الفصل الثاني والعشرون

3.8K 114 0
                                    


قال "عدنان" بدهشة:

- "سمر" .. انتي اتحجبتي؟
لم ترد "سمر" .. بل لم تسمعه .. كانت عيونها الممتلئة بالعبرات تتطلع الي "مهند" والي فراغ ذراعه وجسدها يرتحف بالبكاء .. خرجت "فريدة" من الفيلا وهي تهرول تجاههم بعدما رأتهم من شرفة غرفتها .. هتفت بلهفة:
- "مهند"
لكنها تسمرت في مكانها وهي تنظر اليه وقد اتسعت عيناها وهي تصيح:
- "مهند" .. "مهند" .. ايه اللي حصل
اجهشت في البكاء وهي تهتف:
- حسبي الله ونعم الوكيل فيهم .. ربنا ينتقم منهم .. انت ذنبك ايه يجرالك كدة...
احاطها "مهند" بذراعه وقد انفجرت في بكاء مرير .. ربت علي ظهرها قائلا:
- قولي الحمد لله
تعالي صوتها بالبكاء فأبعدها عنه وقال:
- قولي يا "فريدة" .. قولي الحمد لله
قالت وسط بكائها:
- الحمد لله
ربت علي كتفها قائلا بهدوء:
- انا كويس الحمد لله .. احسن من غيري كتير .. الحمد لله
تطلعت اليه "سمر" بألم مغلف بالاعجاب .. كيف يمكنه ان يكون قويا هكذا .. يواسي فريدة بدلا من ان تواسيه هي .. شعرت بانه قوي .. قوي للغايه .. لا شئ يقدر علي هزيمته .. او اضعاف ايمانه .. علي الرغم منها امتلأت عيناها بالاعجاب ممزوج بلهفة اللقاء وشوق ايام مضت دون لقاء .. رأي "مهند" في عينيها تلك النظرات .. فاشاح بوجهه عنها علي الفور .. بعدما فهم تلك النظرات جيدا

تحولت اجواء البيت من فرحة برجوعه الي حزن وألم لما اصابه خاصة "انعام" التي تأثرت بشدة .. وفي الوقت الذي كان يستعد كل منهم لتقديم عبارات المواساة ادهشهم "مهند" بصبره واحتسابه ..كأن شيئا لم يكن .. وعلي الرغم من كل شئ امتلات أنفس الجميع بالاعجاب بقوته وصلابته .. حتي أولئك الذين يضمرون الشر في نفوسهم .. لم يملكوا سوي الاقرار بأنه رجل غير عادي .. رجل قلما يأتي الزمان بمثله .. جلست "سمر" أمامه علي طاولة العشاء وهي ترمقه بنظراتها بين الحين والاخر شعر بتلك العينان وهما تتطلعان اليه فتعمد الا يرفع رأسه وينظر اليها .. شعر في تلك اللحظة بأن النظر اليها محرم .. رغم انها من محارمه .. الا انه شعر بشئ غريب ضايقه .. تذكر حلمه في سوريا فازدادت تعبيرات وجهه ضيقا .. و غضبا .. استأذن ونهض مغادرا الغرفه علي الفور .. وكأنه يفر من الجحيم

**********************

- انا عايز اطلب من حضرتك ايد الانسه "دعاء"
نظرت اليه "دعاء" في دهشة شديدة وهو يلقي تلك الكلمات علي مسامع خالها .. عندما اتصل بخالها وطلب مقابلته في حضورها ظنت بأنه يريدها لأحد أصدقاؤه او لأحد أقاربه خاصه وأنها رأت في يده دبلة الزواج .. لم تتوقع وهي تتوجه الي بيت خالها اليوم أنها ستسمع منه رغبته في الزواج منها .. حانت من خالها التفاته الي يده وقال بإستغراب:
- هو انت متجوز
نظر "دياب" بإرتباك الي دبلته ثم قال :
- أيوه متجوز .. وعندي بنت عندها شهور
عقدت "دعاء" جبينها وهي تستمع اليه .. نهض خالها وقال:
- طيب .. هسيبكوا تتكلموا مع بعض
ودت "دعاء" لو قالت لخالها لا تتركنا بمفردنا فليس هناك ما نتحدث عنه .. متزوج ولديه طفله ! .. سمعت وهي تطرق برأسها أرضا "دياب" وهو يتنحنح قائلا:
- طبعا انتي عارفه اني بشتغل حارس عند "عدنان زياكيل" .. أنا مرتبي ......... وحاليا بدور على شغل تاني بجانب شغلي ده .. طبعا انا مش في امكاني اني اعمل فرح او اني أجيب شبكة
ثم قال بتوتر بالغ وهو مطرقا برأسه:
- أنا كل اللي هقدر أوعدك بيه هو اني هجيبلك شقه لوحدك يعني مش هعيشك مع مراتي .. والحاجة التانية اللي أوعدك بيها هي اني أراعي ربنا فيكي
ساد الصمت بعد كلماته .. الي أن قطعته "دعاء" قائله بخفوت :
- ممكن أعرف ليه حضرتك عايز تتجوز تاني
تنهد "دياب" و أطرق صامتا .. ثم نظر اليها قائلا"
- أنا كنت عارف طبعا انك هتسألي السؤال ده .. وحقك تعرفي .. بس أنا مش هقدر أعيب في واحدة علي ذمتي وكلت معاها عيش وملح مهما كنت مضايق منها .. كل اللي أقدر أقوله اني مش لاقي راحتي معاها .. ومستحيل أطلقها لان بينا بنت .. يمكن لو مكنش ليا منها بنت كنت فكرت في موضوع الطلاق .. بس دلوقتي مش ممكن .. لاني مش عايز بنتي تتربي بعيد عني أو بعيد عن أمها
كانت "دعاء" تستمع اليه بإهتمام .. أعجبها كونه يحفظ سر زوجته ولا يرغب في أن يفشي أسرارهما الزوجية أمام أحد .. لكنها قالت بإستغراب :
- طيب ليه اخترتني أنا بالذات .. مع ان حضرتك أكيد عارف اني آنسه .. ليه مدورتش علي واحده أرمله أو مطلقه
قال "دياب" علي الفور :
- لاني مكنتش بدور اصلا .. بس ربنا حطك في طريقي
ثم توتر وهو يقول:
- من أول يوم شوفتك فيه في الفيلا وأنا حاسس بحاجه نحيتك .. رغم اني بغض بصري .. وبحاول اني معملش حاجه تغضب ربنا .. بس غصب عني ارتحتلك .. وحسيت بإنجذاب نحيتك 
ثم قال بحزن :
- أنا مش راجل حابب التعدد .. بس الظروف اضطرتني لكده .. مراتي اتكلمت معاها بدل المرة ألف .. وبرده مش مرتاح معاها ومعندهاش استعداد تغير من نفسها .. وأنا مش عايز الا الحلال .. لاني الحمد لله مليش قي سكة الحرام
استمعت "دعاء" اليه ثم شردت في كلامه .. نظر اليها وهو يقول بخفوت :
- أنا عارف ان ظروفي صعبة .. وانك بنت متجوزتيش قبل كدة .. وانك المفروض انك ترفضيني وتستني فرصه احسن مني .. بس أنا صليت استخارة قبل ما أجيلك .. ودلوقتي وأنا آعد معاكي حاسس اني مرتاح جدا
شعرت "دعاء" بالخجل لكلماته التي يلقيها رجل لأول مرة علي مسامعها .. قال "دياب" مبتسما:
- تعرفي اني حاسس انك هتوافقي
رفعت رأسها تنظر اليه في دهشه .. فأكمل وابتسامة واسعة تزين وجهه :
- آه والله حاسس بكده .. معرفش ليه ولا ازاي .. بس هو ده اللي أنا حاسس بيه .. حاسس ان رغم ظروفي المهببة دي كلها انك هتوافقي عليا .. وهتكوني من نصيبي
انتهت المقابلة علي مهلة محددة لرد الطرفين .. لكن قبل أن ينصرف "دياب" نظر اليها مبتسما بخجل وهو يقول :
- أنا موافق علي فكرة .. أنا قولت أقولك عشان يعني تبقي مطمنة انك عحبتيني
أطرقت "دعاء" برأسها وهي تشعر بسخونة في وجنتيها .. تأملها "دياب" للحظة في اعجاب .. قبل أن يستأذن للإنصراف .. تركت "دعاء" بيت خالها وتوجهت الي بيتها وقد علي وجهها الشرود .. وأخذت تتذكر كل المرات التي رأته فيها منذ أن وافق "مهند" على عملها في الفيلا

العشق الممنوع (للكاتبة منى سلامة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن