6

291 22 3
                                    

انتفضوا جميعاً من علي فراشهم بسبب صوت البوق الذي صدح صوته بالمكان في تمام السادسة صباحاً ،حاول كلاً منهم تجاهل الصوت بطريقته حيث قامت تارا بوضع يديها علي أذنيها وكذلك فعل إلياس بينما وضعت ليلى وسائد علي أذنها وكذلك فعل بدر أما روما فتمتمت ببعض الشتائم وهي تضع الغطاء علي وجهها علي عكس إياد الذي نهض من مكانه وهو يتوعد لتلك الكارثة التي جلبها والدهم.
كان زين مستيقظاً بالفعل لكن الصوت أفسد له حمامه الدافئ الذي كان يجلس به باستمتاع ،زفر بحنق ثم أنهى حمامه وهو يطلق ألفاظ نائية علي اليوم الذي رأى به تلك السارة.
أرتدى إياد بعض الملابس ثم خرج من غرفته باحثاً عن سبب تلك الضوضاء ،وجدها جالسة في الحديقة بسلام وتقوم ببعض تمارين اليوجا.
وقف أمامها والشرار يتطاير من عينيه وصدره يعلو ويهبط ففتحت أحدى عينيها ناظرة له ثم أغلقتها مجدداً قائلة ببرود وهي تحاول كتم ضحكاتها:
-تعالا أعمل يوجا معايا عشان تهدي أعصابك
صك علي أسنانه ثم رفع سبابته أمام وجهها قائلاً:
-إن حصل الهبل ده تاني أنتِ حرة
عقدت حاجبيها ثم فتحت عينيها ورفعتها لتنظر إليه وتقول:
-أنا عارفة أني حره ومتنساش أني ده بيتي أنا وجوزي جواد
أنهت جملتها وهي تبتسم فكور قبضتيه ثم قال وهو يحاول تمالك أعصابه:
-مش عايز أفقد أعصابي
أغمضت عينيها مجدداً قائلة:
-اليوجا بتروق الأعصاب
زفر بحنق وكاد أن يغادر من أمامها لكنها وقفت بسرعة ثم اعترضت طريقه قائلة:
-هعملك اللي أنت عايزه بس أنا عايزا أتكلم معاك
رفع أحدى حاجبيه فوضعت أحدى خصلات شعرها خلف أذنها ثم حمحمت قائلة:
-لو ينفع...الموضوع ضروري
تنهد ثم قال وهو يحك ذقنه النامية:
-مرات أبويا اللي مش بطيقها ومصحياني من سته الصبح بمهرجان وبهدلتنا أمبارح عايزاني في موضوع ضروري
أردف بابتسامة متكلفة:
-الإجابه هي لا
أولها ظهره وكاد أن يغادر لكنه توقف عندما سمعها تقول:
-المضوع ليه علاقة بـ مراد الشرقاوي
أتسعت عيناه ثم ألتفت لها بكامل جسده ودفعها أمامه بخفة قائلاً:
-تعالي نترزع ونتزفت نتكلم
أجلسها علي أحد الكراسي الموجودة بالحديقة ثم جلس أمامها وأشار لها كي تبدأ بالكلام فأخذت نفساً عميقاً ثم قالت:
-أنا عارفه أنك بكرهني بس مفيش غيرك هيساعدني...
قاطعها بغضب:
-من غير مقدمات
تأففت ثم قالت:
-أختي بتشتغل في شركته وهو لعب عليها بحته الحب واللڤلڤة دي وهي حامل منه بس مش دي المشكلة...هو معاه صور ليها مش كويسة وأنا عايزا الصور دي
أخرج أحدى سجائره وقام بإشعالها ثم قال وهو ينفث دخانها:
-وأيه اللي يخليني أساعدك؟
-أعتبر أني أختي دي روما
أظلمت عيناه ثم قال بوعيد:
-إياكي تجيبي سيرة روما...فاهمه
قالت مصححة:
-أنا مش قصدي حاجة وحشة بس أختي ملهاش حد ليا ولو حد من البيت عرف حاجه ممكن يموتوها بجد دول مجانين
رفع كتفيه في الهواء قائلاً:
-هي اللي ورطت نفسها
ضربت الطاولة بكلتا يديها وهي تقول بغضب:
-يعني أنت مش هتيجي بالذوق
اومئ لها بنفي وهو ينفث دخان سيجارته فقالت وهي تنهض من مكانها:
-طيب...افتكر بقي أنك أنت اللي بدأت
***
اتسعت عينيها وهي تراه جالساً معها في الحديقة ويدخن ،ظلت تأكل في أظافرها إلي أن مرت حوالي نصف ساعة ثم نهضت من مكانها وذهبت كالإعصار تجاهه وهو يجلس بمفرده.
جلست علي الكرسي الذي كانت تجلس عليه سارة منذ قليل ثم قالت بغيظ:
-كنتوا بتتكلموا في أيه؟
أجابها وهو يُطفئ سيجارته:
-حوار ملهوش لازمه
-ايوة اللي هو أيه بقي؟
تأفف ثم قال:
-مش ناقص صداع علي الصبح
أنضم زين إليهما ثم قال:
-إياد ،أحنا في الهوا سوا يعني مينفعش تخبي عنا حاجة
تنهد ثم قال:
-أختها متورطة مع مراد وعايزاني أساعدها
بُهتت ملامح وجه روما بينما ابتسم زين بسخرية قائلاً:
-دي هبله ولا أيه؟...هي فكراك هتساعدها بعد كل اللي عملته!
-معرفش بس عايز أعرف هي عرفت أيه عني أنا و مراد
نهض زين من مكانه قائلاً:
-أنا هروحلها يمكن أطلع بحاجة
هز رأسه موافقاً فغادر بينما نظر إياد لـ روما الشاردة وقال:
-مش أتفقنا ننسي اللي فات
استفاقت من شرودها ثم قالت وهي تنظر للأرض:
-أنا بس مش مصدقة أنك سامحتني بسهولة كده
-عشان دي كانت غلطتي من الأول...أنا اللي أجبرتك عليا
ابتسمت بحزن ثم نظرت إليه قائلة:
-كانت أحلي حاجة أجبرتني عليها
وضع يده علي وجنتها ثم قال وهو يبتسم:
-بطلي تفكري في اللي حصل زمان
وضعت يدها علي يده التي علي وجنتها ثم اومئت له بإجاب لكن أنتفض كلها وقاطع هذه اللحظة الرومانسية سارة وهي ترش علي ماء بخرطوم.
نظر كلاهما إليها بأعين متسعة فقالت ببراءة مصطنعة وهي تضع الخرطوم خلف ظهرها:
-معلش...أفتكرتكوا شجرة
قال من بين أسنانه:
-طب أختفي من قدامي قبل ما أزرعك
رفعت كتفيها في الهواء ثم سارت مبتعدة لكن قبل أن تبتعد عنهما رشت مرة أخرى فنهض إياد من مكانه وركض خلفها.
رمت بالخرطوم علي الأرض ثم ركضت واختبأت خلف جواد قائلة:
-جوجو ،الواد ده عايز يمسكني
وقف أمام والده ثم عض علي شفته السفلى وقال:
-أنا بس هوريها الفرق بين البشر والشجر
قال جواد بغضب مصطنع:
-هو أنت صغير عشان تلعب بالميا وتبهدل نفسك كده؟
قالت سارة ببراءة مصطنعة:
-قعدت أقوله بلاش تهدر المياة بكرا منلاقيهاش بس هو زعق فيا
فغر إياد فاهه بينما قال جواد بأسي مصطنع:
-خسارة تربيتي فيكوا
أردف وهو يمسك بيد سارة:
-تعالي أحنا نفطر وسيبك من الهُبل دول
حاولت كتم ضحكاتها لكنها ألتفتت لـ إياد الذي يكاد ينفجر غضباً وأخرجت له لسانها ثم تابعت طريقها وهي تتمختر.
***
شعرت بتوعك شديد فوضعت يدها علي معدتها وبمجرد أن شعرت بالغثيان ركضت للمرحاض واستفرغت كل ما بمعدتها.
غسلت فمها وبدها عندما انتهت ثم نظرت لملامحها الشاحبة وبعض الدموع تسقط من عينيها في صمت ،وضعت يدها علي بطنها ونظرت لها قائلة:
-طب قولي أعمل أيه دلوقتي؟
سمعت صوت طرقات علي الباب فمسحت دموعها ثم قالت:
-لحظة
غسلت وجهها ثم ابتسمت باتساع وفتحت الباب قائلة بمرح:
-صباح الخير
أجابتها والدتها وهي تبتسم:
-صباح النور
أفسحت لها المجال كي تدخل ثم عادت لغرفتها ووصدت الباب خلفها ،أمسكت بهاتفها ثم أتصلت بـ سارة التي أجابتها وفمها ملئ بالطعام:
-كوكي ،عامله أيه؟
أجابتها بنبرة علي وشك البكاء:
-أنا لازم أروح الشغل أنهاردة وإلا هترفد
نظرت سارة لـ إياد قائلة:
-بعيد عنك أنا طلبت مساعدة من واحد ما عندهوش دم ولا إحساس بس هتصرف
-طب أعمل أيه؟...أنا تعبانه أوي
ابتسمت باتساع بعد أن خطر ببالها فكرة شيطانية:
-لمي شنطتك هدومك وتعالي أقعدي معايا وفكك من الشغل ده...جوجو حبيبي هيشغلك عنده
اتسعت أعين الجميع ونظروا لها معادا جواد الذي نظر لها وابتسم بينما تهللت اسارير وجه كاميليا وقالت:
-بجد!...طب هخرج ازاي من البيت بشنطة هدومي
-خلاص مش لازم تاخدي حاجه معاكي وأنا هتصرف بس تعالي علي العنوان اللي هبعتهولك
قالت وهي تبتسم:
-سارة ،أنا بحبك أوي
-أنا كمان...يلا سلام
أغلقت الخط ثم تنفست بارتياح وفتحت خزانتها لتختار ثياباً لارتدائها...
***
وضعت الهاتف علي الطاولة بعد أن أغلقت الخط وهي تبتسم وكأن شيئاً لم يكن ،دب إياد الشوكة علي الطبق ثم نظر لوالده وابتسم بغيظ قائلاً:
-مفيش مكان لحد تاني يجي يقعد معانا
عقد حاجبيه ثم قال:
-هو أنتوا ناويين تعيشوا معانا ولا أيه؟
امسكت روما بيد إياد الموضوعة علي الطاولة كي يهدأ ثم قالت:
-وفيها أيه لو عشنا معاكوا؟!...ولا المدام هتضايق
نظرت لـ سارة في نهاية جملتها وهي تبتسم بغيظ فقالت سارة:
-هو أنتِ و إياد لما كنتوا عرسان جُداد حد نطلكوا وقال هعيش معاكوا
قال زين وهو ينظر لصحنه:
-متقارنيش نفسك بحد فينا
كاد جواد أن يتكلم لكنها سبقته وهي تقول بغرور وتعبث بإحدى خصلات شعرها:
-صح نسيت أني احسن واحدة فيكوا ومينفعش اتقارن بيكوا
نظرت لها تارا بتقزز ثم قالت:
-روحي أكشفي علي نظرك
رفعت أحدى حاجبيها قائلة:
-علي الأقل جمالي طبيعي
اتسعت عيني تارا ثم قالت بغضب:
-قصدك ايه؟
ارتشفت القليل من كوب الحليب الذي أمامها ثم أجابتها:
-اللي فهمتيه وبس شوية عشان مش ناقصه صداع علي الصبح
نفخت وجنتيها بغضب بينما نهض زين من مكانه قائلاً:
-طب يلا بينا بقي عشان مانصدعش الهانم
نهضوا جميعاً وهو يهمسون ببعض الكلمات التي لم تلتقطها أذن سارة لكنها خمنت أنها سُباب أو ربما كلمات غاضبة لكن أياً يكن هي لم تهتم.
ضربت كفها بكف جواد وكلاهما يبتسم بعد أن تأكدوا من رحيل الجميع ثم قالت:
-كوكي هتيجي تقعد معانا بجد
قال جواد وهو يبتسم:
-مفيش مشكلة ولو هي عايزه تقعد في مكان لوحدها أنا عندي شقة محدش بيروحها خالص كانت بتاعت منار
ابتسمت بامتنان قائلة:
-أنا بجد مش عارفة اشكرك ازاي!
-أنا اللي مش عارف اشكرك ازاي...تعرفي أني دي أول مرة من ساعت ما منار أتوفت نقعد كلنا نفطر مع بعض
غمزت قائلة:
-بسويهم علي نار هادية
-صح...عايزين نجهز لحفلة عيد ميلادك
-هنعملها امتي؟
-بكرا
ابتسمت بشر قائلة:
-اشطااا
***
وصولوا للشركة ثم تجمعوا بغرفة الاجتماعات وكانت الضوضاء تعم المكان فكلاً منهم يتكلم بوادي عن ما فعلته تلك السارة بهم بينما كان زين جالساً يدلك رأسه التي بدأت أن تؤلمه ثم صرخ بهم جميعاً كي يصمتوا وقال:
-اللي عايز يقول حاجه يرفع ايده ويقولها بلا شغل الهمج ده
رفعت روما يدها ثم قالت:
-مش هي كانت محتاجه إياد يساعد أختها...يبقي يساعدها مقابل أنها تسبنا
قال إياد بسخرية:
-يااااا علي السهولة
قال زين بجدية:
-الموضوع مش بالبساطة دي وبعدين مراد صفحة واتقفلت...احنا ملناش دعوة بيه مهما حصل
قالت ليلى:
-بصراحه أنا شايفه أني وجود البنت دي في حياة بابا مخلياه مبسوط
قالت تارا بانفعال:
-هو مبسوط بس أحنا كلنا زعلانين وكمان هو بيتبسط معانا أكتر
قال بدر:
-أحنا عمالين نخطط وناسيين أني أنهاردة معادا التقديم للمسابقة وأكيد في بنات كتير في مكان تجارب الأداء
قال زين:
-متقلقش أنا اتصرفت وبعت حد كمندوب عنا...هو غبي بس للضرورة احكام
تأففت روما قائلة:
-البت دي هتبوظ شغلنا كمان مش كفاية حياتنا
قال إلياس:
-هو أحنا مينفعش نحطلها سم في الأكل ونخلص؟!
أجابه زين:
-لو أنت اللي هتشيل الليلة ماشي
-لا يا عم وأنا مالي وبعدين متنساش أني قدوة لأكتر من خمسمية ألف followers
قالت تارا وهي تخرج له لسانها:
-انا وصلوا مليون
-أنا متواضع وبنزل صورة واحدة كل يوم لكن أنتِ مغرورة وبتنزلي بالمية في الساعة مش اليوم
قال زين بغضب:
-والله إن ما بطلتوش هبل أنتوا الأتنين لهرميكوا برا
اقتحمت سارة الغرفة فتوجهت أنظار الجميع إليها لكنها لم تُبالي وجلست علي أحدى الكراسي قائلة:
-عارفة أنكوا بتتفقوا عليا فا جيت عشان لو أقدر اساعدكوا في حاجة
عض أياد علي شفته السفلى ثم قال:
-مش أنتِ عروسة وكنتي عايزه تقعدي مع بابا لوحدك؟
أجابته بعفوية:
-ما كوكي قاعده معاه في البيت
اتسعت أعين الجميع ثم قالت ليلى:
-أنتوا بتقسموه علي بعض
تأتأت قائلة:
-بلاش يبقي تفكركوا قذر علطول...دي أصغر منكوا كلكوا ومني كمان
لوي بدر ثغره قائلاً:
-ده علي أساس أنك أكبر منا
-مش موضوعنا...خلينا في المهم
أردفت وهي تسند كوعها علي الطاولة وتضع ذقنها بين كفيها:
-هتخلصوا مني ازاي؟
قال زين وهو ينظر إليها بجمود:
-أنتِ عايزة أيه بالظبط؟
اراحت ظهرها علي ظهر الكرسي ثم شبكت يديها خلف رأسها وقالت:
-عايزه مراد يعترف قدام الكل أنه أغتصب كاميليا لأني ده اللي حصل بجد
أزاحت روما خصلات شعرها الفحمي خلف أذنها بينما تنهد إياد ثم قال:
-لو ساعدناكي هتطلقي بابا؟
أجابته وهي تنظر لأظافرها:
-لا بس هفكر في الموضع
أردفت وهي تنظر إليه:
-يعني مثلاً هخرج من دماغه فكرة أنه يرجع يشتغل معاكوا تاني وتفضلوا أنتوا المتحكمين في نسبته
قالت ليلى بغضب وحزن في آناً واحد:
-أنتِ أزاي كده؟...بابا بيحبك وأنتِ بتستغليه
ابتسمت بتهكم ثم قالت وهي توزع نظراتها بينهم:
-ما هو كان بيحبكوا وبيتمنالكوا طلب بس أنتوا أهملتوه وسبتوه لوحده فا لما لقى حد غيركوا بيهتم بيه نسيكوا بصراحة
قالت تارا بغضب:
-أنتِ واعية للي بتقوليه؟
نظرت لها بحدة قائلة:
-طبعاً واعيه
اردفت وهي تنظر لـ روما:
-الصراحة بتزعل مش كده؟
عقدت روما حاجبيها قائلة:
-أنتِ بتلمحي لأيه؟!
-ولا حاجة بس اللي علي راسه بطحة بقي
نهضت من مكانها ثم أردفت وهي توزع نظراتها بينهم:
-فكروا في كلامي وهبقي أجلكوا بعد بكرا أسمع قراركوا وماتنسوش حفلة عيد ميلادي بكرا
خرجت من الغرفة وعلي ثغرها ابتسامة بينما نظر كلاً من إياد و زين لـ روما التي قالت:
-أنتوا هتمشوا ورا كلامها
نهض زين من مكانه ثم جلب ملف وألقاه علي الطاولة قائلاً:
-ده كل اللي وصلتله عنها...أختها تبقى أختها من نفس الأم بس
عبث إياد بالملف إلي أن أخرج صورة لـ كاميليا فاتسعت عيني روما لكنها حاولت أن تبدو طبيعية وتخفي توترها ،لاحظها زين بثاقبتيه فقال:
-هبعتلكوا الملف pdf بس دلوقتي كلوا يروح يشوف شغلوا وابدأوا استعدوا لحوار الباليه ده
نهضوا جميعاً وتوجهوا لمكاتبهم وكذلك فعل هو ثم جلس أمام شاشة حاسوبه وقام بتشغيل كاميرات المراقبة ،وجد روما تراسل أحدهم وإمارات الخوف القلق بادية علي وجهها فضيق عيناه قائلاً:
-استحالة تتغيري
***
وصلت للمنزل ثم فتح لها السائق باب السيارة فترجلت منها ،ابتسمت عندما وجدت جواد و كاميليا يتحدثان ويحتسيان القهوة.
ذهبت وجلست معهم فرحب بها جواد ثم قال:
-عملتي أيه؟
أجابته وهي تأكل القليل من المكسرات التي أمامها:
-عيالك دول تفكيرهم علطول شمال...بقولهم اني سيباك مع كوكي راحوا كلهم انبهروا بقي وقالولي أنتوا بتقسموه علي بعض ومش عارفة ايه
قالت كاميليا بخوف:
-أوعي تكوني قولتي حاجه لـ روما!
-لمحت بس واعتقد أني زين فهم لكن إياد كان متلغبط
قال جواد:
-بلاش تيجي منك...خليهم يكتشفوا لوحدهم
قالت كاميليا باستغراب:
-أنت أزاي واخد الموضوع ببساطة كده؟!
تنهد ثم أجابها:
-إياد هو اللي جابه لنفسه لأنه كان عارف أني روما مش بتحبه من الأول بس أصر يتجوزها وفضل يزن عليها...دي حتي لما خانته وكلنا عرفنا مرضيش أنه يخلينا نقولها أنه عرف عشان متضايقيش وقال أيه كلنا بنغلط
قالت كاميليا بحزن:
-الله...ده بيحبها أوي...إزاي هي مش مقدرة كل ده؟
اجابتها سارة:
-ما هو قال أنها مش بتحبه وأكيد لحد دلوقتي مفكرة أنها مجبورة عليه و روما من النوع اللي بيحب يسيطر وحست أني أتسيطر عليها في موضوع جوازها ده وبالتالي استحالة تحبه وحتي لو حبته هتقنع نفسها انها مش بتحبه
قال جواد:
-بالظبط كده...ياما قولت لـ إياد الكلام ده بس ماسمعش
قالت كاميليا:
-طيب عشان خططتكوا الكتير دي تنفع أنا لازم أمشي لأني مش هينفع أحتك بـ روما خالص
-أنا هخلي السواق يوديكي مكان تاني وهيبقي معاكي خدامة عشان أنتِ بتتعبي كتير
ابتسمت بخجل قائلة:
-لا ملهوش لزوم...كفاية البيت وكمان حضرتك جبتلي هدوم كتير اوي
قال بضجر:
-سارة ،فهميها
-بصي اولاً هو مش بيحب كلمة حضرتك دي خالص...ثانياً متقلقيش أنا بدفع تمن كل حاجة بتربية عياله من أول وجديد ثالثاً بقي والأهم أنتِ لازم تكلميني كل يوم عشان أطمن عليكي
اومئت لها بإجاب وهي تبتسم ثم قال جواد:
-تعالي أجهزلك كل حاجة قبل ما العصابة تيجي
***
جلس علي مكتبه شارداً في ردة فعل روما وكلام سارة المبهم الذي كان من الواضح أنها توجهه إليها ،مسح وجهه بيده ثم أمسك بهاتفه واتصل بأحدهم قائلاً:
-عايزك تراقبلي مراد وعايز أسمع مكالماته كلها الفترة الجاية
-حاضر يا باشا بس موضوع المكالمات ده هياخد وقت
-هديك اللي أنت عايزه بس نفذ اللي قولته من دلوقتي
-تمام
أغلق الخط ثم اراح ظهره للخلف وهو يقول:
-والله يا روما لو طلع اللي في دماغي صح ،هتكون دي نهاية علاقتنا بجد لأني صبرت كتير وأديت أعذار كتير
***
أنقضى اليوم دون أي جديد...
ذهبت كاميليا للشقة التي قال عنها جواد وبالفعل وجدت خادمة بها لمساعدتها بينما في القصر تناولوا الغداء سوياً والذي كان اسوء من يوم أمس فقد كان طعاماً صينياً.
بالطبع لم يأكل أحد أي شيء سوي سارة و جواد لأن طعامهما كان عبارة عن معكرونة صينية بكرات اللحم والصلصة.
جهزت سارة الفستان الذي اشتراه لها جواد من أجل حفلة عيد ميلادها التي بالغد بينما اتفق هو علي الطعام وكعكة عيد الميلاد.
أطلق الجميع كلمات اعتراضية عندما طلبت منهم سارة أخذ يوم غد إجازة من أجل حفلة عيد مولدها لكنها لم تهتم بل قالت بكل برود:
-اللي مش هيجي الحفلة بكرا يبقي مش هيدخل هنا تاني وده كلام جوجو مش أنا
***
فعلت سارة نفس ما فعلته يوم أمس لإيقاظهم لكن هذه المرة لم يقم أحد من مكانه فتأففت ثم دخلت لغرفة كلاً منهم علي حدة وأصدرت بعض الضجيج بها كي توقظهم.
عندما دخلت لغرفة زين وجدت أنه قد خرج من المرحاض تواً ولا يلف سوي منشفة علي خصره فشهقت ثم أولته ظهرها قائلة:
-أبقي خد هدومك معاك جوا بعد كده
عقد ذراعيه أمام صدره قائلاً:
-والله انا أعمل اللي أنا عايزه في أوضتي
تأففت ثم تركت الغرفة وغادرت بينما هز هو رأسه باستنكار ثم أغلق باب الغرفة...
***
جلسوا جميعاً علي طاولة الطعام بملامحهم الناعسة بسبب الإزعاج الذي سببته سارة لكن زين كان الوحيد الذي يمارس روتينه الصباحي فهو يستيقظ من الخامسة فجراً.
ابتسمت سارة باتساع ثم قالت بخجل مصطنع:
-مش هتقولولي كل سنة وأنا طيبة
أمسك إياد بالسكين الذي أمامه وهو يصك علي أسنانه بينما قالت تارا:
-عيد ميلادي كان الشهر اللي فات وأنتِ ما قولتليش كل سنة وأنا طيبة عشان كده مش هقولك
-بذمتك أنتِ كده قدوة للفانز بتوعك
-اه
-جتك هوا
أخرجت لها تارا لسانها بينما قال جواد:
-الحفلة هتبقي الساعة تمانيه بالليل
قال زين بغضب:
-طالما الحفلة تمانيه بالليل خلتنا ليه ناخد أجازة انهاردة؟!
قالت سارة ببراء مصطنعة:
-عايزين تسبوني لوحدي في يوم زي ده
اضاءت شاشة هاتف روما معلنة عن وصول رسالة جديدة فقرأتها ثم نهضت من مكانها وصعدت لغرفتها هي و إياد بينما وضع هو سماعات هاتفه بأذنه مدعياً أنه يستمع لأغاني لكن في الواقع لقد كان يتجسس علي مكالمتها.
***
اتصلت بمَن أرسل لها تلك الرسالة وقالت بغضب:
-مش قولتلك متتصلش بيا
قال ببرود:
-أنتِ اللي أتصلتي
-كأنك مهددتنيش من شوية
-مش عايز وجع دماغ وقوليلي فين اللي أسمها كاميليا دي
-معرفش ،لما روحنا ما لقتهاش
-البت دي خطر عليا وعليكي
-طب ما تكلمها علي الموبايل
-مقفول
قالت بغضب:
-أنا قولتلك من الأول أني مش هيجي من ورا عطك ده غير المصايب
-ما أنتي اللي سيباني عشان إياد بتاعك
قالت بحزن:
-كل ما أفتكر كل حاجه عملهالي بحس بالذنب
-يحرام...تصدقي صعب عليا
-وهتصعب عليك نفسك وأنت في السجن
زفر بضيق ثم قال:
-أنتِ عايشة مع أختها يعني مش هتعرفي تسأليها عن كاميليا كأنها صعبانه عليكي يعني
-هحاول بس أقفل دلوقتي قبل ما حد يشك فيا
ابتسم بخبث قائلاً:
-طب ما وحشتكيش؟
ابتسامة صغيرة نمت علي ثغرها ثم أجابته:
-طبعاً وحشتني بس ده ميمنعش أني زعلانه من اللي أنت عملته
-طب أعملك أيه أنتِ سيباني كده ومش بتسألي وبعدين ما تقنعنيش أني إياد مش بيقرب منك
ابتسمت قائلة:
-بيقرب بس أنت اللي في القلب
-أيوة...كُلي بعقلي حلاوة يا نصابه
-أنت عارف أني هو اللي أجبرني عليه...أنا لو كان في أيدي الاختيار كنت أخترتك أنت من غير تفكير
-ما أنتِ دلوقتي في إيدك تطلقيه بس أنتِ مش عايزه وكمان في سبب قوي يخليكي تطلقيه
-أنا كده هفضحه مش هطلقه
-محدش ليه عندنا حاجة
أغمضت عينيها ثم قالت:
-هفكر وأقولك
-هستني مكالمتك قريب
-ماشي سلام
أغلقت الخط ثم تنفست بارتياح بينما شد هو سماعات هاتفه بعنف حتي كادت تتمزق مما جعل أنظار الجميع تُسلط نحوه وقال زين:
-مالك؟
أجابه وهو ينهض من مكانه:
-مفيش
ذهب ناجية البار وسكب كأس من الويسكي بينما تنهد زين ثم قال:
-هروح أشوفه
نهض من مكانه وذهب ناحيته لكنه قال بنبرة ترفض النقاش:
-سبني لوحد دلوقتي عشان ما نزعلش من بعض
-طب براحة يا عم الخِطر أنت
جلس علي ذلك الكرسي المرتفع الذي إلي جانبه ثم سكب لنفسه كأس من الويسكي وقال:
-روما و مراد مش كده؟
رمي بالكأس الذي بيده فتهشم لأجزاء ثم صرخ:
-سبني لوحدي بقي...أنت مابتفهمش!
تركه وذهب وصدره يعلو ويهبط من الغضب بينما أنهي زين كأسه ثم عاد للجلوس مع الباقين...
***
قاد سيارته بسرعة جنونية وهو يسب نفسه طوال الطريق ويطلق بعض اللعنات علي مراد و روما ،صف سيارته أمام بناية ضخمة مكونة من عشرين طابق تقريباً ثم ترجل من السيارة وصعد تلك البناية.
أخرج مفتاحاً من جيبه ثم فتح به باب أحدى الشقق ليجد فتاة ذات عينين زرقاوين تقف أمامه وفمها مُلطخ بالشكولاتة وكذلك ملابسها التي تحتوي علي رسومات كارتونية.
أتت الخادمة لتفصل تلك النظرات التي بينهما ثم شهقت عندما رأت إياد فقال بغضب:
-شوفتي عفريت
-مش قصدي بس جواد بيه أكد عليا أن محدش يعرف أني الأنسة هنا
-وأنتِ لازم تفضحي الدنيا وتعرفي كله أني هنا
اومئت له بنفي فلوح لها بيده كي تغادر ثم نظر لتلك الفتاة قائلاً:
-أنتِ كاميليا ،مش كده؟
اومئت له بإجاب فأردف:
-أحنا لازم نتكلم بس بعد ما تنضفي نفسك لأني منظرك مُقرف
وضعت يديها علي خصرها قائلة:
-لو مش عاجبك ماتبصش
عض علي شفته السفلى ثم قال:
-عاجبني...أتفضلي قدامي نتكلم في الصالة
جلسا بغرفة المعيشة ثم قالت وهي تمتص الشوكولا العالقة بأصابعها:
-طعمها حلو أوي
قال باشمئزاز:
-بطلي قرف
نظرت له بغضب ثم قالت:
-أنت رخم علفكرة وبعدين الشوكولاتة خلصت...روح هاتلي غيرها
قال بغضب:
-هو أنا خلفتك ونسيتك...أقعدي عدل وبطلي قرف عشان نتكلم كلمتين
قالت والدموع تتلألأ في مُقلتيها:
-أنت بتزعقلي؟
قال وهو يضع يده علي جانب عنقه:
-مش وقت هرمونات خالص
انفجرت باكية فلعن بداخله ثم حاول مواساتها قائلاً:
-بطلي عياط وهجبلك شوكولاته
ابتسمت باتساع قائلة:
-بجد
-أيوة بس بعد ما تقوليلي أيه اللي بين روما و مراد بالظبط
قالت وهي تعبث بأصابعها:
-أنت إياد ،مش كده؟
اومئ لها بإجاب فازدردت لعابها ثم قالت:
-افتكر أنك بتحبها بعد اللي هقولهولك وأفتكر كويس أني مراد هو اللي بيلعب عليها زي ما عمل معايا
تنهد ثم قال:
-احكي
-العلاقة اللي بين روما و مراد ما أنتهتش زي ما أنت فاكر...كانت بتروحله الشركة ساعات
-كانت بتعمل أيه عنده في الشركة؟
تدرجت وجنتيها بحمرة ثم أجابته وهي تنظر لأصابعها:
-حاجات مش كويسة
قال بهدوء داخلي علي عكس البراكين التي انفجرت بداخله:
-اللي حصل بينك وبين مراد كان بإرادتك ولا لا؟
نظرت له والدموع تتلألأ في مُقلتيها ثم اومئت له بنفي وقالت:
-هو أنا في الأول ما فهمتش قصده بس بعد ما أخدني أوضته في بيته فهمت ولما قولتله أني مش عايزه هددني أنه هيرفدني من الشغل وأنا خوفت من بابا لأنه كان بيبهدل سارة لما تطرد من شغل
أردفت وقد اجهشت في البكاء:
-أنت شايف أني بنت مش كويسة صح؟
-انا مش شايف حاجة...أنا باجي البيت هنا عشان أروق أعصابي لما أكون متعصب وما كنتش أعرف أنك هنا
قالت وهي تكفف دموعها بيديها المُلطخة بالشوكولا:
-يعني عايزني أمشي!.
لم يتمكن من تمالك أعصابه وأنفجر ضاحكاً علي وجهها الذي تطلخ كلياً بالشوكولاتة ،امتعضت ملامحها ثم قالت:
-بتضحك علي أيه يا شرير؟
أجابها بعد أن توقفت نوبة الضحك خاصته:
-ضحكتيني رغم أني مضايق
أردف وهو ينهض من مكانه:
-ما كنش قصدي أنك تمشي...أنا بس لما ببقي متعصب بعمل حاجات تضايق اللي حوليا
ابتسمت قائلة:
-لو حابب نبقي اصحاب وتحكيلي اللي مضايقك عشان ترتاح شوية
جلس مجدداً ثم قال:
-مش هتصدعي
اومئت له بنفي ثم قالت:
-بس هاتلي شوكولاته عشان ابقي مركزة وأنا بسمعك
-أنتِ المفروض تغسلي وشك أصلاً
قالت وهي تمسح وجهها بيدها:
-ليه؟!
اتسعت عينيه ثم قال:
-كفاية خلاص سبيه
نظرت ليدها لتجدها مُلطخة بالشكولاتة فرمشت بعينيها عدة مرات ثم قالت:
-هو ده كله كان علي وشي ولا أنا بهدلت وشي؟
رفع أصبعين فشهقت ثم ركضت للمرحاض ونظرت لوجهها بالمرآة ،فتحت الصنبور وقامت بغسل يديها ووجهها ثم عادت للجلوس مع إياد مرة أخرى.
عدلت خصلات شعرها الفحمي ثم حمحمت قائلة:
-اعتبر نفسك ما شوفتش حاجة لو سمحت
ابتسم ثم قال:
-ماشي
***
لم يكن بحاجة لأي شيء كي يعلم أن سبب غضب إياد لهذا الحد هو روما ،والأن عليه أن يتولى زمام الأمور بدونه فهو يعلم أن اختفاءه قد يستمر لشهر أو ربما عدة أسابيع.
أمسك هاتفه وحاول الاتصال به ليجده مغلق كما توقع فرمى بالهاتف جانباً ثم وقف ومط جسده ،خرج من غرفته عاقداً حاجبيه بسبب صوت الموسيقى الذي انطلق فجأة.
ذهب إلي الحديقة ليجد كلاً جواد و سارة يقومان ببعض التمارين الرياضية فرفع حاجبيه ثم جلس مع الباقين الذين كانوا يراقبون في صمت.
قالت ليلى وهي تأكل بعض الخيار:
-بدر ،هو أحنا ليه مش بنعمل زيهم؟
-هنبقي نعمل زيهم بس لما نخلص من المصيبة دي
قالت تارا بعد أن رفعت عينيها من علي شاشة هاتفها ونظرت لـ زين:
-أنت متأكد أننا مش هنطرد بعد الهدايا اللي خلتنا نجبها دي
اومئ لها بنفي فرفعت كتفيها في الهواء ثم أعادت نظرها لشاشة هاتفها بينما قالت روما بحنق:
-هو إياد فين؟
رمقها بنظرة ساخرة ثم أعاد نظره لـ سارة و جواد فعقدت حاجبيها قائلة:
-فهمت ايه أنا كده؟!
أجابها دون النظر إليها:
-أنا مش بطيق الاستعباط والغباء فا ياريت تسكتي وتعدي اليوم علي خير
***
حكى لها إياد مشاكله مع روما لكنه حرص علي عدم البوح ببعض الأشياء التي لا يريد تذكرها بينما كانت دموع كاميليا تسيل علي وجنتيها وكأنها تشاهد فيلماً حزيناً لكنها كفكفت دموعها قائلة:
-البت دي وحشة أوي...سيبها هي شريرة ومش بتحبك
قال وهو يبتسم بحزن:
-كنت فاكر أنها بقت تحبني
وضعت يديها علي يده بعفوية ثم قالت:
-ما تزعلش...بكرا يجيلك واحدة أمورة وتحبك وتحبها
نظر ليدها الموضوعة علي يده فسحبتها بسرعة وتدرجت وجنتيها بحمرة لكنه لم يهتم بل وضع مرفقه علي عينيه قائلاً:
-أنا خلاص مش عايز حد...أنا هروح اشتغل في فرع الشركة اللي في أمريكا وهعيش هناك لوحدي
-طب وباباك؟
ابعد مرفقه عن عينيه ثم نظر إليها وعقد حاجبيه ثم قال:
-ماله؟!
-هتسيبه لوحده؟
-أختك معاه
-افرض اتخانقوا وسابته؟
-عنده زين وتارا وليلى
-ايوة بس انت مش هتبقي موجود برضوا...قصدي أنك ليك مكانة خاصة عند باباك زي كل أخواتك وهما مش هيعرفوا يملوا المكانة دي لو أنت مشيت
زفر بضيق ثم قال:
-عايزاني أعمل ايه يعني؟...أقعد في وش واحدة بتقولي بكرهك بكل الطرق الممكنة
-لا...عايزاك تثبتلها أنها كانت صفحة ملهاش لازمة في كتاب وأنت قطعتها ومكمل عادي ولو هي عندها ذرة مشاعر ليك هتحاول ترجعلك
-وده إزاي بقي يا ناصحة
-طلقها
=================
لا تنسوا الڤوت ⭐
رأيكوا يهمني😍

راقصة الباليةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن