إن بحر الأدب واسعٌ وشواطئه متعددةٌ، مهما أبحرنا لن نصل لنهايته.إلا أن الأدب العربيّ تميز بجلال لغته العربية، فجاء تنوع الأجناس الأدبية في اللغة العربية لما تتميز به من وجود العديد من المفردات المترادفة والمتقابلة، والتي تعكس بيان اللغة، وتؤدي إلى توليد أنماطٍ أسلوبيةٍ وتعبيريةٍ عالية الجمال، فضلًا عن الأصوات الموسيقية المختلفة لحروف اللغة العربية، وسهولة تضمين الموسيقى في بعض أنواع النصوص الأدبية كما يحدث في الشعر مثلًا، وهناك العديد من أنواع الفنون الأدبية في اللغة العربية، والتي يتصف كل منها بصفاتٍ خاصةٍ يمكن من خلالها تحديد الجنس الأدبي الذي تنتمي إليه، ومن أهم هذه الفنون الأدبية:
- القصة القصيرة.
- الشعر.
- المقامة.
- الموشح.
- الرواية.
وفي هذا الفصل سنتناول وإياكم فنًا من أجمل، أشهر وأمتع فنونها، فن أدب المقامات.
فالمقامة عزيزي القارئ هي فنٌ من الفنون اللغويّة في الأدب العربيّ، والتي تهتم بنقل قصةٍ عن شيءٍ ما، وتُعرَف أيضًا بأنها نصٌ نثري يجمع بين فن الكتابة والشعر، وتشبه القصة القصيرة في أسلوب صياغتِها، ولكنها تختلف عنها بأنها تتميز ببلاغةٍ لغويةٍ في المفردات، والجُمل المستخدمة فيها، وغالبًا ما ترتبط المقامات بقصصٍ خياليةٍ من نسجِ كاتبها.
وقد تجد تعريفات كثيرة عن المقامة تناولها كبار الأدباء العرب، إلا أنّ أبرز هذه التعريفات هو ما قاله «القلقشندي» عن المقامة: بأنها في الأصل اسم المجلس والجماعة من الناس، وسُميت الأحدوثة من الكلام مقامة؛ لأنها تُذكر في مجلس واحد يجتمع فيها الجماعة من الناس لسماعها.
ورغم اختلاف آراء العلماء عن تاريخ ونشأة المقامة، نجد الآراء والدراسات التاريخية تُرجّح إلى أن نشأة فنّ المقامات في الأدب العربيّ يعودُ إلى «أبي بكر بن دريد» و «أحمد بن فارس»، وهما من الأدباء العرب القُدامى، ولكن لم يصلْنا من المقامات التي ألّفاها إلا عددٌ قليلٌ جدًا، أما عن انتشار المقامات بشكل كبير في الأدب العربي، فهو يرتبط بالأديب «بديع الزمان الهمذاني»، والذي كتب العديد من المقامات المشهورة، والتي ما زالت معروفة حتى هذا الوقت.
وبحديث هذه الآراء عن العرب، فلم يكن العرب منذ أقدم العصور إلا كغيرهم من الأمم يرددون الحكايات ويتمتعون في مجالسهم بسماعها، ولا شك أن القصص تصوّر العادات والتقاليد والآراء والمعتقدات للذين يقصون تلك القصص أو الذين يحكونها، ناهيك عما يعتريها من دقائق خاصة قلما توجد في باقي الأنواع الأدبية.
وقد ظهر في القرن الرابع الهجري نوع أدبي جديد يُدعي المقامات، لم يكن القول أن جوهرها تلك القصص أو الحكايات إلا أن مبدعيها تعمدوا التصنيع والتأنق بها وهذه المقامات تضم الحكايات والنوادر والمطيبات، بينما لا تخلو من جوانب تاريخية وحكمية وأدبية.
أنت تقرأ
صِحَاف وزمر
Diversosلأن العلم تراكمي، ولأنه كان لزامًا علينا أن ننقل المعلومة بتصرف، وبرونقٍ إبداعي! صِحَاف وزمر، إنه البوابة التي تأخذك لعالمٍ من الصحف والمقالات، التي تثري معرفتك وتساعدك على الفهم والإحاطة.