اضطررت لأخذ اجازه طارئه امضيتها ما بين تطييب خاطر امي ، و مراقبه أفواج العمال الذين بدأو بتجهيز البيت ؛ دهان الجدران ، تركيب الإضاءه ، ترتيب الأثاث . أنتم يا البشر مهوسين بالكماليات ؛ نحن نبني بيوتنا في أيام و أنتم تمضون نصف أعماركم في بنائها ، و النصف الباقي في اتمام إكسسواراتها.
كنت أراقبها، زهره تلك الأسره ، سوسن . كانت تتقافز بين جنبات غرفتها الصغيره ، و كأنها ترقص بين شرفات قصر أسطوري ، تحمل قصاصاتها الملونه ، وعينات أقمشه الستائر ، و صور الأثاث .
الأثاث الذي وضعت اولى لمساتها بيدها .. حوض أزهارها .
انتقلت والدتي إلى سطح المنزل مع جدي ، و فضلت أن اقضي معظم وقي في الفناء او المخزن . المتشددون من الجن يحرمون من العيش في بيوت الإنس ، و لكننا نتبع رأي المعتدل الذي يبيح العيش معهم ، أقصد معكم طالما لايضر احدنا الآخر . في الواقع انا لا املك خيار هنا فأمي لم ولن تقبل بترك هذا المنزل مهما حاولت اقناعها ، ولن اجرؤ على تركها مع جدي.
سببت لي حياتي بينكم الكثير من الارتباك في بادئ الأمر، كنت احرص على ان اتفادى الاحتكاك بكم (من طرفواحد بالطبع)، كنت احترم خصوصيات تلك الأسره ، و نادراُ ما أبقى في نفس الغرفه مع احد افرادهل.
لا اعتقد ان احداُ منكم قد احس بهذا الشعور من قبل شعور طاقيه الإخفاء ؛ ان ترى شخصا دون ان يراك ، ان تحمل هموم الدنيا و بجوارك شخص يضحك على مشهد كوميدي في التلفزيون ، ان تستيقظ على صوت شجار عائلي محتدم لا يخصك ، او ان تضطر لمغادره الغرفه عندما تدخلها انسيه ، ليس مجرد مثال و إنما حدث ذلك لي بالفعل ، فقد كنت أحن احيانا لغرفتي التي احتلتها سوسن ،فآخذ فيها قيلولتي عندم اعود من العمل تكون فيه سوسن قد غادرت لجامعتها ، وفي ذلك اليوم كنت منهك بالفعل ، و غصت في نوم عمييق..و فجأه دخلت علي سوسن راكضه باكيه و أغلقت بابها ، فلم استطع الخروج .
جلست بجوار الباب ، في انتظار احد يفتح الباب كي ابادر بالخروج ، و طال انتظاري : كانت سوسن تبكي بحرقه على سريرها ، دفنت وجهها في وسادتها ، و انسابت دموعها تسقيها .
كنت دائما اعتقد اننا - معشر الجن - لدينا ما يكفينا من همومنا ، و لسنا بحاجه الى المزيد من همومكم و تعقيداتكم ، و لكن سوسن.. التي لم ارها في حياتي الا ضاحكه مبتسمه ، و كأن تعابير وجهها ا تتقن سوى رسم تلك الابتسامه الطفوليه المكسوه بالبراءه و حمره الخجل ، رأيتها اليوم تبكي و تشهق بشكل اثار شفقتي و فضولي .
ما الذي يمكن ان يبكي هذه الطفله ؟ من الذي يمتلك ما يكفي لمحو تلك الابتسامه الملائكيه ؟ نصف ساعه مرت و انا جالس في انتظار الفرج ، و بكاء سوسن يخبو ، و يتحول بالتدريج الى شهقات بلا نحيب (صوت) ، ثم الى بكاء صامت لا يقاطعه سوى انفاسها المحترقه التي تلتقطها مكرهة بين الفينه و الاخرى . افزعني صوت طرقات الباب كانت السيده رجاء تسأل بلهفه :
أنت تقرأ
حوجن
Bilim Kurguمرحبا.. انا حوجن .. حوجن بن ميحال الفيحي.. شاب في اوائل التسعين ، أقدم لكم حكايتي مع سوسن .. لأنسيه. أتمنى أن تشاركوني همومي و عواطفي ، بغض النظر عن الحواجز التي تفصل عالمينا .... عالم الأنس و عالم الجن..!