_ الفصل الخامس عشر _

7.9K 213 21
                                    

لفت نظره تلك البطاقة التي أتي من أجلها فيلتقطها وأذا به تُلجم الدهشة لسانه وتعقده حين رأى الاسم كالأتي ( زمردة عزت محمد الصاوي ) عاد يمعن النظر في صورة البطاقة يتأكد إذا كانت هي بالفعل أو لا ، فتزداد دهشته حين يرى صورتها ، وقف يتأمل الاسم في ذهول وعقله يدور حول نفسه فى حلقة دائرية قائلًا " لا ، لا يمكن أن تكون تلك الفتاة ابنة عمي عزت ، كيف تكون ابنة عزت الصاوي ؟! ، وهل الجميع يعرف هذا ماعدا أنا ! " أدرك الآن سبب العبرات التي رأها في مقلتيها حين القمها بلفظه حجرًا " مين أنتي أصلًا علشان نهتم بيكي ! " .. حينها رأي الألم يتجسد بجميع أشكاله في عيناها البنيتين  التي تلومه على ماقاله وهو يجهل كل شئ وبالأخص من هي ، أدرك أيضًا سبب ذهابها مع مروان الأمس ، عابه ضميره قليلًا على ما الفظه لسانه في حقها بدون وعي ، ولكن كيف لهم أن يخفوا شئ كهذا عنه لطوال سنوات مرت طويلة . وضع تلك البطاقة في جيب بنطاله واندفع إلى خارج المنزل .

                              ***
فتح الباب وتقدمت هي أولًا بالدخول وتبعها هو وأغلق الباب خلفه  ، تسمرت بأرضها فجأة ووضعت كفها على يسارها وأستنشقت الهواء بصعوبة وتزفره بسرعة ، وقف يحدجها ويتابعها بقلق بسيط الذي سرعان ماتحول إلى هلع حين استندت بيدها على ذراعه وساءت حالتها ، شحب لون وجهها وهي ترتجف وتعافر في التقاط بعض الأكسجين لرئتيها .. حاوطها بذراعيه من كتفيها هاتفًا بفزع ظاهر في نبرة صوته :
_ ملاك مالك ، ردى عليا !

أسعفت الكلمات كالذى يلفظ آخر حروفه قبل خروج روحه بانتفاضة شديدة :
_  ما..يه يا أُسيد مايه

بذراع حاوط كتفيها والآخر قبض على كفها الأيسر يساندها للوصول إلى الأريكة وأجلسها عليها ، ثُم أسرع في خطاه أشبه بالركض نحو المطبخ ليجلب كوب ماء بارد لها كما طلبت ، وعاد لها مهرولًا يناولها إياه ، رأى يدها المرتجفة وهي تمدها لجذب كوب الماء بالتهاف ؛ فلم يتردد لثانية ومد هو بيده كوب الماء إلى فمها يرويها بحذر ، وعندما اكتفت أبعدت الكوب عن فمها ورجعت برأسها للخلف تتنفس الهواء بأرتياح بسيط ورجفتها تعتريها مازالت ، أسند الكوب بجوراه وهتف بنبرة حانية قلقة :
_ أخدك ونروح للدكتور تاني ياملاك لو لسا تعبانة ؟

هزت رأسها بالنفي القاطع وتنظر له بنعومة وابتسامة ضعيفة فترى الفزع وانخطاف لون وجهه يحتل مركزه ، ونظرته الدافئة يصوبها نحوها كالضوء الخافت من عينيه فتمتمت ببحة بسيطة :
_ لا ،  بقيت كويسة الحمدلله متقلقش

_ طيب قومي يلا روحي الاوضة ارتاحي

اعتدلت في جلستها بحرص وتمتمت بضعف وهي تنتفض :
_ مش قادرة أوقف على رجلي أساسًا يا أُسيد استني أما أقدر أخد نفسي كويس وارتاح أكتر أبقى أقوم

هب واقفًا وانحنى فيحملها على ذراعيه بخفة ورشاقة ، فتشبتت برقبته من الفزع وطالعته بوجنتين متوردتين  حين وجدته يقول بمزاحه المحبب لقلبها :
_ مش كده أفضل ولا أيه ؟ ، احنا لسا هنستنى أما تاخدي نفسك وترتاحي

رواية ( أشلاء القلوب ) لندى محمود توفيقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن