الخاتمة

5K 207 32
                                    

الخاتمة
جفت الحروف من فمي ... و لا يمكنني  البوح ... فالنيران ضامرة بصدري .. و يعجز نبضي علي أن يُهدأ من ثورته ... فهل لك أن تجد لي ترياق ...
انقضي وقت الزفاف رغم قصره و لكن تلك الساعات كانت دهور يعيشون بها و كأنها قيود تتملك أرواحهم ،و ها هو الوقت يمر و يحين ذهاب كل واحد بمعشوقته ليعلمها أحرف عشقه أحرف متوجة بتاج القدسية و تاج باركه الرب ، و لكن هناك من أبي أن يسكن ليله في القصر بل توجه لمكان مفتوح يسع قلوبهم التي أنارت بعشقهم و مودتهم
قرب بزوغ الفجر و رفع أذان الفجر المبارك قد وصل بها إلي يخت في شرم الشيخ هبط من السيارة و هي يده تضم يدها بعشق جارف كالأمواج صعدوا لليخت و انطلق يبحر في الأعماق و لكن مع انطلاقه يصارع موج الليل الخافت الذي يتلألأ مائه بتلألأ البحر هبطت علي ركبتها باكية و كأنها لم تبك من قبل ها قد جاءها الأذن بالبكاء و ثورتها تزداد اشتعالا ، ثورتها العارمة التي لن تهدأ إلا بهدوء النبض المتمرد داخل صدرها خرجت صرخة قوية من بين شفتيها و نحبيها يزداد بقوة و كأنها أم فقدت فلذة كبدها ، سمع هو نحيبها فاقترب منها يهرع حتي ركع أمامها قائلا :_
مالك يا روحي بتعيطي ليه هو ده وقت العياط ، ده وقتنا أننا نفرح و نسرق من الزمن لحظاتنا الحلوة ، اللحظات اللي اتحرمنا منها سنين يا روح
طالعته روح بأعين باكية تستجدي من عينيه حياة لها تحدث لسانها بأقل القليل عما يمكنه قلبها أن يتحدث :_
بجد يا عمر هنعيش السعادة اللي اتحرمنا منها تمن سنين ، هعرف ابتسم و اضحك من قلبي يا روح روحي ، أنت عمر اللي اتعذبت في بعده تمن سنين و هو دلوقتي جنبي و أنا مكتوبة علي اسمه أكملت بصوت ميت لا حياة به و لكن لديه أمل أن تمنحه الحياة فرصة :_
يعني أنت جنبي بجد مش حلم أنت حقيقة و اللي كان بيحصل ده الحقيقة
هز لها عمر رأسه بإيجاب قائلا:_
أيوه ده الحقيقة اللي هنعيشها طول العمر يا عمري ، عانق وجنتيها بين راحتا يده قائلا :_
وعد وعدته زمان و خليت بيه بس بوعدك النهاردة يا روح أن سعادتك و فرحتك تكون سابقة فرحتي و حياتي
أغمض عيناها يتمتع بقربها الذي حرم منه لأعوام يربت علي ظهرها بحنو و كأنها طفلة ارتمت بذراع أبيها تطلب منه أن تشعر بالأمان هو لم يبخل عليها بذلك ربت علي رأسها بمحبة و قال :_
قومي ألبسي الفجر أذن عشان نصليه مع بعض
أومأت له برأسها و ذهبت لتبدل ملابسها و ارتدت إسدال صلاتها لتصلي أول فروضها و هي زوجة له و يكون هو أماما لها ، فلن يسمح أن تكون له زوجة دنيوية فقط بل يريد أن يسوقها و تسوقها إلي نعيم الدنيا و معه نعيم الآخرة و كل يجب أن يكون منها و لها
الآن أتوج حبي لكِ بتاج الملك
أيا امرأة فضلتها علي كل النساء
و من بينهن أصبحت مالكة القلب
و مالكة النبض
الآن أهبك حياة
أهبك ولادة جديدة
مطعمة بالعشق
الآن أتوجك سلطانة علي حياتي
و لو استطعت لجعلتك ملكة علي العالم أجمع
**************************************
في الطائرة تحلق بين السحب و يسير بسرعة الرياح وكأنها هي الاخرى تطوق شوقا لأن تكون جوار رب كريم ، تطوف بحرمها المجيد ، تتلمس ذات الكسوة السوداء ، و تشتم رائحة المسك الفواحة ، و نسيم يطب الروح ، و يهدهد الأنفاس ، يود لو يسابق الريح التي تحمله ليسجد أمام رب كريم يتلمس قبر آمن بمن فيه و هو ليس بين البشر و لكنه الشفيع عند الحوض ، يعانق كفها بين كفيه قائلا :_
مبسوطة يا نجمتي
حدجتها بعمق يبلغ عمقه أعمق نقطة بالمحيط و تقول بصوتها الشجي و الرنان كعصفور يغرد بين الأوراق :_
مبسوطة يا ماهر دي كلمة قليلة جدا أن فرحانه أووي و مستحيل تكون فيه كلمة توصف فرحتي بيك ، عارف يا ماهر  أنا عشقتك عشان تصرفاتك  كنت بتحميني زي أب بيحمي بنتها ، كنت شايفك أبويا قبل أي حاجة ، أنا حياتي ربنا كتبها معاك و مستحيل يكون فيه حياة بعدك
طالعها و تهاوت دموعها كالشلال في شدته يضم كفيها و يرفعه لفمه ليلثمه بحب قائلا :_
كنت فاكر أنك أنتِ المستحيل نجمة عالية في السما صعب الواحد يوصل ليها ، زي النجوم كده موجودة عشان نشوفها من بعيد  لبعيد بس أننا نقرب أو نلمسها ده أصعب المستحيل بس أنتِ النهاردة ملكة علي اسمي ، و ساكنة روحي و نبضي ، عارفة يا نجمتي أنا كنت بحاول ألقي مهرب لنفسي منك بس كل ما كنت بهرب منك كان هروبي ليكي
ابتسمت له و كانت بسمتها كالزهرة التي تتفتح في الخريف قائلة :_
خلاص يا ماهر الاقدار اتكتب و أنا اتكتب علي اسمك مفيش داعي نفكر في الماضي خلينا في المستقبل
ربت علي يدها بحنو قائلا :_
احنا هننزل نرتاح ساعتين و نقوم نطوف يا نجمتي
و أضاف قائلا :_
و يا ليتني أستطيع أطوف بحرم حبك .. و لكن يحتاج طوافي أن أكون طاهرا ... ورقة بيضاء تلمع في الليل المعتم ... و تكوني أول من تخط بداخله الحروف ... و يكون اسمك أولها ... نجمتي اللامعة التي أخرجتني من أبحر الظلمات
************************************8
في جناح مليكة و عدي تقف خلفه تفرك في يدها بشدة و هو يدير ظهر لها تحاول أن تتحدث و تخرج الكلمات من بين شفتيها و لكنها عاجزة علي أن تقول كلمة واحدة ليخرج صوته ساخرا :-
ايه يا مليكة عايزة تفتحي باب الأوضة عشان حرام
نكست رأسها و قالت بدموع :_
حرام عليك يا عدي حرام عليك تعمل فيا كدا ، أنا كنت بحافظ علي قلبي ليك ، مكنتش عايزة اعمل حاجة حرام حتي لو ببصة ليك كانت مش من حقي كنت خايفة عليك أنا طماعة أوووي يا عدي طماعة في حبك أووي مش عايز أنك تكون ليا في الدنيا بس عايزة تكون معايا في الآخرة ، كنت برضي ربي عشان ترتضيني زوجة ليك في الاخرة أنا كدا أذنبت لو غلطت مستعدة للعقاب يا عدي
التفت لها بعشقه الجارف قائلا :_
مين قال كدا يا قلب عدي ، بس كان بعدك و عينك الزرق اللي زي البحر كانت الحياة ليا من صغري كنت أنتِ الصديقة و الحبيبة كنت كل حاجة في حياتي فجأة لقيتك بتبعدي فكرت أن قلبك بعد عن قلبي و تقدري تعيشي من غير حبي اللي أنا مقدرش أعيش من غيرك و لا من غيره ، أنت عارفة أني معملتش حاجة تغضب ربنا أبدا حتي الموضوع الأخير ده أقسم بالله ما حصل حاجة ، بس أنت حرمتيني الحياة و أنت حياتي مليكة الروح
مليكة و هي تطالع عينه و تربت علي خده قائلة :_
أنا بثق فيك أكتر من روحي يا عدي ، بس كان لازم اعمل كدا عشان أنت جنتي و عايزاك دايما معايا يا قلب مليكة
تطلع إلي عيناها بعمق ليري الموج بداخلها يتعالى يدعوك لأن تجدف داخله و تصبح غريق له ، و لكن موجها المتعالي لن يقتلك أبدا و لكن ستجد به حياة لا يمكن أن تجدها بغيره

****************************************************
من بعد عذاب أيام ربما تكون قليلة و لكن النار التي أضمرتها بصدري كانت كفيلة لأن تقتلني و لكن ماذا أفعل حينما أقف في حضرته ، حضرة من تنازل عن ضعفه و كان بقوة احيا بها قلبي بعد أن كان علي حافة الهلاك ، يقولون أن النور لن يمكن أسره و لا يمكن تقيده و لكن أنا الآن مقيدة في حضرة عشقه انتشاري مربوط باسره و الآن تنام حيث مستقرها الأبدي مكانها الذي خُلق منها و لها و هو يربت علي رأسها بحنو :_
أنا آسف يا نوري آسف لو كنت سبب ضعف ليكي في يوم من الأيام ، بس وعد مني أن من النهاردة هكون قوتك لو بصارع الموت
تطلعت لعينه بشغفها قائلة :_
بعيد الشر عنك يا روحي ، قوتي بيك يا آسر و من غيرك أضعف مما تتوقعه
جاء ليتحدث قاطعته ببسمة قائلة :_
مش عايزة كلام عايزة انام و أنا قلبي مرتاح لأول مرة من غير دموع و من غير خوف
**********************************
في غرفة كانت مظلمة أغلب الأوقات و لكن هبط القمر من السماء و سكنها للأبد فهي كانت منه و إليه دائما ، تلك التي تربت و ترعرعت علي يده ، فهي جنيته الصغيرة فالآن أصبحت زوجته متوجة علي اسمه نعم هي الطفلة البريئة و لكن بيده سيعلمها كل شيء و أولها فنون عشقه و شغفه بها
*******************************
انقضى الليل علي قلوبهم العاشقة و بدأ نهار جديد ، نهار يطوفون به حول بيت الحرام يقولون لبيك اللهم لبيك يتضرعون و يدعون و يبكون ، و كل منهم في سباق يتلمس الكعبة المشرفة وكانا هم الأقرب لها يلمسها بحنين بالغ و غيوم عيناه الرمادية عصفت لتسقط دموعه متمردة علي تماسكه هي تقف جواره تبكي كانت تتمني أن تكون هنا و تحقق الحلم في وقت قريب
مرت الأيام و الليالي عليهم و سافر كل واحد منهم لبلد تمنوا زيارتها أو بالأدق تمنتها رفيقة الروح و العمر مر شهر قضوا فيه أسعد اللحظات و أصدق المشاعر علي وجه الأرض ، عانوا الكثير من الآلام و الآن يحيوا بسعادة فهم رعوا الله في تصرفهم فرعاهم ببركته
تمت بحمد الله
#بقلم
#شيماء_محمد_عبدالخالق
_الجبارة
الرواية الجديدة هتكون خلف القضبان
مستنيه رأيكم ع الرواية كاملة

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 04, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ملحمة العشق (الجزء الثالث من الجبابرة)بقلم اميرة القلم شيماء محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن