كُنْت جالستًا هُنَاك ، عَلَى بُعْدِ مِتْرٍ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ الكرزية ، حِين ضَرَبْتُهَا صاعِقَة فتوقدت وَاشْتَعَلَت كَأَنَّهَا بُرْكان لَمْ أَتَمَالَك نَفْسِي فِي تِلْكَ الحِظَة ، وانهمرت دُمُوعِي كَشَلْال ، فالإبحار فِي نَارِ حُزْنِي بَات أَمْرًا محتوما . تِلْك الذِّكْرَيَات وَتِلْك الامنيات الَّتِي كِدْتُ أَنْ أفارقها لَكِنَّهَا تَأْبَى أَن تُفَارِقُنِي فمشاعري كَانَت خَامِدَة كَالبُرْكان .
(عودة بالزمن)
كُنْت أُجَالِس أَنَا وعائلتي عَلَى الْمَائِدَةِ تَمْلَأ الضحكات كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْمَنْزِل ، وَبَلّ تَمْلَأ الْعَالِم بِأَسْرِه ، حِينَ قَالَتْ أُمِّي وَهِيَ تضحكك . : اذْهَبِي وَأَحْضِرِي لَنَا سَلَّه مِنْ الْفَوَاكِهِ الطازجة ، مِن حَدِيقَة قَرِيبَةٌ مِنْ الْمَنْزِلِ قُلْت لَهَا : أُمِّي كَفِي عَنْ الضَّحِكِ ، كَانَ سَبَبُ ضَحِكِهَا ، أَنَّهَا تُعْرَف إذَا ذَهَبَتْ إِلَى الحَدِيقَةِ أَنْسَى نَفْسِي ، وَبَلّ رُوحِي أَيْضًا حَاوَلْت أَنْ أتصنع أني غاضبة ، لَكِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ فَانْفَجَر الْجَمِيع بِالضَّحِك وَأَنَا مِنْ بَيْنِهِمْ . خَرَجَتْ مِنْ الْمَنْزِلِ إِلَى الحَدِيقَةِ المغطاة بَيْت كريستالي فَلَقَدْ كُنّا مِنْ أَغْنَى أَغْنِيَاء فَرَنْسَا وَمَن أُسْرَةٍ عَريقَةٍ .
وَتِلْك النافورة الَّتِي فِي مُنْتَصَفِ الحَدِيقَة ، أَمَّا الْأَشْجَارُ فَهِيَ فِي ذَاتِ نَفْسِهَا رِوَايَةِ مَنْ شِدَّةِ جَمَالِهَا وتألقها قطفت الْمَوْز وَالْعِنَب و . . . . . . . . . . . . . . الْكَثِير .
جَلَسَتْ عَلَى طَرَفِ النافورة أَغْنَى وَانْظُرْ إلَى الْخَاتَمِ الَّذِي اهدتني إيَّاه أُمِّي ، فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عَراقَة عائلتنا ، جَلَسَت هُنَاك سَاعَة ؛ وَلَكِنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ تَكُنْ سَاعَة بَل سَاعَتَان تَأَخَّرَت ؛ وَيَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَأَخّر وَصَلَتْ إلَى الْمَنْزِلِ وَيَا لَيْتَ قَدَمَاي خانتي ، و لَم توصلني ، رَأَيْت الْمَنْزِل يَتَوَقَّد ويشتعل كفوهة البُرْكان اِخْتَفَت ضحكتي ، وَتَبَدَّلَت مَلامِح وَجْهِي كسرعة البَرْق ، مِنْ الْفَرَحِ إلَى الدُّمُوع وَالْحَسْرَة .
ركضت مُسْرِعَة ، لِإِنْقَاذ عائلتي ، كَانَ سُكَّانُ الْمَدينَةِ مَعَ الشُّرْطَة مُجْتَمَعِين لَمْ يَسْمَحْ لِي بِالدُّخُول . صَرَخَت وصرخت وقاومت مِنْ أَجْلِ الدُّخُول لَكِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ الإِفْلاَت ، فُقِدَت الْوَعْي وَأَنَا أُنَادِي بِاسْم أُمِّي وَأَبِي وَأَخِي الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ مِنْ الْعُمْرِ 3 سَنَوَات .اِسْتَفَقْت بَعْدَه فَتْرَة لَيْسَت بوجيزة ، عِنْدَهَا رَأَيْت الْمَنْزِل كَوْمَة مِنْ الرَّمَادِ المتوقد ، الَّذِي كَانَ يَشِع بِلَوْن النَّار القرمزي . وَفِي لَحْظِهِ اسْتِغْفَال مِنْهُم اسْتَطَعْت الدُّخُول ؛ وَلَكِنْ يَا لَيْتَنِي لَمْ أَسْتَطِيع ! . كَانَ الدُّخَانُ يُمْلِي الْمَكَان بَدَأَت بِالْبَحْث عَنْهُم وَالصُّرَاخ بِأَسْمَائِهِم ، وَجَدْتَهُم جَالِسَيْن عَلَى تِلْكَ الْكَرَاسِيّ الْخَاصَّة بالمائدة ، مُقَيَّدَيْن بأسلاكٍ حَدِيدِيَّةٌ ، كَانُوا جثثاً متفحمة دُمُوعُهُم متبخرة ، أَمّا أَخِي الصَّغِير كَان متحنطا مَع ابتسامته الَبريئة لِأَنَّه ؛ لَمْ يَكُنْ يَفْقَهُ شَيْئاً مِمَّا يَحْصُلُ ، اِقْشَعَرّ جَسَدِي مِنْ هَوْلِ الْمَنْظَر .
أنت تقرأ
بين شيفرة الإنتقام ودماء طاغي
Romansaالإِحتِراقُ في نَارِ حُزْنَِ باتَ أمراً مَحتُوماْ تِلكَ الذكرَياتُ الَتيِ كِدتُ أَن أُفارقها لكنِّها تأبى أَن تُفارقني .... عودةٌ إلى الحاضرْ......... للحاضرْ للقدرْ الذي خطَ حَياتي فَمن المُنتَصِرْ.... انتقامٌ تلوَ الإنّْتقام وصراعٌ. لدماءٍ تَغلي...