1

999 30 7
                                    

تململت في فراشها بسبب أشعة الشمس التي قد اخترقت نافذتها وأتت علي وجهها كي تداعبه فتأففت ثم فرقت جفنيها بصعوبة لتجعل خيوط الشمس الذهبية تسقط علي عسليتيها ؛جلست علي فراشها ومطت جسدها الرشيق ثم حكت فروة رأسها ذات الشعر الذهبي -الذي تخلله بعض الخصلات البنية- المبعثر بسبب النوم.
قامت من مكانها وهي تتثاءب ثم خرجت من غرفتها متجهة للمرحاض لكن اوقفها صوت رجولي غليظ وهو يقول:
-أيه اللي حصل أمبارح وخلى صاحب الشغل يخصملك يومين؟
زفرت بضيق ثم نظرت له وهي تبتسم بغيظ قائلة:
-صباح النور
قال بغضب:
-جاوبيني وبلاش تستفزين علي الصبح
زفرت بحنق ثم قالت:
-ضربت زبون بالقلم عشان ضايقني
رفع سبابته أمام وجهها ثم قال بوعيد:
-ده أخر تحذير ليكي...إن أتخصم منك تاني أنتِ حرة
اولته ظهرها مكلمة طريقها للمرحاض وهي ترفع كتفيها في الهواء وتقول:
-وحد قالك أني مش حرة
استشاط غضباً بينما دلفت هي للمرحاض وقامت بروتينها الصباحي ،نظرت لوجهها في المرأة ثم تنهدت وقالت بصوتٍ منخفض:
-أنا زهقت بجد...كان لازم يعني ماما تتجوز بعد ما بابا مات
سمعت صوت طرقات قوية علي الباب فتأففت ثم فتحته لتظهر تلك السيدة التي تبدوا في منتصف عقدها الرابع وملامحها تدل علي الغضب خصوصاً بعد أن قالت:
-ساعة في الحمام
عضت علي شفتها السفلي بغضب مكتوم ثم أجابتها من بين أسنانها:
-أسفين يا فندم
تجاوزتها وخرجت بينما ظلت الأخرى تصرخ ببعض الكلمات والسباب لكنها لم تكترث ودلفت لغرفتها مجدداً ثم بدلت ملابسها بأخرى ،ارتدت قميص أبيض وتركت اول زرين مفتوحين وبنطال ضيق بالون الأسود.
وقفت أمام المرآة ومشطت شعرها ثم عقدته لأعلى علي هيئة ذيل حصان ،وضعت أحمر شفاه بالون الوردي الفاتح الذي يناسب بشرتها البيضاء ووجنتيها الحمراوين بدون مستحضرات تجميل.
ابتسمت ثم اخذت حقيبتها الصغيرة السوداء وعلقت علي احدى كتفيها بعد أن وضعت بها القليل من الورقات المالية وهاتفها المحمول.
خرجت من غرفتها متجهة لباب المنزل لكن أوقفها صوت زوج والدتها وهو يقول:
-سارة ،أتعدلي في الشغل وبلاش هبل
التفتت لتنظر له وهي تبتسم يتهكم وتقول:
-عشان أخد مكافأة وأنت تاخدها مش كده؟
اجابها بسخرية:
-ده حقي...مش كفاية أني صرفت عليكي لحد ما اتخرجتي من الجامعة وكمان خليتك تكملي دروس الباليه الهبلة بتاعتك دي
عقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة:
-اولاً انا كنت أقدر أصرف علي نفسي عادي بس أنت كنت بتاخد مني مرتبي في الجامعة أما ثانياً إياك تغلط في البالية
صك أسنانه ببعضها ثم قال بغيظ مكتوم:
-بلاش
رفعت كتفيها في الهواء ثم غادرت المنزل وهي تتمتم ببعض السباب اللاذع علي زوج والدتها ووالدتها اللذان جعلان حياتها كالجحيم ومع الأسف لا يمكنها تركهم لأن ليس لديها مكان أخر للذهاب إليه ،هي حتي لا تعلم شيئاً عن والدها او عائلته.
نظرت من نافذة الحافلة وبعض الدموع متحجرة بمُقلتيها لكنها تأففت عندما سمعت صوت رنين هاتفها فأخرجته من حقيبتها وأجابت ليأتيها الإجابة بصوت رجولي:
-اتأخرتي ليه يـ...
قاطعته بحنق:
-استاذ صابر ،أنا معادي الساعة تسعة ودلوقتي الساعة تسعة إلا ربع يعني لسه فاضل ربع ساعة
-مخصوم منك يومين كمان بسبب قلة أدبك دي
أغلق الخط بوجهها ولم يعطيها مجالاً للرد فاتسعت عينيها ثم نظرت لشاشة هاتفها وقالت:
-ابوشكلك
ظلت تلعن حظها العسر وذلك الصابر طوال الطريق إلي أن وصلت لوجهتها وترجلت من الحافلة ،سارت مسافة صغيرة إلي أن وصلت لذلك المول التجاري الضخم ثم دخلت وهي تحاول تهدئة نفسها.
وقفت أمام باب المتجر الذي تعمل به ثم اخذت نفساً عميقاً وزفرته علي مهل ؛دخلت بملامح تدعي الهدوء رغم البركان الذي بداخلها ثم وقفت أمام مكتبه وابتسمت ابتسامة رسمية وهي تقول:
-استاذ صابر ،أنا جيت أهو
نظر لها ثم قال:
-أعملك أيه يعني؟
ابتسمت بغيظ ثم أجابته:
-الساعة تسعة إلا خمس دقايق يعني أنا متأخرتش
-روحي شوفي شغلك
زفرت بضيق ثم غادرت من أمامه وذهبت لغرفة تغيير الملابس الخاصة بالعاملين ،ارتدت الزي الخاص بالعاملين ثم أخذت الجهاز اللوحي الموجود بخزانتها الخاصة وذهبت لتباشر العمل فهي تشرف علي العاملين بمتجر لبيع الملابس والعطور والساعات العالمية.
ذهبت لكل قسم علي حدة وسجلت الاحصائيات علي الجهاز اللوحي ثم ذهبت لمكتب صابر مجدداً لكنها طرقت الباب قبل أن تدخل فسمعت صوته يأذن لها بالدخول.
دلفت ثم جلست علي الكرسي الذي أمام مكتبه وقالت وهي تنظر لشاشة الجهاز اللوحي:
-الطلب كان كبير علي أخر ساعة جبناها وخلصت وفي كذا order (طلب) ليها أما بخصوص البرفانات ففي نوع مأتباعش منه ولا قطعة من ساعت ما جبناه
عقد حاجبيه قائلاً:
-ليه؟
نظرت له ثم أجابته:
-أنا شميته وريحته فظيعة بجد...ريحته شبه السجاير
-ومش أنتِ اللي بتقبلي الفاكسات؟!
-مظبوط بس ده الفاكس بتاع قريب حضرتك اللي قولتلي أقبله من غير معاينة
قال بغضب:
-وأنتِ من أمتي بتسمعي الكلام؟
نظرت له بغضب فازدرد لعابه ثم أردف:
-معلش أنفعلت...قوللهم يعملوا offer(عرض) أني أي حد يشتري حاجات بألف جنيه ياخد معاها هدية أزازة perfume من البتاع المعفن ده
-للأسف مش هينفع لأني في حالياً تلت عروض وكده هنخسر
-ما تتصرفي يا سارة
عبثت بجهازها اللوحي قليلاً ثم قالت:
-بص أحنا اشتريتنا الازازة بمية وخمسين جنيه وعارضينها للبيع بمتين جنيه يبقي لو عملنا العرض بتاع يوم الجمعة انوا اللي يشتري الازازة هياخد خصم علي كوليكشن الهدوم المركونه عندنا دي هنبقي خلصانا من مصبتين
-تمام خلي بتوع الدعايا يعملوا بوستر ويعلقوه في المول وكمان يعملوا بوست علي الفيس
-تمام
أغلق شاشة الجهاز اللوحي ثم نظرت له وأردفت:
-في حاجة عايزه أكلم حضرتك فيها بس ملهاش علاقة بالشغل
نظر لها باهتمام قائلاً:
-أتفضلي
اخذت نفساً عميقاً ثم تحدثت بثقة قائلة:
-أنا عارفة أني تصرفات حضرتك الغريبة معايا دي عشان رفضت أننا نرتبط بس أنا مرفضتش لأني حضرتك عندك مشكله...أنا رافضة الفكره كلها لأسباب شخصية وأتمني أنك تتفهم ده ونرجع زي ما كنا قبل حورا الأرتباط ده
تنهد ثم قال:
-الأسباب الشخصية دي تبقي السن مش كده؟
اومئت له ثم قالت:
-بس ده المانع الوحيد من ناحيتك أما من ناحيتي فأنا عندي موانع كتير جداً وحاجات فعلاً مش هقدر أقولها
قال وهو ينظر في الأوراق التي أمامه:
-تقدري تروحي تكملي شغلك
نهضت من مكانها ثم توجهت ناحية الباب لكن قبل أن تخرج ألتفتت لتنظر له وقالت:
-هو أنا كده لسه مخصوم مني يومين كمان ولا أيه؟!
ابتسم ثم نظر إليها قائلاً:
-لا بس لو أيدك أتمدت علي حد تاني والله لأخصملك أسبوع كامل
-وأنا مالي أني الزباين متربوش
-يلا برا
تأففت ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها ،أخبرت عاملين قسم الدعاية والإعلان عن ما طلبه صابر ثم ذهبت لتتابع سير العمل بالمتجر...
***
يجلس بمفرده في حديقة قصره الكبير ويحتسي فنجان من القهوة وهو يقرأ في إحدى المجلات ويرتدي نظرات طبية للقراءة ؛ابتسم عندما رأى صورة ذلك الشاب ذو الأعين الرمادية تزين أحدى صفحات المجلة ثم أمسك بهاتفه وأتصل بأحدهم.
وضع الهاتف علي أذنه ونزع نظراته الطبية فأتاه الرد من الطرف الأخر مرحباً به فقال وهو لايزال يبتسم:
-الشغل نساك عمك مش كده يا عم الـ businessman(رجل الأعمال)؟
أجابه ذو الأعين الرمادية وابتسامة صغيره تزين ثغره وهو يقف أمام جدار زجاجي يكشف له كل ما بالخارج من مبانٍ ومظاهر خضراء:
-ما أنت عارف الشغل بقي...ده أنا مش لاقي وقت أتنفس حتي
-كُل بعقلي حلاوه يا أبن سليمان
-ماشي يا أخو سليمان هبقي أجي أتغدي عندك ،حلو كده؟!
-أما نشوف
قال وهو يعود للجلوس خلف مكتبه الممتلئ بالملفات والأوراق:
-أنت أكتر واحد عارف وعودي
-طيب يخويا سلام بقي عشان منعطلش زين بيه عن شغله
أغلق الخط ثم نهض من مكانه ودخل لقصره منادياً علي أحدى الخادمات التي أتت علي الفور وسألته باحترام عمَّا يريد فأجابها:
-خليهم يعملوا الأكل اللي زين بيحبه عشان هيجي يتغدي معانا
اومئت له باحترام ثم ذهبت لتنفذ ما طلبه بينما صعد هو غرفته وأخرج من خزانته بعض الملابس ثم دخل للمرحاض الملحق بالغرفة كي يأخذ حماماً دافئاً إلي أن يأتي أبن أخيه (زين)...
***
في قاعة اجتماعات يجلس بعض الأشخاص وكلاً منهم مشغول بشيئاً لذا دعوني أعرفكم عليهم إلي أن يأتي مديرهم ويبدؤوا اجتماعهم.
تلك التي تمضغ علكة وتلتقط لنفسها صور -سيلفي- تسمي (تارا) بينما يجلس إلي جانبها زوجها الذي يرتب خصلات شعره العسلي كل خمسة ثوانٍ ويسمي (إلياس) بينما يجلس إلي جانبه شاباً لم يتوقف عن هز ساقه لثانية ويسمي (إياد) ويجلس إلي جانبه زوجته التي ترتدي ملابس رسمية وتضع ساقاً فوق الأخرى وتبعث بأحدى خصلات شعرها الفحمي وتسمي (روما).
يوجد أيضاً ذلك الشاب المندمج في اللعب علي هاتفه بأحدى اللعب الحربية -ببچي- ويسمي (بدر) وتجلس إلي جانبه فتاة تأكل كعك وتسمي (ليلى) وهي زوجته ذات الجسد الممتلئ بعض الشيء ؛ربما لاحظتم الاختلاف الذي بينهم جميعاً لكن صدقوا أو لا تصدقوا كلاً من إياد و تارا و ليلي أشقاء.
دخل بملامحه الجادة ليقاطع كل مَن كان يفعل شيء عمَّا كان يفعله خصوصاً ليلى التي وقف الطعام بحلقها وظلت تسعل فسكب لها جواد كوب ماء بينما ترك بدر هاتفه وربت علي ظهرها.
تأفف زين ثم جلس علي رأس الطاولة وقال عندما تمكنت ليلى من التقاط أنفاسها:
-مليون مرة قولت مفيش أكل في أوضة الأجتماعات
صاحت معترضة:
-كنت جعانة...يعني عايزني أموت من الجوع؟!
أجابها ساخراً:
-ما أنتِ كنتي هتموتي من الأكل
عقدت ذراعيها أمام صدرها ثم قالت:
-أوووووف طول عمرك دمك يلطش
هز رأسه باستنكار ثم قال بجدية وهو يبتسم بغيظ:
-مين بقي فيكوا يا حلوين اللي وافق علي موضوع مسابقة الباليه ده؟
أشار الجميع بسبابته ناحية تارا التي كانت تعبث بهاتفها وتبتسم فضرب الطاولة التي أمامه وصرخ باسمها مما جعل جسدها ينتفض وتقول بعفوية:
-أنت جيت أمتي؟
صك أسنانه ببعضها فازدردت لعابها ثم ابتسمت ابتسامة بلهاء أظهرت أسنانها وقالت:
-أكيد الفكره عجبتك دي حتي تغيير من جو الكمبوندات والهندسة والملل ده
أردفت وهي تنكز إلياس بمرفقها:
-مش كده ولا أيه؟
قال إلياس:
-سيبك من اللي بتقوله هي وافقت عشان تاخد كام صورة وقت تجارب الأداء ولو واحدة منهم اتأهلت للنهائيات في باريس كانت هتتصور معاها والجو التافه ده وكل ده عشان تزود الـ followers(المتابعين)
نظرت له بحدة وقبل أن تتكلم كان صوت زين الغاضب يرن في المكان وهو يقول:
-وعلشان خاطر تفاهتك دي دخلتينا في مجال أحنا منعرفش فيه حاجة
قالت روما محاولة إنقاذ الموقف:
-مستر زين ،أسمحلي أقولك أني اللي حصل ده ممكن يبقي حاجة حلوه لينا لأننا لو مولنا المسابقة دي وواحده من البنات اللي داخلينا فازت هيبقي فيها مكسب حلو بالإضافة لأسم الشركة اللي هيضرب في السوق
نظر لها ثم قال ببرود:
-وحضرتك أيه معلوماتك عن الباليه عشان تقيمي أداء اللي هيشاركوا مع اللجنة
قالت ليلى بمرح:
-أنا أعرف كتير عن الباليه وممكن اساعد
قال بدر بسخرية:
-وده من أمتي انشاءالله؟
-من زمان حتي اسأل إياد
قال إياد:
-أنا معرفش حاجة
نهض زين من مكانه ثم قال برسمية:
-تمام كلكوا هتتحملوا غلطة تارا عشان محدش حاول يمنعها...عايز بكرا من كل واحد منكوا file(ملف) ميقلش عن أربع صفحات فيه معلومات عن الباليه
فغر الجميع فاهه وقال إياد معارضاً:
-ده اللي هو أزاي؟
رفع كتفيه في الهواء مُجيباً:
-معرفش دي مشكلتكوا...وكمان من هنا ورايح أي حاجه قبل ما تروحلكوا هتجيلي الأول ولما أوافق عليها هبقي أبعتهالكوا تشوفوها إن وافقنا كلنا يبقي تمام وإن حد أعترض هنتناقش
قالت روما معارضة:
-ولو اللي أنت رفضته ده عجبنا أحنا؟
-أظن بعد اللي حصل ده الديموقراطية هتقل لحد ما ترجعوا زي ما كنتوا
صاح الجميع معارضاً بينما تجاهلهم ثم صرخ بهم كي يصمتوا وصاح:
-مش هقبل أي أعتراض واللي مش عاجبه يتفضل برا...أوعوا حد منكوا يفكر عشان أنتوا قرايبي وبنهزر ونضحك مع بعض يبقي هسبكوا تعملوا اللي انتوا عايزينه...لا وألف لا...الشغل شغل وطول ما أحنا جوا الشركة يبقي مفيش حاجه بينا غير الشغل مفهوم
لم يجيبه أحد بل قاموا ليغادروا الغرفة واحداً تلو الأخر وكلاً منهم يتمتم ببعض الكلمات المعترضة بينما ظلت روما جالسة فنظر لها شذراً كي تتحدث فقالت:
-أنا أختك ومش هقبل أنك تعاملني زيهم وإياك تزعق فيا تاني كده
نهضت من مكانها وكادت أن تغادر فابتسم يتهكم ثم وضع يديه في جيب بنطاله معادا ابهاميه وقال:
-ده علي أساس أني الشركة تهمك أوي...نسيتي لما كنا بنقع ومحتاجين اللي يساعدنا وروحتي أنتِ بكل بجاحة مقدمة استقالتك واشتغلتي لحسابك
زفرت بضيق ثم ألتفتت لتنظر إليه وعقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة:
-وأنت أول ما وقفت علي رجليك دمرت الشركة بتاعتي بكل سلام نفسي وبرود
-ما كان لازم حد يعملك درس وأنتِ مش بتتعلمي غير كده
سار مغادراً لكنه توقف إلي جانبها وهمس دوت النظر إليها:
-ومتنسيش أني بالحركة اللي عملتيها زمان خسرتي نصيبك في الشركة وبقيتي زيك زي أي موظف هنا
رمقها وهو يبتسم ابتسامة جانبية ثم غادر وهو يدندن بينما كورت هي قبضتها بغضب ثم غادرت المكان وهي تطلق بعض السباب...
***
خرج من المرحاض بعد أن أنهى حمامه الدافئ ثم أرتدي ملابس منزلية قطنية مريحة وأمسك بهاتفه وأتصل بـ زين الذي أجابه قائلاً:
-والله في الطريق...تحب أكلكس عشان تصدق
ابتسم ثم قال:
-لا خلاص مصدقك بس زود السرعة شوية
-أنا عند المدخل اصلاً
-طيب يا عم السريع ،أنا نازلك
أغلق الخط ثم نزل للطابق السفلي وطلب من أحدى الخادمات تجهيز مائدة الطعام بسرعة ؛ابتسم عندما سمع صوت رنين الجرس وذهب ليفتح الباب بنفسه ثم عانق زين قائلاً:
-لازم أقولك تيجي يعني...مفيش مره كده تجيلي من نفسك
فرق عناقهم ثم قال وهو يبتسم:
-صدقني مشغول وعيالك وأختي هيجننوني قريب
-تعالا أحكيلي العصابه دي عملت فيك أيه
جلسا في غرفة المعيشة ثم قال زين:
-تارا هتموتني ناقص عمر عشان كام follower علي الانستجرام
عقد حاجبيه فأردف:
-لا ده حوار كبير وتافهه
هز رأسه بتفاهم ثم قال وهو يبتسم:
-بس أيه موضوع الباليه ده؟!
لوي ثغره قائلاً:
-بركات تارا
ضحك ثم قال:
-بس فكره حلوه وأهو تغيير
قال معترضاً:
-أنت هتعمل زيها؟
-ولا زيها ولا حاجه بس التغيير مطلوب
أردف وهو يغمز:
-وكمان يا عم هتلاقي مُزز مقدمين في المسابقة دي
-بقولك مش فاضي أتنفس تقولي مُزز وبتاع
-يا عم لولا أني مرات عمك الله يرحمها كانت مليا القلب كان الواحد خدله مُزه من بتوع اليومين دول
قال مغيراً الموضوع:
-هو أحنا مش هنتغدي؟
قال بحزن مصطنع:
-للدرجادي مش طايق تقعد مع عمك
-ما أنت يا عمي بتتكلم في مواضيع مبحبهاش
رفع سبابته أمام وجهه ثم صاح بغضب:
-مش مية مرة أقولك بلاش كلمة عمي دي
-أسفين يا جواد باشا...حلو كده
قال وهو يدفعه كي ينهض:
-قوم أطفح وغغور
ابتسم قائلاً:
-طيب يا عم براحه
اردف بمرح:
-ده أنا حتي كنت عامل program(نظام) تحفه لينا أنهارده وناوي أبات هنا كمان
-ايوه...ثبتني ثبتني
قال وهو يبتسم:
-أفرد وشك بقي يا عم جواد
ابتسم ثم نهض من مكانه قائلاً:
-اهو...قوم بقي خلينا نطفح عشان جوعت
نهض مثله ثم قال:
-يلا وخليني اقولك علي اللي عملته مع العصابه بسبب الموقف الزباله اللي حطوني فيه
***
نظرت للمرآة وهي تعدل عقدة شعرها بعد أن بدلت ملابسها فقد أنتهى دوامها ،خرجت من الغرفة وسارت مغادرة المتجر لكن أوقفها صوت صابر وهو ينادي عليها فالتفتت لتنظر إليه فقال وهو يمد يده لها بورقة مستطيلة ويبتسم:
-أعتبريه أعتذار
عقدت حاجبيها ثم أخذت منه الورقة لتبتسم باتساع بعد أن قرأت محتوياتها ثم نظرت إليه قائلة بامتنان:
-شكراً
بادلها الابتسامة قائلاً:
-العفو وأنتِ بكرا أجازه عشان تجارب الاداء
قفزت بسعادة كالأطفال ثم قالت:
-أنت أحلي مدير في الدنيا
ودعته ثم غادرت بينما ظل ينظر لظهرها وهي تغادر ويبتسم إلي أن اختفت من أمامه ،ركبت الحافلة وجلس علي أحدى المقاعد وظلت تقرأ محتويات الورقة وهي تبتسم فقد كانت استمارة مشاركة في تجارب الأداء لمسابقة عالمية تحت إشراف من شركة ( (Dream
خبأت الورقة داخل ملابسها دون أن يلاحظ أحد ثم ترجلت من الحافلة عندما أتت محطتها ،حاولت جعل ملامحها عادية ولا تظهر أي سعادة رغم أنها كانت ستطير من السعادة.
اخذت نفساً عميقاً وزفرته علي مهل ثم رنت جرس الباب ففتحت لها فتاة تبدو في السادسة عشر من عمرها ثم تركت الباب لها ودخلت فدلفت سارة للمنزل ثم اتجهت لغرفتها مباشرةً لكن اوقفها صوت زوج والدتها قبل أن تغلق باب غرفتها وهو يقول:
-هاتي شنطتك
عضت علي شفتها السفلى بغضب ثم مدت له يدها بحقيبتها ليفتحها ويرمي كل ما بها علي السرير فلم يجد سوي عشرون جنيهاً فامسك بهم قائلاً:
-أيه دول؟
اجابته وهي تبتسم بتلقائية:
-عشرين جنيه يا فندم
-ما أنا عارف انهم عشرين زفت...عايزه تقنعيني أني محدش خالص أداكي بقشيش أنهاردة
قالت بملامح تدعي الاشمئزاز:
-اسمه tips ايه بقشيش دي
امسك بذراعها هادراً بغضب:
-مش عايز استهبال
نفضت يده عنها بعنف ثم قالت:
-ما أنت طلعت كل اللي في الشنطه ولا تكونش فاكر أني مخبيه الفلوس...تحب تفتشني تفتيش ذاتي ولا أقلعلك عشان تشوف بنفسك ما هو ده اللي ناقص
قال من بين أسنانه:
-والله أن عرفت أنك مخبيه حاجه لهيكون أخر يوم ليكي في البيت ده
خرج من الغرفة بعد أن رمي بالنقود علي السرير وصفع الباب خلفه فأغمضت عينيها بأسي علي حالها ثم فتحتهما وذهب كي توصد الباب ،وقفت أمام المرآة التي بغرفتها ثم أخرجت بطاقة الاشتراك بالمسابقة ونظرت لها وهي تبتسم باتساع.
حسناً الجميع يفرض سيطرته عليها منذ أن رأت عينيها الضوء فما المانع أن تتمرد هذه المرة وتفرض هي سيطرتها ،ستشارك في المسابقة وإن فازت ستقدم استقالتها من العمل وتصفي حسابهم ثم ستأخذ تلك الأموال وتقدم بأحد النوادي كي تتدرب به أما إن خسرت فلن تخبر أحدا وسيكون الأمر وكأنه لم يكن.
ابتسمت وهي تنظر لانعكاسها بالمرآة ثم أخذت قلماً من علي مكتبها وسجلت بيناتها ثم بدلت ملابسها وخرجت من غرفتها متوجهة للمطبخ كي تساعد والدتها لكنها وجدت تلك الفتاة تجلس علي رخام المطبخ وتأكل تفاحة وتقول:
-خد منك الفلوس
غمزت لها قائلة:
-عيب عليكي ده أنتِ اللي معلماني
ابتسمت ثم نزلت من مكانها وقالت:
-عملتي ايه مع صابر؟
تنهدت ثم أجابتها:
-قولتله اللي فيها وهو تقبل الموضوع الحمدلله بسهولة
-طيب الحمدلله...أطير أنا بقي قبل ما حد ياخد باله أننا حبايب
اومئت لها بإجاب وكادت ان تغادر لكنها توقفت ونظرت إليها قائلة:
-صح...هو أنتِ كلتي ولا لا؟
ابتسمت بحزن ثم قالت:
-اتغديت في الشغل زي كل يوم
قالت بحزن:
-أنا اسفة...نسيت أحطلك ساندويتشات الصبح في الشنطة
ضربتها علي كتفها بخفة قائلة:
-عادي يا كوكي ،هو أحنا أغراب؟
ابتسمت ثم قالت وهي تغادر:
-طيب يلا أعملي العشا بسرعة عشان أنا واقعة
خرجت من المطبخ بعد أن تبادلا الابتسامات ثم شرعت سارة في تحضير العشاء وهي تدندن بكلمات أحدى الأغاني الإنجليزية...
***
وضع وجهه بين كفيه والمكان من حوله ملئ بالأوراق المجعدة المتناثرة بكل مكان لكنه اخرج وجهه من بين كفيه عندما سمع صوت زوجته -تارا- وهي تقول وتبتسم وتركض ناحيته:
-ياسو...ياسوا أنا لقيتها خلاص
جلست علي الكرسي الذي أمام مكتبه ثم اردفت وهي تريه شاشة هاتفها:
-عملت مسابقة وقولت فيها اللي هيديني أكبر عدد من المعلومات عن الباليه هكلمه video call (مكالمة فيديو) لمدة عشر دقايق جبت بتاع خمسمية comment (تعلق) في أقل من ساعة
ابتسم بغيظ وهو يقول:
-قومي من قدامي
نظرت له بعدم فهم قائلة:
-أنت مضايق ليه؟
أمسك بأحد الأقلام ثم أجابها:
-والله لو مقومتيش دلوقتي هشقك
قالت بتقزز:
-أيه الألفاظ البيئة دي يا ياسو
رمي عليها أحدى الوريقات بعد أن جعلها علي هيئة كرة فقالت ببكاء مصطنع:
-أنت ليه بتعمل معايا كده؟...أنت مبقتش تحبني
قال وهو يقلدها:
-عشان أنتِ سبب اللي أنا فيه ودلوقتي قومي من قدامي عشان أتنيل أخلص اللي بعمله
-طب مش هساعدك يا رخم...هه
اخرجت له لسانها في نهاية جملتها ثم غادرت الغرفة وهي تضرب الأرض بقدميها بينما تنهد هو ثم نظر للأوراق التي أمامه وقال:
-هو أنا لو رسمتله رقاصة باليه هيحصل حاجه
ابتسم ثم أمسك بقلمه الرصاص قائلاً:
-طب والله فكره...ده أنا عليا أفكار بس للي يستغلها صح
***
حكت رقبتها بتعب ثم أعادت نظرها لحاسوبها وقالت:
-هااا يا إياد لقيت حاجة؟
زفر بضيق ثم قال:
-ياريت متكلمنيش خالص دلوقتي لأني علي أخري
نظرت له قائلة:
-وده ليه بقي انشاءالله؟!
أردفت بعد أن نظر لها شذراً:
-ااااه...sorry نسيت أنك بتحب تسهر مع صحابك بالليل وبسبب أخويا الشرير أنت مش هتعرف تسهر معاهم
قال من بين أسنانه:
-مش طالبه خناق السعادي
-لا طالبه...أنت مش ملاحظ أنك بطلت تقضي وقت معايا
نظر لها وهو يبتسم بسخرية ثم أجابها:
-وأنتِ فين عشان ألاحظك؟
عقدت حاجبيها قائلة:
-قصدك أيه؟
أعاد نظره لشاشة حاسوبه ولاتزال تلك الابتسامة الساخرة علي ثغره ثم قال:
-ركزي في اللي بتعمليه عشان زين شكله مش طايقك
زفرت بحنق ثم أعادت نظرها لحاسوبها وتابعت ما تفعله...
***
وضعت طبقاً من العنب إلي جانبها وكوب من عصير الجوافة ثم فتحت حاسوبه بحماس وهي تبتسم لتجد بدر يدخل عليها وهو يبتسم قائلاً:
-لولو ،هو أنتِ خسيتي؟
ابتسمت باتساع ثم نظرت له قائلة:
-بجد!
-طبعاً يا حببتي قمر
أردف وهو يحك مؤخرة رأسه:
-ويسلام لو القمر ده ساعدني
اختفت ابتسامتها ثم قالت:
-هو أنت بتقول كده عشان أساعدك؟
حمحم بإحراج ثم قال بتوتر:
-لا طبعاً
أغمضت عينيها ثم قالت:
-ممكن تسبني لوحدي؟
اقترب منها قائلاً:
-لا أنا عارف الحركة دي
فتحت عينيها الممتلئتين بالدموع ونظرت له فجثي أمامها ثم أمسك بأحدى يديها بكفيه قائلاً:
-لا بلا أبوس أيدك...أنا أسف
قالت بنبرة علي وشك البكاء:
-أنت بقيت تكرهني عشان طخنت شوية صح؟!
اومئ لها بنفي قائلاً:
-يعني هو أنا حبيتك عشان أنتِ ليلي ولا عشان وزنك
ابتسامة صغيرة نمت علي ثغرها فوضع يده علي وجنتها قائلاً:
-ايوه كده...أضحكي يا لولو
أردف وهو يمسك بطبق العنب ويأكل منه:
-بس عارفة...أنا وأنتِ محتاجين نعمل رچيم قاسي لأننا بناكل بس تقريباً
ابتسمت باتساع قائلة:
-وأنا موافقة
-اشطاا بكرا انا وأنتِ نعدي علي دكتور رچيم كويس بعد الشغل
جثت أمامه ثم عانقته وهي تبتسم فوضع الطبق جانباً ثم بادلها العناق ،همست بالقرب من أذنه وهي مغمضة العينين:
-شكراً
ابتسم وزاد من احتضانها قائلاً:
-صح...هو أنتِ من أمتي بتحبي الباليه؟
فرقت عناقهم ثم أجابته وهي تنظر لأصابعها التي تعبث بهم:
-يعني...من زمان وماما اشتركتلي في نادي بس زي ما أنت عارف أنا نفسي بتتفتح فجأة وباكل كتير فا وزني زاد اوي ومنفغش أني أكمل
وضع يده أسفل ذقنها كي يجعلها تنظر إليه وبمجرد أن رفعت عينيها إليه قال وهو يبتسم:
-بموت في بصة الكسوف دي
لكمته علي ذراعه بخفة فحك مكان اللكمة قائلاً بألم مصطنع:
-ليه العنف ده؟...أنا بشرتي حساسة مبتستحملش
وضعت يديها علي خصرها قائلة:
-علفكرة زين هيموتنا حرفياً لو معملناش اللي قال عليه
وقف ثم ساعدها علي الوقوف وقال:
-طب أنا كنت جي بس عشان اتأكد أنك مش محتاجة مساعدة
أردف وهو يسير ببطء للخارج:
-انا رايح أكمل لوحدي...من غير حد...لوحدي خالص وأنا معرفش حاجة عن الباليه
ابتسمت ثم قالت:
-خلاص صعوبت عليا...هات حاجاتك وتعالى هنا نكتب سوا
تهللت أسارير وجهه ثم نظر إليها قائلاً:
-حمامة
ركض لخارج الغرفة فانفجرت هي ضاحكة علي تصرفه الطفولي ثم عاد وهو يحمل حاسوبه المحمول وبعض الأوراق ورقائق البطاطس...
***
انقضي الليل وكلاً منهم مشغول بالمهمة التي كلفهم زين بها بينما كان هو يقضي وقتاً ممتعاً مع عمه ونسي كل ضغوطات عمله.
ربما هذا ما نحتاجه احياناً ،قضاء بعض الوقت مع أحد أقاربنا الذين يعيشون بمفردهم كي ندخل السعادة لقلوبهم وفي نفس الوقت ستشعر بالسعادة معهم وسننسي همومنا بسبب قصصهم الغريبة بعض الشيء التي يخبرونا بها دوماً.
==========================
عايزه تفاعل بقى وياريت منشن لأصحابكوا كمان😍
بس الأهم من ده كله رأيكوا⁦❤️⁩✨
و لا تنسوا الڤوت ⭐

راقصة الباليةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن