التفت "مهند" وكاد أن يجلس خلف المقود عندما صاح "علاء" بإحتقار وبتحدى صارخ :
- ماشى أنا واحد نيتى حقيرة زى ما بتقول .. بس على الأقل مقتلتش مراتى زيك يا "مهند"
تجمد "مهند" فى مكانه للحظات .. ثم أغلق باب السيارة بعنف ووقف فى مواجهة "علاء" وعيناه تشعان غضباً .. وبدا على وشك الإنفجار
ظهر بعض الخوف على "علاء" وهو يتطلع الى نظرات "مهند" الغاضبة .. ولكن قبل أن يفهم ما يحدث .. جذبه "مهند" من بدلته وألصقه بالسياره خلفه .. نظر اليه "مهند" بنظرات أرهبته وأفزعته .. ندم على مضايقة عش الدبابير .. قال "مهند" بنبرة مهددة :
- الحاجة الوحيدة اللى مصبرانى عليك هى انك ابن عمى .. لكن لو فتحت الموضوع ده تانى ......قطع كلامه وأخذ نفساً عميقاً يهدئ به بركانه الثائر .. ثم قال بصرامة :
- رد فعلى هيكون عنيف يا "علاء"
ظلا ينظران الى بعضهما البعض للحظات .. نظرات رهبه من "علاء" .. ونظرات غضب وتهديد من "مهند" .. تركه "مهند" فجأة كما انقض عليه فجأة .. وركب سيارته منطلقاً بها .. عدل "علاء" من ملابسه وعيناه تشعان حقداً وكرهاً**********************************
بدت ملامح "مهند" قاسية .. جامدة .. ونظراته مثبتة على الطريق .. لكن عقله يسبح فى عالم آخر .. وكلما تعمق فى هذا العالم .. كلما ازدادت قوة انقباض قبضتى يده على المقود .. امتدت يده الى المذياع .. لينساب صوت ذلك المقرئ يرتل آيات الذكر الحكيم .. بدا الغضب ينطفى فى عيناه شيئاً فشيئاً .. تخف حدة امساكه بالمقود .. حتى بدت عضلاته أكثر استرخاءاً .. ونظراته تحولت من الغضب الى .. الحزن .. تحركت شفتاه ببطء .. ثم أعقبها صوت شجئ بنبره هادئه يشارك القارئ فى ترتيله .. سرى صوته العذب داخل السياره حتى بدا وكأنه شحن طاقته من جديد .. لانت ملامحه .. واستعاد قوة نظراته ورباطة جأشه
كاد "مهند" أن يتوجه الى الفيلا .. لكنه فجأة أدار المقود .. وانطلق بسرعة .. بعد ما يقرب من ثلاث ساعات .. وصل الى مكانه المنشود .. عروس البحر الأبيض المتوسط .. وصل بسيارته الى ذاك الشاطئ .. ذالك المكان الذى شاركه طفولته وصباه وشبابه .. خرج من السيارة ووقف أمام البحر الذى اشتاق الى رائحته وصوته ولون قطراته .. دار حديث خاص بينه وبين البحر .. حديث يفهمه كليهما .. بدا وكأن البحر يناديه .. ينادى ذلك الصديق العزيز الذى فارقه وجافاه .. اعتذر منه .. آسف أيها البحر شغلتنى عنك هموم الحياة .. لكن سعادتى اليوم لا توصف .. لأنك مازلت تذكرنى .. خشيت أن تنسانى .. فكم من أناس يأتون ويشكون لك همومهم ويذهبون .. خشيت أن أتوه فى زحمة ذكرياتك أيها البحر .. اجابه البحر بحبور كيف أنساك صديقي العزيز .. كيف أنسى من زارنى وودنى طوال سنوات عمره .. كيف أنسى من بثنى همومه وأحزانه وأحلامه وأفراحه .. كيف أنسى من كان يزورنى ليلاً ليحدثنى ويسليني ويقص على ذكرياته .. لاحت ابتسامه صغيره على شفتيه وهو يتأمل البحر بأعين مشتاقه وقلب حر كالطير فى سماه .. كنت أعلم أيها البحر أنك خلاً وفياً .. مهما بعدت فسأعود لأجدك تفتح لى ذراعيك وتستقبلنى بشوق ولهفة .. نظر اليه البحر متأملاً ما بك يا صديقي ... يبدو عليك الحزن والغم .. ما أصابك تكلم .. ماذا أقول لك أيها البحر .. انها الحياة .. لا تأخذ منها الا ما قًسم لك .. أحياناً تتساءل لماذا أنا .. لكنك تجد شيئاً بداخلك يهتف .. أتعترض على قضاء ربك .. فتشعر بالخجل من نفسك .. وتكتم تلك الأسئلة التى لا تجد لها اجابه .. أحياناً تشعر وكأن السعادة كالطفل الذى يتنقل بمرح بين الناس يمزح معهم ويداعبهم .. لكنك تشعر وكأن السعادة نسيتك قجأة .. نسيت أن تداعبك أنت الآخر .. نسيت أن تطرق بابك .. عندها ترفع رأسك الى السماء .. لتقول بقلبك .. هكذا أردت .. وهكذا قضيت .. لك حكمة .. لعلى أفهمها يوماً .. ولعلى لا أفعل .. لكن سواء فهمت أم لم أفهم .. فلا أملك سوى شيئين .. الصبر .. والرضا .. دار الحديث بينهما طويلاً حتى بدأت الشمس فى الغروب .. نظر "مهند" الى ساعته .. ثم ألقى على البحر نظره أخيره يودعه .. ويعده بلقاء قريب !
أنت تقرأ
العشق الممنوع (للكاتبة منى سلامة)
Storie d'amoreأن يطعنك أحدهم فى ظهرك فهذا أمر طبيعى، ولكن أن تلتفت وتجده أقرب الناس إليك فهذه هى الكارثة..!! بقلم الكاتبة: منى سلامة (بنوتة أسمرة)