- وكيف سيبقى الإنسان بعد فُقدان من لايجب أن يُفقد، بل ما هي الغاية من بقائه بعد فقدانه من لا يجب أن يُفقَد ؟
جمجمت، تأخذها الذِكرى وعيناها تدمعان.- ألا يملك الإنسان أشياءً أخرى ليهتم بها، كنفسه مثلًا ؟
- لا، هو لا يملك شيئًا سوى الشخص الذي يعود إليه في الأوقات العصيبة دائمًا، أمّا المسكين الذي لا يملك من يعود إليه، ولا يملك موئِلًا ليحويه، هو الأكثر خسارة، وهو الوحيد الذي يبقى وحيدًا للأبد..
كُل كلمة تخرج من ثغرها كسحابٍ مُجلجل.- هَل آلمك فُقدانه؟
- آلمني ؟ أنا لم أعد أعرف شيئًا سوى الألم، هل ترين أولئك المساكين؟ من أخبرتك أنهم وحيدين، وهم الخاسرين دائِمًا؟
أنا هُم، أنا من لا يملك أحدًا ليعود إليه، أنا التي لا تجثأل روحي التي تبددت بعد فُقدانه، وأنا من لَم أفقأ ناظريّ منذُ معرفتي بإنتحاره، كما أنني الوحيدة التي عالت الأرض عيولًا ، ولازلت أفعل، منذُ ديسبمر الأسود الذي فاجأني وصبّ عليّ جام غضبه من الحرب عن طريق قتله لآخر شطرٍ سعيد بداخلي ..
فاهت وسقطت كلماتها كألسنة النار التي تمُرُّ من فجاجٍ أعقف ومُدقَّع.-
اشتهرَت الجندية جارڤيس شنايدر بهذه المقُولات عند استضافة أحد البرامج الشهيرة لها في ذلك الوقت.
ثم تفرّعت القصص عن جارڤيس، قيل أنها فقدت حبيبًا، وقيل أنها فقدت صديقًا أو قائدًا في الحرب لا أكثر،
كثرُت الأقاويل ولم يُخلق لهم رادع، ولكنَّ الحقيقة المُطلقة بقيَت في قلب جارڤيس وإيرنست الذي عاشَ معها وقرّر مُساندتها حتى النهاية. ليتمكّن كِلًا منهما أن يعيش بمساعدة من ضوء الآخر، حيث أن إيرنست الذي يُكابد مشقّة نظرات الشفقة والخوف أو التعجب يعود للمنزل ليلًا ليجد جارڤيس تنتظره وجروه بنظراتٍ مُطَمْئنة، نظراتٍ توجّهت لما يوجد في فؤاده لا ما يظهر من بدنه.
أمّا جارڤيس التي فقدت السبب وراء إكمال الحياة، استندَت على حقيقة وجود إيرنست، فانقطاعها عن عائلتها، وفُقدانها لبعض رِفاقها في الخدمة و للرجُل الوحيد الذي سرق سكونها؛ كوّنَا بداخلها فجوةً بيضاء معميَّة، تأخذُ شطرًا من روحها كُلّمَا كبرت في العُمر،
لكنّ وجود إيرنست كان كَمُخدِّر لتلك الفجوة.
فأخذت الحياةُ من أخذت، وتركَت من تركَت، وأكملت طريقها تعدو على الآمال والأرواح تارةً، وتارةً أخرى تحتضن وتُقبِّل..
و بتلك الطريقة فقط، إنتهى الأمر.--
تمّت كتابة النهاية بعد أشهُر من الهَجر.
🥷
أنت تقرأ
Kamikaze
Poetry« ما الغاية من البقاء بعد فُقدان من لا يجب أن يُفقَد؟ » - جارڤيس شنايدر/ ديسبمر الأسوَد لعام ١٩٤٥ 190720 151120