6

37 6 2
                                    

5 January 1945

" كم لبِثتُ عنك يا هاروكو ؟ لست أدري، يبدو لي كدهر، بينما هو ليس سوى شهر أو أقل، أو حتى أكثر. لست أستطيع العدّ أكثر، قد تشوّشت بصيرتي، وانعمى بصري عمّا يحدث الآن، وقد قرأت رسائلك أيضًا، وبكيتُ عليها، صدِّق ذلك أو لا تُصدِّقه، لقد بكيت ! بكيت حتى شعرت بالوقت يتوقّف، وبأن عيناي مُثقلتان، بكيتُ وأنا أشعر بأن عيناي على وشك الإنفجار من شدة إنزلاق الدموع منهما.

رسالتك الأولى وصلتني بشكلٍ جميل، أمّا الأخرى فقد وصلت للمقر الذي تحرّكت بعيدًا عنه، وهجرته هجرًا مشينًا، حيث أنني أُرغِمت - والجميع - على المشاركة في شنّ هجوم التصدّي على شمال فرنسا وعلى بلجيكا. لكن لاحقًا دلف إيرنست عليّ بذات الطريقة مُمسِكًا برسالتك مرةً أخرى، لقد حدّثته عنك كثيرًا وهو حتمًا يعرفك بشكلٍ جميل، ألم أخبرك أنهُ عظيم ومونِق؟ لولاه وجهوده التي لم يخبرني عنها حتّى الآن، لما وصلتني رسالتك الثانية، والتي تقطّعت روحي أثناء قراءتِهَا.

ليتك تعلم أنني لست بخيرٍ أبدًا، أنا خائفة من الوقت، ومن الأيام، خائِفَة من المستقبل ومن الحاضِر ومن الماضي كذلك، لستُ أدري ما أنا بفاعلةٍ بعد هذه الأحداث جميعًا،
هل لّك أن تُصِّدق أن ألمانيا تتراجع بشكلٍ غريب؟ شكلٍ أقرب للهزيمة، ولستُ وبكل شموخ، أقبل بالهزيمة!

فالدماء التي أُريقَت لكي تتقدّم ألمانيا لا يُمكن أن تُنسى، بل، لا يمكن أن تنتهي باللاشيء! لقد ضحوا لأجلها، ذاق المدنيون المُرّ، وذُقنا نحن الجنود ضعفي هذا المُرّ، فهل بحق الله سينتهي الأمر بالهزيمة؟ وبالعودةِ بأكتافٍ مُنحنية، ومهزومة ؟
لستُ أقدر على إمساك دموعي، أنا آسفة يا محبوب.

لعلّك ستتألم لرؤية قطرات دموعي على الورقة، لكن مابيدك شيء لتفعله، فقط كُن بخير، فأنا لا أقدر على أيّ فقدانٍ آخر، لا أقدِر .. "

- من جارڤيس إلى هاروكو

Kamikaze حيث تعيش القصص. اكتشف الآن