الفصل الثالث

625 43 14
                                    


رحل حبيبها ، رحل نصفها الاخر ، هذا مابقي يتردد في عقلها، عليها أن توقفه ، لايجب أن يتخلي عنها بهذه السهولة، فانطلقت تركض كالمجنونة وهي تبعد الجميع من مكانها ، رأته يسير في البهو ، فصاحت تناديه
_ أديب توقف .. أديب ...

لكنه لم يلتفت لها و لم يعطيها أية إهتمام ، ثم سمع خطواتها وهي تركض حتي وقفت أمامه تلهث و تقول من بين أنفاسها
_ أيها الجبان ....لما تفعل هذا بي ؟ أنت ...أنت ..

مدت يدها و أرادت الإمساك بكفه ، لكنه صفع يدها مبعدا إياها
_ أنت أنانية ...أعجبك ماتعشينه معي ..لا غير ...أنا نزوة عابرة ...لا أكثر ..لم و لن أكون خيارك الأول ...

لانت ملامحها ، وهدأت أنفاسها وهي تقول بصوت خافت
_ لكنك كل شيء بالنسبة لي ..أنت تعرف هذا ...

فصاح فيها مخرجا كل غضبه، إنها فتاة، هي تربت على إمتلاك كل شيء ، لن تفهم تحطم كبريائه و كرامته
_ هذا يكفي ليليا ...إن كنت مهما ولو قليلا عندك فابتعدي عني ...أنت أنانية و خائنة ...

قاطعته ليليا ببكاء وهي تفاجئه بوضع كفها على فمه
_ كفا ...لا تقلها ، هنا بقلبي ...لا يوجد أحد غيرك ...كل شيء إلا الخيانة ...لو تسمح ...

لوهلة ، أراد الانجراف وراء مشاعره ،وراء رغبته في إحتضانها وانتشال كل هذا الألم ، رفع يده ، ليضمها و ليذهب كل شيء للجحيم، لكنه اوقفها في الهواء في أخر لحظة ، لن يخطأ ، عليه وضع حد لها ، هو لن يفيدها ، فارتدي قناع القسوة و دفع بها بعيدا لدرجة ارتطام ظهرها بالحائط و إخراج شهقة متألمة منها ، و زاد من قسوته ، حينما قال
_ كفاك اوهاما ياصغيرة ...الحب لا يأتي في لحظة ...لا تهدري كرامتك أكثر ...فأنا مستعد لإذلالك ...

ثم إبتعد عنها، كأنه لم يقل شيئا، كأنه لم يحرق روحا أحبيته، كأنه لم يقتل نفسه بيديه ...رحل ببرود مضحيا إستعد لإحتوائه..لقد خسر الحرب التي تحدد مصيره، فأسرت روحه مع وطنه ليليا ...

بالمقابل، لم تتحمل ليليا عدسات المصورين المتطفلة، كرهت نفسها أكثر، كرهت عائلتها التي لم و لن تفهمها ، كرهت الجميع وهي تعرف كيف ستنتقم ، لقد سبق واخبرت هذا المدعو نضال أنها لا تريده و هو الان يعتقد نفسه إشتراها بمجرد مساعدة أبيها في القيام بعملية جراحية.

معذور حبيبها أديب في رحيله عنها، من حقه أن لا يطيقها او يطيق أسرتها، فهي نفسها لا تطيق أحدا .

و بطريقة تلقائية وضعت يدها في جيبها، لتخفي توترها و رجفة أطرافها ، و بعد لحظات توسعت إبتسامتها، إنها ترتدي سترته، رغما عنه و رغما عن الجميع و رغم القدر ، بقي يحتويها .

بالمقابل ، فإن أديب لم يكن بحال جيدة، كيف كان بهذا الغباء حتي يحب فتاة ليست من مستواه ، بل رسم أحلامه معها، كيف له أن ينسي الفوارق الاجتماعية، ماذا عن هويته؟ إنه لايملكها ، لقد حصل على مجرد إسم إختاره لنفسه، إنه ضائع, إلي أين سيذهب ؟ لمن سيشكوا ؟ تري مالذي حصل له حتي أصبح فاقدا للذاكرة وحيدا وبعيدا عن أسرته هذا إن كان يملك واحدة ...

الحب تضحية ( مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن