من ليس له حظ...!

22 2 0
                                    

حين بدأ الإنتر موسمه الحالي بشكل إيجابي تشائمت _كالعادة_ وكما نفعل حينما نُفرِط في الضحك قلت _الله يستر_ كون البدايات الجيدة ليست من عوائد فريقنا العظيم، وتوقعت أن نعود إلى ما عهدناه في السنوات الأخيرة من تخبط وعدم ثبات للنتائج في أقرب وقت؛ لكن ذلك لم يحدث.
وانتصف الموسم والفريق كان يبدو على خير مايرام يقدم أداء مقبول مع مستوى تصعادي يبشر بالخير، وفي ظل تخبط المنافس المباشر _يوفينتوس_ ارتفعت معنوياتنا على غير العادة، وبدأنا نتفائل ونحلم بلقب الدوري، خصوصاً مع قدوم الوافدين الجدد في موسم الانتقالات الشتوية، حيث أن الأسماء التي نملكها الآن لم نكن نحلم بها سابقاً في السنوات السبع العجاف، كل شيء يبدو على خير ما يرام، كل شيء يبدو جميل ومقلق من فرط اكتماله؛ لكن هذا الحلم السعيد لم يدوم طويلاً.
حيث الآن ونحن على بعد أربعة أيام من مواجهة المنافس المباشر تغير كل شيء وانقلبت الموازين على نحو غير متوقع، إذ انتشر فايروس كورونا في إقليم لومبارديا وشل في انتشاره كل علامات الحياة في الإقليم بل في إيطاليا بأجملها، تأجلت مباراة الإنتر ضد سامبدوريا في الجولة الماضية من الكالتشيو، وستُلعب مباراة الإياب اليوم ضد لودوجوريتيس ضمن منافسات الدوري الأوروبي في (الجوزيبي مياتازا) بدون جمهور، والأحد القادم في الجولة السادسة والعشرين من الكالتشيو أمام يوفنتوس _المواجهة التي لطالما انتظرناها_ ستُلعب بدون جمهور كذلك.
وفي ظل كل هذه الاحترازات الصحية ومع التوترات القائمة على كل الأصعدة وفي كل بلدان العالم يقفز التساؤل الذي يحطم كل الأوهام، ما قيمة كل هذا؟ تبدو الحياة برمتها سخيفة وتافهة إذ أن فايروس ضعيف قد يزعزع كيان العالم بأسره ويقلبه رأساً على عقب، ويُعيدنا إلى قاعدة الهرم.. إلى الاحتياجات الأساسية، والتي ليس من ضمنها الذهاب في نزهة إلى بلد جميل أو حجز تذاكر لمباراة فريق تافه أياً كان، كل ذلك يبدو الآن من الترف الذي لا مبرر له، كل ذلك يبدو الآن سخيف جداً وبلا معنى.
أحاول أن أقلب الأدوار وأضع نفسي مكان الإنتر، ويعود لي الإحباط مرتين، إحباط المحاولات الفاشلة، وإحباط النجاح بمعنى الفشل، سيبدو وضع الإنتر إن حقق الاسكوديتو في هذا الموسم مشابهاً لوضع الارستقراطيين في القرون الوسطى يتسيدون الألقاب و يبحثون عن الأمجاد في حين أن أتباعهم يبحثون عن النجاة والخبز، ولا يعنيهم من الألقاب شيء.
أعود لتساؤلاتي وأقول ما الذي فجر الأمر على هذا النحو..!؟ ولمذا هذا العام أقسم منذ أول أيامه أن لا يمضي بخير..!؟ أحاول أن أبقى في دائرتي الساذجة _دائرة كرة القدم_ لأبحث عن مبرر ساخر لما نحن فيه، وعلى الرغم من أن الانتر أمضى عشر سنوات خلت لم يحقق فيها لقباً ولم يرفع فيها ولا حتى _كأس ماء_ يروي به غضب اتباعه؛ إلا أن ذلك لا يبدو سبباً كافياً لتنقلب الأمور رأساً على عقب، بل لابد من مبرر آخر،.
ويقفز من العدم فريقي الآخر _النحس الأحمر_ ليفربول ويا إلهي كم سيبدو الأمر وكأنه ملهاة كبرى إذا ما كانت نهاية العالم في هذا العام.
ليفربول أو _فريق النحس_ كما أُسميه، كان يعاند نفسه دائماً، لكنْه وبعد ثلاثين عاماً كاملة في النحس والمجافاة للقب الدوري قرر أخيراً أن لايدع مجالاً للاحتمالات أو الصدفة، إذ جعل العمل والعمل فقط هو من يتحدث عنه، النادي كرس إمكانياته مؤخراً وسعى جاهداً لبناء الفريق الذي يعرف كيف يحقق الاستمرارية ويضحك أخيراً، وفعلاً كانت النتائج واضحة حيث في هذا الموسم ليفربول تفوق على نفسه، ولن يهزم ليفربول سوى ليفربول نفسه.
لكن وكما في القصص الهزلية ل DC Comics  حيث الأحداث الخارجة عن خط الزمن بإمكانها أن تدمر العالم، يبدو أن ليفربول في هذا الموسم وبمحاولاته الجادة أخرج العالم من الخط الزمني وأوقعنا جميعاً في دائرته _دائرة النحس الأحمر_ ولم يعد بإمكاننا عمل أي شيء، ولم يعد هناك سوى طريقان لاستعادة خط الزمن حسب الخرافة:
الأول: أن يخسر ليفربول جميع مبارياته ويهدي اللقب لمانشستر سيتي وينقذ العالم، وهذا غير وارد خصوصاً وأن ليفربول وسع الفارق حتى بالكاد أن يقترب من منافسته أحد.
الثاني: أن ينتصر ليفربول ويفرح ويهلل؛ لكن لن يكون هناك تتويج لأن الدولة ستصرف الذهب والجوائز المالية على الأبحاث والعقاقير التي ستعالج الفايروس، وسيسير الريدز وحيداً، حيث لن يكون هناك جمور يهتف You'll Never Walk Alone، إذ من الضروري أن يكون وحيداً يحتفل بما لا يهتم به أحد على الإطلاق على وجه الكوكب، يهتم وحده بتفاهاته الصغيرة.
وعلى كل الأحوال وحتى وإن مر فايروس كورونا على العالم بسلام، فإن الكوكب سيلملم بقاياه ويتأهب لنهايته، إذ إن الأمور محتقنه والعالم يغلي، "ومن لم يمت بالسيف مات بغيره".

لفريقي المنحوسان أقول: "اللي ما له حظ لا يتعب ولا يشقى" والسلام..
_________________________________
* ملاحظة غير مهمة: رئيس الإنتر الحالي الذي أعاد إلى أذهاننا زمن الأمجاد هو الصيني ستيفن زهانغ.

CE' SOLO L'INTER PER MEحيث تعيش القصص. اكتشف الآن