الفصل الثامن والأخير (بداية النهاية)

51 2 1
                                    


يوجد بعض الأشياء عندما نصل إلى جزء معين بها نظن إننا وصلنا إلى نهايتها لم نكن نعرف إننا وصلنا إلى بداية جديدة ولكن من النهاية.
*****************
بعد شهر كانت محاكمة نوح بعد أن عرف الجميع أن يوسف برئ من قتل الثلاث بنات وإنه ليس بقاتل او ملبوس بل هو ضحية مؤامرة دنيئة قام بها صديقه نوح المجنون.. وهكذا تمت خطبة يوسف وليندا سريعاً بعد أن وافقت أمها عندما عرفت ان يوسف مظلوم.. حضر الجميع محاكمة نوح -يوسف وليندا وأهل مي وأهل ليلى وأبو مريم ونديم- وبعد فترة من مرافعة المحامى الموكل لنوح خرج القاضى ليناقش الحكم مع مستشاريه الآخرون.. وفى هذة الاثناء كان يجلس أبو مريم بالصف الأخير بجانب نديم وكان نوح ينظر له من القفص من أول ما دخل القاعة وكذلك الحال مع أبو مريم فكان أيضاً ينظر لنوح طيلة الوقت ولكن ليس نظرة كره ومقت للرجل الذى قتل إبنته بل كانت نظرات إستغراب شديدة.. بينما كانت نظرات نوح لأبو مريم مليئة بالكره والحقد فكانت نظراتهم غريبة بحق ولاحظتها ليندا التى كانت تجلس بالصف الأول بجانب يوسف فقالت له بإستغراب:
بص كدا ورا يا يوسف على أبو مريم
فعل يوسف ما قالته ليندا التى أكملت قائلة:
شوف بيبص لنوح إزاى
يوسف:
طبيعى لازم يبصله دا قتل بنته الوحيدة
ليندا بسخرية:
يا سلام طب ليه نوح هو كمان بيبصله من أول ما أول ما دخل القاعة
يوسف بلامبالاة:
عادى يعنى
ليندا بإصرار:
لا مش عادى.. حتى بص على نظرات أبو مريم تحسها مش نظرات كره لنوح
يوسف بسخرية:
أومال نظرات ايه؟
دققت ليندا فى وجه أبو مريم ثم قالت:
نظرات غريبة تحس ان هو مستغربه
يوسف بعدم فهم:
مستغربه إزاى؟
ليندا:
تحس ان هو شافه قبل كدا وبيشبه عليه وبيركز فى ملامحه
ضحك يوسف وقال:
انتى عبيطة يا ليندا؟
ضربته ليندا برفق فى كتفه وقالت:
والله حاسه بكدا اوى
كان أبو مريم ونوح لا يزالون ينظرون لبعض فسأل أبو مريم نديم الذى يجلس بجانبه قائلاً:
هو إسمه نوح ايه؟
إنتبه له نديم وقال:
نوح عبد القادر محمد العُقبى
هز أبو مريم رأسه فسأله نديم بإستغراب:
ليه بتسأل؟
قال أبو مريم وهو لم يرفع عينه عن نوح:
مش عارف حاسس إنى اعرفه
دُهش نديم وقطب حاجبيه وقال:
إزاى؟
أبو مريم:
عيونه الواسعة دى مش غريبة عليا حاسس إنى شوفتها قبل كدا وإتعاملت مع حد عنده نفس العيون دى بالظبط.. واللى محيرنى اكتر ان هو كمان منزلش عينه من عليا من ساعة ما جيت.. تفتكر هو كمان بيشبه عليا؟ تفتكرإحنا نعرف بعض؟
نظر نديم لنوح وإستغرب بشدة عندما وجده ينظر لأبو مريم بحدة فقال نديم بحيرة:
مش عارف والله حاجة غريبة فعلاً
دخل القاضى مرة آخرى هو ومستشاريه فصمت الجميع ليسمعو حكمه فقال القاضى:
حكمت المحكمة حضورياً على المتهم (نوح عبد القادر محمد العُقبى) بتحويل أوراقه لسيادة المفتى
وضرب بمطرقته وهو يقول:
رُفعت الجلسة
إعتلى التهليل قاعة المحكمة فكان الجميع فرحين بهذا الحكم العادل ماعدا أبو مريم الذى لم تتغيرملامح وجهه وظل ينظر لنوح والأخير ينظر له أيضاً.. فمرت ليندا ويوسف على أهل مي يهنئوهم بالحكم وكذلك أهل ليلى وعندما جائو لأبو مريم هنئته ليندا ثم سألته:
فى حاجة يا أبو مريم؟ انا ملاحظة انك منزلتش عينك من على نوح
يوسف بعصبية:
ليندا!!!
ليندا:
ايه يا يوسف بطمن عليه
أبو مريم بإبتسامة:
سيبها يا يوسف.. عندك حق يا بنتى انا فعلاً كنت باصص للحيوان دا طول الوقت علشان بشبه عليه
ليندا بإنتصار:
شوفت يا يوسف مش قولتلك إنى حاسه انه بيشبه عليه
تسأل نديم بشك:
ويوسف قالك ايه لما قولتيله كدا؟
ليندا:
قالى انتى عبيطة
نظر نديم بشك ليوسف بينما قال أبو مريم:
لا يا يوسف هى مش عبيطة دى مشاء الله عليها ذكية وبتلاحظ
يوسف بإستغراب:
انت حاسس إنه شبه مين تعرفه؟
سرت رعشة فى جسد أبو مريم ثم قال بتوتر:
مش عارف
يوسف بإبتسامة:
تلاقيك بيتهيألك
أبو مريم بشرود:
جايز
نديم بشك:
أومال نوح فضل باصص لأبو مريم هو كمان ليه؟
يوسف بلامبالاة:
جايز علشان لاقى أبو مريم بيبصله جامد راح بصله هو كمان
ليندا بتفكير:
جايز
ثم أكملت ناهية الحديث:
طب يلا بينا بقى مفاضلش غيرنا فى القاعة
خرج كلاً من يوسف وأبو مريم وليندا بينما ظل نديم قليلاً يفكر فى معنى هذة النظرات الغريبة
******************
بعد شهرين آخرين كان حفل زواج يوسف وليندا وكانت قاعة الفرح كبيرة جداً فقد عزموا الكثير والكثير ولم يتخلف أحد عن الحضور فقد حضر زمايل يوسف وليندا فى العمل وأصدقاء يوسف القدامى الذين تركوه ولم يعودو يتوصلوا معه ظناً منهم إنه قاتل ولكنهم جائو اليوم جميعهم وإعتذروا ليوسف وكان منهم صديقه كيرلس الذى فرح يوسف بشده لرؤيته.. فكان الجميع سعيد ومسرور للعروسين ماعدا نديم الذى كان يقف فى ركن بعيد من القاعة ويرمق ليندا الجميلة التى زادها فستان الفرح حسناً وجمالاً فوق جمالها.. فكان ينظر لها بعينين غائرتين بالدموع وقلبه يضرب بقوة شديدة وأنامل أصابعه ترتعش وهو ينظر ليوسف الذى يقف بجوار ليندا ويحضنها ويُقبلها من جبينها.. فلم يكن يتخيل نديم ان من سيفعل هذة الأشياء مع ليندا ومن يقف بجوارها فى هذا اليوم مرتدياً حُلة العريس شخص آخر غيره..فكانت بداخله نار مشتعلة وهو كعادته يحاول أن يخفيها حتى لا يرى أحد مايدور بداخله فإقترب منه صديقه خالد الذى عزماه يوسف وليندا وقال بإبتسامة:
ايه يا حضرة الرائد واقف بعيد كدا ليه؟
نديم بإبتسامة باهتة:
لا ولا حاجة
شعر خالد بحزن صديقه نديم فقال بتردد:
مش هتروح تسلم وتبارك للعروسة؟.... لو مش عايز خلاص مش مهم
نديم:
لا طبعاً دا فرح بنت خالتى واختى ازاى مروحش أبارك لها
وترك نديم خالد وإتجه إلى ليندا التى كانت تسلم على إحدى صديقاتها فإقترب منها نديم وشم رائحة عطرها الجميل الذى لا طالما أثره.. وقال لها برقة وحنان:
الف مبروك يا ليندا
تركت ليندا صديقتها ونظرت لنديم بإبتسامة فلاحظت ان بؤرة عينه إتسعت بشدة -ملحوظة: أثبتت الدراسات ان إتساع بؤرة العين دليل على إنك رأيت شخص أو شئ تحبه بشدة- فقالت ليندا برقة:
الله يبارك فيك يا نديم عقبالك يارب
إبتلع نديم مرارة ذلك وتبسم لها فجاء يوسف ووقف بجانب ليندا ووضع يده على كتفها.. وعندما رآه نديم مد يده ليصافحه وقال بإبتسامة صفراء تخفى ورائها حقد وكراهية شديدين:
مبروك
مد يوسف يده وصافح نديم وقال بخبث:
عقبالك
نديم:
شكراً.. عن إذنكو
إبتعد نديم عنهم وخرج من القاعة التى كانت تتطل على النيل ووقف نديم تاركاً هواء النيل الصافى ينعش صدره عسى ان يطفئ النيران المشتعلة بداخلة.. فجاء خالد ووقف بجانبه فهو لا يريد ان يترك صديقه بمفرده فى حالته هذة.. فنظر له نديم وقال:
معاك سجاير؟
خالد بإستغراب:
اة ليه؟
نديم:
طب هات واحدة
خالد بذهول:
بس انت عمرك ما دخنت يا نديم
نديم بعدم إكتراث:
مهو انا هجرب دلوقتى
خالد بقلق:
لا يا نديم بلاش دى إدمان لو خدت سيجارة واحدة وبالذات وانت مضايق وزعلان مش هتعرف تبطلها خالص.. وبعدين بتتعب الصدر اوى بجد
نديم بعصبية:
ما تنصح نفسك بالكلام دا يا اخويا.. بقولك ايه هتدينى سيجارة ولا ابعت حد يجبلى علبة
خالد:
خلاص خلاص إهدى
وأخرج له خالد سيجارة وأشعلها له وما ان نفث نديم نفس واحد حتى أخذ يسعُل بشدة فقال له خالد وهو يرتب على ظهره:
ياعم ما قولتلك بلاش
لم يهتم نديم لكلامه وأخذ يكمل السيجارة ثم قال فجأة:
أنا مش مرتاح
خالد:
تحب نمشى؟
نديم:
لا مقصدش على الفرح
خالد بعد فهم:
اومال؟
نديم بشك وهو يسحب أنفاس من السيجارة:
أنا اقصد على موضوع نوح والتلات بنات دول
خالد:
مش مرتاح للموضوع إزاى يعنى؟
نديم:
حاسس ان فيه حاجة ناقصة فى الموضوع دا حاسس بثغرة
خالد بسخرية:
ياعم ولا ثغرة ولا مغرة مهو إتقبض عليه اهو وهيتعدم وليندا اهى بخير ومحصلهاش حاجة.. انت بس اللى مأفور
قال نديم وهو يخرج سحابة كبيرة من الدخان:
خليك فاكر انى قولتلك انى مش مرتاح
***************
بعد تسع شهور كانت ليندا حامل فى الشهر السابع وكانت تعيش هى ويوسف فى بيته فى الزمالك وكانو سعداء ومتشوقين لرؤية المولود الجديد.. وتحسنت حالة يوسف المادية أكثر وأكثر فإشترى سيارة حديثة الموديل وترقى فى عمله بينما تركت ليندا العمل بمجرد معرفتها بإنها حامل فهى لن تقدر على مواصلة الحمل والعمل معاً لذلك إختارت ان تكون أم... وكان يوسف عائداً من العمل فى يوم من الأيام فتوقف بسيارته أمام كشك جرائد وإبتاع صحيفة الأخبار وركب سيارته مجدداً وفتح اول صفحة فى الجريدة فرأى منشت كبير بعرض الصفحة يقول:(هروب أحد أخطر القتلة المحكوم عليهم بالإعدام أثناء ترحيله إلى مكان تنفيذ حكم الإعدام) ومكتوب تحت المنشت أن الشرطة لم تصدر اى معلومات سوى ان هناك سيارات أعاقت سير الترحيل ونزل منها رجال ملثمين وقامو بإطلاق النيران على جميع الظباط الذين كانو مع المجرم أثناء ترحيله لتنفيذ حكم الإعدام وان إثنان من الظباط فى حالة خطرة والأخر بدأ يتعافى... وما ان قرأ ذلك يوسف حتى تبسم إبتسامة خفيفة وترك الصحيفة وإنطلق بسيارته عائداً إلى بيته
******************
رن يوسف جرس باب بيته وإنتظر قليلاً ولكن ليندا لم تفتح الباب فقال يوسف فى نفسه:
جايز نايمة
وأخرج مفاتيحه وادار المفتاح وفتح الباب ودخل.. وذهب إلى غرفة النوم ليطمأن على ليندا فتفاجأ بها مغشى عليها ونائمة على ظهرها على الأرض فجرى يوسف وجلس على ركبتيه وحمل رأسها برفق ووضعها على رجله ووضع يده على بطنها الكبيرة ليطمأن على الجنين وأخذ يفوقها برفق وهو يقول بإستياء:
يخربيت الحمل وسنينه السو....
لم يكمل يوسف جملته لأنه وجد ورقة بجانب ليندا على الأرض فأخذها يوسف وفتحها وفُزع عندما وجد إنها ورقة سوبر ماركت العُقبى التى تحمل صورة الشيكولاتة المجانية ومكتوب بقلم أسود أسفل الورقة:
كدا يا يوسف تعمل فرحك وصاحبك فى السجن
ومكتوب تحت هذة الجملة:
تحياتى/ نوح عبد القادر محمد العُقبى
صُعق يوسف ونظر إلى ليندا الممدة أمامه على الأرض وأخذ يقول بهسترية:
إزاى؟ إزاى؟ مستحيل
وأخذ يوسف يهز ليندا مراراً وتكراراً لكى تفيق ولكنها لم تفعل فزادت هيسترية يوسف وهو يصرخ قائلاً:
لينداااااا... لينداااااااا... فوقى يا ليندااا
وفعل ذلك أكثر من مرة لكن بدون فائدة فأخذ يقول بصدمة:
لا لا لا لا
ثم رفع رأسه لأعلى وصرخ بكل ما أوتى من قوة وهو يقول:
لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

إنتظرونى فى الجزء الثانى إن شاء الله

تمت بحمد الله

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 20, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

لا تقتربيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن