لؤي :النهاية.

90 17 19
                                    

اليوم هو الأول في بداية علاجي بالكيماوي، لم تأتي سما بعد، الساعة تشير إلى الثامنة و النصف صباحا، لم يغمض لي جفن البارحة، طوال ساعات اليل و أنا أفكر في سؤال سما الذي لم أمنحها جوابه، أعتقد أنها لن تعود لي بعد هذا، كان وجودها يمنحني القوة و يشجعني لأستمر، لكنني لم أقدر هذا.
صوت طرق الباب، لمهلة فكرت أنها هي، لكنه كان الممرض يطلب مني النزول لمواجهة مصيري وحيدا.
دخلت غرفة الكيماوي، ابتسم لي المعالج، و بدأ يتفحص ذراعي بعد أن استلقيت على السرير الطبي، لطالما عانيت من فوبيا ضد الإبر، لكن الآن لم يعد يهم، لأنها ستصبح مؤنستي خلال أيامي الأخيرة في هذه الحياة. كانت محاولات المعالج في غرز الإبرة في ذراعي مؤلمة، نظر إلي متعجبا، _"آسف يا سيد، لكن الوريد لم يظهر بعد، لا أعلم كيف هذا، نادرا ما يحدث معي هكذا؟ "، ضحكت ضحكة سخرية من حالي قائلا :" ههه لقد هرب و اختفى رعبا، "شعرت بشفقته و هو يتأملني، لقد اعتاد على رؤية أناس يقاتلون من أجل بقاءهم، و أنا واحد منهم،
_" انتظر، لا تغرزها بهذا الشكل، اتركها لي. "، تسلل هذا الصوت لمسمعي، التففت ناحيته، لم أصدق، هي، سما، عادت الي، لم أبعد نظري ثانية عنها و هي تتجادل مع الطبيب، _" اعطني، انا سأتكفل بهذا، أنا ممرضة أيضا"، _" ها هي فعلتها يمكنك مواصلة الباقي. "، افعلا هي في ذراعي، كيف لم أشعر بأي وخز، حنونة حتى على من لم يعرها اهتماما.بدأت أعاني، شعرت بحروق في جلدي، اريد أن أصرخ، لكنني اكتفيت بالنظر إلى سما و هي تمسك بيدي، و انا اتمسك بها اكثر، و كأن ألمي كله كان يتحول إليها و أنا أرى دموعها التي تحاول أن تخفيها رأفة بي. انتهت الحصة الأولى، لم آكل شيئا اليوم، أشعر بالغثيان، و لم أخرج من الحمام بحكم التقيئ المفرط الذي عانيت منه، كانت الأعراض شديدة، لم أحتمل أيا منها، لولا وجودها بجانبي لرفضت هذا العلاج من أصله.
استيقظت في صباح اليوم التالي، لا أذكر كيف نمت البارحة، تفاجأت عندما رأيتها معي، _"سما،أنت هنا بهذا الوقت؟!"،_" صباح الخير، لم أستطع الذهاب منذ أمس، كنت تتألم كثيرا لذا، أعطوا لك إبرة منوم، "_" و أهلك، أقصد ألن يشغل بالهم "، _" والدتي متوفية منذ زمن، و والدي متزوج خارج البلد، أما بالنسبة لي، أنا أعيش برفقة أختي الأصغر مني، و أخبرتها بكل شيء. "_" أنا آسف جدا، بخصوص والدتك، رحمة المولى على روحها "_" شكرا لك، ها أخبرني كيف تشعر الآن، "_" كأني مسموم بدون أن يتمكن مني السم "، حاولت الضحك كي أرى ابتسامتها، و بالفعل ابتسمت ،ابتسامتها تجعلني أنسى كل شيء، ذهبت سما بعد أن طلبت منها ذلك، فهي لم تنم منذ البارحة.
خرجت أتفسح في حديقة المشفى، لم أتعرف بعد على ناسها بإستثناء المعالجين، شعرت بتعب في مفاصلي لذا قعدت على المقعد أتأمل ما يحيط بي، و لا يدعي هذا إلى الوصف، _"مرحبا، هل يمكنني الجلوس؟ "، كان هذا من شاب يبدو في العشرينات يرتدي قبعة، و بدا جسده نحيلا، _" بالطبع ،تفضل لا مشكلة"_" منذ متى و أنت هنا، أنا لم أرك من قبل؟ "_" تقريبا منذ سبعة أيام، أنا في الجناح بي، و أنت. "_" أنا أيضا هناك، للعلاج الكيماوي بخصوص اللوكيميا، صحيح "_" نعم، صحيح، لم ترني من قبل لانه لم يسبق لي الخروج منذ قدومي. "_"جميعنا هنا لم نتقبل الأمر في بدايته لكننا اعتدنا الآن، "_" و أصبحنا نكافح من أجل ثواني أخرى من حياتنا. "_" عرفني بنفسك؟ "_" أنا لؤي عبد السلام، 30سنة، مصمم رقصات فتيان "، _" جميل، تشرفنا، أنا جنيد 24 سنة، خريج جامعة حقوق. "_" لا زلت في مقتبل عمرك... "_" تقصد آخره، المرض لا يرحم، و لا ينظر لعمرك او شكلك او مكانتك، كل ما يريده منك أن تموت و تنصاع له، لن يتركك تكافح حتى و لو فعلت، لأنه في الأخير هو من يفوز. "_" أتعلم ما أشتاق له، أشتاق لأن أتناول أي شيء أحبه دون أن يمنعني الطبيب، و أن أتفسح دون أن أتعب. "_" ما زلت جديدا هنا، انا أمكث منذ حوالي شهرين هنا، دون جدوى، المرض أخذ قسطا كبيرا مني، الكيماوي يجري في دمي، و ها انظر لرأسي، و لا شعرة، لهذا ارتدي هذه القبعة، و انظر إلى البقع الحمراء على جسدي و الهالات السوداء تحت عيني، أتعلم ما يقتلني يوما عن يوم..... أنني أصبحت وحيدا لم يعد يزورني أهلي كما اعتادا، سئما مني، لطالما اعتدت العيش بين الناس الكثير منهم، أصدقائي، صديقاتي، أهلي و والداي، لكن الآن لم أجد أحدا يقف معي، يواسيني، يقاسمني ألمي، لا أحد، يعتقدون أن مرضي معدي، أموت كل ليلة وحيدا، أعاني في صمت، أحتاج لدعمهم، احتاج لهم،... "،لم أجد نفسي إلا و أنا أعانقه، شعرت بألمه و هو ينطق كلماته ببكاء، أنا أيضا مثلك، لكن الفرق بيننا أنني أملك سما، لكن هل سترافقني إلى غاية النهاية، أم ستيأس من حالتي و تتركني في منتصف مشواري، أقسم أنني سأموت حينها حسرة، هي بصيص أملي الوحيد هنا.

رسالة انتحار ( الظل الاسود) Black Shadowحيث تعيش القصص. اكتشف الآن