضحكت بخبث ، إقتربت منه
-ياله من وجه جميل
إتكأت على اليسار
إحدى يديه على السيارة والأخرى تحاول إدخال المفتاح بها.
- هي... اتتجاهلني يا فتى ؟
رفع عينيه لي، تلك العيون الزرقاء الحادة المملوءة بالحزن ، والتي وقعت اسيرتها فورا .
يده حلقت في الهواء محاولا صفعي ، لكنني تداركت الأمر و امسكتها ، ليس وكأنها اول مرة يحاول أحدهم صفعي بها ، ليس وكأنه لم يصفعني أحد من قبل.
عيناك كانت نقطة ضعفي تلك اللحظة ، كانت تحمل الكثير من المشاعر ، حمراء إثر الثمالة ، أو ربما البكاء ، لا أعلم ؛ لكن ما أعلمه انها بدت جميلة ، تماما كعيناي في الماضي ، قبل أن أفقد تلك النظرة، أفقد بريق الحزن الذي يحولها إلى حمراء محتقنة بلونها الرمادي ، شيء فقدته و ظننت أنه لن يعود بعد ان هربت تاركة كل شيء خلفي ، ذلك الماضي اللعين .
خلال سنتين تحديدا كنت قد دفنت كل شيء و بنيت فوقه من البنيان ما يكفي لكي لا يتعرى .
لكن تلك النظرة ، عيناه ، حطمت كل البنيان التي بنيتها ، و عصفت بكل ما دفنت به تلك الذكريات ، لتعيدها حية من جديد ؛ مجهود سنتين من النسيان ، تم طمثه في ثانية.
لم أصدق وقتها ، حرارة ألهبت عيناي و غمامة حجبت عنهما الرؤية ثم شعور لم أشعر به منذ وقت ، ألم و حزن مترف، مياه مالحة إرتوت بها و جنتاي بعد كل هذا الوقت .
نظرته ، جعلتني أبكي ، و أعادتني تلك الفتاة ذات الخمسة عشر عاما ، المختبئة تحت الطاولة ، تنتظر بخوف أين ستأتيها الضربة الثانية .
كنت أمسك بيده التي كانت ستهوي على وجهي قبل لحظات ، ذلك الاتصال ، أوصل له ارتجافة جسدي .
اتصلت عيناه الزرقاء بعيناي الرمادية ، إتصال دام لفترة لا أعلم مداها ، لكن ما أعلمه ، أن ذلك الصمت المطبق علينا لا يتناسب ابدا مع ضجيج مشاعرنا و حديث عيوننا.
إقترب مني ، أغمضت عيناي ، أحسست بجبينه ضد جبيني ، رائحة الكحول القوية المنبعثة من أنفاسه ، جعلتني أثمل حتى دون ان أتجرع الكحول الحقيقي.
تلك اللحظة ، كلانا فهم ان الآخر يتألم ، أحدنا ألمه طازج ، خلف جرحا لا يزال ينزف بحدة ، و الآخر بجروح قديمة عادت للنزيف من جديد ، الأسباب مختلفة ، غير معروفة ، لكن الألم واحد .
-أقتليني .... أرجوك.
قالها بصوت أقرب للهمس، مليء بالألم ، آخذا كلتا يداي واضعا إياهما على صدره .
-فقط أقتليني ببطء ، إجعليني أدرك ما الخطأ الذي إرتكبته حتى تفعلي هذا بي .
كارلا !

نهايات حزينة... شخصيات مجهولة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن