٦

2.8K 89 5
                                    

في مثل هذه المواقف تحسم القرارات القناعات..
القناعات التي زرعت في قرارات النفوس منذ الصغر..
فقد تربى عبدالله على بر الوالدين ولم يتربى على بر الحبيبة ،رغم أنه يرى بأن قرار والده ظالم لأن سبب الرفض هو فقر الفتاة و تواضع حالها ،إلا أن الدين يأمره ببر الوالدين..
لذلك قرر عبدالله في يوم من الأيام أن يحسم الأمر
و أن يطلب من روان بعد أن يصارحها بكل شيء أن تستعد للرحيل ..و بأنه لم يخنها يوماً ولكن القدر تدخل في حالتهم و خان..

وكعادته فضل عبدالله أن يخبرها بذلك القرار على الهاتف حتى يتحاشى أن يضعف أمامها ،و حتى لا تراه و هو في قمة ضعفه أيضاً..و يصغر في عينها..
هاتفها عبدالله ذات ليلة بعد تردد كبير مقرراًأخيراً ايقاف ذلكالنزيف المؤلم..

شرح لها الموضوع كاملًا ولكنها لم تقتنع ..
كانت مصدومة نفسياًبذلك القرار..
وهي التي غاصت في أحلتمها إلى ما بعد فستان الزفاف ،
سافرت بخيالها إلى ما بعد الطفل الأول ، فاختارت له اسماً.. قررت أي نوع من الحفائظ ستلبسه، و أي نوع من الحليب الاصطناعي لحديثي الولادة سيناسبه..
ما لون السرير الذي ستشتريه له ، و أين ستضع سريره في غرفة النوم.. بل و كان ضميرها يأنبها منذ الآن فيما يتعلق بالحب ،فمن ستحب أكثر طفلها الصغير أم والده الذي تحبه و تعامله كطفلها الكبير..

أحلام وردية بريئة مشروعة أبحرت فيها دون أن تأخذ معها طوقاللنجاة..
والآن وعلى حين غرة يتوقف القارب في عرض البحر
و يطلب منها عبدالله القفز منه بأمر من والده ..
وذنبها الوحيد هو أنها فقيرة ..
و سبب إعدامها غرقاً أن والدها كان نجاراً متواضع ..
أنها عاشت و تربت و ترعرعت في مخيم البقعة للاجئين
الفلسطينيين ..
ولدت لاجئة و كبرت لاجئة و يُطلب منها الآن أن ترحل عن حبها و حلمها لتصبح في الحب لاجئة أيضاً..

راحت روان ترد على كل جملة يقولها عبدالله بجملة واحدة
لم يكن يدري أكانت تستعطفه بها ، أم هي ناتجة عن صدمة أفقدتها القدرة على تنظيم أي جملة غيرها !!

يقول لها يجب أن نفترق فتقول له " ولكني أحبك"

يقول لها و أنا أحبك أيضاً ولكنيلست جاهزاً للزواج الآن..
فتجيبه " ولكني أحبك"

يقول لها لا أستطيع أن أخسر والدي و أن يغضب علي من أجلك ، فتجيبه و "لكني أحبك"

يقول لها لم أخنك يوما ولكن خانتنا الظروف ..
فتجيبه ولكني أحبك"

يقول لها أرجوكي لا تنسينيو لا تكرهيني يوما ..
فتجيبه ولكني أحبك"

فغضب عبدالله من ضعفها أمامه و أثار غضبه أنه بدأ يضعف أيضاأمام إلحاحها وهو الذي لم يحب شيئاً قط كما أحبها..

لينهي المكالمة قبل أن ينهار..
فأجابها بجملة وحيدة غاضباً :
" أنا ما بدي اياكي فهمتي علي
هوه الزواج بالغصب يعني ؟!!
أنا ما بدي أتزوج .. يلا سلم "
و أغلق الهاتف..

كن خائنا تكن اجملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن