الفصل الأول
ارتجف كامل جسدها في محاولة لكبت توترها وهي تطالع ذراعيه القوية تمسك بمقبضي الباب ....اغمضت عيونها غير مصدقه ما اقدمت عليه منذ قليل !!....
تزوجت !!
فتحت عيونها لتتابع زوجها !! كلمه لها وقع غريب علي اذانها لم تعتدها بعد وهي حديثة الزواج ، لم يدم عليها ساعتين !!...
فتح الإيوان او الحصن فأبدا لن تلقي بكلمه فيلا او منزل علي هذا المبني المهيب !! ….
يكفي كلاب الحراسة التي كادت تقتلها رعبا بالخارج لولا زوجها الذي ظهر أشد خطورة وهو يلجم تلك الكائنات الهائجة ...
فتح رفتي الباب علي مصرعيهم ليقف شامخا بطوله الذي يصل الي 6 اقدام ونصف وجسده الرياضي وفقا لطبيعة عمله وبشرته السمراء الشرقية فضلا عن عيونه السوداء البراقة يشير اليها بالدخول الي المنزل....
لمحت ماجد (والده بالتبني ) بجواره يساندها بعينيه ويشجعها ...
رفعت ساقها ببط لتدلف بحرج وهي تلعن ذلك العجوز الكارثة الذي استطاع اقناعها بالزواج من ابنه والمحاربة من اجل حب مبهم الوجود … وجعلها تشك في سلامة قواها العقلية !! ...
تزوجت من محمد حقا !! ....بهذه السهولة و بدون اي جهد ... وبكل تلك الغيوم علي ماضيهم وتعقيدات الحاضر و متاهات المستقبل !!
صوت اغلاق الباب خلفهم ايقظها من افكارها لتمسك بفستانها بين قبضتيها تشعر كالفأر في المصيدة ....
لكن لماذا !!! الا يجب ان يكون شعورها مغاير لهذا التوتر الم يكن قرارها بالمحاربة ؟!تري هل اخطأت ؟!....
هزت رأسها لوهله ... ترفض التفكير هكذا ..هذا حقها في تلك الحياة...ستكون أقوي !! ...تستطيع اغتنام تلك السعادة من بين براثن القدر وذلك العنيد سارق قلبها !! ...
رمقت محمد او زوجها ، اللفظ الذي يحب قلبها اطلاقه بسعادة خفية ....لتبتسم بإصرار وأمل وهي تطالع ارجاء المنزل من حولها ...
رقيق للغاية وأنيق يبدو ان ماجد باشا لم يبخل علي زوجته الراحلة فعلي حد علمها من حديثه في فتره عملها معهم انه يبقي كل شيء كما كانت تحبه ولم يغير قشه في منزله حفاظا علي لمستها به ..
-ده الريسبشن و الاوضه اللي في الاخر دي اوضه ماجد باشا ، واللي جانبها مكتبه محدش بيدخله اطلاقا غير بأذنه والنحيه التانيه هتلاقي المطبخ وحمام الضيوف !! .....
كانت تلك اول جمله يقولها محمد منذ عقد قرانهم في الصباح محاولا التغلب علي دوامه مشاعره وانفعالاته غير مصدقا انها ملكه بالفعل وعواقب ذلك علي دفاعاته و جدران قلبه الذي عاني سنوات طويله في صبها !!...
بعد هذا الحرمان الطويل تصبح ملكه ليذكره عقله بانه امتلاك وقتي سينتهي مع انتهاء مهمته !!....
قاطع مراره تفكيره تدخل ماجد بابتسامته البشوشة وكلماته الصديقة مساندا ابنه منعدم اللباقة والترحاب ....
-طبعا ليكي حريه التنقل في الحته اللي تعجبك ، انتي بنتي دلوقتي و برغم ان الظروف مش ملائمه او حميدة بس انا سعيد جدا بوجودك معانا ...حتي ولو بشكل وقتي !!
اطرق محمد رأسه في الارض رافضا التفكير في الامر وقلبه يسخر علي ما يراه واضحا كالشمس ؛ ايمكنه اطلاق سراح صغيرته من صرح قلبه خاصا وقد ارتبطت باسمه و علي سنه الله ورسوله ؛
نعم انه الاتفاق ولكن هل يجد تلك القوي بداخله ،
هل هي معجزة يقدمها له القدر ام انها سخرية منه و سينتشلها كعادته !!!
اغمض جفونه منهي افكاره ، بحاجه الي كل ذرة تركيز ، في منصبه ل حماية اغلي ما يملك في الحياة والده و جميلة من صارت زوجته !! ...
دق قلبه بشده وهو يبتلع ريقه ، هذه الكلمة البسيطة ارغمت شعور دافئ داخله مصر علي امتلاك كل جوارحه !.....
اردفت جميله بامتنان وشكر لتخرجه من دوامه افكاره المشتتة بصوتها الملائكي....
-انا متشكره جدا يا ماجد باشا، واتمني ما ابقاش ضيفه تقيله عليكم و ....
قاطعها ماجد بتوبيخ خفيف..
-ايه الكلام ده يا جميله ...ده انا لسه بقول بنتي وبعدين انتي دلوقتي مرات ابني يعني ليكي في البيت ده زيك زينا بالظبط ....
اطلق ضحكه متحفظة مستكملا....
-انا اللي اتمني انك تقدري تستحملي العيشة معانا احنا اتنين اه ، بس البيت ده بيبقي مرستان !! ف انا عايزك تخدي راحتك خالص!! .....
ضحكت جميله ليغرق محمد في سحر جمالها ورقتها لحظه قبل ان يعبس ويستجمع عقله قائلا بحده كارها تشتيتها المستمر له...
-لا متخديش راحتك اوي !!! ....
استدارت تنظر اليه لفهم مقصده وقد اختفت البسمة عن فمها... بينما جز والدة علي اسنانه من غباء ذلك اللعين ....
سعل بخفه و بتوتر نجح في اخفاءه عندما رأي والده يكشر ملامحه بتحذير، ليستطرد محاولا تجاهل اشارات والده...
- لازم تفهمي ان كل حاجه هنا بنظام ..ومش لازم تنسي ابدا اننا في موقف خطيرة ولازم كل كلمة اقولها تتسمع ومش هسمح ابدا ان كلامي يتكسر او يحصل اي خلل فيه ....مفهوم يا جميله !!
ارتفع حاجبيها وهي ترمش لوهله من حده كلماته وجديتها بالرغم من تراقص قلبها علي حروف اسمها كلما نطق بها ....
ضيقت عينيها وهي تبتسم .. اهذا انعدام للذوق ...ام انه جاهل بالعلاقات الإنسانية بحق ...تنحنحت لتقول...
-حاضر ، أحاول !.
قست ملامحه اكثر ليردف بحزم...
-لا مفيش حاجه اسمها احاول ، اسمها هنفذ التعليمات و بالحرف الواحد ، مفهوم !...
عضت لسانها تحاول تحديد من المتحدث محمد ظابط الحراسات الخاصة ام الشخص الفظ المختلف تماما عما عهدته قديما في الطفولة....
لم يسنح لها الرد ...ليأتيهم رد ماجد ...
-مش وقته يا محمد خليها تطلع ترتاح ...كفايه اللي شافته امبارح ....
جز علي اسنانه وهو يشد قبضتيه ويخفيها بعقد ذراعيه خلف ظهره ؛ غضب و ضيق عارم يسيطر عليها ويطبق علي صدره كلما تذكر ما تعرضت له بالأمس ....
و اكثر ما يزعجه انها لم تلجأ اليه من البداية فان فعلت لما تعرضت لكل ذلك...
حاول ابعاد انظاره عن وجنتها اليمني والتي يظهر عليها احمرار طفيف وورم نسبي يكاد يكون خفي لكن ليس لعيونه المتفحصه لكل انش بها !!!
بدأ عقله يشكك في قراره وبات مذبذب اي الخيارين الافضل لها ابتعاده واختفاءه من حياتها لحمايتها من لعنه مصيريه تحل علي كل من يقربهم ام اقترابه لحمايتها من ذئاب تحوم حولها !! ....
انعقدت ملامحه وهو يتابع بشرتها البيضاء الباهتة قليلا من الارهاق ووجهها المشرق بعيونها البنيه التي ترفض ملاقاته ...
اطرق رأسه لحظه موبخا شوقه لها ليردف بهدوء حاد ...
-تعالي ورايا !!..
اتسعت مقلتي عينيها وهو يتجه الي الدرج بينما يحثها ماجد علي الذهاب...بلت شفتيها ببطء واتبعته بخفه ... وماجد يؤازرها بعينيه ويحثها علي المثابرة بغمزة خفيفة من عيونه التي يظهر عليها الكبر ...