الفصل الثاني عشر

3.6K 128 8
                                    



هبت نسمة صيف حارة لتداعب الأغصان اليافعه على استحياء .. وقفت "فريدة" مع "لميس" تتجاذبان أطراف الحديث وهما تقطفان بعض الثمار من شجر الفاكهة المزروع بالحديقه .. قالت "لميس" مبتسمة :
- حبيتى هنا أكتر ولا اسكندرية ؟
قالت "فريدة" بابتسامه حالمه وعقلها سارح فى ذكرياتها بالأسكندرية :
- عمرى ما حبيت مكان زى اسكندرية .. نفسى بجد أرجع تانى هناك
قالت "لميس" بعتاب مبتسمة :
- عايزة تسيبينا يعنى .. شكلى زهقتى مننا ...

أجابت "فريدة" على الفور :
- لا مش كده .. بس أنا قصدى ان صحابى هناك فى اسكندرية .. أنتيمتى اللى مصاحباها من وقت ما كنت طفلة صغيرة عايشة هناك .. وبتوحشنى أوى
قالت "لميس" بمرح :
- النت والتليفونات بتقرب كل حاجه دلوقتى
أومأت "فريدة" برأسها مبتسمة وهى تضع احدى الفواكة التى قطفها فى السلة ثم قالت :
- أيوة .. بس النت مش هيخليني أأنجج فيها ونتمشى على البحر فى ساعة عصارى
لم تكد تنهى حديثها حتى رن هاتفها .. ابتمست وهى تقول بمرح :
- أهى واحدة من صحابى اتصلت شكلهم حسوا انى بتكلم عنه
بادلتها "لميس" الابتسام .. ردت "فريدة" بمرح وهى لا تزال تقطف الثماء بيدها :
- السلام عليكم .... ازيك يا بنتى وحشانى جداً .... لا صادقة بدليل انك بتعبريني أوى .... ايه؟ .... مش فاهمة ؟ .... انتى بتهزرى مش كده ؟ .... بتتكلمى بجد ؟
حانت من "لميس" التفاته الى "فريدة" لترى امتقاع وجهها .. والعبرات التى تلمع داخل عينيها .. تجعد جبينها وهى تنظر اليها تحاول معرفة ما يضايقها لهذا الحد .. أكملت "فريدة" بصوت مبحوح كمن على وشك البكاء :
- لا معرفش .... هقفل دلوقتى .... هكلمك بعدين .... لا أبداً بس مشغولة شوية .... مع السلامة
أنهت "فريدة" المكالمة وهى تنظر الى هاتفها وبقيت على حالة الجمود واحتقان وجهها فى تزايد والعبرات أصبحت كغشاوة تملأ عينيها مهددة بالانهمار .. قالت "لميس" بقلق :
- فى حاجه يا "فريدة" ؟
انتبهت "فريدة" لنفسها رفعت رأسها فقط لتسقط عبرتها المحبوساً رغماً عنها .. مسحتها بظهر كفها بسرعة وهى تبتسم ابتسامه لا تشى الا بألم يعتمل بداخلها وهى تقول بصوت مضطرب :
- لا أبداً
حاولت العودة الى استكمال جمع الثمار .. لكن يدها توقفت .. لن تستطيع التظاهر بأن شيئاً لم يكن .. تحتاج الى الذهاب الى غرفتها فى الحال .. وإلا ستنفجر فى البكاء أمام "لميس" .. وهذا ما لم تعتاده قط .. استأذنت وهى تطرق برأسها :
- تعبت هروح أرتاح شوية
لم تترك فرصة لـ "لميس" للرد .. بل هرولت تجاه الفيلا وعينا "لميس" تتابعها فى قلق بالغ .
صعدت "فريدة" الى غرفتها وأغلقت باباها عليا .. جلست فوق فراشها تخفى وجهها بين كفيها وتنتحب نحيباً مكتوماً دون أنين .. كعادتها تكتم أنينها بداخلها .. تظل مشاعرها حبيسة صدرها دون أن تسمح لها بالخروج .. تتجرع أحزانها وحدها دون أن تجرؤ على بث شكواها ونجواها لأحد .. غيــر ربهـــا .. وكعادتها عندما تشعر بضيق .. وبحزن .. وبألم .. نهضت الى الحمام الواقع فى الرواق .. توضأت .. وعادت الى غرفتها .. وفرشت سجادتها .. ووقفت تناجيه .. تنتحب .. وتشكوا اليه 

العشق الممنوع (للكاتبة منى سلامة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن