الفصل الرابع (الشك)

49 4 0
                                    


الشك من أسوء الأشياء فى العلاقات فهو إما يدفعنا إلى الحقيقة التى يخفيها الطرف الآخر فتنتهى العلاقة أو يدفعنا إلى ظنون وهمية وأيضاً فى هذة الحالة تنتهى العلاقة.
فهل يمكن وجود الشك بدون إنتهاء العلاقة؟؟
نعم يمكن ولكن لن تعود العلاقة كما كانت.
                       **************
بعد مرور شهران كان يوسف وليندا تقربا أكثر وأكثر فكانت ليندا تراه فتي أحلامها الملاك تعيس الحظ الذى يظنه الناس شيطان ولكنها تؤمن به وتصدقه وتحبه بجنون وكان يوسف يراها الجميلة ذات القلب الأبيض التى أرسلها الله لتسمعه وتنتشله من مستنقع إكتئابه وتعيده إلى الحياة مرة آخرى.. فكانا منسجمان معاً بشدة ولكنهم لم يظهروا ذلك أمام زملائهم - حتى الآن – فكانوا بمجرد إنتهاء العمل يذهبون بدون ان يراهم أحد إلى كافية كوستا الذى اصبح ملتقاهم الدائم فكانت ليندا كل يوم تتحجج لرضوى بحجج مختلفة لعدم ذهابها معها فى سيارتها كل يوم.. فكانت مرة تقول لها (هروح لخالتى) ومرة آخرى تقول (هعدى اخد يسرا من النادى) حتى فهمت رضوى من تلقاء نفسها ان ليندا لا تريد  ان تذهب معها فكفت عن سؤالها اذا كانت تود المغادرة معها وهكذا داوم يوسف وليندا على رؤية بعضهم البعض كل يوم بعد العمل.. وفى يومٍ ما قرروا تناول الغداء سوياً فإتصلت ليندا بإمها تخبرها بإنها ستتناول الغداء مع صديقةٍ لها وبعد ان طلبوا الغداء جلسو يدردشون كالعادة وكان يوسف يتحدث فقاطعت ليندا حديثه قائلة بلهفة وتذكر:                                                                        
أة صح فى حاجة
يوسف بقلق:
فى ايه؟
ليندا:
لا لا متخافش آسفة ان قطعت كلامك بس فيه سؤال بيجى على بالى كتير وكل ما اقول هسألهولك بنسى وإفتكرت دلوقتى فعايزة أسأله قبل ما انسى تانى
أشار لها يوسف ان تسأل فقالت بتردد:
لما كنت بتحكيلى عن البنات اللى عرفتهم والله يرحمهم ماتو حكتلى عن مي ومريم بس محكتليش عن ليلى ولما سألتك عنها قبل كدا راوغتنى وغيرت الموضوع وانا بصراحه من ساعتها وانا عايزة اعرف حكايتها... اللى عرفته من رضوى ان ليلى كانت قاعدة مكانى فى البنك وانها حبتك وبرضو ماتت بس ابوها كان وكيل نيابة ورفع عليك اكتر من قضية بس كلهم إتحفظو لعدم كفاية الادلة او لعدم وجود ادلة اصلاً على انك قتلت التلات بنات وبعد كدا رجعت لشغلك تانى بس دا اللى انا اعرفه
ضحك يوسف وقال:
كل دا وعايزة تعرفى حاجة تانى
ليندا:
عايزة اعرف قصتك مع ليلى بالتفاصيل زى ما حكتلى عن مي ومريم
يوسف بتساؤل مملؤ بالسخرية:
ثم تعالى هنا عرفتى منين جملة لعدم كفاية الادلة؟ انتى مش قولتى انك ملكيش فى الافلام البوليسية والجرايم والقتل وانك مبتتفرجيش غير على رومانسى ودراما وتاريخى
تعصبت ليندا من مرواغة يوسف لها للمرة الثانية بشأن سؤالها له عن ليلى ولكنها تمالكت أعصابها وقالت بجدية:
نديم ابن خالتى ظابط انت عارف.. وكان بيحكى لماما عن قضية وان المتهم خرج لعدم كفاية الادلة
يوسف:
انتى مش قولتى انك مبتحبيش نديم ومبتركزيش فى كلامه اشمعنا لسه فاكرة الجملة دى منه؟
زادت عصبية ليندا بشدة هذة المرة ولم تستطع كبح جماح غضباها فقالت بإنفعال:
يوسف انا مش هسمحلك ترواغنى تانى يأما تقولى حكاية ليلى دى يأما هقوم امشى حالاً
ونهضت ليندا بالفعل مهددتاً يوسف بالرحيل فقام يوسف وأمسك يدها وهدئها حتى جلست فى وسط نظرات المحيطين بهم فقالت بعصبية:
عجبك كدا؟ الناس بتتفرج عليا انا محرجة اوى
إبتسم يوسف برقة وأمسك يدها قائلاً:
ولا إحراج ولا حاجة محدش ليه حاجة عندنا
إبتسمت ليندا حينما تذكرت منذ شهران عندما بكى يوسف بينما يحكى لها عن موت ابية وامه وأخذ الناس ينظرون له وقتها وقالت له نفس الجملة... فقالت بجدية:
هتحكيلى ولا اقوم امش..
قاطعها يوسف قائلاً:
هقولك والله كل حاجة بس ممكن اقولك حاجة مهمه قبلها
ليندا:
قول
يوسف برومانسية:
ملامحك جميلة اوى حتى وانتى متعصبة.. عارفة انى بحب عيوبك اكتر من مزياكى.. فعلا بحبك بكل حاجة فيكى سواء حلوة او وحشة
إحمرت وجنتى ليندا خجلاً فأنقذها يوسف من خجلها هذا قائلاً:
مستعدة تسمعى حكاية ليلى؟
اومأت رأسها إيجاباً فقال يوسف بتردد:
بصراحه
صمت قليلاً ثم أكمل:
ليلى الوحيدة اللى محبتهاش
نظرت له ليندا بإستغراب فقال يوسف مسرعاً:
أقصد ملحقتش احبها
ليندا بعدم فهم:
ازاى يعنى؟
يوسف:
مكنتش لسه فوقت من موت مريم وفى يوم لقيت ليلى متعينة وقاعدة مكانك.. إتصدمت ساعتها جداً
ليندا بتساؤل:
ليه؟
يوسف:
علشان ليلى كانت صاحبة مريم
ليندا بإستغراب شديد:
واي إحتمالات وجود صاحبة مريم فى نفس البنك فى نفس الفرع اللى انت شغال فيه؟ وكمان تقعد جمبك
يوسف:
مهو دا اللى جننى ساعتها
ليندا بشغف:
طب وعرفت بعدها؟
يوسف:
اة عرفت......... علشان كانت بتحبنى من ساعة ما خطبت مريم وكانت غيرانة منها جداً وكانت على طول بتحاول توقع بنا وأول ما مريم ماتت كانت ليلي دايماً بتتصل بيا وتواسينى وتتطمن عليا لغاية ما فى يوم لقتها قصادى فى البنك مكنتش متخيل بجد إنها تشتغل معايا ولما سألتها هل هى كانت تعرف انى شغال فى البنك دا قالت حاجة صدمتنى وآكدتلى  انها بتحبنى فعلاً
ليندا بإهتمام:
قالتلك ايه؟
يوسف:
قالتى( طبعاً عارفة انك شغال هنا انا جيت مخصوص علشان ابقى معاك ) سالتها( وازاى عرفتى تتعينى هنا؟) قالتلى( انت نسيت إن بابا وكيل نيابة ولا ايه وليه معارف قد كدا واتوسطلى علشان اشتغل هنا )                
ليندا بدهشة:
معقولة بتحبك للدرجادى!!!
يوسف:
انتى شايفة ايه؟
قبل أن تتحدث ليندا جاء الجرسون ووضع الطعام على المنضدة وانصرف.. فقالت ليندا:
كمل عقبال ما الآكل يبرد شوية
يوسف:
بس ياستى إبتدت ليلى تقرب منى وانا مكنتش مستعد ساعتها انى ادخل فى علاقة ومكنتش مستعد للحب بعد كل اللى حصلى دا وصارحتها بدا بس برغم كدا برضو كانت مصرة اننا نقرب من بعض.. فانا قولت اهو مسيرى هبقى كويس وهعرف ابادلها نفس الحب بس ملحقتش احبها
صمت قليلاً ثم أكمل بحزن:
ماتت قبل ما احبها
ليندا:
الله يرحمها
يوسف:
يارب....... يلا ناكل بقى
أخذوا يتناولون الطعام فى صمت بينما كان عقل ليندا يعج بالأسئلة التى لا إجابة لها وبعد فترة قصيرة تركت ليندا الطعام ونظرت ليوسف وسألته بجدية:
وانت بقى مكنتش عايز تحكيلى عن ليلى ليه قبل كدا وكنت بتلف وتدور؟
بلع يوسف الطعام الذى كان فى فمه وقال لها بدهشة وتساؤل:
هو انتى مهتمة بحكاية ليلى كدا ليه؟
ليندا بصرامة:
لو سمحت جاوب سؤالى يا يوسف
أخذ ينظر لها يوسف بإستغراب وعدم استوعاب لعدة ثوانٍ حتى قال:
معرفش مكنتش عايز احكيلك عنها ليه يمكن علشان هى الوحيدة اللى محبتهاش
ليندا بذهول:
يعنى انت علشان محبتهاش مش زعلان على موتها؟!!
يوسف بسخرية مملؤه بالدهشة:
مين قالك كدا؟ انا زعلان عليها جداً ونفسى الزمن يرجع بيا جايز كنت عرفت أنقذها
ليندا بشك:
لا والله زعلان عليها بجد علشان كدا مكنتش عايز تحكى عنها ولا دمعت دمعة واحدة عليها وانت بتتكلم وبعدين لو رجع الزمن كنت هتنقذها ازاى وهى ماتت موتة طبيعية بتاعت ربنا زى مي ومريم.... إى كنت هتمنع قدر ربنا؟
يوسف بعدم فهم وذهول:
فى  ايه يا ليندا؟
أخذت ليندا تقذفه بنظرات شك وريبة حتى تذكرت شئ هام فقالت بإندفاع:
هما شرحو الجثث ولا لا؟
يوسف بتساؤل:
جثث مين؟
ليندا بصرامة:
جثث التلات بنات رضوى قالتى ان ابو ليلى كان وكيل نيابة واتعاون مع اهل مي ومريم ورفعو عليك اكتر من قضية واكيد وهما بيحققوا شرحوا جثث مي ومريم وليلى علشان يعرفوا لو كانو ماتو بطريقة مش طبيعية.. هما بقى لقو حاجة فى الجثث لما شرحوها تدل على ان الوفاة مش طبيعية؟
حملق بها يوسف لثوانٍ معدودة بعين مصدومة وتلمع بها الدموع..فأخرج محفظته بعصبية وأخذ منها بعض النقود ووضعها على المنضدة بجاور الطعام الذى لم ينهوا ربعه حتى وقال بعصبية وبنبره حزن دفين وهو يهم بالوقوف:
هما لو كانوا لقو حاجة تدل ان الوفاة مش طبيعية كان زمانى قاعد قصادك دلوقتى؟؟
قام يوسف وأخذ معطفه واتجه خارجاً من الكافية فجرت خلفه ليندا وإستوقفته عند الباب وقالت بتساؤل:
انت رايح فين؟
يوسف بسخرية مملؤة بالحزن:
رايح فى ستين داهية يهمك فى ايه؟
ليندا بندم وبعيون دامعة:
أنا اسفة والله معرفش سألتك كل الاسئلة دى ليه الشك كان هيموتنى
نزلت دمعة على خد يوسف احرقته حرقاً وهو يقول بمرارة المظلوم:
لا الشك مش هو اللى هيموتك انا اللى هموتك يإما هسلط عليكى جن يقتلك مش هما كلهم بيقولوا كدا عليا يإما قاتل او ملبوس
ليندا ببكاء وتلعثم:
انا مش.... انا
قاطعها يوسف قائلاً وهويبعدها برفق ويخرج من باب الكافية:
(يا قاتل يا ملبوس ) فى الحالتين انا خطر ولازم متقربيش منى ابعدى عنى يا ليندا ابعدى عنى
غادر يوسف تاركاً ليندا بمفردها هى وندمها واسفها
                      ***************
فى نفس الليلة حاولت ليندا أكثر من مرة ان تتصل بيوسف ولكنه لم يجب فى اى مرة وراسالته على الواتس آب وكان يقرأ الرسائل ولكنه لا يجيب ايضاً فكانت ليندا طوال الليل تأنب نفسها عما فعلته معه وقررت أن تصالحه غداً عندما تراه فى العمل
                        *****************
فى اليوم التالى ذهبت ليندا الى العمل ووجدت يوسف يجلس فى شباكه فجلست هى الآخرى بجوراه وهمست له قائلة:
انا اسفة
لم يجب عليها يوسف او حتى يحرك نظره اليها ظل يرتب أشيائه وعلى وجهه العبوث فقالت ليندا بحزن وندم:
انا اسفة بجد بس والله الشك كان هيجننى حط نفسك مكانى وانت تعرف 
لم يجب هذة المرة أيضاً ولم يبدِ اى إهتمام فقالت ليندا بتعجب مملؤ بالعصبية:
اعمل ايه يعنى؟ انت عارف انى مقصدتش انا بس كنت عايزة اعرف لقو حاجة فى تشريح الجثث ولا لا؟
تعصب يوسف بشدة وقال بصوت عالى:
ما تسألى نديم ابن خالتك مهو ظابط وممكن يجبلك اى معلومة بسهولة
حملقت به ليندا بذهول بينما كان جميع من فى البنك ينظرون لهم بإستغراب ولكن يوسف لم يأبه بنظراتهم لقد طفح الكيل لقد سئم من نظراتهم هذة فلم تعد تهمه... فهم واقفاً وجمع أشيائه وقال لليندا بنفس الصوت العالى:
انا مقتلتهومش يا ليندا سمعانى مقتلتهومش
ذهب يوسف إلى غرفة مدير الفرع لياخذ اليوم اجازة فهو لم يأخذ اجازة منذ فترة كبيرة لذلك لم يمانع المدير ووافق على إعطاء يوسف الاجازة وما ان أخذ ورقة الاجازة حتى هم بالخروج من البنك بعصبية مفرطة بينما كان الجميع يتابعونه بنظراتهم حتى اختفى فقامت ليندا وأخذت تلملم أشيائها هى الآخرى لتدخل الى المدير وتأخذ اليوم اجازة هى أيضاً.. ولكن رضوى إستوقفتها قائلة بسخرية وصوت عالى:
هو دا اللى مش بعبره ولا بتكلم معاه نص كلمة هى دى نصحتى اللى خدتى بيها
قالت ليندا بعصبية:
لو سمحت خليكى فى حالك يا رضوى
رضوى بعصبية:
احسن اتفلقى
ذهبت ليندا الى المدير وأخذت الاجازة... وبينما هى خارجة من البنك كانا زميلان لها واقفان يتابعنها بنظراتهم فقال أحدهم للأخر بسخرية:
شكلنا كلنا هنقرأ عليها الفاتحة قريب هى كمان
قال الآخر بسخرية وهو يضحك:
يعنى جاى للوحيد المسيحي فى الفرع وتقولة هنقرأ عليها الفاتحة
ضحك الأخر ضارباً صديقه بمزاح وقال:
خلاص ياعم إحنا نقرألها الفاتحة وانت إقرألها اى حاجة من الانجيل
                      *****************
ذهبت ليندا بعد ان خرجت من البنك مباشراً إلى كافية كوستا وكما توقعت وجدت يوسف هناك وكان يجلس فى نفس المنضدة التى إعتادوا الجلوس بها فإقتربت منه وجلست فى الكرسى المقابل وهى تقول:
كنت متأكدة انى هلاقيك هنا
يوسف بإستغراب:
انتى سبتى الشغل ازاى؟
ليندا:
عادى دخلت لاستاذ عادل - المدير- وخدت اجازة زيك
يوسف:
لية اخدتى اجازة؟ انتى متعينة من تلات شهور بس ولسه متثبتيش فى الفرع
ليندا برقة:
انت اهم من الشغل
إبتسم يوسف وقال:
طب وزمايلنا الحلوين حد قالك حاجة منهم؟
ضحكت ليندا قائلة:
يالهوى دول مشلوش عينهم من عليا لغاية ما خرجت من البنك والست رضوى جت تقولى كلمتين روحت كسفتها وقولتلها خليكى فى حالك
ضحك يوسف فقالت ليندا بإعتذار:
أنا اسفة والله يا يوسف متزعلش منى بجد
اومأ يوسف رأسه بإبتسامة دليلاً على قبول إعتذارها ثم قال بسخرية:
يعنى كدا البنك كله عرف اننا بنتكلم
ليندا بضحك:
اة.... يلا مسيرهم كان هيجلهم يوم ويعرفوا
يوسف:
عندك حق
ليندا بإبتسامة خجل:
بما انهم عرفوا لازم ناس تانية تعرف برضو
يوسف بإبتسامة:
طب حدديلى معاد معاهم
ضحكت ليندا وتصنعت عدم الفهم قائلة:
مش فاهمة
يوسف بإبتسامة مكر:
لا والله هتعملى نفسك غبية.. لا انتى فاهمة كويس
ضحكت ليندا بكسوف وقالت:
اة فاهمة
                      ******************

لا تقتربيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن