ذكرياتٌ مُحرمة من عمق الظلام

30 3 5
                                    


- سيدي.. أهنئك .. لقد وصل القلب بفئة الدم المطلوبة.. O سالب

رفع الواقف نظره اكثر من الارض بعد ايماءته لبارك.. بسمة شيطانية تتخلل تعابيره.. ونظرات حادة لعينة.. كأن روحا اخرى احتلت هذا الجسد.. يستحيل أن يكون هو بكل ذلك التناقض في التعابير والمظهر والصوت حتى.. تبسم بنصر

حين بدأ بارك بفتح عينيه ببطء ووجه نظره ناحية السكرتير سوك.. دقق في عينيه لوقت طويل بنظرات باردة تخترق الصخر وهو لايزالُ يحافظ على بسمته.. سعيد بجلبه هذا الخبر السعيد إلى سيده الذي سيربت على رأس كلبه المطيع، ورضا سيده يكفيه ويشعره بالغرور ويروي روحه المتعطشة للشر.

- جهز للعملية اذا.. مرت أشهر مذ آخر مرة نقلنا اي عضو فيها.. سنعود للعمل.

إبتسم سوك للجانب بمكرٍ أكبر لدرجة أن خده الايمن قد ارتفع كثيرا كأرتفاع نبضات قلبه والادرينالين نشوة في جسده، خرج واغلق الباب خلفه تاركا هذا الشيطان قابعاً في ظلماته لوحده. اغمض بارك وعاد لاسترخائه عميقا في كرسيه، وابتسامة هادئة رفعت ركن شفته الايمن..

وغرق في الظلام بعيدا عن هذا العالم، لظلامٍ يشابه سواد الليلة الماضية.. اندسَ في سيارته السوداء ايضا بنوافذها المظللة. وناوله مرافقه من الامام. ظرفا يحوي ملفات الاربعة بكامل سيرتهم الذاتية. وضعه بجواره وسرح في النافذة بعيدا يتشوق لرؤيتها، فراق يدوم طوال ساعات النهار.. طويل المدى بالنسبة لقلبه، قليل الاوكسجين بعيدا عنها لرئتيه. اغمض كي تداعبَ صورتها التي لاتفارق عينيه البتة يتصبر بها حتى يصل اليها في اسرع وقت ممكن.. ومضت الدقائق دون ان يشعر بهم البتة في حضرة صورتها السعيدة وصوت ضحكاتها، آخر ذكرياتها معه.. قبل الوداع الأليم.

توقفت السيارة بهدوء فعلم بوصوله.. فتح عينيه ببطء لتنعكس صورة ذلك القصر الفخم بأقلِ تقدير له. قصر بالابيض يلتمع بالذهبي والانوار الكثيرة التي تضفي عليه نسجا من الخيال والقصص الخيالية الحالمة. فتح له المرافق الباب وارتجل وبيده الملف.. عدة خطوات فقط وصعد درجتين حتى الباب الخشبي الابيض الضخم بزخارف ذهبية صنعت إطاراً يحيط بحوافه ومقبض من الذهب الخالص على شكل تنين يقف مهيبا الذي فُتح فور وقوفه أمام الباب.. انحنت الخادمة التي لم تكن صغيرة بالسن.. وانحنت في الحال ولم ترتفع حتى تجاوزها، اتجه بخطاه إلى باب مكتبه الضخم ايضا.. متجاوزا صالة كبيرة بمقاعد فخمة بزخارف من الذهب وآنيات وخزفيات ضخمة وفاخرة باللون الازرق الغامق والابيض وسلمٍ التف التنين الذهبي طلوعا عليه حتى نهايته وهناك نافورة صغيرة تصنع صوت الحياة الوحيد في هذا الكهف الخالي إلا من ماديات لا روح فيها.

فتح باب المكتب واغلقه خلفه باحكام، اتجه ناحية المكتبة، ضغط كتابا باللون الاحمر القاني بكلمات لاتينية لجانبه.. تحركت المكتبة للجانب قليلا نظراته باردة اعتاد على هذه المشاهد اليومية.. كل ذلك القصر لايعني له شيئا كله مجرد غطاءا فاخر.. جبل ضخم كصخرة صماء لاحياة ترجو منها.. كل مايهم ذلك الكهف الخفي ومابداخله.

قلبُ ميت | A Heart of A Deadحيث تعيش القصص. اكتشف الآن