4

2.6K 224 17
                                    

تعرفون قد ايش الموقف محرج و غبي بنفس الوقت لما تتخيلي نفسك مع البايس بأحداث درامية و رومنسية و بعدها تبتسمي لنفسك بغباء و تنسي أنك قاعدة مع الضيوف و هم يناظروكي و كأنهم يقولوا: البنت هي مجنونة؟
يب يا جماعة صارلي الموقف اليوم🌚💔😭💔


.


"أيرس, أيرس!"
خرجتُ من شرودي و أنا أرى أمي التي تلوح بيدها أمام وجهي محاولةً لفت أنتباهي, لا زلت أفكر بالأحداث التي حصلت منذ يومين, تلك العصابة المجنونة التي هاجمتني, و أنقاذ جيمين لي, و تقبيلي لخده و كل هذه الأشياء ترهق عقلي المسكين

"أنتي على هذه الحال منذ البارحة, أين تسرحين بأفكارك طوال الوقت؟"
ارتشفت من كأس الشاي الدافئ الذي اعدته أمي, الشتاء بدء ينتهي بالفعل و الجو يزداد حرارة لذا هذا المشروبات الساخنة لم تعد تروقني

"أنا فقط منشغلة بالتفكير ببعض الفواتير أمي"

"ياااا مال و فواتير و ضرائب, أنتِ لا تتوقفين عن التفكير بهذه الأشياء!"
تذمرت أمي و هي تكتف يديها و تزفر الهواء بضيق

"ماذا تريدينني أن أفعل؟ هذه مسؤليتي, يجب أن أنظم كل شيئ لننعم بحياة كريمة"
جادلتها محاولة إيقافها قبل أن تبدأ بموشحها المعتاد عن الأنجاب و الزواج, هي تتطرق إلى هذه المواضيع دائماً

"أنا أعلم لكن...أريدكِ أن تعيشي شبابكِ! أعني أنظري إلى نفسك أنتِ في ال 22 من عمرك و لا تخرجين مع اصدقاء, أو تقومين بنشاطات الشباب تلك, أنتِ حتى لا تملكين حبيباً! سوف أصبح عجوزاً و أموت قبل أ آرى أحفادي"
و ها نحن نبدأ مرة آخرى.....

"أمي بحقك, جدتي لا تزال على قيد الحياة! هي تزوجت في سن الثلاثين و ها أنا حفيدتها كبيرة و تراها أمام عينيها, أما أنتِ فتظنين أنكِ ستموتين قبل أن تري حفيدكي رضيعاً! صدقيني ستعيشين و ترين أبناء أحفادك أيضاً"

"ليس و أنتي لا تملكين حبيباً حتى الأن"
لا أريد مجادلتها أكثر لأنني أعرف أنه سينتهي بنا الأمر بنقاش مطول لا نهاية له, أنه يوم العطلة ولا أريد تعكير مزاجاي
نهضت من الأريكة و وضعت كأس الشاي على الطاولة, توجهت نحو غرفتي و خلعت قميصي القصير و الشورت اللذان يظهران اجزاء كثيرة من جسدي, أخرجت بيجامة رياضية سوداء من خزانتي الصغيرة و أرتديتها مع ابقاء شعري مسدولاً كالعادة, مضى وقت طويل منذ أن قرأت كتاباً و بما أنني متفرغة اليوم سوف أذهب لأشتري واحداً و أشغل نفسي بقراءته
أعلمت أمي التي لا تزال جالسة في غرفة المعيشة بأنني ذاهبة لمتجر الكتب الموجود بقرب المنزل, أخذت محفظتي و ارتديت حذائي الرياضي الأبيض لأنطلق خارج المنزل متجاوزةً السلم القصير الذي يفصلني عن بوابة الخروح من المبنى, نظرت نحو اليمين و كان المتجر أمامي مباشرة, هو قريب جداً
دلفت إلى الداخل ليصدر الجرس المعلق فوق الباب صوتاً يعلن قدومي, ألقيت التحية على العجوز المتكئ بظهره إلى الكرسي المتوضع خلف الطاولة المجاورة لباب المتجر, بدأت بالتجول بين الرفوف وسط الهدوء و الضوء الخافت للمكتبة لأشعر و كأنني هنا في حديقتي السرية في معزل عن العالم الخارجي, عيناي تأخذ وقتها في تأمل عناوين الكتب حتى لفت نظري إحداها, مددت يدي و قبل أن أصل إلى الكتاب الموضوع في الرف العلوي سبقتني يدٌ أخرى أتت من فوق رأسي لتمسك بالكتاب
استدرت ببطئ لارتعد من مكاني عندما رأيته هو أمامي, كُنت محاصرة بينه و بين الرف الموجود خلفي الذي استندت عليه لموازنة جسدي

"م ممم ماذا تفعل هنا؟"
تكلمت من بين شفتاي و أنا أحاول السيطرة على دقات قلبي التي بدأت تتسارع منذ لحظة التقاء أعيننا

"أنا اشتري الكتب, ماذا قد يفعل الأشخاص في مكتبة؟"
رفع حاجبه الأيسر بنظرة تساؤل, ثم اقترب مني أكثر فأكثر حتى أصبح هنالك إنش واحد يفصل بيننا, دقات قلبي خرجت عن حدها الطبيعي, استطيع سماع صوتها يملئ المكان حولنا
الهواء أصبح ساخناً بتضارب أنفاسنا, أول مرة أرى ملامحه الوسيمة بهذا القرب وقد زاد هذا الطين بلة! أمسك يدي اليمنى المستندة على الرف و وضع فيها الكتاب ليستدير و يكمل جولته في المكان
هكذا فقط؟ كل هذا التوتر و النبض فقط لتعطيني كتاباً؟ أن متأكدة أنه فعل ذلك عن قصد محاولاً إغاظتي, لكن على كل حال أنا بالطبع مشيت خلفه بخطوات متناسقة مع خاصته كما فعلت في المرة السابقة

"إن القدر حقاً يريدنا أن نتلاقى مجدداً"
حاولت التخلص من الصمت المحرج الذي نشئ بيننا, هو توقف عن المشي ليستدير نحوي و حدق بنظراته العميقة في عيناي, هل هو يحاول جعل قلبي يقفز خارج صدري؟

"يمكنكي تسميته قدر, أنا اسميه مجرد مصادفة"
ابتسم بجانبية في نهاية كلامه ثم وجه جسده نحو الأمام مرة آخرى
تبادلنا أطراف الحديث في أثناء تجولنا بين تلك الرفوف ذاتها مراراً و تكراراً, و كأن كلانا لا يريد لهذا الحوار أن يتوقف, أو ربما أنا فقط من يريد ذلك لأنه توقف عن الحديث و الدوران حول المكان و ذهب نحو طاولة ذلك العجوز لدفع ثمن كتبه, بعد أن انتهى هو أنا لحقت به, لم أختر أي كتاب بسبب أنشغالي بالتحديق به لكن لا بأس ربما في المرة القادمة
رياح قوية صفقتنا فور فتحه لباب المتجر, نظرت نحو الخارج و رأيت الأمطار تنهمر بغزارة لا توصف و الأشجار تنحني بسبب شدة قوة الرياح, أغلق الباب بسرعة و التفت نحو الرجل

"منذ متى و الطقس هكذا؟"
سأل و هو في حالة تفاجئ من سوء الأجواء في الخارج, لقد كانت الشمس ساطعة عندما دخلنا!

"أنا لا أعلم"
رفع العجوز كتفيه للأعلى و بسط ذراعيه علامةً على عدم درايته بالأمر مسبقاً

"هل هذا التلفاز يعمل؟"
أشرتُ نحو شاشة التلفاز الذي يبدو قديم الطراز, كان معلقاً بأداة ما فوق السقف موجهاً نحو كرسي العجوز

"أوه أجل أجل إنه يعمل, هل تريدين أخباراً عن الطقس؟"

"نعم من فضلك"
فتح هو دُرجاً أسفل الطاولة و أخرج منه جهاز التحكم, بحث عن قناة الأخبار المحلية لمدينتنا ليتوقف عندها

"لذا أنا أوجه كلامي إلى جميع السكان المحليين بأن يبقوا في منازلهم بسبب سوء الأحوال الجوية, و وردتنا أخبار أن وسائل النقل متوقفة حالياً حتى تهدأ العاصفة"
كان المذيع قد أنهى النشرة الجوية بالفعل و أنا فقط حدقت بجيمين منتظرةً منه ردة فعل ما, إذا كان بيته في مكانٍ ما بجانب تلك الحديقة فإنه سيكون بعيداً للغاية و وسائل النقل متوقفة كما ورد

"إذاً ماذا ستفعل؟"
همست بتساؤل بجانبه و هو أدار رأسه نحوي

"سأنتظر هنا"

"ماذا تقول؟ هل تظن أن هذا الرجل سيبقي متجره مفتوحاً في هذا الطقس؟ من سيأتي؟"
عارضت قراره و أنا أصرخ بهمس, اقتنع هو بكلامي و تنهد يرخي كتفيه

"تعال إلى منزلي إنه قريب جداً من هنا"
أنا لا أصدق ما أقول, ولست مقتنعةً بعرضي له لكن ما باليد حيلة, أنا لا استطيع تركه هكذا

"هل أنتِ تشفقين علي؟"
عقد حاجبيه و أعاد شد كتفيه و صدره

"لا لا أنا فقط....أعني هل لديك خيار أفضل؟"
نظر هو نحو الباب ثم أعاد نظره نحوي ليرطب شفتيه بلسانه و يرجع شعره للخلف, تلك الحركة المثيرة كفيلة بجعل نبضي يتوقف

"حسناً سأذهب"
احسست بفراشات صغيرة ترفرف في معدتي, فكرة أنه قادم إلى منزلي تجعل عقلي يمتلئ بالأفكار التي قوطعت بالهواء الذي صفقني مرة أخرى, نظرت نحو الباب و قد كان مفتوحاً و هو يقف بجانبه

"أريني أين منزلك"
تقدمت و أشرت له نحو البناء المجاور

سحب يدي اليمنى من جيبي و شَبكها مع يده بأحكام......أنا لم أحس بقدماي التي كانت تجري معه للوصول إلى البناء قبل أن نتبلل, لم أشعر بقطرات المطار توخز بشرتي, أنا فقط مركزة على يده التي تعطيني شعور الدفئ العارم, شعور مميز لا يوصف!

شعور مميز || P.JMحيث تعيش القصص. اكتشف الآن