الحلقة الخامسة عشر

44 5 2
                                    

الحلقة الخامسة عشر
ضمة واحدة قد أعادتها الى وطنها ، رائحته ، نبضاته ، عناقه.
علمت أنها وصلت الى بر الامان ، مع كل الحواجز التى تؤرقها وهواجسها التى تخنقها ، كل ذلك  ذهب الى حتفه .
فعقلها الان بات مشغولا بعيناه التى تضحك لها بحنان يشبع وحدتها .
خفقانها يزداد مع كل دقه تصل اليها من قلبه  ،
تخبرها أنها أشتاقت.
ربما لا تصدقون أن هذا النجم هو عالمها الشاسع التى تشعر بالأمان معه ، والغربة إن ابتعدت خطوتان .
ألذلك تريد أن تبقي رأسها على صدره دائما .
_ أخبرتني طفلة صغيرها اننى عازبا ، بسبب أننى لا أرتدى خاتما .
قالها وهو يضع فى أبهامها خاتما ، تحت صراع الشهب فى السماء ، وهتافات الناس لتلك الشهب .
رانت اليه وعيناها تسكب أخر دمعه ، بعد أن شهدت بحرا من الدموع.
رفعت يديها تنظر الى الخاتم ، وتتأمل السحر الذي يتلالأ به .
_ من أين أتيت به ؟ قالتها وهى تنظر اليه بنعومة وعلى فمها ابتسامه صغيرة ناطقة بالحب ، السعادة ، الرقة .
لوى شفتيه ورفع حاجبه الايسر وقال
_ هل يجب أن أخبرك ...!!
_ ماذا ؟؟؟
أرتسمت أبتسامة على شفتاه وقال هامسا
_ لقد قايضتُ القمر ... لأجلك .. يا نجمتى
نظرت إليه بزهول ورمقت الخاتم بتعجب ، نعم أن ضوءه غريب شديد اللمعان ، ترى مما صنع ...
كان يتابع تأملها للخاتم فقال
_ هذا الخاتم يعكس حبي لك .. ، كما تعكس الشمس ضوئها للقمر .
الان لن تحتاجي الى سؤالى إن كنت أحبك أم لاء صحيح .
هى لا تشك في حبه أبدا ، فعيناه تسرد لها الحب كلما ترنوا اليها ، هى فقط تريد دائما أن تسمع تلك النبرة المتملكة من شفتاه ، حتى تصل الى قلبها بمعزوفة تطرب الالحان ، ويصل اليها دفئ مشاعره بالحنان .
لم تعرف كيف تجيبه ، فقلبها يخفق بجنون ، تريد أن تتكلم وتخبره كم تحبه وتشتاق اليه  ، لكن من الصعب على الشفاه حمل هذا القدر الكبير من المشاعر .
ربما أن بقت تنظر اليه طويلا ، تسرد عيناها له كلمات الحب .
_ هل ستبقي معى دائما ...
أقترب منها ووضع وجهها بين راحته وقال هامسا
_ ذلك يعتمد على حبك لى ياشمس .
فأنا أتنفس لأجلك فقط . قالها وهو يسحبها لتبقي بين يديه ..فترة أطول .
شهدت السماء بنجومها على ينبوع الحب ، بعطره الفواح الذي يلثمه الرأى من جميع الكائنات .
                       ***
قام بتوصيلها الى المنزل وودعها ، وصعدت الى غرفتها تنظر الى  ضي الخاتم ، وقلبها لا يتوقف عن الخفق بسرعة .
لا تعلم لما تشعر بذلك الشعور المؤلم ، ولما عيناها تقطر بالدموع ،اعاد موسم الدموع ثانياً بشهقاته ...
.........
تململت  على الفراش بعد أن سمعت خطوات شمس تمشي بتوتر ، وشهقاتها التى أهتزت لها الجدران ..
عقلها يهيم فى صورة حبيبها المحفوظه بداخلها ، وقلبها يتألم لسماع الآهات .
_ بينى وبينك جدار وسقف ، كيف أسمعك ياشمس ...
ام أن القدر يريد أن يريني ما بك .
........الشئ الذي أعرفه أنك أفضل حالا منى يا أختى ......
وضعت الغطاء على أذنها حتى لا تسمع أى شئ ، لكن هيهات ...
تتنقل من غرفه لأخرى ، والصوت يزداد وضُحا أكثر ...
بقت طوال الليل تضع وجها بين راحتها ، وتنظر الى المرآة المقابله لها ...
تنظر الى الحزن الذي اخفى رؤيتها لنفسها ...
.......
وفى الصباح الباكر ..
لم تأتى لها أى شهية ، فصعدت الى غرفة أختها بسرعة ، وبحثت عنها فى كل مكان ، لكن لم تجدها ....
تنهدت وهى تنظر الى السماء ، وتتمعن فى الشمس ورطوبة الجو...  التى تنبئ بطقس حار ...
وما أن التفتت لتذهب ، ظهرت أمامها فتاة الهالة السوداء ...  ترنوا اليها بغموض وهى تقول
- هل فكرتى فى عرضي ؟
نظرت اليها طويلا ، والرعب يسري داخلها ... لكن طوال الليل كانت تفكر ، وقد عزمت على أمرها ... فقالت ..
_نعم أنا موافقة ..
ابتسمت والخبث يتطاير ، حول هالتها السوداء وقالت وهى تلوى فاها ...
_ احسنتى ياصغيرتى ...
....  سأنتظرك فى الليل .... كما أتفقنا ....
أمالت اشين برأسها إيجابا ، وعقلها يضخ بالأفكار ....
                       ***
أقبلت الشمس تنثر اشعة شديدة الحرارة ، تلحف وجوه الجميع بالحر  ،وتبقي الخمول يجرى فى جسد البشر .
ذهبت الى عملها ، لترى أنه سبقها الى البحر ، فجلست أمام البحر تنتظر قدومه ، ولم تعبئ لحرارة الشمس ...
وأقبلت تنظر الى ذلك السديم الغريب بلون الاخضر .
ذهبت الشمس الى الغرب وقد زادت من حرارتها أكثر .
لمحته ياتى بالسفينة عن قرب ، حتى أنه قد لاحظ السديم  فأقبل ينظر اليه .
وما أن وصل اليها .. واطمئنت عليه .. قالت
_ لما ذلك السديم ولما  لم يذهب ...
علت الدهشه على عينه فقال مقاطعا
_ مهلا ؟؟؟ منذ متى وأنت تراه ..
_ منذ شهر تقريبا ، حتى أنه قد تغير لونه ..
شعر بالخوف بين أضلاعه ، فباد عليه التوتر اكثر ، فذلك السديم لا تراه العين المجردة ، نعم بقي لأسبوعين ثم أختفى ، ومن يرى لونه المتحول ، ليس الا كائن سماوى ، أو صاحب السديم .
قال بتوتر ..
_ هل رأيتي أى شئ غريب ، فى الايام الماضية .
_مثل ماذا ..!!
_ لا شئ ياحبيبتي ....!!!
... أسمعيني جيدا ..... أبقي هنا ، ولا تقتربي من البحر ابدا، وخاصا فى الليل  ...
_ حسنا .....لكن الى أين أنت ذاهب ..؟
_لأتأكد من شئ لا تقلقى سأعود قريبا  ...
تابعته وهو يهرول من أمامها مسرعا ، وقد تحققت شكوكها بأمر هذا السديم ... تنهدت وهى تغمغم
_ أتمنى أن لا يأكون أمرا سيئاً، لا أعتقد أننى سأتحمل ...
                             ****
تابعته  بعيناها وهو يمشي من أمامها فى العمل ، فلم يأتى منذ ثلاثة أيام ، يظهر عليه التشتت وعيناه تنبض بالغموض ...
_ ترى بماذا يفكر ، هل أستسلم حقا ؟
تمتمت بها اشين ... وهى تمشي الى مكتب المدير بخطوات متسألة ...
وبعد أن دخلت طرقت الباب عده مرات ولم يحدثها أحد ، قامت بفتح الباب رويدا ، ونظرت منه ، لتراه ينظر الى شاشة الحاسوب بشرود ...
فدخلت،وجلست أمامه  وهو تقول ...
_ لا يعجبنى شرودك يانوار ..
رفع عيناه اليها ، ونظر بذهول وقال موبخا بهدوء
_ من سمح لك أنت تتحدثى معى بتلك اللهجة ، لا أذكر أننا أصدقاء ...
تنحنحت باحراج وقالت ..
_ حسنا ، يا سيد نوار ... أنا ...
فقال مقاطعا ...
_ هل اتيتي لتقنعيني أن أتى لخطبتك ؟؟؟
_ .....لا أفهم
_ الواضح أنك لا تعرفي بماذا فعلت والدتك ...
لم أكن أعرف أن عائلتك بتلك الوضاعة ..
علت الدهشة برأسها ، هل فعلت أمها شيئا بدون أن تخبرها ...!! فقامت من الكرسي وقالت بضيق
_ لا أسمح لك أن تتحدث عن عائلتى بشئ سيئ ..
....أتيت الى هنا حتى أخبرك أن لا تستسلم بحبك لشمس ....
.... لا أعرف بماذا فعلت أمى .... لكن ليس لديك حق أن تتكلم معى بذلك الاسلوب ...
قالتها وهى تخرج من المكتب بانفعال ،ولم تغلق خلفها الباب ...
وذهبت مسرعه الى بيتها ،وهى لا ترى أمامها سوى الغضب ، حتى أنها لم تنتبه لذلك الرجل الذي اشار لها ويبتسم بترحيب ...،  فعقلها المشتت أعماها عن كل شئ ..
وما إن وصلت الى المنزل ، بحثت فى كل الغرف عن والدتها .. حتى دخلت الى غرفته النوم الخاصة بها ، ولم تكن موجوده ، وعندما إلتفتت لتخرج ... لمحت تحت الكرسي ، ألبوم مليئ بالورق ..
ألتقتته ونظرت إليه فلم تفهم منه أى شئ .. فى تلك اللحظه وقعت عيناه على صورة صغيرة تحت حذائها ، لا بد وأنها كانت تحت الالبوم ...
دققت النظر فى الصورة ، لتشهق بصدمة ..وتقول متسأله بزهول ..وجسدها يرتعش ..
_ تلك الفتاة التى رأيتها على البحر ، لما تقف بجانب أمى فى الصورة ...
.....وذلك الخاتم ....
.... هذه الفتاة ....كانت .... كانت ..... أنا !!!!
........ لم اكن لاتعرف عليها لان امى لا تملك اى  صورة لى وانا صغيرة ......
...........
                    ***
عادت الى عملها ، ولا تعلم لما عيناها لا تتوقف عن الدموع ...
ولما تذكرت تلك الذكريات المؤلمة ، تنهدت وهى تمسح دموعها .. وكلما تنظر الى السماء ترى هذا السديم ... وكأنه يتبعها ..
وصلت الى مقر العمل ، ودخلت ... لتراه اقفا أمامها ويشير إليها حتى تذهب اليه ...
_ أسمعى لم أقصد ما قولتله سابقا ...
....أنا...... أسف .....
_ صدقنى لا أعرف بما فعلت امى ، وأنا أعتذر أن هى أخطئت ...
_ فى الواقع أنت تعلمين ...!! أننى....و شمس... ، وعندما اخبرتنى جدتى أن والدتك ذهبت الى أمى تخبرها بالزواج ..
أعتقدت أنها تتحدث بشأن الوصية ، وشمس ....
..لكن والدتك تريدك أنت زوجة لى ...
كانت الكلمات تقع على رأسها كالصخرة  .. نعم تعرف أن أمها تريد ذلك ....
.....لكن لما دائما ماتقرر بما يناسبها هى ...
.....لما لا تتحدث معها ، وبما تحبه  ....
...... هل كل ما يهمها هو المال .....
زفرت زفرة طويله ، وسحبت الهواء تملا رئتيها ... وقالت ...
_ ..... اعطنى وعد أنك لن تترك شمس  أبدا ....

يامن أتيت من النجوم  (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن