كانت تسكن بالطابق الخامس وهو كذلك ولكن بالمبنى المقابل لها، وجدها قد أقتربت جداً من على النافذة فتعجب لما تفعله ولكن بلمح البصر قد جلست على حافة السور معطية ظهرها له،أتسعت حدقتاه بصدمة ماذا تفعل أستنتحر،فتح شباكه على أخره ولم يهتم بما سيحدث هو سيحاول أنقاذها،ناداها برعب:ندى...ندى أدخلى هتقعى!
لازالت تعطيه ظهرها فلم يمل وظل يناديها وهى لم تلتفت له حتى وكأنها لا تسمعه،أرجعت ظهرها الى الخلف فشعر أنها ستسقط فصاح بها خائفاً:يا ندى هتقعى يا ندى!
نظرت له وهى قالبة رأسها الى الأسفل من يراها يعلم أنها ستقع حتماً لا محاله،أبتسمت له أبتسامة واسعة وتركت أحدى يدها الممسكة بها بالسور وأشارت اليه،كاد قلبه أن يتوقف وهو يتوسلها أن تعود أدراجها ثانيةً ظلت هكذا دقيقة أخرى وهى تشير اليه ثم أعتدلت ووقفت ثانية فى غرفتها فزفر بأرتياح كادت أن تموت حقاً، ظلت تشير له وعلى وجهها ضكات غريبة،شعر بالغرابة ولكنه بدالها أِشارتها بأبتسامة قلقة عليها،ولكنه ما أن أِشار اليها حتى بدأت تصرخ بقوة وهى تصرخ دون مقدمات أختبئ بسرعة خلف الشباك حتى لا يراه أحد وهو يلفظ أنفاسه مفكراً فيما فعلته وفيما تفعله، نظر ثانية اليها ليجدها قد بدأت بالضحك مجدداً بصوت عالى ثم بدأت بالصراخ ثانية فى نفس اللحظة،سمع صوت صياح جهورى رجولى يأتى من شقتها فأختبأ بسرعة ولكن أعينه ما زالت تراقبهما،رأى رجل طويل يدلف الى الغرفة كالأعصار صائحاً بها بغضب بيين: كفياكى بقا يا بنت ال***!
قال جملته وصفعها بقوة على وجنتها،ظن أنها ستصرخ وتبكى ولكنها ضحكت بقوة وهى تنظر له فتفاجئ أخيها من ردة فعلها فضربها ثانية وبقوة أكثر ولكن لم يلق منها غير الضحك،ظل يضرب فيها الا أن أمتلأ وجهها بالدماء التى نزفت من شفتيها وأنفها فتوقف عن ضربها بسرعة وأمسك بوجهها بين كفيه بقلق:أنتى كويسة ندى أنا أسف...ندى ردى عليا!
كان ردها الضحك بصوت عالى جداً ودموعها ودماءها تسيل على وجهها الصغير الشاحب،تركها على وخرج من الغرفة بسرعة بينما جلست هى على الأرض وظلت تضحك وهى تمسح الدماء من وجهها بيدها ثم تنظر الى يدها وتضحك بقوة وهى تبكى..
ألمه قلبها عليها شعر أنه يريد حمايتها من هذا العالم شك فيها أمن الممكن أن يكون حديث الناس عنها وعن الجن الذى يسكنها صحيح أم ماذا؟!!....!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقف فى النافذة يشرب كوب القهوة الخاص به قبل أن يذهب الى العمل،وجد نافذتها مفتوحة فتعجب فهى عادة لا تستيقظ مبكراً هكذا، حاول رؤية ما تفعله فوجدها جالسة على الفراش وتمسك بيدها شئ صغير ولكنه يلمع لم يفهم ما هذا الشئ ولكنه فهم ما هو عندما بدأ رسغها بالنزيف،وقع قدح القهوة الخاص به من بين يديه وصاح بها بصدمة:ندى لا يا ندى!
ألتفتت اليه وأبتسمت له ولوحت له ثم أكملت ما تفعله ظلت تشرط بالموس فى ذراعها ويدها تنزف،لم يستطيع أيقافها بالحديث فأمسك بأحدى المشابك وألقاه عليها فألتفتت له ونظرت له مطولاً ثم بدأت بالصراخ والبكاء،ثم فجاءة ألقت عليه المشرط،تفاداه بسرعة ونظر لها بصدمة قائلاً:أه يا بنت المجانين!
عدل من وضعية نظارته الطبية التى كادت أن تسقط،ونظر اليها ثانية ليجدها قد تسطحت على التخت ونامت،أطمئن عليها بعد أن ألقت بالمشرط أنها لم تؤذ نفسها أغلق نافذته وقال بقلق عليها داعياً الله:يارب متأذيش نفسها يارب!
أنه جملته ونظر أسفل قدمه ليرى القدح قد سُكب على الأرض فذهب الى المطبخ وأتى بقطعة من القماش ونظف ما حدث ثم أخذ أشياءه وأتجه الى عمله الذى أصبح يحب العودة منه مبكراً حتى يجلس ويراقبها...!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فى اليوم التالى أنتظرها حتى فتحت شباكها فناداها بصوت خافت قليلاً حتى لا يسمعه أحد من سكان الحارة:ندى.. بس بس.. ندى!
ألتفتت اليه فتلاقت زيتونتها الخضراء بأعينه الرماديه،شعر بأشعة تخرج من عيناها تسحبه تجاهها بها جاذبية رهيبة أكبر من جاذبية المريخ،جميلة كمجئ شهر رمضان بعد طول أنتظار،كقطعة حلوى فى فم مريض السكر،كثمرة ناضجة وسط شجرة يابسة،كالشتاء بعد حر كالجمر جميلة ككل شئ جميل بالحياه...
ولكن شاحبة كتابوت موتى،سرح فى جمالها ولم يلحظ أنه أطال الصمت كثيراً فوجدها قد رحلت من أمامه،حاول أن يناديها ثانية ولكنه لم تلتفت اليه ولم ترد عليه أيضاً وكأنه قد أغضبها بعدم تحدثه اليها ،تنهد بقلة حيلة ماذا تفعل تلك المجنونة به أصبح لا يستطيع مفارقتها أسبوع واحد وأصبح لا يستطيع تركها أبداً،جلس على كرسيه الملاصق للنافذة الذى أصبحت صديقته هذه الفترة وأمسك قدحة يطالع ما تفعله بأهتمام شديد بعد أن عدل وضعية نظارته الطبية..
وجدها ترسم على الحائط رسومات غريبه بل كانت غريبة عليه قبل أن يعرف قصتها الأن أصبح يفسر البعض منها...!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مرور يومان كان نائماً فى غرفته عندما سمع صوت ضجيج شديد جعله يستيقظ بضيق نظر الى الساعة بجانبه فوجدها الواحدة فجراً ،حك مؤخرة رأسه بقوة وبغضب ثم نهض وأرتدى نظارته الطبيه ليرى ماذا يحدث، فتح النافذة ليجد الشارع خالى ،تأفأف بضيق فمن أين أتى ذلك الضجيج الذى أختفى فور أن نهض أذاً،لا يعلم لم لاحت صورتها فى ذهنه فنظر الى غرفتها ليجد شباكها مقفول ولكن النور مفتوح ويوجد حركة بالداخل،ذهب بسرعة الى الشباك الأخر ليرى الشباك الخاص الأخر لغرفتها ليجد زجاجة فقط مقفول وليس"الشيش" ليتمكن له من رؤية ما يحدث بالداخل وليته لم يرى....!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رأى أمرأة شديدة السواد سوداء كالفحم لها طلة مرعبة وخاصة بعبائتها السوداء الداكنه،وأربعة فتيات وشابان يرتدون جلاليب خضراء هيئتهم عجيبة ومريبة وفى يد كل واحد منهم دف"الطبل"، وأخيراً تلك المسكينة ندى رأها ترتدى جلباب أبيض واسع وشعرها البندقى ينساب على ظهرها بفوضاوية ولكنها رائعة و كالعادة أعينها تائهة شاردة و لا تقاوم أى شئ،يعلم أنها مجبرة وأنهم من ألبسوها هكذا رغم عنها وأنها لا تدرى أن هناك أحد معها بالغرفة من الأساس، تفحص الغرفة بعينيه ليجد نجاة واقفة على أعتاب الباب تنظر لأبنتها بخوف وعيناها مغرقتان بالدموع، قفل أحد الشابان اللذان مع السيدة الباب فى وجه نجاة والدة ندى،ليبدأ المجهول....!
أنت تقرأ
تعويذة غرام
Mystery / Thriller"يكونون بيننا ولا نشعر بيهم" جميع الحقوق محفوظة لى: نوران طنطاوي