أخبـروا البعيـدة
أنّهـا برغـم كـلِّ المسافـات
و المـرارات
و الأغـاني
و الأسئلـة
و الليـالي الحزينـة..
و برغـم أنـف الغيـاب الطويـل
أنّهـا للأبـد
قريبـةٌ.. قريبـةٌ.. قريبـة .مراد
....تقف امام الباب الحديدي الموصد وتضع يديها عليه وهي تطرقه بقوة صارخه وكأنها عصفور يحاول الخروج من القفص عارية الكتفين والمكان يلوحه البرودة من الطقس لا يغطي جسدها سوى ذاك الفستان الابيض الفخم الذي تلطخ بالطين والتراب بأطرافه، حافية القدمين وقد خالط كحل عينيها الدموع وهي تسيل على وجهها ولكن اكثر ما كان يعلو تلك الملامح هو الخوف ، الخوف من الفقد ..الخوف من الرحيل بلا عودة هذا النوع من الرحيل .. الذي يكون قاتلا ، يأخذ منك من تحب ..على غفلة ، دون ان تحسب حساب الخطوة القادمة ، دون ان تودعه ، دون ان تخبره كم انك تحبه ، وكم انك تود ان يعطيك فرصة اخرى ، لتصلح كل شيء ، لتعود الامور كما كانت بل افضل ، ان
ستكون شخصا افضل ، ستصلح كل شيء ، كل اخطائك ، فقط ليعود ، فقط ليعطيني املا بأنه لن يرحل ، لن يتركني ..
الموت مؤلم ..مخيف.. يسرق منك اعز أحباب قلبك ..مهما كنت قويا ..وادعيت أنك بأستطاعتك تحمل الفراق والبعد ، الا ان المسافات لا تفعل ما يفعله الموت ، الرحيل للعالم الاخر ..
لن يعود هنا في الدنيا ، لن نسمع صوته مجددا لن نرى وجهه الرائع وهو يضحك مرة اخرى ، لن نستطيع ان نعيش كل اللحظات التي خططنا لها .. الست صغيرا بعد على الرحيل الان؟ ، لازلت شابا لم تبلغ السابعة والعشرون من عمرك ..كيف لك ان تبخس بعيش ما تبقى من هذه السنين ..أم انك اكتفيت من الحياة؟
بقيت على هذا الحال تصرخ وهي تبكي بحرقة وينضر اليها كل من في المشفى من ممرضين وممرضات واطباء ومرضى واناس غرباء يجلس فكرت على المقعد مجاورا الباب الذي تطرقه ويمنعهم من الوصول الى ذاك الحبيب ، وكأنه يأس ، يبكي الرجل الخمسيني الذي يأس ان يرى أبنه مجددا ، ابنه ذاك الذي ابعده عنه لسنوات ، كي لا يرى الحزن والذنب في عينيه ، كم يتمنى لو انه تسنح له الفرصة ليراه مرة اخرى ،يقبله من عينيه ، كما فعل عندما كان طفلا بريئا ، لازال بريئا ، كل ما ارتكبه لا يمكن احد معاقبته عليه ، أنه طفل غاضب حزين لا يمكن تهدأته ، وكيف بعد ان دمر كل شيء ودمر نفسه في النهاية ،
وقف راين خلفها وضع سترته الجلدية على كتفيها لتدفأ قال لها وصوته يخرج بصعوبه
-اهدأي مايا يكفي ارجوكِ أنه في العملية لا يمكنك الدخول ، تجاهلته وكأنها ليست في وعيها وصارت تناديه بصوت خافتانا هنا مراد ..انا امامك افتح عينيك ..اتوسل إليك ..لقد عدت برغم كل شيء عدت لأجلك ..ارجوك افتح عينيك ها انا هنا ..لم اتخلى عن حبك ولو يوم واحد..لا تتخلى انت عنه الان..لن ترحل من هذه الدنيا وتتركني..لن اسمح لك..لازال هناك الكثير اريد قوله اليك..
إياك ان تتركني الان، مراد؟
لازال الوقت مبكرا..
انا اسفه حبيبي..افتحو لي الباب
بدأت نبرة صوتها تعلو ..
افتحو الباب ..ادخلوني اليه ..انه يحتاجني في الداخل ..وصارت تضرب على الباب بقوة ..
فأذا بميليس ..تسحبها من ذراعها وتدفعها على الحائط..
-الان حتى تذكرتيه؟ بعد كل هذا الوقت ؟ بعد كل ما فعلتيه به ؟ تأتين هنا بفستان زفافك وتقولين بأنك لازلتي تحبينه ،ما اقبحك !
ابعدها راين
-هل جننتي امي ؟
-اضنها هي من جنت
كانت صامته،ترتجف ..
-يكفي نحن في المشفى
فأذا بصوت ذاك الباب الحديدي يفتح ..
ليخرج الطبيب وهو يخلع الكمامة التي على وجهه ويمسح عرق جبينه،
اجتمعوا حوله ، الا هي بقيت في مكانها تنظر ..خائفه، مما قد تسمعه
لم يميز احد نضرات الطبيب كان يخفض رأسه ..
وبقي صامتا..
ليهزه فكرت بغضب ..
ليقول بصوت مهزوز
- لقد فعلنا كل ما بوسعنا
- ايها الطبيب؟ هل م...ما..مات ابني؟
أنت تقرأ
في حظرة العشق
Romanceقد تكون لي السيطرة على كل شيء الا العشق يا سيدتي فأنا في حظرته اضيع وتضيعين معي..