(6) : مشاعر

119 10 5
                                    

دخل الى المقهى بحث عنها بعينيه لعله يجدها فاتضح له أنها مازالت لم تصل.

أخذ مكانا و جلس بقي يستمع الى الصراع المجدد الذي يدور في داخله بين نصفه المتشائم و نصفه الآخر المتفائل -ذلك القتال الذي يجعل منه مجرد عبد يعيش حتى ينساق تحت هيمنة النصف المنتصر في كل جولة- :

"أنت مرهق جدا، انظر لنفسك كأنك أحد عمال الفحم بسفينة التايتانيك الغارقة و التي هي حياتك الآن، فعلا انت بدون فائدة و عمرك يسير نحو المجهول ولا تزال تنهك نفسك بعمل متواضع؛ لماذا تقابلها ؟ هل تظن حقا أن تجربة عاطفية مع فتاة ثرية مثلها ستخرجك من واقعك ؟ أنت تتوهم ذلك فحسب !!

لا، لست تتوهم، إن العمل لم يعني ابدا التعب و الارهاق بل هو ترجمة لوجودك و ذاتك. و ما المشكلة ان كانت هي تنتمي لعائلة ثرية ؟ الحب لا يعرف ثراءا ولا عمرا ولا لونا، بل هو اسمى و ارقى من تلك الأمور المادية التي زرعتها الحياة العصرية في ثقافة البشر. ثم انك لا تعلم الى أي منحى سيتغير القدر ربما ستتحسن الامور اكثر. ما دمت موجودا فأنتَ تستحق أن تعيش كما يحلو لك !"

كان رأسه سينفجر من سماع تلك الأصوات المتضاربة التي باتت لا تفارقه.

حاول تجاهل الأمر فهو لا يريد أن يظهر امامها على تلك الحال فبعنادها يعرف انه لن يهدأ لها بال حتى تعرف ما يدور بخاطره مجددا كالمرة الاخرى.

بقي على تلك الحال الى أن فطن بها دلفت الى الداخل كانت جميلة جدا ببساطة فستانها التي تعطيها رونقا خاصة بها من الانوثة التي لا مثيل لها، كان جمال منظرها آتيا من ملائمة ذلك الفستان البسيط لجسمها خصرها النحيف و مشيتها التي تتمايل فيها بطريقة جميلة لتبرز قوامها الممشوق.

رأته يبتسم لها و في الواقع كانت ابتسامته تحيي البهجة في نفسها.

توجهت نحوه و جلست و البسمة تعلو ملامحها أيضا. و بنبرة دافئة و عيون أكثر دفءا قام بافتتاح الحديث :

"-تبدين جميلة للغاية كارو !
-(احمر وجهها خجلا ثم اجابته و هي لا تعلم ما تقول) اامم.. لطف منك؛ (بحماس) بالمناسبة اردت.. اردت أن أخبرك بأمر و أنا واثقة أنه سيفرحك كثيرا.
-(اقترب من الطاولة اكثر و اسند ذراعيه عليها ليصغي باهتمام) نعم ما هو ؟"

ازدادت ابتسامتها التي جعلته يتشوق أكثر للأمر فاردفقت و عيونها تلمع حماسا :

"يمكنني القول بأن زواجي من ذلك البغيض الذي لم يملأ حياتي الا نكدا و مشاكلا مع عائلتي قد تم الغاؤه و من طرف والدي. (ضحكت) لم اتوقع انه سيفعلها ابدا."

عادة الفتاة تحزن لعدم اتمام زواجها، و لكن في حالة ما إن كان زوجها لا يطاق و لا يحتمل، ففشل العلاقة اشبه بالفردوس و النعيم.

لوهلة شعر بالنصر أو ما شابه ليس مبالغة منه و لكنه كان بانتظار شيء مماثل ليسعده.

من شدة الفرح بدأت تعلوه الاضطرابات مجددا كبح نفسه، حاول تنظيم مشاعره المتداخلة ثم سألها مظهارا الهدوء :

المَكْسـُــــورْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن