الفصل السابع مكتوب

4.8K 89 7
                                    

أخيراً، وصلت لسيارتها وللمرة الأولى تشعر أنها تسابق الريح والغيم... هل سيتوقف نبض القلب؟؟

رفعت كفها ليرقد فوق صدرها، لتزفر نفساً آلمها حقاً ألماً جسدياً.... لا، مازال ينبض، إذاً لِمَ كل ما في الكون يثير في نفسها الغثيان؟ لِمَ تشعر بحالة فريدة من الإعياء تستبد بجسدها؟ أنها تريد أن تذهب بغيبوبة طويلة الأمد... ربما تُنهِي هذا الجزع الذي ألمّ بها!

بذلت جهدها لتمنع نفسها من النظر للخلف... إلى أن ألقت بجسدها المنهك داخل سيارتها مدركة أنه مازال يخترق جسدها برمقاته المتواصلة عجباً... هل عيونه حقاً كان يملأها ذلك الكم من اليأس؟؟ هل كاد يغادرهما الأمل كما شعرت أم أن هذا ما أرادت رؤيته داخل أقحوان عينيه؟!

قادت بدون أن تشعر أنها تتحكم بالسيارة، بل كأن هناك يد تنتزعها من المكان والزمان لترمي بها تجاه السدّ المنيع لها... الوحيد القادر على منعها من الفراغ الذي يملأ روحها من تلك الهوة السحيقة التي تكبر داخلها منذ الأمس فتتسع بما يكفي لهذا الضخم الذي يصر على أن يقتحم حياتها مجدداً بكل وقاحة.... ولم تعرف كم مسافة قطعتها ولا كم دقيقة مرّت... فقط تعلم أنها حين تنسمت رائحة الياسمين أدركت أن لاوعيها قادها حيث تتدلى على الشرفات الداخلية لقصر صفوان القريب جداً من منزل راشد... حيث ضربتها رغبة ساحقة مفاجئة....
إنها فقط تريد أن تتنسم رائحة الياسمين داخل راحة عناق أبيها.... تلك الراحة التي فقدتها منذ دلف هادر لحياتها، والآن تضربها الرغبة في استعادتها.
قفزت جسور من سيارتها وهرولت بالحديقة تناديه باستماتة أن يأخذها في أحضانه فقط تنعم بدفء ماضٍ لم يعد بصدره.

"أبا جسور، أنا أحتاجك!!" هرولت جسور تناديه بيأس... فقط تريد أن تُلقي بنفسها تحت رحمة عناقه كي تعترف أن الخيانة مؤلمة جداً وهي آسفة حقاً على فعلتها بالماضي.... نعم، أرادت أن تجعله يسامحها لأنها هي الأخرى خائنة.... ولم تجد مَنْ تخون ثقته سواه، هو... أبوها! ومن أجل شخص كـ هادر!!!

بالرغم من تحذيره لها مراراً من هادر، هادر المتلاعب في نظره ولكنها سقطت في بحر الحب المراهق الغبي.... إلى أن أدركت أن هادر بالفعل هو مَنْ أفسد عليها حياتها كلها، هو مَنْ خانها أولاً... ثم ثانياً...

ربما الذي خانها جسدياً كان آدم، ولكنها لم تشفَ بعد من جرح هادر لتسمح لآدم أو حبه للتسلل لحياتها، لربما كانت استطاعت أن تسامحه لو أحبته بالفعل، لكن كيف ذلك وهي مازالت في إفاقتها من غفوة خيانة هادر لها؟!
دفعت جسور الباب الداخلي المفتوح وراحت تهرول بالبهو الكبير تقصد الدرج... تستجير به أن يمنعها من أي قرار متهور جديد، حتى كادت تنهي الدرج الداخلي للفيلا صعوداً وهي تنادي باحتراق: "أبي... أبا جسور؟ أين أنتَ؟؟!" صرخت بصوت متهدج مبلل بدون دموع، صوت كسير يحتاج أشد الحاجة إلى سند وعون. "أبي، أنا أحتاجك... كان... كان لديكَ حق، أنا آسفة... أنا....".

عبث أسألك [الجزء الأول من سلسلة حد العشق]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن