4

361 21 1
                                    

تلك الكلمة الصغيرة المكونة من أربعة أحرف كانت كافية بجعله كمَن سُكب عليه دلو ماء بارد لكنه قال بهدوء علي عكس اتساع حدقتيه:
-بكرا تجيلي البيت قبل معاد الشغل بساعة عشان تفهميني كل حاجة بس دلوقتي قوليلي إياد عارف ولا لا؟
أجابته بصوتٍ مبحوح:
-عارف وكان مستني أقوله
أخذ نفساً عميقاً ثم زفره علي مهل وقال:
-أهدي دلوقتي ولما أشوفك بكرا نبقي نتكلم...سلام
أغلق الخط فأبعدت الهاتف عن أذنها وهي لاتزال تبكي لكنها مسحت دموعها عندما سمعت صوت طرقات علي الباب ثم أذنت للطارق بالدخول لتجده أنه سارة التي قالت وهي تبتسم:
-ممكن أقعد معاكي؟
اومئت بنفي فأغلقت الباب ثم جلست القرفصاء علي طرف الفراش إلي جانبها وقالت:
-أنا عارفة أني كلكوا مش طايقني بس ممكن تتغاضي دلوقتي عن أني مرات أبو جوزك وتعتبرين صاحبتك وتفهميني اللي حصل
نظرت لها بغضب قائلة:
-أمشي أطلعي برا
ابتسمت باتساع قائلة:
-للأسف مش هسمع كلامك لأني ده بيت جوزي وأعمل فيه اللي أنا عايزاه
-ودي أوضة جوزي
-سابقاً...هو حالياً عنده بيته
تأففت بضيق ثم اشاحت بوجهها للجهة الاخرى بينما لاحظت سارة تلك الصور التي تجمع روما بشاب في وضع حميمي فاتسعت عينيها ثم قالت:
-هي الصور دي بجد؟!
نظرت لها عاقدة حاجبيه لكنها جذبت الصور من بين يديها بمجرد أن فهمت ما ترمي إليه ثم قالت:
-ملكيش دعوه
رفعت يديها في الهواء باستسلام قائلة:
-ماشي بس لو حد بيحاول يوقع بينكوا أنا ممكن اساعدك
أعادت الصور والورقة لداخل الظرف ثم قالت وهي تنظر إليها:
-مش عايزاه مساعدة منك أنتِ بالذات
التهمت شفتيها ثم قالت:
-بس علفكرة هو بيحبك أوي...كان باين من بصاته ليكي ومستحيل يصدق أنك عملتي حاجة زي كده...هو ممكن يكون اتعصب عشان اتصدم بس
-وأنتِ تعرفي ايه عني أنا وجواد؟!
رفعت كتفيها في الهواء مُجيبة:
-ولا حاجة بس حبا أعرف
-ليه؟
-عشان اساعدكوا
-ليه برضوا؟
ابتسمت باتساع قائلة:
-عشان أنا في مقام حماتك دلوقتي
فغرت فاهه ثم قالت وهي تشدها من كتف ملابسها:
-أنتِ عارفة يا بت فرق السن اللي بينا قد أيه؟
أجابتها ببراءة مصطنعة:
-خمس سنين وكام شهر يا فندم
-أومال أيه حماتي دي يا هبلة؟!
ابعدت يدها عن ملابسها ثم عدلتها وهي تقول:
-ما أنتِ مش عايزها تمشيها صاحبتك قولت يمكن تمشيها حماتك
هزت رأسها باستنكار ثم قالت رافعة أحدى حاجبيها:
-أنتِ علقتي عمي أزاي؟
أجابتها وهي تعبث بأحدى خصلات شعرها بغرور مصطنع:
-مقدرش يقاوم جمالي
-طب يا عم جمال ممكن تسبني في حالي
نظرت لها بحزن مصطنع:
-يعني أنا غلطانه أني بحاول أخفف أحزانك
-أيوة وستين غلطانه كمان
وقفت ثم قالت بغضب طفولي:
-طب أنا همشي ومتجيش تطلبي مني أفرفشك يا رخمة
أنهت جملتها وهي تخرج لها لسانها ثم خرجت من الغرفة وهي تضرب الأرض بقدميها وتتمتم ببعض الكلمات الغاضبة ،صفعت الباب خلفها فقالت روما رافعة حاجبيها:
-أيه الطفلة اللي أتجوزها عمي دي؟!
***
اراح جسده للخلف بعد أن أنهي مكالمته معها ثم دفع بقدمه كي يبعد الكرسي عن الطاولة ،نهض من مكانه ثم سكب كأساً من الفودكا واحتساه علي رشفة واحدة.
أمسك بهاتفه واتصل بـ إياد قائلاً:
-أنت سبت الظرف فين؟
عقد حاجبيه ثم أجابه:
-ظرف أيه؟!
-اللي بعتهولك مراد
أغمض عينيه قائلاً:
-في الأوضه بتاعتي في بيت بابا
-روما شافته
فتح عينيه المظلمتين قائلاً:
-أحسن
ابتسم يتهكم ثم قال وهو يقف في شرفته:
-وفي حاجة روما عملتها مش بتحصل غير مره كل سنة ضوئية
-عيطت
-yup
-أنت عايز مني أيه دلوقتي؟
-أنا قولتلها تجيلي البيت بكرا قبل معاد الشغل وتحكيلي اللي حصل
ابتسم بسخرية قائلاً:
-متحاولش عمرنا ما هنرجع زي ما كنا وبعدين أنت تعرف اصلاً أنا سبتها في الشارع ليه؟
-ما أنا متصل عشان أعرف
أشعل سيجارة ثم قال وهو ينفث دخانها:
-الفلوس لحست دماغها...مضايقه أني بابا اتجوز عشان اللي أتجوزها هتشاركنا في الورث
تنهد ثم قال:
-أهدى...أنا عارف أنك تقريباً خلصت خمس علب سجاير وعارف أني الموضوع المرادي كبير بس أنت عارف روما أكتر مني...أنت اللي مربيها يا أياد
-وعشان أنا اللي مربيها ،عارف كويس أني في مصيبة حصلت وهي مخبيه علينا...روما لما بتعمل مصيبة كبيرة مش أي مصيبة كمان بتشوف حاجة تهرب بيها من الواقع زي الشغل مثلاً لكن موضوع الفلوس ده جديد وأنا مش فاهمه بصراحة
-هنفهم كل حاجة بس واحدة واحدة
***
طرقت الباب ثم دلفت للغرفة عندما أذن لها بالدخول ،قالت وهي تجلس علي الأريكة:
-مقالتليش حاجة بس في حاجة أنا شوفتها
نظر إليها فأخبرته بالصور التي رأتها مما جعل عينيه تتسع ثم قال:
-أنتِ متأكده؟
اومئت له بإجاب ثم قالت:
-هو أكيد إياد هيحكيلك لو سألته
ابتسم يتهكم قائلاً:
-دول معتبرني غريب عنهم...أنتِ عارفة أني تارا ما قالتليش معاد فرحها غير قبلها بيومين بس
ابتسمت بحزن قائلة:
-بس أنت هتفضل باباهم مهما حصل وأكيد هما بيحبوك اوي
اردفت وهي تخفض صوتها:
-أقولك علي سر
اومئ لها بإجاب وهو يدعي الجدية فقالت بصوتٍ منخفض:
-أنا بحب بابا رغم أني مشفتهوش لأنه مات بعد ما أتولدت بسنة بس لما كنت بشوف جوز أمي إزاي بيعامل بنته كاميليا كنت بقول أني لو بابا عايش كان أكيد هيحبني وهيعاملني كده
وضعت سبابتها أمام شفتيها في نهاية جملتها ففعل مثلها ثم قال بصوتٍ منخفض:
-سرك في بير بس خلينا دلوقتي في عيالي اللي متربوش دول
قالت بصوتٍ عادي:
-حوار روما و إياد ده محدش هيحله غير زين لأنه أخو روما وفي نفس الوقت صاحب إياد أوي يعني علاقتهم شكلها أكتر من ولاد عم ولما المشكلة دي تتحل أنا عايزة حفلة عيد ميلاد ليا
رفع حاجبيه فوضحت قائلة:
-أفهم يا أبني ،الحفلة دي عشان نغيظ بيها عيالك أنا عيد ميلادي في شهر واحد اصلاً
-مش ده اللي قصدته...أنا قصدي ده هيغظهم في أيه؟!
تأففت ثم قالت:
-هو أنا لازم أشرح كل حاجة
قال وهو يبتسم:
-معلش استحملي مش أبنك بقي وعماله تقوليلي ابني من الصبح وانا مانطقتش
قامت من مكانها وجلست بالقرب منه قائلة:
-بص يا ابني
نظر لها باهتمام ثم قال مازحاً:
-حاضر يا ماما
-لما أنت تنسي أعياد ميلاد عيالك وتفتكر عيد ميلاد البت الشرير اللي أتجوزتك عشان فلوسك ده في حد ذاته يجيب جلطه أما بقي لما تجبلها هدية ده هيخليهم يموتوا من الغيظ ويسلام بقي لو عاملتهم وحش عشان يسيبوك بسرعة كأنك مش طايقهم
رفع حاجبيه قائلاً:
-أنتِ فعلاً ماما...متأكدة أني عندك حاجة وعشرين سنه بس؟
اومئت له بإجاب وهي تقول:
-بس عشت حياة كبرتني مية سنة يا baby
ضحك بمليء فاه ثم مسح دموعه قائلاً:
-أنتِ مصيبة بجد...أزاي ملقتكيش من زمان
***
قالت وهي تبكي وتمسح أنفها بمنديل:
-أنا بجد مش مصدقة أني بابي عمل كده
قال إلياس وهو يربت علي كتفها:
-بطلي عياط بدل ما تظهر هالات سودا تحت عنيكي
شهقت ثم نهضت من مكانها وذهب لتقف أمام مرآتها كي تتطلع لعينيها ،تنفست بارتياح عندما وجدت انهما بخير ثم نظرت لـ إلياس قائلة:
-تفتكر خطة بدر هتجيب نتيجة
أجابها وهو ينظر في شاشة هاتفه ويعدل خصلات شعره:
-أعتقد
-عارف أنا مش مضايقه أنه أتجوز علي قد ما مضايقه أني اللي أتجوزها مش classy (راقيه)
ذم شفتيه ثم نظر إليها قائلاً وهو يبتسم ببلاهة:
-يعني انا لو أتجوزت واحده تانية بس classy مش هتزعلي
اومئت له بنفي ثم قالت وهي تبتسم:
-بس أبقي فكرني أخبي السكينة اللي هدبحكوا بيها
بُهتت ملامحه ثم قال:
-لااا وعلي أيه...بلاها جواز يعني اللي غلط مرة هيكررها تاني
رفعت أحدى كتفيها قائلة:
-علي رأيك
***
في صباح يوماً جديد...
لم تنم روما ولو لثانية مما جعل بعض الهالات السوداء تظهر أسفل عينيها بالإضافة لاحمرار عينيها من البكاء ،نظرت للساعة المعلقة علي الحائط لتجدها تشير للرابعة فجراً فنهضت من مكانها ثم وضعت ذلك الظرف بحقيبتها وخرجت من الغرفة.
دخلت للمرأب وأخذت أحدى السيارات التي لا يستخدمها جواد وتركت له ملاحظة مكان مفاتيحها ،انطلقت بالسيارة لمنزل زين وما هي إلا عدة دقائق حتي وصلت إليه لأن المنزلين قريبين من بعضهما.
ترجلت من السيارة ثم رنت جرس الباب وانتظرت لمدة دقيقة كاملة لكن لم يفتح لها أحد فظلت تضغط عليه مرات متتالية وسريعة حتي سمعت صوت زين العالي وهو يسبها فأبعدت يدها عن الجرس.
فتح لها الباب بهيئته المبعثرة وهو عاري الصدر قائلاً بغضب:
-أنا قولت قبل الشغل بساعة مش تلت ساعات
قالت بصوت متعب وهي تدخل:
-أنا منمتش طول الليل ومش هقدر استنى أكتر من كده
جلست علي الأريكة فجلس إلي جانبها قائلاً:
-أنطقي
-مش هتعملي قهوة أو هتلبس حاجة حتي
-القهوة خلصانة وأنا مرتاح كده
تأففت ثم قالت:
-أنا مخنتش حد بس قولت كده أمبارح من الصدمة لما شوفت الصور
نظر لها بشك بينما تابعت دون أن تكترث له:
-مراد اللي أنا كنت بحبه بس أنت وبابا وماما رافضينه كان بيحاول يقرب مني بعد ما أتجوزت بس أنا رفضت فا هو هددني أني لو ما سبتش إياد ورجعتله أنه هيركب صور ليا معاه وهيبعتهالو...بعد كده هو مكلمنيش تاني فا أفتكرت أنه زهق مني
أردفت وقد أجهشت في البكاء:
-مكنتش أعرف أنه عملها فعلاً
حرك فكه السفلى يميناً ويساراً ثم قال:
-طب واللي عملتيه من سنتين؟!
-كنت زهقانه من كل حاجة ومحتاجه أبعد عنكوا كلكوا
نهض من مكانه قائلاً:
-أنا فعلاً غلطت لما فكرت أنك ممكن تقوليلي الصدق بس عموماً أنا هعمل نفسي مصدقك عشان ترتاحي أما نشوف أخرتها بقي
-عرفت أنا ليه مش بقولك حاجة...لأنك مش بتصدقني مهما عملت أو حاولت أثبتلك
قال وهو يصعد لغرفته:
-هتلاقي قهوة في المطبخ أعملي لنفسك أنا رايح أكمل نوم
أمسكت بهاتفها ثم أتصلت بـ إياد الذي أجابها قائلاً بصوتٍ متحشرج:
-قرفتيني...عايزه ايه؟!
-أنت كمان منمتش زي...بطل اللي بتعمله ده أنت بتعذبنا أحنا الأتنين
-واللي أنتِ بتعمليه ده مش بيعذب حد؟!
أجابته وهي تكفكف دموعها:
-يعني أنت هتصدقني لما تسمعني ولا هتعمل زي زين؟
-مش عايز كلام في اللي فات ولا كذب ولا مبررات...أنا عايز نبدأ من جديد بس دي والله هتكون أخر فرصة ليكي
ابتسمت قائلة:
-وأنا موافقة
ابتسامة صغيرة نمت علي ثغره ثم قال:
-تحبي أجي أخدك من عند زين
-أيوة بس من غير سجاير please
-خلصوا كلهم...فكريني أشتري وأحنا راجعين من الشغل
اتسعت عينيها قائلة:
-خلصت عشر علب!
-تسعة ونص...في علبة كان نصها فاضي وبلاش رغي كتير سلام
***
كلاً منهما كان يحاول إخفاء ابتسامته إلي أن وصلا للمنزل ثم ترجلا من السيارة وقالت:
-إيدو ،ممكن منروحش الشغل أنهاردة؟
عقد حاجبيه مصنعاً عدم الفهم ثم قال:
-ليه؟
غمزت قائلة:
-هقولك في الأوضة
ركضت أمامه لغرفتهما بينما ابتسم هو ولحق بها وهو يدندن بكلمات أحدى الأغاني الإيطالية...
***
بعد مرور عدة ساعات دون أي جديد...
وقفت أمام المرآة وهو يغلق أزرار أكمام قميص الأسود الضيق الذي يبرز جسده الرياضي ،غلغل أصابعه بين خصلات شعره الفحمي ثم رش القليل من عطره وأخذ أغراضه مغادراً المنزل.
ركب سيارته وأنطلق به ،أتصل بـ إياد أثناء طريقه لكنه لم يُجيبه فعقد حاجبيه ثم اتصل بشقيقته روما ولم تُجب هي أيضاً.
رمي بهاتفه علي الكرسي الذي إلي جانبه ثم تأفف وهو يسب كلاهما بصوتٍ مسموع ،زاد من سرعته وبعد مدة ليست بطويلة وصل للشركة ؛ترجل من سيارته متوجهاً مباشرةً لمكتبه.
دلف لمكتبه ورمى بمفاتيح سيارته وهاتفه جانباً ثم عقد حاجبيه عندما وجد ظهر كرسيه جهة المكتب فاقترب منه ثم لفه ليجد تلك المزعجة تجلس عليه وتبتسم باتساع.
طحن أسنانه قائلاً:
-بتهببي أيه هنا
أجابته وهي لاتزال تبتسم:
-جوجو قالي أني هشتغل معاكوا هنا وطلب مني أختار اللي يدربني وأنا اخترتك أنت عشان تارا بتغير علي إلياس وبدر قالي أنه بيسافر كتير و جوجو مش بيحبني أبعد عنه أما بقي ليلى فقالتلي أنك أحسن واحد هنا عشان تدربني لأنك صبور
نظر لها باشمئزاز قائلاً:
-جوجو وصبور...هو أنا كنت ناقصك
مال بجسده تجاهها وحاصرها بذراعيه مقرباً وجهه مم وجهها قائلاً بابتسامة خبيثة:
-جوجو بيغير مش كده؟
ابعدت وجهها عنه ثم أجابته وهي تبتسم بتوتر:
-موووووت ولو شافك كده ممكن يموتك
على صدره وهبط ثم استقام في وقفته وهو يدفع الكرسي بكلتا يديه ليتحرك ثم اصطدم بالزجاج الذي إلي خلفه فنهضت من مكانها قائلة بغضب:
-علفكرة أنت فعلاً متربتش وأنا غلطانه أني أخترتك عشان تدربني
أردفت وهي تسير للخارج:
-أنا هستني إياد هو الكيوت اللي فيكوا
عض علي شفته السفلى ثم صاح قبل أن تغادر:
-go to hell ((أذهبي للجحيم
أخرجت له لسانها ثم خرجت دون أن تغلق الباب وهي تنادي علي جواد وتدعي البكاء بينما ضرب هو كفاً بالأخر وهو يتمتم:
-هو أنا ناقص
ما هي إلا ثوانٍ معدودة حتي وجد جواد يدخل ممسكاً بيد سارة التي قالت:
-مش عايز يدربني وأنا مرضتش أرد عليه عشان أنت قولتلي مطولش لساني علي حد
نظر له بحدة قائلاً:
-زين ،إزاي تضايق مرات عمك كده؟
ابتسم باقتضاب قائلاً:
-ممكن نتكلم علي انفراد؟
عقد حاجبيه قائلاً:
-مفيش حد غريب عشان يطلع
أخذ نفساً عميقاً وزفرته علي مهل محاولاً تمالك أعصابه ثم قال بهدوء:
-اولاً حرمك يا جواد متعرفش حاجة عن شغلنا وبعدين هي خريجة أيه عشان تشتغل معانا؟
-سيبك من موضوع خريجة أيه ده...أنا بكل سهولة أقدر أخليها تدرس اللي نفسها فيه وموضوع الشغل ده سهل
أردف وهو يشير ناحيته:
-البركة فيك
دخلت تارا وهي تحمل بعض الأوراق مقاطعة حوارهم وكادت ان تتكلم لكنها عقدت حاجبيها وهي تنظر لـ سارة قائلة:
-أنتِ لسه هنا؟
عقدت ذراعيها أمام صدرها ثم أجابتها بسخرية:
-لا مشيت يا ظريفة
قال زين وصبره قد بدأ ينفذ:
-جواد ،لو سمحت خدها من هنا دلوقتي وموضوع التدريب والشغل ده نبقي نتكلم فيه بعد المسابقة
قالت تارا:
-أيوه أنا جيت عشان كده
أردفت وهي تعطيه الأوراق التي معها:
-الشركة اللي عامله المسابقة في باريس بعتتلي الفاكس ده...عايزين يشوفوا فيديوهات لأداء البنات اللي أخترناهم لحد دلوقتي
عقد حاجبيه قائلاً:
-مش المفروض نوريه أداء اللي هنختارها في التصفيات؟
-بص هو اللي أنا فهمته أنه عايز يطمن أننا اختارنا ناس كويسة...لاحظ أني قليل أوي ما بتشارك مصر في مسابقات زي دي
قال وهو يعطيها الأوراق:
-ابعتليهم تسجيلات كاميرات المراقبة
قالت وهي تزيح احدى خصلات شعرها الكستنائي خلف أذنها وتشيري بحدقتيها ناحية سارة دون ان يلاحظ أحد سوى زين:
-لكل اللي اخترناهم
اومئت لها بإجاب فرفعت كتفيها في الهواء قائلة:
-ماشي...أنت اللي قولت أنا مليش دعوة
رمقت سارة بنظرة احتقار ثم خرجت بينما ظلت نظرات سارة الغاضبة معلقة بها إلي أن اختفت خلف ذلك الباب ،ابتسامة جانبية نمت علي ثغرها لكنها أخفتها بسرعة ثم وقفت أمام جواد بأعين تلمع كالهرة وقالت:
baby- أنا أفتكرت...مش هقدر اشتغل عشان لازم أتدرب للمسابقة وأكسب وأغيظ اعدائي
رفع زين أحدى حاجبيه بينما ابتسم جواد عندما فهم ما تحاول فعله وقال:
-ماشي يا حببتي ،أنتِ تؤمري
قالت بدلال وهي تعدل له ياقة قميصه:
-طب مش هنروح السنيما بقي زي ما وعدتني؟
اقتحمت تارا المكان قائلة:
-سينما أيه اللي هتروحوها؟
نظرت لها سارة ثم عادت بنظرها لـ جواد قائلة:
baby- أنت معرفتش تربي
رفعت سبابتها لها قائلة:
-مين دي اللي مش متربية...أنا مسمحلكيش علي الأقل مش أنا اللي متجوز واحد قد أبويا عشان الفلوس يا...
قاطعها جواد وهو ينظر له بحدة:
-تارا ،أحترمي نفسك ولاحظي أنها مراتي
تأففت وأطلقت بعض الكلمات المتذمرة وهي تضرب الأرض بقدميها فقال زين:
-هي مش قصدها حاجة وحشة بس أحنا كنا ناويين نروح نتغدي عندك كلنا أنهاردة...المفروض أنها كانت مفاجأة
غمزت سارة لـ جواد دون أن يلاحظها أحد ،ابتسامة صغيرة نمت علي ثغره لكنه أخفاها بسرعة وقال متصنعاً الجدية:
-بس أنا كنت مواعد سارة أننا هنتغدي برا بعد السنيما
قالت سارة بدلال مصطنع:
-خلاص يا baby عشان الولاد ميزعلوش...خلي السينما يوم تاني
أردفت وهي تبتسم:
-ولا أقولك بلاش سينما خالص عشان أنا محتاجه استعد لحفلة عيد ميلادي اللي وعدتني بيها
قال وهو يمد لها ذراعه كي تتعلق به:
-ماشي يا روحي...خلينا نروح دلوقتي عشان نستناهم
تعلقت بذراعه وهي لاتزال تبتسم ثم ألتفت لـ زين ولوحت له بيدها ،نظرت لـ تارا وفعلت المثل ثم قالت:
-متتأخروش يا ولاد
خرج كلاهما ثم أغلقت تارا الباب خلفهم واسندت ظهرها عليه قائلة:
-لا أنا مش هستحمل أكتر من كده
-جبتي أسمها ثلاثي
-أه...سارة ياسر محفوظ
امسك بهاتفه ثم طلب رقم وأملاه أسمها قائلاً:
-عايز كل حاجة عنها في أقل من ساعة
أغلق الخط ثم قالت تارا:
-هو أحنا لازم نروح نتغدي عندهم
ابتسم بتهكم قائلاً:
-ده شكلنا هنروحلهم كتير الفترة الجاية...مسمعتيش وهي بتقولة استعد لحفلة عيد ميلادي
ادعت البكاء ثم قالت:
-حرام كده بقي...وهو المفروض أننا هنجبلها هدايا؟
ابتسم بخبث قائلاً:
-أومااال...ده أحنا هنظبها في الهدايا
ابتسمت باتساع قائلة:
-ايوة بقي يا زوز
اختفت ابتسامته ونظر لها بحده فحمحمت قائلة:
-طيب يا مستر زين ،أطير أنا بقي قبل ما تتحول عليا
خرجت بسرعة قبل أن يبدأ في ثورة غضبه ثم ضحكت بصوت منخفض ،مادام كان يكره أن ينعته أي أحد بذلك الاسم (زوز).
ارتمي بجسده علي كرسيه ثم زفر بحنق قائلاً:
-هلاقيها منين ولا منين؟!!
اردف وهو يتصل بأحدهم:
-ما ترد أنت كمان يا عم إياد
لم يجيبه إياد فأعاد الكره وأجابه هذه المرة بعد عدة ثوانٍ بصوتٍ متحشرج:
-عايز أيه؟
-عايز أنقذ أبوك قبل ما يجبلك أخ
قال وهو يفرك عينيه:
-أيه اللي حصل؟
أخبره بما فعلته سارة منذ قليل ثم قال:
-حالاً تروح أنت و روما عنده البيت...البت دي خطر تبقي معاه لوحدهم
-خلي عندك دم وقدر أني لسه متصالح مع أختك
-أنت اللي خلي عند أهلك دم وروح لأبوك دلوقتي
-ماشي...بس أما نخلص من حوار سارة ده أنا هخد أجازه تلت أيام
-لما بقى
أغلق الخط ثم رمي بهاتفه جانباً وشرع في العمل علي الملفات التي أمامه...
***
تأفف ثم عبث بشعر تلك التي تتوسد صدره العاري فجعدت ملامحها ثم قالت بصوتٍ نائم:
-عايزه أنام
-وأنا والله بس أخوكي بقي ربنا يسامحه هو وأبويا اللي هيجنني ده
فرقت جفنيها بصعوبة ثم رفعت رأسها لتنظر إليه قائلة:
-أيه اللي حصل؟
-عايز يخاويني علي كِبر
قالت وهي تفرك عينيها:
-طب أنا لازم أخد شاور قبل ما أروح
-وأنا...روحي أنتِ الأول بس في السريع هااا...بلاش بقي تقعدي ساعتين زي كل مره
رمته بأحدى الوسائد ثم أحكمت لف الشراشف علي جسدها العاري وركضت المرحاض بينما ابتسم هو ثم وضع مرفقه علي عينيه ونام مجدداً...
خرجت بعد حوالى ربع ساعة وهي تلف منشفة علي جسدها وتجفف خصلات شعرها الفحمي بمنشفة وقد قصرته قليلاً ليصل لكتفيها ،رمت بالمنشفة عليه كي يستيقظ ثم قالت بغضب:
-أنت نمت تاني!
أبعد مرفقه عن عينيه قائلاً بضجر:
-أنتِ وأخوكي حاجة خرا
-هتبطل أمتي الألفاظ المعفنة دي
قال بعد أن نهض من مكانه:
-ملكيش دعوه
كاد أن يدلف المرحاض لكنه عقد حاجبيه ثم نظر لظهرها وهي تقف أمام المرآة وتمشط شعرها وقال:
-أنتِ قصتيه تاني؟
ابعدت المشط عن شعرها ثم أجابته وهي تنظر لأنعكاسه:
-أنت شايف أيه؟
أجابها بضيق:
-مش قولتلك ما تقصيهوش تاني
قالت وهي تقوم بتجديل شعرها:
-نسيت
زفر بضيق ثم دخل للمرحاض وصفع الباب خلفه ،عضت علي شفتها السفلى ثم نظرت لباب قائلة:
-طب الباب ذنبه ايه؟!
لم يُجيبها فتنهدت ثم ارتدت ملابسها بعد أن أنهت تجديل شعرها علي هيئة ضفيرة واحد تتدلى علي أحدى كتفيها.
خرج بعد أن لف منشفة علي خصره ثم أرتدى ملابسه وعندما ألتفت كي يخرج من الغرفة وجدها أمامه ووضعت شيئاً بفمه قائلة:
-ايه رأيك؟
عقد حاجبيه وهو يمضغ ما بفمه ثم قال وهو يبتلعه:
-ايه البتاع ده؟
أجابته وهي تبتسم:
-ده مخلل عشان تهضم اللي عملته في شعري
كاد أن يمسك بها وهو يُطلق بعض السباب لكنها فرت للخارج فصرخ:
-أخلص من مُصيبة أبويا وهفضالك يا أخت زين
أخذ مفاتيح سيارته وهاتفه ثم خرج من الغرفة بعد أن أرتدى ساعته ،نزل للطابق السفلى فوجدها تعطيه كوب قهوة وهي تقول:
-خد عشان تفوق لأبوك والبت الهبله اللي متجوزها
أخذ منها الكوب قائلاً:
-يلا نشربه في الطريق
هزت رأسها موافقة ثم أخذت كوبها وذهبا السيارة ،أنطلق بالسيارة بسرعة وكان يحتسي القليل من قهوته بين الإشارة والأخرى إلي أن أنهاه ثم قالت روما:
-هو أنت ليه بطلت تغني وتعزف؟
عقد حاجبيه من سؤالها المفاجئ ثم صف السيارة جانباً ونظر إليها قائلاً:
-أيه مناسبة السؤال ده؟!
رفعت كتفيها في الهواء مُجيبة:
-عادي...أصلي لقيت الأدوات اللي كنت بتعزف عليها في أوضتك أمبارح
تنهد ثم قال:
-العزف والغنا كانوا فترة من حياتي وخلصت...يعني مثلاً أنا دلوقتي عندي شغل ومتجوز واحده نكديه فا هفضي إزاي عشان أعزف ولا أغني
اتسعت عينيها ثم أشارت بسبابتها ناحية نفسها قائلة:
-أنا نكديه
-ده أنتِ اللي عملتي الكلمة
اشارت بعينيها ناحية عجلة القيادة ثم قالت بحدة:
-طب سوق قبل ما تشوف النكد بجد
ابتسم ثم أدار مُحرك السيارة وأنطلق مجدداً لكن هذه المرة ظل يدندن بكلمات أحدى الأغاني الإنجليزية فنمت ابتسامة صغيرة علي ثغر روما ثم أخفتها وقالت بغضب مصطنع:
-بس...صوتك وحش
ابتسم ثم نظر إليها قائلاً:
-نكديه ولا مش نكديه؟
لكمته بخفة علي ذراعه فقال:
-طب بس بقي وأقلبي علي الوش الخشب عشان داخلين علي أبويا وحرمه المصون
دخل من بوابة القصر ثم ترجلا من السيارة وأعطى المفاتيح لأحدهم كي يصفها بالمرأب؛ دلفا للمنزل فوجدا الخادمة تعطيهم ملابس غريبة وتقول:
-مدام سارة قالت ممنوع حد يقعد في البيت من غير اللبس ده
نظر لتلك الخادمة التي ترتدي ملابس هندية ثم قال رافعاً حاجبيه:
-وده بمناسبة أيه؟
أجابته باحترام ورسمية:
-عشان أنهاردة الأكل هندي فهتلاقي الدنيا من حواليك كأنك في الهند
رمت روما بالملابس علي الأرض قائلة:
-أنا مش هلبس القرف ده
همست الخادمة:
-وأنا نفسي أعمل زيك بس هي مسيطره
-هي فين؟
-في أوضتها هي وجواد بيه
صعدت للغرفة بينما أخرج إياد هاتفه وأنصل بـ زين قائلاً بصوتٍ منخفض:
-أنتوا لو ماجتوش دلوقتي ،روما هتقتل سارة وأبويا
تأفف ثم قال:
-أيه اللي حصل؟
لوي ثغره مُجيباً:
-حرم أبويا المصون عايزه تلبسنا هندي
اتسعت عينيه قائلاً:
-دي أتهبلت ولا أيه؟!...وفين جواد وسط كل ده؟
أجابه وهو يلوح بيده في الهواء:
-قاعد معاها في الأوضه
اتسعت عينيه ثم أردف:
-هارسود...دول في الاوضه مع بعض
-أطلعلهم يا فالح
أغلق الخط ثم ركض لغرفة والده ،دلف ليجد جواد يقف بين سارة و روما كي يمنعهم من الاشتباك وهو يرتدى ملابس هندية وكذلك سارة التي صرخت:
-سبني يا جوجو أجبها من شعرها
صرخت الأخرى:
-أبعد يا عمي وأنا هوريها
حمحم إياد كي يجذب أنتباههم فنظر له جواد قائلاً:
-تعالا خد مراتك أنا تعبت منها
وضعت يديها علي خصرها قائلة:
-لا والله...يعني أنا اللي تعبتك مش اللي متتسماش دي
رفع سبابته أمام وجهها قائلاً:
-أحترمي نفسك ومتنسيش أني عمك ودي تبقي مراتي وأسمها سارة
أخرجت لها سارة لسانها بينما فغر إياد فمه ،وصكت روما علي أسنانها ثم كورت قبضتها قائلة:
-إياد ،أتكلم قبل ما أفقد أعصابي
وزع نظراته بينهما ثم قال:
-ممكن نتكلم علي انفراد يا بابا
-مفيش حد غريب -اشار ناحية روما- دي مراتك -اشار ناحية سارة- ودي مراتي
قال من بين أسنانه:
-مينفعش اللي حضرتك بتعمله ده
قال وهو يقلد طريقة كلام إياد:
-اللي هو ايه؟
-الخناقة اللي معرفش سببها دي وبعدين أيه اللبس الهندي
رفع كتفيه في الهواء قائلاً:
-أنا حر ألبس اللي أنا عايزه
-وأنا حر زيك ومش هلبس الهبل ده
كاد أن يتكلم لكن سارة أشارت له كي يصمت ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة:
-أحنا مأجبرناش حد عشان يجي وبعدين ده بيتي أنا و جوجو يعني نعمل فيه اللي أحنا عايزيه
صرخ بوجهها بغضب وعروق رقبته قد برزت:
-أنتِ تخرسي خالص...أنا مفرقع منك أصلاً بس ماسك نفسي بالعافيه
صرخ والده باسمه فزفر بضيق بينما قالت سارة ببرود:
-اللي مش عاجبه يتفضل برا بس أحنا مش هنبوظ program (نظام) انهارده عشان سواد عيونك أنت والسنيوره
رمقت روما بنظرة احتقار في نهاية جملتها فكادت أن تقل شيئاً لكن إياد قاطعها قائلاً:
-طب تمام...هنعمل اللي أنتِ عايزاه بس أنتِ اللي جبتيه لنفسك يا
أردف وهو يبتسم بسخرية:
-يا مرات أبويا
اتسعت عيني روما ونظرت له لكنه اشار لها برأسه كي تسير أمامه لخارج الغرفة ،رمقت سارة بغضب لكنها ازاحت خصلات شعرها للخلف بعدم اهتمام فتأففت ثم خرجت من الغرفة ولحق بها زوجها.
ضربت كفها بكف جواد بعد أن خرج كلاهما ثم همس وهي تبتسم:
-أيه رأيك بقي؟
أجابها بهمس:
-حلو أوي بس متأكدة أنهم كده مش هيطفشوا؟
-استحالة...دول بيحبوك رغم أحساسي اللي بيقولي أني روما دي وراها حاجة كبيرة بس هنعرف كل حاجه واحدة واحدة
غمز قائلاً بهمس:
-بس جامده فكرة اللبس والأكل
ابتسمت قائلة بهمس:
-ده أنت هتتبسط أوي في مرحلة الأكل
============
لما تخلصوا هتلاقوا نجمة دوسوا عليها لو سمحتوا 🥺✨
رأيكوا🙈♥️
حد عايز يضيف حاجة؟😃

راقصة الباليةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن