الفصل الثالث (شبح الماضى)

61 5 0
                                    


عندما أرى عينيك أكره نفسى بلا سبب اضح
من رواية:فى ممر الفئران. للدكتور: احمد خالد توفيق

                    ******************
كان نديم يجلس فى مكتبه فى قسم  الشرطة الذى يعمل به بينما كان يجلس بجواره صديقه الأقل منه فى الرتبة بدرجة نقيب ويسمى (خالد ممدوح) وكان يخبره بتفاصيل قضية تسلموها لتوهم حتى لاحظ خالد ان نديم شارد الذهن فقال له بسخرية:
سرحان فى ايه يا حضرة الرائد
أفاق نديم من شرودة وقال:
لا ولا حاجة..... سارة دى أكيد هتوصلنا لخيط نبتدى منه
خالد بعدم فهم:
سارة مين؟
نديم بعصبية:
يبنى ركز... سارة جارة القتيل
خالد بذهول:
حتى وانت سرحان كنت مركز معايا!!
ضحك نديم قائلاً:
ياعم ارحمنى مش ناقصك
                       ********************
بعد مرور شهرين من عمل ليندا فى البنك كان مستواها يتحسن كل يوم عن ما سبقه وكانت تبلى بلاءً حسناً وأخذت بنصيحة رضوى حينما قالت لها ( اياكى ثم اياكى تقربى من يوسف بدل ما تبقى الجثة الرابعة ) فكانت ليندا لا تتحدث معه الا وقت الحاجة ولكن دائماً ما كانت ترمقه بنظرات الشفقه على ما آلت اليه الامور معه  وأحياناً نظرات الكره والاتهام كانت نظرات غريبة ومختلطة فهى لم تعد تدرك ماهية حقيقة مشاعرها تجاهه.... وفى يومٍ ما كانت تستعد وترتب أشيائها لكى ترحل وكان يوسف بجانبها يفعل المثل فرمقته بنفس النظرات الغريبة الغير مفهومة فاذا بيوسف ينظر لها فجأة ويقول راجياً:
لو سمحتِ كفاية يا ليندا
حاولت ليندا ان تكون صارمة فى ردها قائلة:
كفاية ايه بالظبط؟
إقترب منها يوسف قليلاً مما جعل قلبها يخفق بشدة.. فقال بصوت خافض:
كفاية نظراتك ليا فى الراحة والجاية خلاص عارف انهم حكولك حكايتى وعارف ان رضوى حذرتك منى  وهى بتقولك ( خلى بالك دا ممكن يقتلك زيهم او اللهم احفظنا يسلط عليكى جن ) عارف اللى بتقوله لكل بنت جديدة بتيجى الفرع هنا بس أرجوكى كفاية نظراتك دى اللى مليانة كره وساعات بصعب عليكى فبتبوصيلى نظرات شفقه
تصلبت ليندا لثوانٍ محملقه فى وجهه لا تعرف بماذا تجيب حتى قالت متصنعة البرود:
اشمعنا نظراتى انا يعنى اللى مديقاك اوى كدا ما كل اللى هنا بيبصولك كدا برضو
تنهد يوسف تنهيدة أوجعت ليندا فى داخلها وقال بحزن:
نظراتك مش زى نظراتهم
ليندا بإستغراب:
وايه الفرق يعنى؟
يوسف بذكاء:
بحس بنظراتك انك بتلومينى بحزن زى ما تكونى عايزة تقوليلى ياريتك ما عملت اللى انت عملته حتى لو ملكش ذنب فيه بس ياريتك ما حبيت التلات بنات ياريتك كان حظك أحسن من كدا علشان كنت أعرف اقرب منك من غير ما ابقى خايفة لأموت انا كمان
تعجبت ليندا بشدة من وصف يوسف لما صعُب عليها وصفه ولكنها أخفت ذلك وقالت بعصبية وهى تنهض من على الكرسى:
انت مجنون وكل اللى بتقوله دا جنان فى جنان
إبتسم يوسف وتناول معطفه وقال برقة:
ارجوكى يا ليندا نظراتك بتحرقنى من جوه وانا مش عارف اقرب منك صدقينى مش عارف أنا بقيت بخاف من نفسى اصلاً وخايف عليكى منى... انا وباء يا ليندا وبعدى كل اللى بيقربلى او انا اقرب منه فسامحينى انى مش  عارف أقرب
شعرت ليندا ان يوسف قام بإختراقها وسمع ما يدور بداخلها.. شعرت لأول مرة انها عارية أمام أحد وإنها مكشوفة بشدة وإنه بمعرفته لما يدور بخُلدها قد جرح كرامة الانسانة الصارمة التى حاولت ان تظهرها امامه.. فتعصبت بشدة وقالت:
ومين قالك اصلاً انى عايزا.....
قاطعها يوسف موجهاً يدهه امام فمها وقال بإبتسامة:
هوشششش مع السلامة يا ليندا خلى بالك من نفسك
وإنصرف مسرعاً من أمامها وتركها مذهولة من فراسته ومنفعلة لإنهيار الشخصية المزيفة التى لطالما رسمتها فى تعاملها معه
                         **************
فى اليوم التالى ظلت ليندا مشغولة البال طوال فترة العمل تفكر فى كيفية معرفة يوسف بما يجول فى خاطرها.... وبعد انتهاء فترة العمل وهم يهموا بالخروج قالت رضوى لليندا:
هدخل الحمام إستنينى علشان أوصلك زى كل يوم
اومأت ليندا راسها بالإيجاب وإستغلت فرصة عدم وجود رضوى ونظرت ليوسف الذى كان وشك الخروج من مكتبه فقالت له بتردد مستوقفاه:
إستنى يا يوسف
إلتفت يوسف مستغرباً لندائها وقال ببرود مصطنع:
نعم
ليندا بتوتر:
انت عرفت منين امبارح ان نظراتى ليك معناها ان... انى... اقصد يعنى....
أخذت ليندا تتلعثم فى الكلام اكثر من مرة مما جعل ذلك يوسف يضحك وقال بإبتسامة وهو يستدير خارجاً:
اللى فى قلبك باين فى عنيكى مهما حاولتِ تداريه وتتصنعى بغيره
وكان يتجه للخروج فقالت له ليندا بلهفة:
عندك حق
فإستدار لها يوسف متسالاً فقالت وهى تنظر فى الارض من شدة الخجل:
كل اللى انت قولته صح حتى وصفك لنظراتى ليك كانت صح
مر من جانبهم زميل لهم فى العمل فرمق يوسف بنظرة حقيرة وتمتم قائلا بعصبية وإشمئزاز:
إبن آبلسه
وعندما لاحظ ذلك يوسف قال لليندا:
احنا مينفعش نتكلم هنا
ليندا:
طب نتقابل بره
فكر يوسف قليلاً ثم قال:
طب بصى فى كوفى شوب على بعد تقريباً 500 متر اسمه (كوستا) مش بعيد اوى عن هنا هتعرفيه من اليافطة الكبيرة اللى عليه قابلينى هناك بعد نص ساعة على الأقل من دلوقتى متجيش ورايا على طول علشان محدش يلاحظ
ليندا:
تمام
وما ان لاحظ يوسف رضوى تقترب عليهم حتى هم مسرعاً بالإنصراف فجاءت رضوى تسأل ليندا بتوجس:
هو كان بيقولك ايه؟
ليندا:
كان بيسالنى فى فلوس نقصت منك النهاردة ولا لا؟
رضوى:
وقولتيله ايه؟
ليندا:
وانت مالك خليك فى حالك
ضحكت رضوى قائلة:
جدعة... يلا بينا بقى
ليندا:
لا معلش روحى انتى لوحدك النهاردة علشان ماما اتصلت بيا وقالتى تعالى على خالتك علشان هنتغدى هناك وخالتى مش فى طريق بيتنا
رضوى:
تمام سلام
خرجت ليندا من البنك وأخذت تتباطئ فى مشيتها حتى وصلت لكافية كوستا بعد نصف ساعة بالظبط.. دخلت الكافية وأخذت تنظر هنا وهناك بحثاً عن يوسف حتى وجدته يجلس على منضدة بعيدة فى ركن هادئ ويشرب فنجان قهوة فإقتربت منه وما ان لاحظ وجودها حتى إبتسم إبتسامة جميلة أظهرت وسامته جلست ليندا وهى تبتسم مع لمعة رقيقة فى عينها وقالت متسائلة:
قهوة عادية ولا فرنساوى؟
يوسف:
لا عادية مبحبش الفرنساوى
ليندا بإبتسامة:
وانا كمان
يوسف:
القهوة العادية لايقة عليكى
ليندا بتساؤل:
ازاى؟
يوسف برقة ورومانسية:
القهوة العادية لايقة على لون عنيكى البنى
إحمرت وجنتى ليندا خجلاً ونظرت بعيداً عن عين يوسف فنادى يوسف الجرسون وطلب منه قهوة عادية أيضاً لليندا فأخذ الجرسون الطلب وانصرف.. بينما ظل يوسف ينظر لليندا وبالتحديد فى عينها الشئ الذى جعلها تخجل وتشح عينها بعيداً عنه حتى جاء الجرسون ووضع القهوة امام ليندا فإرتشفطت القليل وقررت ان تقطع نظرات يوسف هذة التى تربكها كثيراً فسألته قائلة:
انت منين؟
افاق يوسف من شروده فى عينها العسلى الجميلة وقال مبتسماً:
بابا وماما اصلاً من الفيوم بس اول ما خلفونى اتنقلوا على القاهرة وعمرى ما روحت الفيوم ولا مرة وحتى معرفش ليا قرايب هناك ولا لا
ليندا:
مكنش حد بيجى يزوركوا؟
يوسف:
لا ولا احنا كنا بنزور حد
ليندا:
طب انت ليك اخوات؟
يوسف:
لا
ليندا:
طب وب........
قاطعها يوسف ضاحكاً فإستغربت ليندا وقالت:
هو ايه اللى بيضحك؟
قال بوسف بذكاء ومكر:
انك مش عارفة تدارى لهفتك
ليندا بخجل:
ازاى؟
يوسف بخبث:
يعنى انتى بتسألى اسئلة كتير علشان متشوقة تعرفى كل تفصيلة عنى وعايزانى انا احكى لوحدى كل حاجة صح؟
ضحكت ليندا وكانت مندهشة من ذكائه وقالت:
بصراحة اة
ضحك يوسف وقال:
مستعدة تسمعى؟
إعتدلت ليندا فى جلستها وإقتربت من المنضدة وقالت بحماس:
مستعدة
رشف يوسف آخر ما تبقى من قهوته وقال:
بعد ما جينا انا وماما وبابا على القاهرة اخدنا شقة فى باب الشعرية كانت اوضتين وصالة وكان فيه ناس ساكنين قصدنا كانوا ناس طيبة اوى كانت عيلة على قدهم زينا عم سعيد وطنط سهير وبنتهم م....
صمت يوسف لبرهة فأكملت ليندا قائلة:
بنتهم مي صح؟
اومأ يوسف راسه إيجاياً وأكمل بنبرة حزن:
كانت أصغر منى بسنة كانت جميلة اوى مكنش فيها زيها آية فى الجمال
تعصبت ليندا قليلاً من وصف يوسف لمي فهى إمرآة وطبيعى انها ستغير ولكنها أخفت ذلك داخلها بينما أكمل يوسف:
حبتها اوى وهى كمان حبتنى كانت اسرتى واسرتها بقو زى العيلة ويمكن اكتر حتى ابوها وابويا قررو يشتغلوا سوى وعملوا مشروع تجارى صغير ومع الوقت المشروع كبر والحمدلله بقى ليه عائد مالى كبير علينا كلنا وكنا متفقين معاهم انا ومي اننا هنتخطب فى الجامعة ونتجوز بعد ما نخلصها وبعد اما اشوف شقة وكانو كلهم موافقين ومرحبين جداً وكانت حياتنا عال العال لغاية ما جه يوم قلب الموازين كلها
أشاح يوسف بوجهه بعيداً وبدأت عينه تترقرق بالدموع فلاحظت ذلك ليندا وقالت بعدم فهم:
ايه اللى حصل فى اليوم دا يا يوسف؟
تمالك يوسف نفسه ثم قال بصوت مبحوح ومخنوق كإنه يريد الصراخ:
كان قبل إمتحانات الثانوية العامة بيوم واحد بس.. كان صابح عليا إمتحان عربى وكان عليا درس الصبح بدرى خلصته ورجعت على البيت ويارتنى ما رجعت
ليندا:
ايه اللى حصل؟
يوسف ببكاء:
رجعت اليوم دا لقيت كل ناس الحارة ملمومة على مدخل البيت بتاعنا من تحت.. وسامع أمى من جوه بتصوت وتصرخ.. دخلت بجرى على بيتنا لقيت مي وأبوها وأمها واقفين على باب الشقة ومي بتعيط جريت جوه الشقة شوفت......
ببكاء شديد أكمل يوسف:
شوفت أبويا مرمى على الارض وأمى قاعدة جمبه بتصوت وتلطم على خدها وفيه راجل واقف قريب من ابويا وبيكتب حاجة فى ورقة وبعد ما خلص راح مقرب منى وطبطب على كتفى وقالى(البقاء لله... تصريح الدفن اهو) وراح مدينى التصريح عرفت ان ده دكتور الصحة وقالى ان سبب الوفاة سكتة قلبية وراح معزينى تانى ومشى
صمت يوسف لدقائق محاولاً جمع شتات نفسه بينما كانت ليندا تبكى هى الآخرى فنظر لها يوسف بحزن وقال:
انا آسف مقصدتش أنكد عليكى
ليندا بحزن:
انا كمان إفتكرت ليلة لما بابا مات رغم ان سنى كان 10 سنين.. بس عمرى ما هنسى الليلة السودة دى
يوسف بإبتسامة حزينة:
ربنا يرحمه ويخليلك مامتك
ليندا:
ويخليلك مامتك اكيد عوضتك عن خسارة باباك
يوسف بسخرية وحزن:
هى فين علشان تعوضنى
ليندا بحزن وذهول:
هى ما...
اومأ يوسف رأسه إيجاياً وأكمل بشجن:
بعد موت أبويا مبقناش عارفين نعمل ايه انا وأمى ولا عارفين هنعدى الصدمة دى ازاى ورغم كدا امى أجبرتنى انى اروح الامتحان.. طبعاً منمتش فى اليوم دا ولا ذاكرت حاجة كنت مشغول بالدفن والعزى وجه يوم الامتحان وقعدت فى اللجنة دايخ ومش شايف قصادى ملحوظة انا كنت علمى وكنت شاطر جداً والكل كان بيراهن على دخولى كلية طب بس بعد اللى حصل مبقتش فاكر معلومة من المنهج وبعد شهر من موت ابويا كان آخر امتحان ليا وطبعاً كل الامتحانات حليت فيها زفت.. وأنا راجع البيت بعد الامتحان لقيت نفس اللمة اللى كانت موجودة ساعة موت أبويا بس المرة دى علشان موت أمى
وهنا انهار يوسف فى البكاء بشدة حتى جعل جميع من فى الكافية ينظرون له... تعاطفت ليندا معه فإقتربت منه بكرسيها ورتبت على كتفه مهدئة وأخذت تواسيه برقة حتى هدأ تماماً وقال لها بصوت مبحوح وعيون حمراء متورمة من كثرة البكاء:
انا آسف فعلاً.. أنا احرجتك فى المكان
ليندا نافية كلامه:
ولا إحراج ولا حاجة محدش ليه حاجة عندنا
صمتو قليلاً غارقين فى بحر الذكريات حتى قالت ليندا قاطعة سباحتهم فى هذا البحر المؤلم:
قادر تكمل حكى؟
أخذ يوسف نفس عميق وقال:
أة هكملك بقالى كتير أوى مفضفضتش مع حد
رتبت ليندا على يده مشجعاه على الحديث فقال يوسف بإبتسامة بعد ان امسك يدها برقة:
بعد 15 يوم من موت امى ظهرت نتيجتى وكالمتوقع مجموعى كان قليل جداً وحلم عمرى فى كلية الطب اللى كنت مستعد أعمل اى حاجة علشان أحققه طار واتبخر فى الهوا ومبقاش ليه آثر وطلع التنسيق وفى الآخر دخلت تجارة
ليندا بإهتمام:
وبعدين؟
يوسف:
وفى سنة تانية تجارة مي حصلتنى ودخلت تجارة هى كمان وكنا ناوين نتخطب لما هى تبقى فى تالتة ونتجوز لما تخلص وانا الاقى شغل وكدا كدا مبقاش لازم اشترى شقة بعد ما ابويا وامى ماتو الشقة بقت بتاعتى وغير كدا ابو وام مي كانو مبسوطين ان بنتهم هتتجوز قريب منهم او بالمعنى الاصح فى الشقة اللى فى وشهم... ولما انا كنت فى تالتة وهى فى تانية روحنا نقدم فى البنك اللى احنا فيه دا علشان نتدرب والناس اللى فى البنك اتعرفوا عليا انا ومي وحبونا اوى لغاية ما فى يوم اتصلت بيا ام مي وكانت بتعيط جريت على البيت بتاعهم وشوفت المنظر لتالت مرة والمرة دى فى مي ولما سألنا الدكتور قال ان الوفاة طبيعية جداً
ليندا:
كمل
يوسف بمرارة:
مش قادر اوصفلك احساسى كان عامل ازاى لما مي ما... ماتت.. انا حسيت ان روحى ماتت معاها وبقيت عايش بجسمى بس
ليندا بتهكم:
يعنى زعلت عليها أكتر ما زعلت على مامتك وباباك؟
يوسف:
لا مش الفكرة بس مي كانت أكتر واحدة بتواسينى كانت اكتر حد حنين عليا فى الدنيا كلها كانت فهمانى من غير ما اتكلم مكنتش مصدق انها تروح منى فجأة كدا
سحبت ليندا يدها من يد يوسف وقالت بسخرية:
والله مش مقتنعة انا شايفة الاهل اهم
إبتسم يوسف برقة فلقد فهم ما ترمى إلية ليندا بعصبيتها وسخريتها هذة.. ليندا بصرامة:
ها وبعد ما مي الله يرحمها ماتت حصل ايه بعدها؟
يوسف:
ساعتها مكنتش قادر أعيش فى الشقة اللى مات فيها أبويا وأمى واللى قصدها الشقة اللى ماتت فيها اول حب فى حياتى.. فبعت شقتى وإشتريت شقة فى الزمالك بفلوس الشقة القديمة وبفلوس أبويا كان سايبهم لوقت الحاجة وإتوظفت وقتها فى البنك وكانت حياتى روتنية كئيبة ممله لغاية ما ظهرت مريم فى حياتى
تنهدت ليندا ووضعت يدها على خدها وأسندت بمرفقها على المنضدة وقالت:
ها ايه حكايتها هى كمان؟
يوسف بإبتسامة:
طب تعالى نشرب حاجة تانى الاول
ليندا:
ماشى انا هاخد مانجا سموزى
نادى يوسف الجرسون قائلاً:
واحد مانجا سموزى وواحد لاتيه
إنصرف الجرسون بعد ان أخذ أكواب القهوة.. وإستئنف يوسف حكيه قائلاً:
بعد فترة من موت مي كنت وحيد جداً وخايف من كل حاجة حواليا مبقاش ليا عزيز ولا حبيب.. أبويا وامى وبعديهم حبيبت عمرى اللى محبتش حد قدها كانو أعز تلات أشخاص فى حياتى فقدانى ليهم خلانى ضعيف وهش اوى واى حاجة بسيطة بتأثر فيا مكنتش متخيل ان اللى جاى بعد كدا تكملة للعذاب اللى انا فيه من اول موت ابويا
ليندا:
اي اللى حصل؟
جاء الجرسون قاطع حديثهم وقدم المشروبات فصمت كلاً منهما قليلاً ليرتشفوا رشفات من مشروبهم حتى عاود يوسف الحديث قائلا:
كان ليا صديق عزيز عليا من ايام ثانوى كان مسافر فرنسا ورجع اسمه ( كيرلس ) ولما عرف اللى حصلى مفارقنيش لحظة واحدة وحاول يخرجنى من المود اللى انا فيه دا حقيقى كان حنين عليا وجدع اكتر من صحابى المسلمين وهو السبب انى اتعرف على مريم
ليندا:
ازاى؟
يوسف:
صاحبى كيرلس كان رسام وكان بيحب يحضر معارض فنية وحاجات من دى  فخدنى معاه فى يوم لمعرض واحدة صحبته كانت اسمها (مريم محمد) وإتعرفت عليها هناك وبهرتنى برسومتها اوى ورغم انى كنت ناوى مدخلش فى اى علاقة بعد اللى حصلى او على الاقل اخد فترة استوعب فيها اللى حصل وأعرف هل هقدر أدخل فى علاقة تانية ولا لا.. بس لما شوفت مريم كل حساباتى إتلغبطت وكل حاجة إتغيرت
ليندا:
وبعدين؟
يوسف بألم:
حبينا بعض وإتخطبنا وكانت كل حاجة كويسة وحددنا معاد الفرح كمان لغاية قبل الفرح بيومين كنت بشترى بدلة الفرح وكيرلس كان معايا وإتصل بيا أبو مريم وكان منهار من العياط وقالى ان (مريم كانت مع صحباتها فى الشقة بتاعتك بيجهزو حاجات فيها وواحدة من البنات اتصلت بيك وانت مردتش راحت متصلة بيا وقالتلى ان مريم اغمى عليها وهما مش عارفين يفوقوها فروحت بجرى على الشقة وأخدت دكتور معايا كشف عليها وقال انها ماتت) مسافة ما سمعت كدا جريت على شقتى وشوفتهم مغطين وشها مقدرتش امسك نفسى فجأة إفتكرت أبويا وأمى ومي ودلوقتى مريم مستحملتش واغمى عليا واول ما فوقت لقيت كيرلس بيعيط وبيشتمنى ويقولى ( انت السبب فى موتها انت اى حد بيحبك او يقرب منك بيموت انت شيطان) وكان منهار جداً لانه كان بيحب مريم اوى ومستحملش موتها.. ومن ساعة اليوم دا وانا مشوفتش كيرلس لغاية دلوقتى حاولت اتواصل معاه اكتر من مرة بس هو كان بيرفض يقابلنى.. وطبعاً كلام كيرلس خلى أبو مريم شك فيا وفضل يسألنى 100 سؤال و.......
رن هاتف ليندا فقطع حديث يوسف فكانت المتصلة أم ليندا فقالت ليندا وهى تلتقط الهاتف:
يالهوى انا اتأخرت ومتصلتش اطمنها عليا
ردت ليندا على امها قائلة:
الو يا ماما
امها بعصبية:
انتى فين؟ وإتأخرتى ليه كل دا؟
ليندا معتذرة:
انا اسفة يا حبيبتى انا قعدت النهاردة فى البنك وقت زيادة علشان اجرد الخزنة بس انا خلصت خلاص وجاية اهو
امها بحزم:
طب يلا بسرعة
ليندا:
حاضر
أغلقت ليندا المكالمة ونهضت قائلة بسرعة:
انا لازم امشى حالاً ماما قلقت
يوسف وهو ينهض ويطلب الحساب من الجرسون:
هاجى أوصلك
خرج يوسف وليندا من المحل.. وأوصل يوسف ليندا الى بيتها ثم ذهب بعد ذلك الى بيته وكان يشعر بسعادة غامرة بالبوح بما فى داخله كأنه أزاح هم وعبئ كبير كان يثقل كاهله بينما صعدت ليندا الى شقتها ودخلت غرفتها فوراً وظلت تستعيد أحداث اليوم من تقربها ليوسف اخيراً ومعرفتها بالكثير عن قصته التى لطالما حيرتها.
                      ****************

      

لا تقتربيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن