الفصل الثامن عشر

7K 182 1
                                    

توسلات ورجاء في بداية الأمر أن يبتعد عنها ويتركها وسرعان ما تحولت تلك التوسلات إلي صرخات كتمها هو بأحد الأقمشه يكبل يدها ، تتلوي كالثعبان وتصرخ باكية في محاولة لأصدار أي صوت ولكن دون فائدة تارة تصرخ بأسم أخيها وتارة بأبيها وتارة بمراد وهي لا حول لها ولا قوة ، لينتهي الأمر بانتهاك أعز ماتملك وسط محاولتها الفاشلة أن تنقذ نفسها من هذا الذئب ولكن في النهاية فشلت وانتهكت عذريتها ومعها انتهت هي ليس في حياتها فقط بل قتلت روحها ولم تعد موجودة إن بقت ستبقي جسد هامد بدون روح .. أخطأت حين وثقت به وخانت ثقة أهلها بها تعلم هذا ولكن لماذا يعاقبها الله بهذا العقاب القاسي سيكون أهون إن كان عرف أخيها وأبيها الأمر كانت ستتحمل عقابهم القاسي لو كانت تعرف إن هذا ماسيحدث لكانت اختارت  أن يخبر أخيها على أن تأتي له ، ولكن ماذا يفيد الندم الآن فقد انتهي كل شئ .. فهي أشبه بزهرة أقتطفها أحدهم من بين بستان الزهور الزاهية والجميلة التي تنضج بالنمو والنشاط وبمجرد أصدار صوت قطفها من جذرها انتهت حياتها معها وذبلت بعد ساعات معدودة . بدأت تفقد وعيها تدريجيًا وغفيت عن العالم المحيط تمامًا ....

                                 ***
يجتمعون في المنزل ، يسير ريان يمينًا ويسارًا ويفرك يديه بتوتر ومراد يقف يستند على أحد الأركان يفكر بتدبر هل يعقل أن يكون ذلك الحيوان أصابها بمكروه ، أقسم على أنه سيقبض روحه بين يديه إن كان فعل لها شئ ، وليلى وأسمى يجلسون يتابعونهم بتوتر مماثل لهم حتى خرج صوت ريان صارخًا :
_ أيوة يعني غارت فين ومش بترد على الموبايل وحياة أمي ياسارة بس ترجعي لأكون مربيكي على طلوعك آخر الليل كدا !!

_ أهدي ياريان إن شاء الله تكون بخير هي أول مرة تعملها أكيد هي راجعة في الطريق دلوقتي

هتفت بها ليلى في محاولة من تهدئة روعه  ، ولقد طرقت العاصفة المدمرة أبوابهم عند رنين هاتف مراد فأخرجه وأجاب متلهفًا لربما تكون اتصلت من رقم غريب :
_ ألو مين معايا ؟

تجمدت دمائه حين سمع صوت رجولي يقول شبه ضاحكًا :
_ ياااه السؤال ده سمعته إمتي قبل كدا ، أه أفتكرت لما كلمتني وسألتك مين معايا قولتلي سارة فاكر وأنا دلوقتي هقولك سارة معاك ، أه صحيح كمان أنت كنت بتقول هتاجي تعزي وتعمل الواجب طاب تعالي بقي مستنيك وهبعتلك العنوان في رسالة

أنزل الهاتف من على أذنه يجاهد في ضبط نفسه ، قلبه سيقفز من موضعه مربعًا عن خوفه الجلي ، لا يمكن أن يكون قتلها ! ، يقسم أنه سيقتله بأبشع الطرق .. ثوانٍ ووصلت الرسالة فأنطلق إلي الخارج يركض وتبعه ريان الذي يصيح عليه يحاول فهم أي شئ منه ولكنه يلتزم الصمت ويلهث أنفاسه المتسارعة من الرعب . أنطلقا بالسيارة نحو ذلك المنزل الذي أرسل عنوانه ، كان هو أول من يترجل ويركض إلي داخل المنزل ذات الطابق الأرضي .. كان آخر من ذهب ترك الباب مفتوح قليلًا ففتحه بترقب ودلف دفعه ريان عن طريقه واندفع يبحث في الغرف وهو يكاد يفقد عقله والآن فقده حقًا حين رأها في أحدي الغرف ملقية على الفراش ملابسها العلوية شبه ممزقة بل ممزقة بالفعل غارقة في دمائها وفاقدة الوعي ، يقف كالصنم أن قرصه ثعبان لن يشعر به فصدمته أكبر من أن تجعله يشعر بتلك القرصة وهذا الألم الذي لا يعد شيئًا أمام مايراه من وضع شقيقته الآن . لحقه مراد الذي بمجرد وقوع نظره على المشهد لم يتحمله عقله وقلبه فأشاح بوجهه فورًا بل أستدار كليًا يدفن وجهه بين ثنايا قبضتيه بخزي ، رفع رأسه واستند بقبضة يده على الحائط ويطرق رأسه أرضًا ، قلبه تمزق على زهرته التي لطالما أحبها وعشقها ليس كابنة عم فقط بل كأخت وصديقة وكل شئ ، " ماذا فعل بكِ ذاك القذر ، لم يقتلك فعليًا وقتلك معنويًا ، أقسم لكِ أن أجعلك ترينه أمامك وهو يتعذب ويدفع جزاء ما فعله معكِ دمًا " .. سمع صوت ريان الذي اقترب منها وفي شبه عين دامعة ملس على شعرها يقول بصوت يغالبه البكاء على حبيبته وشقيقته :
_ سارة ياحبيبتي ردي عليا ، سارة قوليلي مين عمل كدا !

رواية ( أشلاء القلوب ) لندى محمود توفيقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن